This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

الحرب النووية الثانية: قصة الاستخدام الأمريكي لأعتدة اليورانيوم المنضب في الحرب على العراق
08/05/2008

 

 

 تأليف: العميد الركن حسن عبيد عيسى

 سنة الاصدار: 2008

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية - العراق

العقاب الدائم: اميركا واليورانيوم المنضب في العراق

 العميد الركن حسن عبيد عيسى يوثّق الجريمة الأميركية بحق البشر والبيئة في العراق نتيجة استخدام الاعتدة المشعة.

 كتب - المحرر الثقافي

 في الذكرى الخامسة للغزو الأميركي للعراق، أصدر مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية كتابا جديدا بعنوان "الحرب النووية الثانية" ألفه العميد الركن حسن عبيد عيسى وقدم له الفريق الركن طارق محمود شكري الذي سبق وأن شغل منصب المفتش العام للقوات المسلحة العراقية خلال 1984-1988. يسرد الكتاب قصة الاستخدام الأميركي لأعتدة وذخائر اليورانيوم المنضب في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق في مطلع عام 1991. فعقب ذلك العدوان، الذي إتخذت الإدارة الأميركية من تصويت مجلس الأمن الدولي على إخراج القطعات العراقية من الكويت حجة له وتفويضا لعدوانها، ظهرت أمراض غريبة بين جنود أميركا وحلفائها المشاركين في العدوان، حيرت الأطباء الذين لم يجدوا تفسيرا أو علاجا، ناهيك عن البحث عن تسمية لتلك الأمراض، ما جعل البعض يطلق عليها تسمية "مرض لعنة العراق" أو "مرض لعنة الخليج".

 وبعد أن تكشفت الأمور عن طريق الصدفة البحتة عندما اكتشف طبيب ألماني يعمل في بغداد اطلاقات يلعب بها الأطفال في الحارات السكنية الشعبية تبين لاحقا أنها سامة ومشعة، تبين أن سبب تلك الأمراض الفتاكة، كان جنوح القوات الأميركية نحو استخدام ذخائر من نوع خاص مصنعة من اليورانيوم المنضب، أو المستنفد كما يسميه البعض. كان لذلك الاكتشاف أثر مدوي عند الأطباء والمدافعين عن البيئة وحماة القانون الدولي وضحايا ذلك الاستخدام وغير أولئك جهات عديدة أجج مشاعرها ذلك الجنوح الجنائي الذي لا يعلم إلا الله تعالى أبعاد الأضرار التي يلحقها فورا أو فيما بعد. ولقد رأى العميد الركن حسن عبيد عيسى كما يقول في مقدمته، أن "نيفيل شوت" وهو أديب استرالي اهتز ضميره وهو يرى جرائم أميركا المتمثلة باستخدام سكان جزر مارشال في المحيط الهادي كفئران للتجارب، عندما فجرت قرب جزرهم قنبلة هيدروجينية في سنة 1954 وأخضعتهم للدراسة والبحث لمعرفة تأثيرات ذلك التفجير، فألف رواية "على الشاطئ" يحكي فيها حيثيات تلك الجريمة، بينما لم يظهر من يتصدى لجريمة استخدام ذخائر اليورانيوم المنضب ضد العراق وما ينطوي عليه ذلك الاستعمال من كوارث لا عد لها، ما دفعه للتصدي للأمر. فألف كتابا بهذا الشأن اختار له عنوان "الحرب النووية الثانية" وهو كما يبين في المقدمة، مقتبس من قول للدكتورة هيلين كالديكوت ذكرت فيه "لقد مارسـت أميركا حربين نوويتين، الأولى ضـد اليابان في الحـرب عام 1945 والثانية ضـد العراق عام 1991.

في الحـرب النووية الأولى فجرت قنبلة بلوتونيوم وأخرى مـن اليورانيوم بينما استخدمت في الحرب النووية الثانية أسلحة اليورانيوم المنضب ولم يكن ثمة حاجة إلى تفجير نووي".

 يعد المؤلف نفسه من بين الضحايا المحتملين لذلك الاستخدام كونه عانى وما يزال من اعتلالات صحية لم تشخص من قبل الأطباء حتى الآن، وتعذر القرار على تأثيرات اليورانيوم المنضب عليه بسبب عدم تيسر الإمكانيات التشخيصية في البلد الذي يحاصره أصحاب ذلك العتاد في ذلك الوقت، والمحتل من قبلهم في الوقت الحاضر. يقول الفريق الركن طارق محمود شكري الذي قدم للكتاب، في مقدمته تلك "وجدت أن الباحث قد أحاط بالموضوع من جميع جوانبه، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وتطرق إليها. فإن كان من سبقه قد كتب في مجال معين من مجالات اليورانيوم المنضب، فإنه عالج ما يمكن أن يقال عنه من النواحي العلمية والبيئية والقانونية والعسكرية. فأصبح بحثا شاملا يفيد جميع الاختصاصات، ويشفي غليل كل سائل أو طالب معرفة تتعلق بالموضوع.موثقا كل ما ورد في ثنايا البحث بالمصادر التي لا يرقى إليها الشك، فكان بحثا موسوعيا مستندا إلى الوثائق الصادرة من مراجع أو تلك البحثية والشخصية، فضلا عن تحليلات معمقة، ومعلومات ضمّنها في الهوامش، تغني القارئ عن البحث والاستفسار، لا بل يزيل أي غموض أو شك يساوره." توزعت مواد الكتاب ومفرداته على مقدمة للمؤلف وخمسة فصول وملاحق اشتملت عليها مائتان وثلاثون صفحة من القطع الكبير..وكانت فصول الكتاب كما يلي:

 الفصل الأول، مباغتة غير مبررة: تتبع فيه المؤلف الإرهاصات المبكرة لفكرة تحويل كميات ضخمة من نفايات التخصيب النووي (اليورانيوم المنضب) إلى أعتدة للتخلص منها أولا، وذلك بسبب رخص الكلفة وصلابة المعدن وخاصية الاحتراق الشديد التي ستتولد عند ارتطام هذه الاعتدة بالهدف

 ثانيا. إن رحلة طويلة ومقززة من التجارب والاختبارات التي نفّذتها المؤسسات الأميركية ذات العلاقة أضرّت بآلاف الناس الأبرياء من هنود حمر في الولايات الأميركية الغربية، وفي كندا وملونين وخاصة في نيو مكسيكو تكللت بإنتاج كميات ضخمة من هذه الاعتدة (السرّية) استخدمت بشكل مفاجئ في الحرب التي خططت لها وقادتها الإدارة الأميركية ضد العراق في مطلع العام 1991 إلى الحد الذي لم تُطْلع عليه القيادات العسكرية الأميركية جنودها ليتفادوا الضرر الناجم عن استخدامها، وذلك لدواعي لم يغادرها المؤلف دون مناقشة، مستذكرا أوائل المعلومات التي بدأت تطفو عن هذه الاعتدة واستخدامها الآثم وصولا إلى الرفض العالمي لها.

الفصل الثاني، الاستخدام الأول- التخطيط والتنفيذ: وفيه بيّن المؤلف أن بعض ذوي الاهتمامات الإنسانية انتبهوا إلى خطورة الاستخدام المحتمل لهذا النوع من الاعتدة قبل زجه في الخدمة الفعلية، فبذلوا الجهود لكشف مخاطره على الناس والبيئة في وقت لا تعير الإدارة الأميركية كبير اهتمام لما سيحل بجنودها عقب استخدام هذا العتاد الذي سيضرهم كما يضر جنود ومواطني الطرف الآخر، فللإدارة الأميركية سوابق مشينة سمّمت خلالها الآلاف من جنودها بالمركّبات الكيمياوية بهدف تجريد غابات فيتنام من أوراقها الكثيفة، المهم إن سماسرة السلاح، وهم الطبقة المتنفذة في الإدارة الأميركية مع تعاقب الإدارات المختلفة، وجدوا فرصة للإعلان الرخيص عن قوة ومضاء الأسلحة الأميركية المضادة للدبابات مما سيرفع مبيعات تلك الأسلحة في سوق تجارة السلاح العالمية، وجاءت حرب البلقان عام 1999 لتكرّس هذا الاستخدام للعتاد الآثم الذي وجد فيه الإرهابيون الصهاينة مُنْيَتَهُم من أجل تحقيق إبادة غير مباشرة للفلسطينيين لا تلفت انتباه الضمير العالمي. بينما لم ترشح معلومات قابلة للاستثمار عن ذلك الاستخدام في عدواني أميركا اللذين أديا إلى احتلال أفغانستان والعراق.

الفصل الثالث، العقاب الدائم: فقد كان ضحايا هذا النوع من الحروب وخاصة ما ترتب على الاستخدام المسعور لاعتدة اليورانيوم المنضب كثر، فهم أعداد ضخمة من المواطنين الآمنين الذين تضمن الاتفاقيات الدولية حمايتهم وتلزم القيادات المتحاربة بتلك الحماية، والجنود العراقيين الذين يتمتعون كأي جنود في العالم بحماية تلك الاتفاقيات من الأعمال السادية المنطوية على أذى لا مبرر له. ولم يسلم جنود أميركا وحلفائها أنفسهم من ذلك الضرر الفادح والأذى الحاقد، فقد تفشت بينهم أمراض مستعصية هي في تزايد وتفاقم مستمرين مع مرور الزمن حتى بدا وكأن ما أصابهم من أمراض وآلام وآهات وعَوَق، عقابا دائما أنزلته بهم الادارة الأميركية، ليس له ما يبرره، ولم يقف هذا العقاب عند الجيل الذي كُتب عليه التعرض له، وإنما انتقل إلى الأجنة في بطون الأمهات ثم إلى الأجيال اللاحقة عن طريق تخريب الجينات الوراثية..كل هذا وغيره، والإدارة الأمريكية تنكر استخدامها لهذا الصنف من الاعتدة الخطيرة، وعندما اضطرت للاعتراف بذلك الاستخدام، إدعت إن استخدام اعتدة اليورانيوم المنضب لا ينطوي على خطر كونه واطئ الإشعاع، وان ما يثار حول هذا هو مجرد دعاية.

الفصل الرابع، تدمير البيئة: حيث أن الإدارة الأمريكية ضربت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر يوم 4/12/1990عرض الحائط وهاجمت وتفاخرت بضربها منشآت نووية وكيمياوية عراقية خلال الحرب وهو أمر تحظره مرجعيات القانون الدولي بسبب الخوف من انفلات المواد الخطرة جراء التعرض لمثل تلك المنشآت، مما يعني إن الحرب التي قادتها أمريكا إنما هي حرب إجرامية قذرة لا توفر في حقدها حتى البيئة كما يذهب المؤلف.

 فقد كان استخدام اليورانيوم المنضب وسيلة أخرى للتدمير البيئي خلال تلك الحرب ، خصوصا وان المنطقة المستهدفة بهذه الاعتدة هي أراض صحراوية مترامية الأطراف تلعب فيها الرياح أنّى شاءت مما يعني إن آلاف الأطنان من رمال ملوثة بإشعاعات وجسيمات اليورانيوم المنضب المنتشرة في مساحة تزيد على 100 كم مربع ستتنقل حرة في شتى الاتجاهات وحسب هبوب الرياح لتنقل المخاطر شمالا وجنوبا كما هي حالها مع الشرق والغرب ولآلاف الكيلومترات خارج حدود مسرح الحرب الكائن في الكويت وشمال السعودية وجنوب العراق.

الفصل الخامس، تغييب القانون الدولي: فان كل القيادات العسكرية في العالم مسؤولة عن تدريب جنودها على وفق أسس ومرجعيات القانون الدولي وكيفية احترامه وتوجيه الفعاليات الحربية على وفق مقاصده، إلا أن القيادات العسكرية الأمريكية العليا ذاتها، كانت تخطط لانتهاك قواعد ذلك القانون في كل اتجاهاته، فحرب البيئة والأضرار التي تلحق المدنيين، بعض من جرائم الحرب، وان إعدام الجرحى من الأسرى الذي مارسه الجنود الأمريكان بحق الجنود العراقيين في وعقب معارك 1991جريمة بشعة، ناهيك عن استخدام أسلحة محرمة قانونا.

فمشكلة العالم هنا هي عدم وجود جهة ذات سلطة واختصاص وقوة تنهض لمقاضاة مرتكبي تلك الجرائم، وهو الأمر الذي تحاول أميركا ديمومته وتكريسه حماية لقادتها السياسيين والعسكريين من العقاب الدولي، وما محاولات الإدارة الأميركية عرقلة الجهود العالمية لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي انسحابها من اتفاقية التأسيس، وعدم السماح بالملاحقة القانونية لجنودها من مرتكبي الجرائم في العراق غير إضافات قوية وغير مشرفة إلى أدلة كثيرة تدين تلك الإدارة.

لقد أردف المؤلف تلك الفصول بملاحق تحوي نصوصا ذات علاقة وطيدة بما ذهب إليه في متون تلك الفصول وتشكل رصيدا قيما للباحثين مستقبلا ممن سيبحث في الموضوع ذاته أو مواضيع مشابهة ويتطلب عملهم وثائق في مراجع مشتتة، ومن بينها: مقتطفات من بروتوكول جنيف لسنة 1977 ومذكرة البعثة العراقية الدائمة في نيويورك إلى لجنة حقوق الإنسان ونص قرار اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان 16/96 ومقتبسات من تقرير منظمة الصحة العالمية حول اليورانيوم المنضب، مع مجموعة من الرسوم والمخططات اللازمة لفهم واستيعاب حقيقة هذا السلاح الفتاك، وخريطة تبين مسرح العمليات الموبوء مؤشر عليها اتجاهات الريح التي تنقل الرمال الملوثة خارج ذلك المسرح.

بين المؤلف بعضا من الجهد الذي بذله من أجل جمع مادة الكتاب الذي كان يفترض صدوره عن "بيت الحكمة" عام 2003 ولكن ذلك لم يحصل بسبب الاحتلال في ربيع ذلك العام وإحراق بيت الحكمة وتغيير سياسات البلد ورؤاه بخصوص مثل هذه القضية، ومن بين ذلك الجهد، قيامه بزيارة المراكز الاختصاصية مثل منظمة الطاقة الذرية العراقية ومركز "أم المعارك للبحوث والدراسات" ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، وكل تلك مؤسسات ألغيت بعد الاحتلال، كما وانه التقى بعدد من الباحثين في هذا المجال مما وسّع فسحة النفع من تراكم المعلومات الذي انعكس على طبيعة العمل في إنجاز الكتاب. وعلى الرغم من عدم رغبة المؤلف في النأي عن طرائق البحث المتبعة في مثل هذه المواضيع، فقد إقتصر على المفيد من المعلومات ليخرج منها بنتائج مفيدة كما يوضح المؤلف للقارئ. ***

 *  مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

 http://fcdrs.com

للمزيد الرجاء اضغط على الرابط التالي:

للمهتمين بمكافحة التلوث البيئي وتدوير النفايات