This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 43

تفعيل الطاقات الكامنة لذوي الإعاقة - دور المجتمع -

نستكمل في هذه الرسالة ما بدأناه في رسالة الرابطة 41/08 عن الخطوات العملية التي يينبغي تقديمها لمساعدة ذوي الإعاقة في تخطي النتائج المترتبة عن حالة العوق، وتزويدهم بالمهارات الحياتية والتأهيلية اللازمة لتفعيل الطاقات الكامنة لديهم، حيث ركزنا في تلك الرسالة على دور الأسرة بينما نركز في هذه الرسالة على دور المجتمع من خلال الأمثلة على مسيرة حياة شخصيات تاريخية من ذوي الإعاقة تركت بصمة وأثر في عالمنا لا يمكن نسيانه، للنجاح الكبير والإبداع والعبقرية الذي حققته في مشوار حياتها والميدان الذي برعت فيه، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا تقبل وتقدير الأسرة والمجتمع لهم ولإنجازاتهم الكبيرة وهي الخطوة الحاسمة التي يجب التركيز عليها.

  • أبو العلاء المعري (973-1057م): فقد بصره وهو أبن الرابعة من العمر، لكن هذا البلاء على قسوته لم يوهن من عزيمته ولم يمنعه عن أسفاره لطلب العلم في مشوار حياته الطويلة الزاخرة بالإنتاج الفكري والعلمي، فقد كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم والحفظ وتوقد الخاطر مما أهله ليكون من عباقرة الشعر والأدب العربي، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار، وعالماً بالأديان والمذاهب والفلسفة، فاستوعب ثقافة عصره واطلع على الفكر والثقافة الإغريقية والهندية والفارسية، تتلمذ على يديه الكثير من طلاب العلم الذين علا شانهم وفي شتى ميادين المعرفة. سخر المعارف والعلوم العديدة التي عرفها في رسم الصور الشعرية الجميلة ببصيرته لاببصره، وتحدى كل المبصرين أن يروا ما يراه بمعرفته عندما أكثر الإستشهاد في شعره بالكواكب والنجوم البعيدة حتى التي لا ترى منها في نصف الكرة الأرضية الشمالي كبلده سوريا، لكونها واقعة تحت خط الأفق ولا ترى إلا من النصف الجنوبي للأرض. ولما توفي عن عمر يناهز السادسة والثمانون قضاها في الزهد والعلم وقف على قبره أربعة وثمانون شاعراً وأديباً يرثونه مما يظهر التقدير الإجتماعي والتعاطف الكبير مع هذا المبدع.
  • فان بيتهوفن (1770-1827م): يعتبر من أبرز عباقرة الموسقى في جميع العصور لم يكن فقدانه سمعه في الثلاثينيات من عمره مؤثراً في مسيرة إنتاجه الإبداعي بل زادها روعة وألق، عرف منذ صغره كعازف متميز للبيانو ثم ذاع صيته كمؤلف موسيقي حيث نُشرت أولى أعماله في سن الثانية عشر ووجد الدعم والتقدير على ذلك فأرسله حاكم بون مسقط رأسه إلى فينا عاصمة الموسقى ليواصل تعليمه ولقى هناك كل التقدير، وحاز على مكانة كبرى حيث عومل كصديق أكثر من مؤلف للعائلة المالكة، ورغم ذلك فقد عاش ومات فقيراً وكان غناه في أعماله الفنية المتميزة.
  • فرانكلين روزفلت (1882-1945م) يصنف بكونه من أعظم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية حيث قاد بلاده والحلفاء إلى النصر في الحرب العالمية الثانية على الرغم من شلله، بالإضافة إلى دوره الفاعل في تجاوز الأزمة الإقتصادية الكبرى في ذلك الوقت، حتى بعد رحيله عن السلطة ظل الفكر والمؤسسات الإقتصادية التي أوجدها فاعلة ومؤثرة ونافعة.

من خلال هذه الأمثلة أعلاه لحضارات وأزمنة مختلفة نرى إن ما يجمعها شيئ واحد هو التقدير والدعم الذي لاقته تلك الشخصيات من المجتمع وتركيزهم على ما يستطيعون القيام به، حتى أصبحوا طاقة منتجة بل ومتفوقة بإمتياز.

وفي يومنا هذا نرى الالاف من ذوي الإعاقة على مختلف أنواعها حققوا نجاحات كبيرة وبرزوا في كثير من العلوم، والمعارف، والمهارات في كل ركن من أركان المعمورة بسبب زيادة الوعي الإجتماعي بهذه الشريحة وسبل رعايتها ودعمها.

هذا مايحتاجه ذوي الإعاقة، رحابة الصدر وتقبل وتقدير المجتمع ورسم الطريق الصحيح لهم للمضي قدماً في مشوار حياتهم بثقة وسعادة، وهذا ما نريد لمجتمعنا ومبراتنا العاملة فيه أن تكون بهذه القدرة والكفائة لتحمل هذه المسؤلية.

والله ولي التوفيق


A S Shakiry

إتصل بنا