This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged


رسالة الرابطة الأسبوعية 58

بشرى بإصدار قانون منظمات المجتمع المدني
ولكن . . . !!! أولاً دور قطاع التطوع والمتطوعين

لقي إصدار قانون منظمات المجتمع المدني في العراق (بعد أن صوت عليه مجلس النواب العراقي في الخامس والعشرين من كانون الثاني هذا العام) ترحابا وارتياحا من قبل منظمات المجتمع المدني والناشطين فيها.

تضمن القانون بصيغته المعدلة مزايا إيجابية عديدة تجاوزت العديد من النقاط السلبية في مسودة القانون التي طرحتها وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في بداية العام 2009 والتي وصفت بأنها مسودة غير مناسبة حينها كونها تفرض هيمنة الحكومة على المنظمات الأهلية وتقيد عملها وتفقدها الحد الأدنى من الإستقلالية، وكذلك احتوائها على عقوبات شديدة وصارمة تجاه ما يفترض أنها مخالفات مدنية إن وجدت فضلاً عن عدم وجود أي دعم من الدولة لهذا القطاع، وقد تصدت رابطة المبرات العراقية لهذا الموضوع المهم بمختلف أبعاده من خلال رسائل الرابطة 47، 48، 49، 50، 51، 52. وأبدت ملاحظاتها لتعديل المسودة بما يضمن إيجاد قانون يكون انطلاقة لولادة ونمو قطاع منظمات المجتمع المدني أو ما أطلقنا عليه قطاع البعد الثالث في الإقتصاد الذي يحمل قيم ومواصفات عمل تعود بالنفع الإقتصادي والإجتماعي والإنساني والبيئي على العراق وأهله، والحمد لله فقد وصلت رسالة التعديل للمسؤلين وتضمنت النسخة المعدلة العديد من النقاط الجيده منها:

  1. القانون يتيح للمنظمات الحصول على التمويل دون موافقة الحكومة المسبقة.
  2. سهولة ووضوح إجراءات التسجيل، كما أن الإجازة التي تحصل عليها المنظمة في ضوء القانون تسري بدون تحديد مدة لها.
  3. إلغاء العقوبات الصارمة والشديدة من القانون.
  4. النص على حق المنظمات في التشبيك وإقامة علاقات وشراكات وتعاون مع المنظمات الدولية دون موافقة مسبقة من الحكومة.
  5. النص علي أحقية الأشخاص الأجانب الدخول في تشكيل منظمات محلية بحيث لا يتجاوز عددهم 25% من مجموع كوادر المنظمة.
  6. حق المنظمة بتملك الأراضي والمباني دون موافقة مسبقة.
  7. حق المنظمة المحلية بفتح فروع لها خارج العراق.
  8. تعفى المنظمة ذات النفع العام من ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة والتعريفات والرسوم الجمركية وضرائب المبيعات.

إذن هي البشرى لنا ولكل الداعمين والعاملين في هذا القطاع الخدماتي ، وهي خطوة كبيرة في الإتجاه الصحيح لتطوير قطاع المنظمات غيرالحكومية في العراق، ونراها رمزاً ونموذجا للحراك الإجتماعي والشعبي والسياسي الإيجابي الذي أثمر هذا القانون بتظافر وتعاون الجميع.

إن صدور هذا القانون هو البداية والإنطلاقة التي تحتاج إلى متابعة ورعاية ودعم لتلافي أية سلبيات محتملة في التطبيق ومعالجتها بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى تعزيز هذا القانون بقوانين أخرى مكملة وداعمة له تصب في مجرى منفعته.

ولكن..

أين موقع قطاع التطوع والمتطوعين في هذا القانون، فكما هو معلوم إن قطاع المنظمات الأهلية هو قطاع التطوع والمتطوعين وقد أغفل القانون أية إشارة لهما فما هي الأحكام والمواصفات التي سيعمل بها في هذا الإطار؟؟؟.

لابد أن تتولى جهة قانونية دراسة هذا الموضوع ووضع قواعد عمله واقتراح مسودة القانون الذي تحكمه، مروراً بباقي المراحل التقيمية والإستفتائية للوصول إلى تشريع يقر في البرلمان بنفس الخطوات التي مر بها قانون المنظمات غير الحكومية وأن يكون الهدف منه دعم كادر العمل في هذا القطاع، وتوضيح حقوقهم وواجباتهم، وقد تطرقت رسالة الرابطة 50 لهذا الموضوع ولخصت النقاط الواجب أن يتضمنها القانون بحدوده الدنيا بالآتي:

أولاً: وضع ضوابط لطرق استقدام المتطوعين وتشجيعهم على التطوع، إذ ينبغي أن يكون هناك حد أدنى من المعايير التي تعمل المنظمات على ضوئها في استقدام المتطوعين، كضمان تكافؤ الفرص، وتوضيح المؤهلات المطلوبة من عدمها في إعلان طلب المتطوعين، وتوصيف العمل المطلوب منهم، وتوضيح إن كان هناك أي تدريب سيحتاج إليه المتطوع.

ثانياً: تنظيم علاقة الشغل بين المنظمة والمتطوع، ويكون من خلال صيغة إتفاق بين الطرفين تتضمن بحدودها الدنيا ساعات وأوقات العمل، ومهام وواجبات المتطوع، وحقوق المتطوع كأيام الإجازة السنوية والعطل، والمصاريف التي تدفعها المنظمة للمتطوع كبديل لمصاريف تنقله من وإلى مقر المنظمة وأية مصاريف أخرى يتم تعويضه عنها، والأجرة إن كان المتطوع يعمل بأجرة رمزية أو أجرة الحد الأدنى (الأجرة لا تبطل الأجر)، مدة الإشعار الدنيا لكلا الطرفين في حالة رغبة أي منهما إنهاء العلاقة التطوعية.

ثالثاً: المساعدات والضرائب، ينبغي أن يُصار إلى توضيح تأثير انضمام المتطوع للعمل في المنظمة على الضرائب التي يدفعها أو المساعدات التي يتلقاها من الدولة قبل انضمامه في العمل التطوعي، وبطبيعة الحال فإن تلقي المتطوع لأموال كبديل عن مصاريفه لاينبغي أن يترتب عليها دفع الضرائب لكن الأمر سيختلف إن كان يتلقى أجرة الحد الأدنى أو أجرة رمزية، وينبغي أن يكون هناك نوع من التخفيض في الضرائب المفروضة عليه نظراً للعمل الإنساني الذي يقوم به المتطوع.

ونفس الشئ ينطبق على المساعدات المالية التي ربما كان المتطوع يتلقاها من الدولة، كالمساعدة للعاطلين أو الباحثين عن العمل، والمقعدين وما إلى ذلك، فإن كان تطوعه من دون أجر ويقتصر تعويضه على المصاريف التي يتحملها ووجبات الغذاء التي يتلقاها أثناء عمله التطوعي فيفترض أن لايكون ذلك مؤثراً على أية أنواع من المساعدات والحقوق التي يتلقاها من الدولة، لكن الأمر سيختلف بطبيعة الحال في حال تلقيه نوعاً من الأجر، وينبغي أن يُراعى أيضاً العمل الإنساني الذي يقوم به وأن لاتتأثر تلك المساعدات بشكل يؤثر على المتطوع ويجعل ذلك التغيير حجر عثرة أمام قيامه في العمل الإنساني بكل إخلاص.

رابعاًً: إجراءات السلامة والأمان، ينبغي أن يشار إلى إن على المنظمات واجب الرعاية تجاه المتطوعين، هذا يعني إن هناك خطوات يجب أن تتخذها المنظمة للتقليل من احتمالية تعرض المتطوعين لمختلف أنواع الأخطار، كتزويدهم بمعلومات كافية عن المحيط الذي يعملون فيه، توفير التدريب اللازم الذي يجنبهم المخاطر، تزويدهم بالمعدات والملابس المناسبة لتأدية العمل، توفير غطاء التأمين الذي تعتمده المنظمة ليشمل المتطوعين لديها أيضاً.

بالنسبة للمتطوعين الذين يعملون بشكل مباشر لرعاية شرائح المستضعفين لابد من ضمان سلامتهم والتي قد تكون عرضة للإستغلال والإساءة، كالأطفال وذوي الإعاقة، فينبغي إتخاذ خطوات إضافية، منها أخذ معلومات كافية عن المتطوعين الذين سيتعاملون مع هذه الشريحة، كعنوان سكنهم ويفضل أن يتم التأكد من سجلات الشرطة عن خلوهم مما قد يثير الشبهات.

التأكيد على الحفاظ على سرية وخصوصية أية معلومات تجمع عن المتطوع ضمن المنظمة التي تطوع فيها، أيضاً توفير التدريب للمتطوعين عن كيفية التعامل مع شرائح المستضعفين، توفير الرقابة المطلوبة عبر تواجد أكثر من شخص أثناء تقديم الخدمة.

توفير آلية تضمن وجود قنوات للمتطوعين وكل ذو علاقة مع عمل المتطوعين لتقديم الشكاوي، أو التوصيات، أو الشكر، عبر صندوق أو عبر البريد الإلكتروني أو رقم تلفون يخصص لهذا الغرض.

خامساً: حماية المعلومات والبيانات الخاصة بالمتطوعين، ينبغي الإشارة أنه على المنظمات مسؤولية قانونية وأخلاقية تتعلق بجمع وخزن وإستخدام البيانات الخاصة بالمتطوعين، وكمبادئ عامة ينبغي أن يتم التعامل بقدر من العدالة والموضوعية في هذا الإطار، وأن يتم الحصول عليها لغرض وهدف محدد، وبشكل قانوني ومن دون زيادة أو مبالغة في طلب التفاصيل التي لاتتعلق بالغرض الذي جمعت له، وأن يلتزم المتطوع الدقة في تزويد هذه البيانات، وعلى المنظمة إتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لحماية بيانات المتطوعين من التسرب إلى جهات أو أفراد آخرين، وكذا تجنب حفظها لدى المنظمة بعد انتفاء الحاجة إليها.

سادساً: حقوق الطبع والملكية الفكرية، ينبغي التوضيح أن الملكية الفكرية وحقوق الطبع تعود للشخص الذي أنتج العمل، لكن بالنسبة للمتطوع ذو الإنتاج الفكري الذي يعمل ضمن منظمة مجتمع مدني ينبغي أن يصار إلى اتفاق بين الطرفين منذ البداية عن صاحب الحقوق، وعلى المنظمة أن تسأل المتطوع أن ينقل لها حقوق الطبع أو أن تأخذ رخصة المتطوع باستخدام الإنتاج بحدود معينة يتفق عليها معه، أو أن يشترك الطرفين، أي المتطوع والمنظمة التي تطوع للعمل فيها بصلاحية متساوية في النشر والإنتفاع بالعمل، المهم أن يصار إلى اتفاق منذ البداية بين الطرفين حول هذه المسالة.

سابعاً: أحكام أخرى، ينبغي أن يتضمن القانون توضيحات عن الأمور الأتية:

أ: توضيح عن استخدام الأطفال والأحداث كمتطوعين، ووضع ضوابط محددة لذلك، كموافقة ولي أمر الطفل أو الحدث، وأن تكون المنظمة متأكدة تماماً من سهولة العمل المناط بهؤلاء، وأن لايتعارض مع دوامهم في المدرسة إنما لاستغلال أوقات فراغهم أيام العطل بكل ما هو نافع.

ب: المتطوعون من السائقين، ينبغي أن يوضح المتطوع لشركة التامين الخاص بمركبته أن الغاية من استخدامها هو غير ربحي، أو أنه مزدوج، وعلى القانون أن يوضح هل لشركة التامين حق رفع قسط التأمين تبعاً لذلك أو يصار إلى نوع من التخفيض.

ج: وضع ضوابط محددة بالنسبة للمتطوعين العاملين في جمع الأموال والمواد العينية سواءً في الشارع أو من منزل لآخر، كالحد العمري الأدنى لهذا النوع من العمل، وأن يحمل (بادج) يوضح فيه اسمه والمنظمة التي يعمل لها ورقم تسجيلها، وأن يحمل معه شهادة تخويل بهذا العمل يلتزم بإبرازها لمن يطلب ويستفسر عن عمله، وأن تلتزم المنظمة التي تستخدم هذا النوع من المتطوعين بإجراءات تضمن سلامتهم كالعمل ضمن مجموعات وأن يزودوا بمعلومات كافية ودورات تدريب للتعريف بالمخاطر التي قد يتعرضون لها ولتجنب المشاكل بالإضافة إلى التأكد من سلوكهم وأمانتهم.

د: وضع ضوابط عمل لدخول المتطوعين الأجانب من خارج العراق، وتسهيل منحهم الفيزة والإقامة، خصوصاً لمن لهم باع طويل وخبرة وإمكانات في مجال العمل الإنساني.

ثامناً:

أ: لابد من تقييم أعمال وإنجازات المتطوعين على اختلاف مستوياتهم وأدائهم من قبل المنظمات المنتمين لها ووجهاء المناطق والمسؤولين وكل من له شأن واهتمام بشؤون المجتمع.

ب: كما لابد من وضع آليات وضوابط من تسرب العابثين بأمن البلاد وأموال العباد والإسائة إلى المنظمات المنتمين لها وتقدم ورقي القطاع الثالث المعول عليه في إبراز القيم الإنسانية العريقه لعراقنا الحبيب.

إن مئات الآلاف من المنظمات سوف تولد وتظهر للوجود في عراقنا الحبيب إن شاء الله تعالى في السنوات والعقود المقبلة، وسيعمل في فلكها ملايين المتطوعين من أبناء شعبنا الغالي، لذلك من الأهمية بمكان أن يركز على تحديد الحقوق والواجبات منذ البداية، وما ورد أعلاه هو حاجة ماسة جداً، وفي حدودها الدنيا أيضاً، والأمر يحتاج إلى مجلد كامل يوضح أحكام التطوع والمتطوعين في القانون نتركه لأصحاب الشأن في ذلك. وكلنا أمل أن يأخذ هذا الموضوع الإهتمام الذي يستحق وأن يكون العراق سباقاً في هذا الإطار، إذ لايوجد نظيرٌ له في محيطه الإقليمي.

وللمزيد من المعلومات حول التطوع والمتطوعين والمرتكزات الفكرية والشرعية لها نوصي بقراءة كتاب (الجهاد الإنساني في الإسلام)، من خلال الرابط أدناه:

http://iraqicharities.org/books/books.swf?book=book1&lang=E

سنواصل بإذنه تعالى إثارة ملاحظات أخرى حول سبل دعم وتعزيز قانون المنظمات الغير الحكومية، الذي استبشرنا خيراً بنضج ورقي محتوياته.

 

والله ولي التوفيق.


A S Shakiry

إتصل بنا