This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 40/08

المنافع الإقتصادية للمساعدات الإنسانية التي يقوم بها العراقيون في المهجر

 تناولنا في رسائل سابقة أهمية المساهمة في العمل الإنساني ممثلاً ببرنامج رعاية الأطفال ذوي الإعاقة، من خلال آفاق التطوع والرعاية النوعية بمختلف جوانبها الإجتماعية والصحية والترفيهية، ونحاول في هذه الرسالة تسليط الأضواء على الجوانب الإقتصادية الناتجة من التحويلات والمساعدات التي تقوم بها الجالية العراقية في بلدان المهجر ومن يقوم معهم بهذا الدور ويساندهم، سواء أكانوا اخوة في الدين او نظراء في الخلق ممن يجد في العمل الإنساني سعادته وراحة باله وإرضاء لضميره نتيجة الغُبن والإجحاف الكبير الذي وقع على العراق واهله ومن جهات ودول عديدة.ان هذه المنافع الإقتصادية يمكن تقسيمها الى قسمين: 

الأول المنافع الإقتصادية المباشرة: وهي التي تصب في مصلحة الأطفال ذوي الإعاقة وعوائلهم أو من يتكفلهم. ولو أخذنا برنامج الرعاية كمثال على هذه المنافع، والذي تقوم به الرابطة من خلال المبرات المسجلة في العراق، وبتمويل ياتي في مجمله من خارج العراق عبر مساهمات وتبرعات وكفالات الجالية العراقية، ومن يساعدهم في ذلك من محسنين اينما كانوا في هذا العالم، لتكون محصلة ذلك مساعدة شهريه قدرها خمس وعشرون الف دينار عراقي لفائدة الطفل العراقي ممن تنطبق عليه مواصفات البرنامج، تسهم في تخفيف بعض المعاناة وتؤمن بعض الإحتياجات الاساسية، كالملابس والغذاء، وما شابه ذلك. وتكمن أهميته في ديمومته وأستمراريته الى ان يبلغ الطفل سن السادسة عشر، فضلاً عن برامج الرعاية الاخرى غير المادية التي يقدمها، فهو ليس مساعدة عابرة، والحديث النبوي الشريف يقول: (قليل مستمر خير من كثير متقطع). والحكمة المأثورة: لاتستحي من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه. 

الثاني المنافع الإقتصادية غير المباشرة: وهي على قدر كبير من الأهمية رغم انها غير منظورة وقد لايعرف بها الكثير، وهي تعادل اربعة اضعاف قيمتها المرسلة في أدنى تقدير كونها تاتي من خارج العراق، فالدولار او الباون الذي يرسله المغترب العراقي له من النفع مايوازي اربع دولارات او اربع باونات للمنطقة التي يدخلها سواء كانت قرية او مدينة، وهذا أمر معروف في علم الإقتصاد الحضري، الذي تقسم فيه الأنشطة والاعمال الإقتصادية الى نوعين:

 الاول هو الذي يجلب الدخل ممثلاً بالمال من خارج المنطقة أو الأقليم وهو مايسمى الأنشطة الإقتصادية الأساسية ويسمى من يقوم بها بالعمالة الاساسية، وتتمثل بالدرجة الاساس في الصناعات المختلفة وباقي الانشطة الإقتصادية التي تدر الدخل من خارج القرية أو المدينة او الاقليم، كالدخل الذي يتاتى من صرف السواح اثناء قيامهم بزيارة لمنطقة ما، أو مايرسله العراقيين في المهجر من حوالات لاهلهم ومعارفهم سواء لاغراض شخصية أو إنسانية. 

اما النوع الثاني من الانشطة والاعمال الإقتصادية فيسمى بالثانوية: وهو الانشطة الاقتصادية التي تعتمد في دخلها وعملها وحركتها على المال والثروة الموجوده اصلاً في القرية او المدينة او الاقليم وليس المال القادم من خارجها، ويسمى القائمون بها بالعمالة الثانوية، وهي تتمثل بالانشطة التي تقدم الخدمات المختلفة لاهالي المنطقة، فهي تستلم الاموال منهم لتقديم الخدمة اليهم، كصالونات الحلاقة والمطاعم وافران الخبز وغيرها من نشاطات خدمية.

ان النسبة الصحيحة للأنشطة الرئيسية مقابل الانشطة الثانوية هو نسبة واحد الى أربعة بمعنى أخر ان كل وظيفة عمل رئيسية ينبغي ان تقابلها اربع وظائف ثانوية خدمية، وهذا يُفسر ببساطة من خلال ان العامل في صناعة رئيسية، كمعمل مثلاً يحتاج لمن يقدم له ولعائلته مختلف انواع الخدمات، كتعليم أولاده وبيع مختلف البضائع والسلع لهم وما الى ذلك، ومن هذا المثل يتضح المعنى والقوة الكبيرة والتاثير الإيجابي الذي يحدثه ارسال اي مبلغ من خارج العراق الى الداخل، وسواء أكان ذلك لقرية او مدينة فان فعله وتاثيره الأكبر يعادل اربع امثال قيمته الدفترية. وان نفعه غير المباشر سيعود على سكان وإقتصاد القرية او الحي الذي سيصرف فيه.

ان هذا التحليل يفسر الكيفية التي تساعد بها التحويلات الخارجية في إنعاش إقتصاد دول كثيرة ممن تمتلك جالية كبيرة في المهجر، كلبنان ومصر والمغرب وليس العراق فحسب، رغم ان المثل الافضل في هذا الصدد هو صمود العراق في سنوات الحصار الإقتصادي التي دامت 13 سنة، وكان إعتماد العراقيين في الداخل بشكل كبير على الحوالات الخارجية من ابناء الجالية العراقية البارة، في وقت كان راتب الموضف لايتجاوز 3000 دينار عراقي، لاتشبع ولاتغني من جوع.

أذن هذه بشرى سارة لكل من يرسل اي مبلغ مهما صغر في نظره، لدعم اهله أو للمساعدة الإنسانية، ان تاثيره غير المباشر يعادل اربع اضعاف تاثيره المباشر على المستوى الإقتصادي الصرف، اما على مستوى الحسنات والجزاء عند الله سبحانه وتعالى فهو أكبر واعظم من كل تقدير وادراك بشري.

ان البعد الإنساني في دعم شريحة الاطفال ذوي الإعاقة ممن حرمت مقومات الحياة وأهملت، والكل يحاول ان يتناساها لانها بنظرهم تجلب الحزن والالم سوف يخرجها الى النور، نور الامل في الداخل والخارج بفضل هذه الرعاية والإهتمام الذي يرتكز على مبادئ الإيمان والشعور بالمسؤلية.

والله ولي التوفيق.    


A S Shakiry

إتصل بنا