This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 47

قانون منظمات المجتمع المدني، ما لهُ وما عليهِ

نحو بلورة وتاسيس  قطاع منظمات المجتمع المدني، قطاع البعد الثالث لبناء عراقنا الحبيب جنباً إلى جنب مع القطاع العام (الحكومي) والقطاع الخاص

في يومنا هذا لا توجد إستحالة ولا توجد عقبة لا يمكن حلها عندما تتوفر المعرفة والإرادة والتخطيط السليم، فهذه المقومات كفيلة بنهوض الشعوب وتقدمها وازدهارها، خاصة الشعب العراقي الذي تتوفر فيه كل الخصائص والقدرات والرغبة من أجل التغيير في واقعه المرير.

إن مئات الآلاف بل الملايين مستعدين للعمل من أجل المساهمة في عملية بناء المجتمع عن طريق مؤسسات المجتمع المدني على إختلاف أنواعها وتوجهاتها البنائة، وقد تطلّع الجميع بعد تغير الحكم الدكتاتوري إلى التوحد بالعمل وتأسيس مختلف المنظمات والتجمعات، كالجمعيات الخيرية أو ما نحب أن نطلق عليه المبرّات، المؤسسات الثقافية، النقابات، منظمات حقوق الإنسان، الطفل، المرأة...الخ، للمساهمة في خدمة ورقي وتطور المجتمع العراقي، من خلال قيامهم عبر هذه المنظمات بالأعمال التطوعية والتبرّع وغيرها من المبادرات الخلاقة التي لا تنشد المنفعة الخاصة، بل بدافع العمل الإنساني الذي ينبع من ذاته وإيمانه وحبه للخير الذي تربى المجتمع العراقي على مفاهيمه وجُبل عليه.

وبرهاناً على ذلك هو أندفاع الجماهير المليونية إلى كل عمل ذي قيمة إنسانية ووطنية، مثل المسيرات المليونية نحو المزارات وما تمثله من قيم روحية وأخلاقية والإندفاع إلى صناديق الإنتخابات لتحقيق المصلحة الوطنية وغيرها من المناسبات الكبيرة منها والصغيرة، إن دل ذلك فيدل على دينميكية وحيوية هذا الشعب الأصيل.

السؤال الكبير كيف نستثمر طاقات المجتمع ونسخرها لتعمل من أجل تغيير واقعنا نحو الأفضل؟؟؟.

الجواب من وجهة نظرنا يكون بإعتماد بعداً ثالثاً يحمل طابعاً قيمياً وإنسانياً يسير جنباً إلى جنب مع بعدي القطاع العام والقطاع الخاص الإقتصادية، وبلورته وصياغته ليكون المحرك الداعم للمجتمع وطاقاته الإنسانية الخلاقة المبنية على الحرية والديمقراطية، ولايكون ذلك إلا بمنحه الحرية والإستقلالية والدعم المعنوي والمادي وعدم تكبيله بالقوانين الصارمة المتحكمه.

تدعو رابطة المبرات العراقية لإطلاق أيدي قطاع البعد الثالث الذي يحمل قيم تعود بالنفع الإقتصادي والإجتماعي والإنساني والبيئي على العراق وأهله، وعدم وضعه تحت وصاية الدولة وأجهزتها البيروقراطية.

يريد القطاع الثالث أن يكون شريكاً مع الدولة يخطط ويعمل معها على أسس صادقة وشفافة في سبيل مصلحة المجتمع.

إن المتوجهين إلى التطوع والتبرّع والعمل في قطاع البعد الثالث جاؤوا بإرادتهم ليقدموا جهوداً، وخبرات، ومال، ووقتهم الثمين، وطاقات عمل مثمرة إلى المجتمع، وحتى من يأخذ الأجور الرمزية فإنه مجاهد في هذا الحقل حيث الأجرة لا تبطل الأجر.

إن واجب الدولة وكل من ينتفع بخدمة هذه الشريحة المضحية الخيرة ليس فقط أن يقدم الشكر، والتقدير، والثناء عليها، إنما ينبغي أن تعزز وتدعم بشتى الطرق الممكنه لإنعاشها وازدهارها، وبالتالي رقي وتقدم المجتمع الذي تنتمي إليه.

لابد أن توضع الأمور بمقايسها وحجمها ليعرف تاثيرها على محيطها، نحن نتحدث عن منظمات يصل عددها في الدول المتحضرة إلى مئات الآلاف تستوعب عمالة من ملايين الأفراد وتساهم بشكل رئيس في إقتصاد الدولة. ولا نستبعد ان يصل العراق إلى مثل هذا الواقع إذا أتبعت الإجراءات الصحيحة في تأسيس هذا البنيان، فكيف للدولة أن تراقب هذه الأعداد الكبيرة من المنظمات التي يعمل فيها ملايين الأشخاص المدفوعين بقيمهم النبيلة.

لابد للدولة ومجتمع قطاع البعد الثالث أن يستخدم الطرق الحديثة في علوم ونظم تكنولوجيا المعلومات في إدارة الأعمال والحسابات الخاصة بها، ولابد أن تمنح هذه المنظمات فرصة وضع الأطر ومنهج العمل الذي تراه مثالياً لتحقيق أهدافها في جو من الحرية والإستقلالية بعيداً عن وصاية وتحكم الدولة التي ينبغي أن ترعى هذا القطاع وتدعمه بكل السبل الممكنة، وبأقل القوانين المحددة والمربكة للعمل، فتدخّل الدولة في هذا المضمار ينبغى ان يكون أيجابياً كالشريك الجيد أو الأخ الأكبر الذي يقدم المساعدة والنصح. فهذه المنظمات هي ليست ملكاً لأحد، بل هي ملك المجتمع وعند وجود خروقات تسبب الأذى إلى المجتمعات التي تنتمي لها أو لأمنها فهناك قوانين المجتمع نفسه هي من ينبغي الإحتكام إليها.

أما النقاط التي على الدولة أن تتبعها للنهوض بمنظمات المجتمع المدني بمختلف أنواعها:

1. إعطاء المجال لهذا القطاع ليعمل في إطار من الحرية التي تسمح له بالتطور ضمن المساحة الرحبة التي يستحقها ليقوم بدوره الحيوي في خدمة المجتمع.

2. تخصيص جزء من ميزانية الدولة لدعم وتمويل المنظمات غير الحكومية ذات المنفعة العامة، وان يصار إلى ذلك لعشر سنين قادمة على الأقل حتى يتمكن هذا القطاع من النهوض والوقوف على قدميه، وأن يكون هناك تسهيلات مالية وضريبية على موارد هذه المنظمات لتشجيع المجتمع على تمويلها ودعمها وبلورتها. مع إحياء وتفعيل مصادر التمويل الذاتي من الحقوق الشرعية ممثلة بـ: الزكاة والخمس، الوقف الخيري، الهبات، الوصايا، النذور، الكفارات. وتوعية الجمهور لتصب هذه الموارد الشرعية في خدمة هذه المنظمات. 

وللمزيد من البيان حول آلافاق الواعدة لمصادر التمويل الذاتي نوصي بقراءة كتاب العبادات المالية في الإسلام الذي يمكن قراءته من موقع رابطة المبرات العراقية الإلكتروني: www.iraqicharities.org   من خلال الرابط أدناه:

http://iraqicharities.org/books/books.swf?book=book2

3. التدريب والتأهيل، حيث تتوجه الدولة لدعم برامج المنظمات غير الحكومية لتدريب الراغبين والمؤهلين على تأسيس وإدارة منظمات المجتمع المدني وتعليمهم مختلف المهارات والعلوم من قبل خبراء ومختصين في مختلف المجالات العلمية وبما يلبّي حاجتها ويتيح لها تدريب كوادرها وأكسابهم مختلف المهارات من خلال الدورات المكثفة والحلقات الدراسية والإرشادية.

4. تبنّي التشريعات القانونية المناسبة التي تخدم عمل هذا القطاع ولا تقيده، ويكون ذلك بعدة مراحل للوصول إلى التشريع الذي يتميز بالنضج وسعة الأفق، وأن تطرح فقرات هذا القانون المقترح كل منها للمناقشة في مؤتمرات متخصصة بقسم منها أو بجميعها وفي مختلف أقاليم ومناطق العراق ودعوة كل المؤسسات العراقية الفاعلة للمساهمة في هذه المؤتمرات والإستماع اليهم قبل ان يصار إلى إعداد القانون الذي سيطرح للمصادقة في البرلمان العراقي فهذه مرحلة متقدمة جداً في التشريع، ولاينبغي تجاوز المراحل التي تسبقها ومناقشتها مع اصحاب الشأن أنفسهم من إداريي وكوادر المنظمات غير الحكومية.

5. التعليم، حيث ينبغي أن يصار إلى التعريف بأهمية ودور قطاع البعد الثالث في مختلف المراحل الدارسية، لتعليم الطلاب حب العمل الخيري وزرع روح المبادرة منذ نعومة أظافرهم، من خلال المقررات الدراسية في المناهج التعليمية.

6. الإعلام، من خلال فسح حرية الرأي، وتشجيع الدولة قنوات الإعلام المختلفة المسموعة والمقروئة والمشاهدة للتعريف باعمال ونشاطات وبرامج المنظمات غير الحكومية ودورها الجليل في خدمة الآخرين. وليكون لهذه المنظمات صوتها وكلمتها المسموعة في المجتمع.

هذه هي الأسس المطلوبة للعمل معاً من اجل تغيير المجتمع واستبدال السلبيات الموجودة فيه لتحل محلها الإيجابيات. وهي السبيل الأمثل لتلاحم وتراحم مكوناته الفسيفسائية الجميلة التي تؤلف نسيجه الخالد.

يريد قطاع البعد الثالث ان تكون الدولة شريكاً

الشريك يحاسب ولايعاقب

 

سنواصل بإذن الله في رسالة العدد القادم مناقشة موضوع قانون المنظمات غير الحكومية وآفاق عمل قطاع البعد الثالث.

والله ولي التوفيق

 


A S Shakiry

إتصل بنا