This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 56

دور الأوقاف في أعمال البر والإحسان

على ضوء إنعقاد المؤتمر الثالث للتقريب بين المذاهب الإسلامية تحت شعار "من أجل تكريم الإنسان وتعزيز الوحدة الإسلامية" وذلك يوم السبت 24/10/2009 من الساعة التاسعة صباحاً لغاية السادسة مساءً وقد شارك فيه نخبة من المفكرين الإسلاميين وكان للعراق النصيب الأكبر بالتمثيل والمواضيع التي طرحت وكان أهم ممثليه السيد صالح الحيدري رئيس ديوان الوقف الشيعي والدكتور أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني.

كانت معظم المواضيع منصبة على المواعظ المستندة على الآيات القرآنية وعلى السنة النبوية وغيرها، وكانت مواضيع السيدين الحيدري والسامرائي منصبة على دور الوقفين في بذل الجهود للتقريب ما بين الطائفتين الشيعية والسنية التي كادت أن تفرقهم التيارات التكفيرية في السنوات الأخيرة والتي تصدت لها كل فئات الشعب والمرجعيات الدينية والوقفين وذلك بتوحيد جهودهم في عقد المؤتمرات واللقاءات معاً كأخوة متحابين متصافين لايفرق بينهما في العقيدة والإيمان بالقيم الإسلامية التي جُبل عليها وأمنوا بها.

نعم لقد شدني المؤتمر وما دار فيه بحيث لم أترك القاعة إلا عند إختتامه لعلي أحصل على ما يدلني وعلى ما يساعدني على تحقيق رسالة العمل التي ألزمت نفسي على الشروع في تأسيس نواتها، وهذا العمل هو تكوين نظام يمكن من خلاله مشاركة كل مبرّة وكل مؤسسة حكومية كانت أم أهلية أو كل فرد من مد يد العون والمساهمة في رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، عن طريق إنشاء مراكز للرعاية وما تأسيسي لرابطة المبرّات العراقية وقبلها مبرّة الشاكري إلا للقيام بهذه المهام البحثية والتنظيرية والتفعيلية من أجل نشر الثقافة العلمية ما بين المبرّات المنتشرة في العراق وكانت مداخلتي تحت عنوان: ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المساجد والحسينيات في تكوين مراكز الرعاية الإجتماعية؟

بعد هذه المقدمة الطويلة، تأتي التساؤلات الكثيرة حول ما هو دور الأوقاف في أعمال البر والإحسان الذي تتركز خطبهم ومواضيعهم على شعارات كل ما ورد من الدعوات إلى إعانة الإنسان لأخيه الإنسان والتآخي ونبذ الفرقة وأهمية العلاقات الإنسانية وغيرها التي تدعو إلى مساعدة كل إنسان ذي حاجة

أولاً: هل الوقفين السني والشيعي مؤسسات تابعة للدولة بموجب قوانين تكوينها وتسييرها وعبر تاريخها وعبر العهود والحكومات التي مرّت على العراق؟

ثانياً: أم هي ملك للواقفين الأحياء منهم والأموات وما دور الأوقاف إلا أن ترعاها بموجب وصية كل واقف مثلها كمثل دائرة رعاية أموال القاصرين؟

إذا كان الجواب على أولاً بنعم، فإنني لن أخوض في أغواره حيث أنني غير مطّلع ولا أقدر أن أتصور كيف تدار هذه المؤسستين فلابد لرئيسي هذه المؤسستين أن يدونوا تاريخ مؤسستيهما وأهم الأحداث التي دارت فيها عبر الحقب التي مرت بها, وهل هناك أي مسوّغ شرعي أو قانوني يسمح للدولة أن تصادر أوقاف الذين بذلوا حياتهم في سبيل أن يتركوا عملاً ينتفع به الناس مرضاة لله عز وجل لينفعهم في آخرتهم وأن تسخر الأوقاف ومواردها من قبل الدولة لأغراض لا تمت بمنفعة الناس؟ إذا كان الجواب هو أن الدولة ترعاه لإقامة الصلاة فإن هناك مائة سؤال وسؤال يدور حول هذا الموضوع، فكم عدد المصلين وكم أعداد المرات التي تقام فيها وما هي وكم من المناسبات التي تقام فيها وما هو دور الأوقاف في منافع الناس خاصةً ذوي الحاجات الخاصة وأنواع الإحتياجات الإنسانية؟ وهل إن جميع المساجد والحسينيات والأوقاف تؤدي نفس الأداء وتقدم نفس المنافع لمجتمعها في الوقت الذي الكثير من فئات الشعب يعاني من فسحة المكان مثل العيش في العراء وعدم توفر المدارس أو أن تكون المدارس في مواقع ومسقفات مأساوية وعدم توفر مراكز الخدمات الإجتماعية التي تقدم ما تحتاجه الفئات التي بأمس الحاجة لأبسط متطلبات الحياة؟ نكتفي بهذا القدر من الأسئلة للسؤال الأول.

 

أما إذا كان الجواب بنعم للسؤال الثاني، فهذه تصوراتنا لما يجب أن تقوم به مؤسستي الأوقاف في العراق ولا تركن على ما كان يعمل أو لا يعمل به عبر تاريخها مع مختلف الحكومات التي مرّت على العراق وعليها:

أولاً، إن كل وقفية هي بمثابة وصية أوصى بها واقفها وإن ما جاء في الآيات القرأنية من تأكيد  على قدسية تنفيذ الوصية وإثم من يكتم أو يغير الوصية، فلابد إذن من الرجوع إلى كل وقف وكل واقف لتدرس وقفيته أو بالأحرى وصيته في ملكه وماله لعلها تنفع العباد والبلاد وعلى ضوء ذلك يتم إعداد مجلس أمناء من وجهاء المنطقة لكل وقفية باعتبارها مؤسسة خيرية وتفعيلها لتشمل كل عمل إنساني تحتاجه المنطقة حتى وإن لم يدرج في الوقفية، فلا بد أن ثوابه يصل إلى الواقف. وإن رابطة المبرّات العراقية قد أعدت وتعد برامج رعاية وخدمات مبتدئةً بذوي الإحتياجات الخاصة وإن كل ما يتطلب هو تخصيص غرفة خاصة أو حتى إنشاء ملحق لهذا الغرض، تجدون التفاصيل في رسائلي السابقة والخاصة بمراكز الرعاية الإجتماعية، وآخرها رسالة رقم 55 على موقع الرابطة:

http://iraqicharities.org/show_article.php?id=86&lang=A&article_type=1

 

في كلا الحالتين بين الفقرة الأولى والثانية لابد من أن نجيب على السؤال الذي يتعلق بالشؤون المالية، ما هي واردات الأوقاف من الأوقاف وما هي مصاريفها وأبواب الصرف فيها، وما هي القيمة التقديرية للأوقاف حسب أبواب استعمالاتها، وهل هناك مخصصات مالية تأتي من الدولة لتسديد نفقات التشغيل إذا كانت الموارد الذاتية لا تغطي الرواتب والمصاريف الإدارية والتشغيلية والصيانة وغيرها؟ وهل هناك ميزانيات فصلية أو سنوية تنشر يمكن الرجوع إليها؟

إن من متطلبات العصر وتطور المؤسسات التي تنشد الرقي في كل أبوابه لابد لها من أن يكون لها موقع على الإنترنت يتجدد يومياً بكل ما هو قائم أو يستجد داخل المؤسسة وخاصةً الجوانب المالية لما لها من تأثير على زرع الثقة بها وكذلك من أجل تقدير وتقييم حجم ونوعية الأعمال التي تقوم بها المؤسسة لكي لا يضيع عمل العاملين ورؤسائها الذين يجاهدون في تسييرها وازدهارها.

ومن أجل أن نُسهّل مهمة تحليل وتغيير حالة أي مؤسسة، لابد من أن نُدخل الجامعات والمراكز البحثية فيها للمساهمة في تحليل واقع الأوقاف ومستقبلها عبر القيام بعمل البحوث والدراسات الأكاديمية، عليه نرى أن يتم تخصيص ثلاث زمالات دراسية في ثلاث جامعات مختلفة للوصول إلى أفضل النتائج ولضمان عدم التحيز في الدراسة المطروحة، حيث أن الهدف من هذه الزمالات هو لكي تقوم بمهمة البحث والتحليل المذكورة أعلاه، وفي نفس الوقت فإن على مسؤولي مؤسسات الأوقاف الشروع بالتغيير ووضع خططه وأن لا ينتظروا نتائج الدراسة أعلاه، حيث ستكون نتائج الدراسة مكملاً لما سيبدؤوا به، إذ أننا نرى أنه عندما يتم الشروع في وضع أهداف التغيير فلابد أن تأتي الحلول متزامنةً معها.

 

مثلما خلف لنا آباؤنا عبر الأجيال من وقفيات وإرث وبناء تاريخي لأجل خير الأجيال، فلابد لنا أن نخطط وننفذ مؤسسات ومشاريع لخير جيلنا وأجيال المستقبل بالرغم من ما نعانيه من هجمة قتل وتدمير لبعض مواقع بنائنا الإنسانية والعمرانية.

وأملنا كبير برئيسي الوقف الشيعي السيد صالح الحيدري والوقف السني الدكتور أحمد عبد الغفور السامرائي بأن يعملوا على تغيير واقع الوقف، لا أريد أن أقول الوقفين، في العراق مما هو عليه إلى أن يصبح كل وقفية من آلاف الوقفيات عبارة عن ورشة عمل لخدمة المحتاجين في كل منطقة من مناطق العراق وبذلك نكون قد وضعنا القواعد لنمو وازدهار القطاع الثالث قطاع منظمات المجتمع المدني ليلعب دوراً مهماً في حياة الإنسان العراقي جنباً إلى جنب مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص.

فليكن مؤتمرنا الرابع في السنة القادمة إن شاء الله زاخراً بمشاريع البر والإحسان وإننا ساعون معكم في تغيير هذا الواقع.

والله ولي التوفيق


A S Shakiry

إتصل بنا