بغداد - اصوات العراق
وجد مصور صحفي يسكن في مدينة الصدر نفسه مضطرا لترك منزله والعيش في بيت شقيقه قرب حي الكرادة مع بناته الثلاث وولده وزوجته هربا من تهديد المسلحين له لإجباره على ترك عمله الصحفي، فيما تنتظر مئات الأسر التي تقطعت بها السبل تهيئة معسكرات وعدت الحكومة بإقامتها لإيوائهم خلال حملتها العسكرية على المسلحين في المدينة.
وبين المصور الصحفي (ح ك) الذي يسكن في مدينة الصدر لـ(أصوات العراق) أنه ترك منزله مع بناته الثلاث وولده وزوجته بسبب تهديد المسلحين له بعد أن طلبوا منه على العمل معهم أو ترك المدينة دون عودة، إذ ذهب إلى منزل شقيقه قرب حي الكرادة ليعيش هناك.
وبحسب المصور الصحفي فأن اغلب المواطنين من سكنة قطاعات (9، 10 ، 11) تركوا منازلهم نتيجة العمليات العسكرية الكثيفة القريبة من سكنهم، فيما ذكر الناطق المدني باسم خطة فرض القانون أن الحكومة هيأت معسكرات لإيواء عوائل النازحين من المدينة البالغ عددهم "أكثر من 400 عائلة لحد الآن".
وتقدر أعداد سكان مدينة الصدر الشيعية الواقعة شرقي العاصمة بغداد بنحو 2 - 4 مليون شخص.
وقال الناطق المدني باسم خطة فرض القانون تحسين الشيخلي للوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) إن "الحكومة العراقية تنوي خلال اليومين المقبلين إقامة معسكرات إيواء للنازحين من مدينة الصدر في ملعبي الشعب والصناعة ومعسكر الرشيد ببغداد".
وأوضح أن أربعة أنواع من العائلات في مدينة الصدر ستستفيد من هذه المعسكرات "أولها عوائل متعاونة مع الأجهزة الأمنية الحكومية في المدينة وتتعرض للتهديد من المسلحين في حالة بقائها داخل المدينة، والثانية هي العوائل التي تعرضت للتهديد بسبب عملهم بالوظيفة الحكومية، وثالثا عوائل تعرضت حياتهم للخطر بسبب عدم مبالاة المسلحين بزرع العبوات وضرب الصواريخ من أمام منازلهم وأخيرا العوائل التي بدأت تتضايق من العمليات المسلحة التي لا تنتهي ليل نهار".
وأضاف الشيخلي أن "معسكرات الإيواء هذه وقتية وستجهز بالخيم والماء والكهرباء ووجبات غذائية وحتى مستلزمات الطبخ" للعوائل النازحة من المدينة الشيعية التي قدر الشيخلي أعدادها بـ "أكثر من 400 عائلة لحد الآن".
وكانت مدينة الصدر مسرحا لمواجهات دامية بين القوات الأمنية مدعمة بالقوات متعددة الجنسيات من جهة ومقاتلين محسوبين على جيش المهدي التاع للتيار الصدري بدأت في أعقاب شن الحكومة حملة على "المسلحين الخارجين على القانون" بدأت في البصرة جنوبي العراق في نهاية آذار مارس الماضي ثم امتدت إلى محافظات أخرى.
وانتهت المواجهات بعد إعلان زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر براءته ممن يحملون السلاح بوجه الحكومة أو يهاجمون مكاتب الأحزاب لكن المواجهات كانت تندلع بشكل متقطع في مدينة الصدر وهي معقل مهم للتيار الصدري وتدخلت الطائرات الأمريكية في المواجهات فيما دخلت المدينة تحت ظرف مشابه للحصار.
وأعلنت الحكومة أنها ترمي إلى فرض سلطة الدولة على كل المناطق ونزع سلاح "الميليشيات" داعية مقتدى الصدر إلى حل جيش المهدي لكن الزعيم الشاب رفض المطلب، ما دعا الحكومة إلى التلويح بحرمان الصدريين من دخول انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها أواخر العام الجاري.
وكان الصدريون الحائزون على 30 مقعدا في البرلمان إنسحبوا من حكومة نوري المالكي التي كانوا يشغلون فيها ست حقائب وزارية، في نيسان إبريل من العام الماضي 2007، بسبب رفض الحكومة مطلبهم بجدولة إنسحاب القوات الأجنبية من العراق.
واتهم الناطق الحكومي المسلحين في مدينة الصدر بفرض إتاوات على السكان وابتزاز الأهالي، قائلا "لدينا 16 محطة للمشتقات النفطية كانت المجاميع المسلحة تفرض سيطرتها عليها وتفرض سعرا على المشتقات النفطية يزيد عن سعر الحكومة الرسمي ما يحقق إيرادا يفوق الخيال".
وتابع على سبيل المثال "كان المسلحون يفرضون خمسين ديناراً إضافيا على سعر لتر البنزين الذي تجهز الحكومة الأهالي في المدينة بمليون لتر شهرياً منه"، كما كانوا يفرضون على "أصحاب المحال التجارية وحتى الباعة على الأرصفة إتاوات يومية وشهرية وكانت العربات والشاحنات تمنع من الدخول إلى الأسواق إلا بدفع رسوم يعتبرونها نظير توفير حماية المحال التجارية".
أما أبو ماجد، وهو أحد سكنة مدينة الصدر فقد تقطعت به السبل بسبب الظروف الصعبة لينتظر إقامة هذ المعسكرات للجوء إليها.
وقال أبو ماجد لـ(أصوات العراق) "نعيش أنا وزوجتي وبناتي الست وولدي الذي يعمل في قوات الحرس الوطني حالة من الخوف لأن ولدي هدد من قبل المسلحين، لذا أنتظر إقامة هذه المعسكرات للجوء إليها"، موضحا أنه هيأ بعض المسلتزمات الضرورية استعدادا للذهاب إلى هذه المعسكرات.
وقال صاحب محطة تعبئة طلب عدم الكشف عن أسمه لـ(أصوات العراق) إن "المسلحين الخارجين عن القانون يفرضون زيادة على سعر لتر البنزين خمسين دينار يعتبرونه دخلاً للهيئة الاقتصادية للجهة التي ينتمون لها"، و"أبدلوا العاملين في محطته بآخرين ينتمون إليهم ومن يعارض نهجهم يعرض حياته وعائلته للموت على أيديهم".
وشكا أبو جبار وهو تاجر للمواد الغذائية في سوق جميلة من قيام المسلحين بمنع دخول العربات التي تنقل شاحناتهم إلى محالهم ومخازنهم إلا بدفع مبلغ 150 ألف دينار (حوالي 125 دولارا أمريكيا) لكل شاحنة.
وقال لـ(أصوات العراق) "عليك أن تحصل على رضا المسلحين للعمل في سوق جميلة للمواد الغذائية لأنهم يفرضون سيطرتهم عليه ويتهمونك بالخيانة الوطنية وينفذون بك حكم الإعدام أمام أنظار المواطنين في حالة مخالفتهم".
وبدورها، انتقدت لجنة المهجرين والمرحلين في مجلس النواب ما وصفته بسكون الحكومة العراقية حيال إيجاد حل مناسب وسريع لأزمة اللاجئين في العراق وخصوصا مواطني مدينة الصدر، وقال رئيس اللجنة عبد الخالق زنكنه لــ(أصوات العراق) أن "الحكومة العراقية لا تحرك ساكنا لإيجاد حل مناسب وسريع لحل أزمة اللاجئين في العراق".
وبين زنكنه أن "هؤلاء النازحين يمثلون نسبة 17% من سكان العراق ويجب على الحكومة أن تمارس دورها في تحسين ظروفهم الإنسانية الصعبة"، مؤكدا إن اللجنة "وجهت طلبات عديدة لهيئة رئاسة مجلس النواب لطرح مشكلة النازحين على الحكومة العراقية لكن دون جدوى".
ولفت زنكنه إلى وجود نوعين من النزوح "الأول يتمثل بالنزوح إلى المناطق الآمنة خوفاً من القصف والعمليات العسكرية والقسم الآخر هو النازحين إلى ملاعب كرة القدم ومنها ملعب الشعب وسط بغداد".
ونوه رئيس لجنة المهجرين والمرحلين في مجلس النواب بأن هناك "238 ألف عائلة نازحة في عموم العراق.. ومليونين شخص نازح خارج العراق"، مطالباً الحكومة بـ"تخصيص 3-5 % من عائدات النفط لتحسين ظروف هؤلاء اللاجئين".
وبين زنكنه أن "الصراعات السياسية والطائفية والقومية، التي عصفت بالبلاد خلال السنوات الخمس الماضية، هي السبب الرئيس في نزوح وهجرة هذا العدد الكبير من المواطنين العراقيين".
وكان المتحدث باسم عمليات بغداد (فرض القانون) قاسم عطا قال في تصريح سابق لـ(أصوات العراق) إن رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بتخصيص ثلاثة ملاعب لكرة القدم ببغداد كي تكون ملاذا آمنا لسكان مدينة الصدر الذين يريدون النزوح منها على خلفية الاشتباكات التي تشهدها منذ نهاية شهر آذار الماضي.
وأضاف عطا أن قيادة عمليات بغداد، وبالتعاون مع وزارتي الهجرة والشباب، اختارت ملاعب الشعب والطلبة والصناعة لتكون أماكن مؤقتة بديلة، بعد توفير الخدمات اللازمة، لتكون ملاذا أمناً للعوائل التي ترغب في النزوح من مدينة الصدر.
من جهتها، هيئت منظمة الهلال الأحمر العراقية خطة لمساندة أمر رئيس الوزراء بإقامة معسكرات الإيواء في ملعبي الشعب والصناعة ومعسكر الرشيد ببغداد.
وذكر مسؤول في المنظمة رفض الكشف عن أسمه لـ(أصوات العراق) أن هيئة الهلال الأحمر العراقية "تعتزم تنفيذ خطة بالاعتماد على كوادرها لمساندة خطة الحكومة بإقامة معسكرات لإيواء النازحين من مدينة الصدر من خلال توزيع مواد غذائية واغاثية لتخفيف العبء عليهم".