This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 36/08

أيهما اكثر معاناة الطفل ذوي الإحتياجات الخاصة أم راعيه وعائلته؟؟؟ وسبل دعمهم

قبل البدء في هذا الموضوع ينبغي تعريف راعِي الطفل، وماهية المسؤليات والإلتزامات الملقات على عاتقه في عمله الإنساني من هذه الرعاية، والتعريف الإجرائي الذي نتبناه:

 أنه الشخص المسؤل عن الطفل ذو الإحتياجات الخاصة، والقائم بحاجاته، والمشرف على رعايته، ويخصص وقتاً أكثر من أي شخص آخر مع الطفل الذي يرعاه، وبهذا الوصف يشترط أن يعيش معه.

ورغم إن الطفل وراعيه غالباً ما يكونون ضمن أسرة أكبر في الوحدة السكنية التي تجمعهم ضمن سقف واحد ويشتركون جميعاً في أعداد وتناول الطعام، بحكم طبيعة المجتمع العراقي الذي تعتبر العائلة هي المكون والنواة الأصيلة له، فأن راعي الطفل هو عادة ما يتحمل الجزء الأكبر من مسؤلية الرعاية، من دون التقليل من دور باقي أفراد الاسرة لكن هذا هو واقع الحال، وهذا ينطبق على أي فرد من العائلة يتصدى لتحمل المسؤلية الأكبر في الرعاية سواء أكان احد الوالدين أو أي فرد من أفرادها.

وتتضمن مسؤليات والتزامات راعي الطفل قائمة طويلة من الواجبات، أهمها توفير المناخ المناسب لرسم وبناء شخصية الطفل، ومعالم سلوكيتها، وتبلور قدراتها الذهنية والإجتماعية، وهو يقوم بذلك من خلال الإهتمام، والحنان، والحوار والإصغاء والإستماع اليه، وحل مشاكله وتوجيهه بطريقة لطيفة، وتشجيعه على المشاركة والتعبير عن ذاته وطاقاته حسب قدراته في مختلف نواحي الحياة العائلية والإجتماعية. ومن خلال توفير الغذاء الصحيح المتوازن من بروتينات وكاربوهيدرات...الخ، مع التمتع بالهواء الطلق والشمس والطبيعة والتفسح بالحدائق واللعب. ونظراً لكونه طفل من ذوي إحتياجات خاصة فهو لذلك يعاني من صعوبات أو عقبات بدنية أو ذهنية أو كلاهما، وهنا تكمن مهارة الراعي وإيمانه بالله وثقته بنفسه في مساعدة الطفل على تقبل حكم الله والتكيف مع المصاعب الناتجة من الإعاقة، والتفائل بالمستقبل وتنمية قدرات الطفل الأخرى التي غالباً ما يوهب بها هؤلاء الأطفال أو تتعزز لديهم بالمران والتدريب والتعليم المناسب.

من خلال قيام الراعي بهذه المسؤليات الكبيرة فانه بالحقيقة يضحي بالكثير، ويواجه حمل وضغوط كبيرة، يمكن تصنيفها إلى ثلاث أشكال رئيسية هي:

 الضغوط الأجتماعية: التي قد تحدث نتيجة التفاعل السلبي مع الأخرين نتيجة عدم تفهمهم لحالة الطفل، فقد نرى إن عائلة الطفل أو راعيه المباشر قد يصاب بنوع من الرفض والعزلة الإجتماعية، التي تكون بصور ودرجات متفاوته منها ما يتعلق بقلة الإختلاط وعدم تلقي الدعوات في المناسبات والأعياد والأفراح، إلى التوجس والتشائم من الزواج من باقي أخوة الطفل للتخوف من تكرار الحالة نتيجة الخلل الوراثي على سبيل المثال.

الضغوط البدنية: قد يصاب راعي الطفل بضغوط بدنية كبيرة في رعايته الطفل نتيجة الإجهاد والحرمان المستمر من النوم، خصوصاً اذا كان الطفل ممن يحتاج الرعاية أثناء الليل.

الضغوط النفسية: تنعكس كل من الضغوظ الأجتماعية والضغوط البدنية لتسبب بدورها ضعوطاً نفسية على راعي الطفل تنتج بشكل أساس من الفجوة بين مايطمح راعي الطفل لتقديمه له من رعاية، وبين ما هو متاح له من أمكانيات محدودة في ضل عدم تفهم وتقبل ودعم من المحيطين والمجتمع، فيتسبب ذلك في معاناة كبيرة لراعي الطفل قد تسبب له الحزن والكآبه، يضاف لها كم كبير من التضحيات على المستوى الشخصي كتخليه عن قدراته في العمل والوضيفة، والكثير من مظاهر التمتع والبهجة في الحياة.

فـأين المخرج وأين العلاج لهذه الحالة الصعبة؟.

يكمن الحل بنظرنا في مواجهة كل جزئيات الموضوع وعدم إغفال أي نقطة، والبدء بالبسيط والمتيسر لدعم راعي الطفل مادياً ومعنوياً، فتوفير دخل مادي شهري مستمر يساهم بشكل كبير في دعم راعي الطفل، ويُسهل مهمته، ويطمئنه ويشعره بوجوده في مجتمع يقدر الخدمة الجليلة التي يقدمها بتوفيره أثمن ما يملك، ألا وهو وقته وحياته. وسواء كان ذلك الدخل الشهري من الدولة أو من المبرات الخيرية فالنتيجة واحدة. وعلى الدولة أيضاً ان تقدر مسألة جوهرية وهي إن الشخص الذي يسخر نفسه لخدمة إنسان أخر فهو يوفر على الدولة مهمة ذلك، وبالتالي عليه أن يكافئ لذلك على المدى الطويل بأن تحتسب سنوات الرعاية التي قدمها كسنوات خدمة على مستوى الراتب التقاعدي. فهذا الراعي لم يكن شخصاً غير كفوء أو كسولاً لايريد العمل، بل ربما يكون شخصاً مثقفاً ومتعلماً وذو قدرات إنتاجية دفعته عاطفته لتقديم مصلحة من يرعاه على مصلحته، وحتماًً يستحق التكريم.

من الضروري جداً أن يعمل المحيطين براعي الطفل من أقارب وأصدقاء ومبرات خيرية على توفير يوم أو ساعات على الاقل إسبوعياً لراعي الطفل يتطوع لها، من خلال تولي رعاية الطفل لذلك اليوم أو الساعات المعينة كي يتمكن راعي الطفل من إستعادة نشاطة وأخذ قسط مناسب من النوم والراحة أو الإستجمام والتمتع، فهو بالنهاية إنسان له طاقة محدوده ينبغي عدم تجاوزها.

غالباً ما تتشكل علاقة قويه جداً وارتباط شديد تجمع راعي الطفل بالطفل المرعي تنبع من إحساس الراعي بالمسؤلية المطلقة الملقاة عليه، وبقدر ما لهذه العلاقة الأيجابية من محاسن إلا إن الإفراط فيها قد يسبب القلق الكبير للراعي ينجم عن شعوره بالخوف على الطفل في حالة وفاته أو مرضه أو حدوث أي أمر طارئ قد يسبب عجزه عن تقديمه الرعاية. ويتعزز هذا الشعور أذا كان راعي الطفل يعيش بمفرده مع ذلك الطفل المرعي، لذلك قد يكون إعداد وترتيب خطة طوارئ أمر مريح جداً لراعي الطفل، ويمكن أن تُعد هذه الخطة بالتسيق مع المبرات الخيرية المتخصصة بتقديم الرعاية لذوي الإحتياجات الخاصة وبالتعاون مع الأقارب والأصدقاء، وتتضمن منهج عمل وترتيبات تولي شخص أو جهة أخرى يرشحها راعي الطفل وتبدي أستعدادها لرعاية الطفل ذوي الإحتياجات الخاصة، ريثما يستعيد راعي الطفل الأصلي وضعه الطبيعي بعد إنجلاء الوضع الطارئ.

 تغيير وجهة نظر المجتمع ونظرته السلبية تجاه المعاقين قد تكون أصعب المشاكل وتحتاج حلول طويلة الأمد تتمثل بالتوعية الإسلامية ونظرتها الإيجابية لذوي الإحتياجات الخاصة، والتذكير بالآيات القرانية الكثيرة التي توصي بهم خيراًً، وبالسيرة النبوية العطرة لرسول المحبة والرحمة إلى العالمين، وسيرة السلف الصالح. وتربية الجيل على احترام الاخرين وتقدير مشاعرهم وتقديم كل أشكال الرعاية هي واجب البيت والمدرسة والمنبر.  

إن مشروع كفالة ورعاية 1000 طفل من ذوي الإحتياجات هو مبادرة في هذا الطريق، تهدف إلى تظافر كل الجهود الممكنه في المجتمع، من مبرات ومتطوعين ومحسنين وكفاءات علمية في مختلف التخصصات، وشركات ودوائر الدولة المعنية، لرفع الوعي والمساهمة الفعلية بدعم الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة وراعيهم المباشر وأسرهم.

فهل سنشهد قريباً حركة ونشاط وتأسيس لمبرات تعنى برعاية عوائل الأطفال ذوي الإحتياجات، كما هو موجود من مبرات ترعى الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة، خصوصاً وإن عوائلهم تعاني الكثير وهم أسارى الحالة الصحية لأطفالهم ومعناتهم وقدرهم واحد، هذا ما نأمله وندعوا إليه.

والله ولي التوفيق.


A S Shakiry

إتصل بنا