This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

مراهقون كنديون يخرجون من وراء القضبان بشهادة وحساب مصرفي
14/05/2008

 

مونتريال - علي حويلي - الحياة 

حين يخرج بعض المراهقين والشبان من السجون يشعرون في قرارة أنفسهم بأن المدة التي أمضوها هناك لم تكن عقاباً او حجز حرية أو إذلالاً بمقدار ما كانت صحوة وإصلاحاً وتأهيلاً. ويطلق جيرار دي سولي المسؤول عن قسم الأحداث في سجن بوردو الواقع في إحدى ضواحي مونتريال, على تلك السجون التي تراوح فترة إقامة الحدث فيها بين 6 أشهر وسنتين, تسمية «أرض التوبة».

ويتشارك معظم المعتقلين القاصرين في هذا الانطباع وفقاً لما أعلنه مارك بولانجييه (17 سنة) الذي سجن 7 أشهر لاشتراكه بشبكة مخدرات والخارج لتوه من السجن. وأشار بولانجييه إلى أن كثيراً من المعتقلين محكومون بقضايا «سرقة او سطو على بعض المحال التجارية او على بيوت مسنين وعجزة او نتيجة اعتداءات جنسية على القاصرين او الاتجار بالمخدرات او بيع كميات من علب السجائر المهربة او غير ذلك».

وقال جان فورتان وهو أحد الأساتذة المشرفين على برامج التأهيل الخاصة بالمراهقين: «من غير المنطقي ان يكون السجن بديلاً من المنزل والمدرسة حاضناً وراعياً للأولاد الضالين ومركزاً تربوياً يعوض على ما فاتهم من علوم ومعارف ومهن وفنون». وأشار فورتان الى ان السياسة التي تنتهجها السجون الكندية «تقوم على أساس برامج إصلاحية وتربوية تقضي بتطبيع المنحرفين ورد الاعتبار الى آدميتهم وتحصينهم بنظام مناعة مدني يوفر لهم حياة كريمة ومستقبلاً آمناً».

وأكد بولانجييه الذي أنهى في السجن دراسة ما فاته من السنة الثانية المتوسطة ان هذه البرامج تقوم على ركيزتين أساسيتين إحداهما تعليمية والأخرى مهنية. وتتيح الأولى للأحداث الراغبين متابعة دراستهم الأكاديمية في شكل عادي وعلى يد أساتذة انتدبوا خصيصاً لهذه الغاية, كما يمكنهم أن يشاركوا في الامتحانات الفصلية والنهائية ويمنح الفائزون الشهادات نفسها التي تعطى الى تلامذة المدارس النظامية. وتوفر الركيزة الثانية للطالب التخصص في الفرع الذي يرغب فيه وبرامجها المقررة هي ذاتها المعتمدة في مدارس المهن الثانوية من ميكانيك سيارات وحدادة وبويا وصناعات خشبية وبناء ومعلوماتية وتزيين ومعجنات وتنسيق زهور وفندقية ومطاعم وغيرها. وعلاوة على ذلك يتقاضون عن كل ساعة عمل بين 5 الى 7 دولارات توضع في حسابهم في مصرف السجن فيخرجون منه بمبلغ من المال يساعدهم في تدبير شؤونهم الحياتية.

ويمنح الأحداث إلى جانب شهادتهم المهنية شهادة حسن سلوك يبرزونها في حال الضرورة أمام أرباب العمل. من هذه المنطلقات يرى دي سولي ان تعميم التعليم في السجون سواء كان أكاديمياً أم مهنياً، هو ضرورة اجتماعية ووطنية تكفل إعادة الاعتبار لآدميتهم واستيعابهم واستثمار ما اكتسبوه من مهارات فنية وعلمية وتقنية وتوظيفها في سوق العمل والإنتاج.

ومهما بلغت سمعة السجون الكندية في التزامها حقوق الإنسان فإن ذلك لا يغنيها عن مراقبة الجمعيات المعنية بهذه الحقوق والتي تقوم بزيارات تفقدية دورية بين الحين والآخر للاطلاع عن كثب على ما يجرى في داخلها من انتهاكات نفسية او جسدية وتقوم تباعاً بنشر تقاريرها ومشاهداتها أمام الرأي العام الكندي وفي مختلف الوسائل الإعلامية.

ويبقى لافتاً ما شرحه أحد المسؤولين في سجن بوردو تعليقاً على المقولة الشائعة التي تقول «من يفتح مدرسة يقفل سجناً» ان تلك المقولة باتت اليوم في حاجة الى تعديل لتصبح «المدرسة تبقى مدرسة والسجن وجه آخر لها».