وأعاد ذلك إلى الأذهان ما تردد في فترة حكم جعفر النميري للسودان عن أنه تم ابرام اتفاق بينه وبين الأمريكان، بحيث يسمح لهم بدفن النفايات في إحدى الغابات السودانية التي تم تحديدها من قبل الطرفين·
وهناك تحذيرات كثيرة من احتمال تعرض بغداد إلى تلوث إشعاعي خطير، بعد الانتشار السريع لكميات كبيرة من النفايات المشعة من مواقع تخزينها داخل مبنى هيئة الطاقة الذرية العراقية وفي محيطها، إلى كثير من البيوت والى الأحياء السكنية المجاورة والقريبة، كما أن هناك تأكيدات بأن موجة السلب والنهب الواسعة، التي سببها غياب السلطة المركزية، وموقف اللامبالاة الذي وقفته القوات الأمريكية، قد طالت مقر الهيئة وشملت المقر ومحتوياته النووية·
سوريا
في يونيو 2004، وجه أهالي وسكان منطقة السلمية التابعة لمحافظة حماه السورية رسالة للأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والبيئة في الوطن العربي والعالم وناشطي حقوق الإنسان والبيئة والمنظمات المدنية في العالم طلبوا فيها وضع موضوع النفايات النووية تحت الضوء والتوجه للمؤازرة والمساعدة·
وجاءت هذه الرسالة بعد جلسة مجلس الشعب السوري التي انعقدت في اليوم الأخير من سنة 2005، والتي أكد خلالها الكثير من أعضاء مجلس الشعب السوري ومنهم رئيس اتحاد الفلاحين وجود نفايات نووية مدفونة ضمن الأراضي السورية في بادية تدمر، ويستمد هذا الموضوع خطورة بالغة من الناحية الصحية والبيئية على الشعب السوري بشكل عام وعلى أهالي المنطقة بشكل خاص، نظراً لقرب المنطقة الجغرافي من مكان الدفن المفترض·
وتؤكد تقارير لمنظمات حماية البيئة الدولية على أن إسرائيل تدفن جزءًا من نفاياتها النووية، في 20 موقعًا على الأرض السورية المحتلة من الجولان السوري المحتل، أبرزها موقع " نشبة المقبلة" الواقعة في أعالي جبل الشيخ، وإلى جانبه الغربي وضعت مراوح هوائية ضخمة، تزيد سرعتها عن 100 كلم بالساعة، لتشغيلها في حالة تسرب تلك الإشعاعات في الهواء، وتحويلها إلى جهة الشرق من حدودها حمايةلسكانها من التلوث ·
إن مخاطر تلك النفايات النووية في الجولان، والطريقة التي تدفن فيها، تكمن في عمرها الزمني حيث لا يتعدى 30 إلى50 عام، تتصدع بعدها تلك الحاويات الزجاجية أو غرف الأسمنت المسلح، نتيجة الظروف المناخية والطبيعية، وبعدها تخرج هذه المواد المشعة وتنتقل خلال التركيبات الأرضية بواسطة المياه الجوفية، وينجم عن هذه التصدعات تسرب مادة اليورانيوم المنضب، ذو التأثير الكارثي العالي، وهو من العناصر الثقيلة التي تدمر وظائف الكبد والكلى والجهاز التنفسي، وتسبب الوفاة أو التشوه الجيني، وذرة واحدة منه تكفي للإصابة بمرض السرطان القاتل، وإلى فقدان خصوبة التربة، وقتل الحيونات ، والنبات واختفاء بعض أنماط الحياة البرية، والى تلوث مصادر المياه، وتدهور صحي خطير يتفاقم تدريجيًا، يسبب أمراض خطيرة ليس على من يلمسها أو يشمها فحسب، وإنما على الأجنة المستقبلية للكائنات الحية التي تعيش في محيط الإشعاع ·
تقارير إسرائيلية
ووفقًا لتقارير إسرائيلية ودولية فقد تم تنفيذ، خطة إسرائيلية بموجبها : أقامت تل أبيب شريط نووي، من صوامع نووية وعشرات الصواريخ المزودة برؤوس نووية، وذلك لتلغيم حدود الجولان، على طول خط وقف إطلاق النار، الفاصل بين سوريا وإسرائيل بقنابل نيترونية ، والغام نووية تكتيكية ، ومواد مشعة أخرى قابلة للانفجار، وأُطلق على هذه الخطة اسم " مقلاع داوود "، حيث تدمر في محيط تأثيرها الإشعاعي ـ في حال انفجارها ـ كافة الكائنات الحية، وتشرف على تنفيذ هذه الخطة وحدة مختارة ، من الصناعات العسكرية الإسرائيلية تسمى وحدة " ميتار" حيث يجري عملها بشكل سري غير خاضع لأي رقابة أو معايير أمان دولية، وتقضي الخطة أيضا، بإعلان حالة طوارئ قصوى، لدى سكان المستعمرات الإسرائيلية، لنقلهم إلى ملاجئ آمنة في الداخل الإسرائيلي، في حال حدوث أي تسرب ·
مفاعل ديمونا وفلسطين
قامت اسرائيل في عام 1987 بدفن نفايات صلبة في أراضي قرية عزون قرب قلقيلية، وفي وقت لاحق تم اكتشاف كميات كبيرة من النفايات السامة من بقايا كيماوية بالقرب من قرى عزون وجيوس وتل صوفين القريبات من قلقيليه·
وفي عام 1999 تم اكتشاف250 برميلا تحتوي على مواد سامة مجهولة ومهربة من اسرائيل الى قرية أم التوت في جنين، كما تم الكشف بعدها عن انشاء مكب للنفايات الصلبة بالقرب من مستوطنة يافيت في غور الاردن بعد نقله من منطقة العفولة داخل أسرائيل·
وفي منتصف عام 2004 حذر المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من خطورة الإشعاعات النووية الصادرة عن مفاعل ديمونا الإسرائيلي الموجود في صحراء النقب في فلسطين المحتلة، وجاء في مذكرة عممها على الدول العربية أن هذه الإشعاعات تؤثر بصورة سلبية ومباشرة على كافة الكائنات الحية سواء الإنسان او الحيوان او النبات او حتى في المناطق القريبة من المفاعل ·
وأوضحت المذكرة أن العديد من الدراسات والأبحاث التي أجرتها مراكز الرصد المتخصصة أكدت وجود تسرب اشعاعي نووى من مفاعل ديمونا النووي الاسرائيلي اثر تعرض المفاعل لمشكلات وأعطال فنية مؤخرًا بسبب انتهاء فترة العمر الافتراضي للمفاعل النووي الذي أُقيم عام 1964 بدعم وتمويل من فرنسا ·
كما أشارت المذكرة الى ضرورة قيام الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة باتخاذ إجراءات فاعلة لدرء الإخطار الناجمة عن مفاعل ديمونا الإسرائيلي بعد ان أصبحت هذه الدول عرضة للتأثير بتلك الإشعاعات·
ويعد الجو في منطقة جنوب الخليل تحديدًا ملوث بالاشعاعات النووية لقرب المنطقة من ديمونا ولوجود العديد من مكبات النفايات النووية هناك كما أنه لا يوجد حواجز لصد هذه الاشعاعات وهي عبارة عن حواجز اسمنتية توضع حول المفاعل أو المكب بحيث تخفف اثر الاشعاعات ولا تخفيها نهائيا ·
وقد أرجع الكثير من الخبراء الأمراض التي تنتشر بلا سبب، والتشوهات والأمراض الخبيثة الفتاكة التي تحصد الأبرياء في قرى جنوب الخليل، إلى مكبات النفايات النووية المجاورة لهم والتي خلقت سرطانات تطارد الانسان هناك دون وجود أي جهة تساعده·
ويقول أطباء متخصصين عملوا في تلك المنطقة إن حالات السرطان أصبحت يومية في هذه المناطق من جراء الاشعاعات النووية فهناك اطفال يولدون دون ايدي ومنهم من يولد بتشوه في وجهه او جسمه، كما ان الاورام الجلدية تنتشر بين الناس بسبب هذه الاشعاعات القاتلة ولوحظ ان الرجال في قرى جنوب الخليل يعانون من تساقط الشعر بشكل كبير·
كما لوحظ ارتفاع نسبة مشاكل العقم عند كلا الجنسين في قرى جنوب الخليل (62%) بسبب هذه الاشعاعات، ومع ذلك فإنه بالرغم من هذا الكم الهائل من الامراض الخطيرة التي تسببها الاشعاعات النووية، فان الاطباء والمستشفيات وحتى المؤسسات التي تهتم بالموضوع تتجنب اظهار ان السبب وراء كل ذلك يعود الى الاشعاعات النووية لأن اسرائيل تفرض تكتمًا على الموضوع وتتعرض لكل من يحاول ابراز هذه المشكلة، ولهذا السبب كانت هناك صعوبة في الوصول إلى معلومات موثقة بخصوص ذلك، بل أن أحد المسؤولين من وزارة البيئة الفلسطينية قال إن الموضوع خطير ولا أحد يستطيع التحدث فيه لشدة حساسيته من الناحية الأمنية، موضحًا أن بعض الدول المانحة التي تساعد الشعب الفلسطيني قامت باحضار جهاز خاص الى جنوب الخليل للاستفادة منه في رصد ظواهر طبيعية الا انهم لاسباب لم تعرف وفيما يبدو على أنه بناء على طلب من اسرائيل فانه لم يتم وضع الجهاز في تلك المنطقة ـ وتم وضعه في منطقة واد ابوعقيل ـ ربما لأنه يعمل أيضا على تسجيل اشارات نووية لذلك
وحين قد قامت وزارة البيئة باحضار سيارة خاصة مزودة باجهزة خاصة لرصد نسبة الاشعاعات النووية، فقد منعتها اسرائيل بالطبع من الوصول إلى جنوب الخليل لقرب المنطقة من مفاعل ديمونا ولوجود مكبات نووية هناك·
وفيما يتعلق بمواقع المكبات ذاتها، فإن الجهات المعنية لم تستطع تحديد هذه الاماكن بدقة بسبب التكتم الاسرائيلي على الموضوع ولسيطرة الجيش على هذه المناطق حيث يشكل ذلك خطورة تحول دون الكشف الميداني على هذه المكبات، وإن كان بعض السكان من مناطق مختلفة كانوا يبلغون عن قيام الجيش بتطويق منطقة معينة وتأتي سيارات خاصة من المرجح أنها تعمل بالمجال النووي وتنقل هذه النفايات ويتم اخفاء هذه المواد بمواد أسمنتية شبيهة بالصخور حتى يصعب التعرف عليها·
مصر والأردن
فور نشر دراسة لباحث اسرائيلي يدعى افنر فينغوش من جامعة بن جوريون، قال فيها "وجدنا كثافة اشعاعية أكثر بعشر مرات من المعدلات الطبيعية في طبقات المياه الجوفية من الراديوم، وإن النشاط الاشعاعي ناجم عن وجود مواد مشعة مثل اليورانيوم وغاز الرادون وهي ظاهرة تشمل الاردن وشبه جزيرة سيناء"، فور نشر هذه الدراسة حذر 15 نائبًا بمجلس الشعب المصري من احتمال تلوث المياه الجوفية في المناطق المتاخمة لاسرائيل بالاشعاعات الخطيرة الناتجة عن الانشطة النووية الاسرائيلية، وطالبوا بارسال فريق علمي على مستوى رفيع يضم كافة التخصصات العلمية والزراعية والصحية إلى سيناء للقيام بعمليات بحثية وتحليلية عاجلة لعينات من المياه والتربة والمزروعات,وكذلك لقطعان المواشي في هذه المناطق المحتمل تضررها لبحث نسبة الاصابة بالاشعاع النووي
فحوص طبية
ودعا خبراء الأردن إلى اجراء فحوص طبية لسكانه المقيمين في المناطق القريبة من الحدود مع اسرائيل لمعرفة مدى تأثرهم بالاشعاعات وتوزيع الأدوية الضرورية لهم مثلما فعلت اسرائيل مع سكانها المقيمين قرب مفاعل ديمونة حيث وزعت اقراصًا وقائية من الاشعاع النووي، وأبلغتهم بأنه في حالة حدوث تسرب اشعاعي واعلان ذلك في وسائل الاعلام، فإنه على كل مواطن تناول قرص لمنع دخول الاشعاعات داخل الجسم·
ويقول الدكتور سفيان التل المستشار الدولي الاردني في شؤون البيئة الاردنية إن مفاعل ديمونا أنتج أربعة ملايين طن من النفايات دفن منها48% بصورة رسمية و52% بصورة غير رسمية·
وفي دراسة أجراها الدكتور إسماعيل الرملي وهو عالم مياه ويعمل خبيرا في الأمم المتحدة، توصل الدكتور الرملي إلى أن إسرائيل تقوم بدفن مخلفاتها النووية في منطقتي عين الجديرات والقسيمة بالقرب من الحدود المصرية، وأضاف في دراسته أن "عنصر التريتيوم وهو العنصر الناجم عن المخلفات النووية قد بدأت نسبته في الارتفاع منذ اوائل السبعينيات وحتي منتصف الثمانينيات، وأنه مازال في زيادة تدعو للحذر، وهو ما تطلب إعداد دراسة مصرية لتفسير الأسباب التي دعت إلي هذه الزيادة لهذا العنصر في المياه الجوفية"·
وبعد دراسة صور الأقمار الصناعية دراسة متعمقة توصل العالم المصري الي تحديد دقيق لموقع المفاعل النووي وأثبت أنه يبعد عن الحدود المصرية 65 كيلو مترًا فقط ناحية الشرق واستخلص من ذلك أن إسرائيل تقوم بدفن مخلفات هذا المفاعل النووي في طبقة الصخور الجيرية بالقرب من الحدود المصرية وهو ما تأكد من خلال التحاليل التي أجريت علي عينات من المياه الجوفية في هذه المنطقة·
وبالإضافة إلى تلك الدراسة، فقد حذر عدد من الخبراء من أن "أي زيادة في نسبة عنصر التريتيوم (الناجم عن النشاط الاشعاعي) حتي وإن كانت طفيفة يجب أن تؤخذ في الحسبان حتي وإن لم تتأكد مصادر النفايات المدفونة لأن زيادة هذه النسبة لها تأثير خطير على الاستخدامات الآدمية والحيوانية، ومن ثم فلا يجب التوقف فقط عند فرضية دفن إسرائيل للنفايات النووية بالقرب من الحدود المصرية ولكن يجب التفكير في تفسيرات أخري مهمة مثل أن تكون الصخور التي تتخللها هذه المياه الجوفية حاوية علي هذا العنصر، وبالتالي فإن دراسة المنطقة الصخرية السطحية وتحت السطحية لتحديد العنصر المشع وتأثيرها علي البيئة والمياه هي واجب قومي وذلك لتفادي الاضرار الناتجة عنها مستقبلا، وهذا بالتأكيد لا يعني الابتعاد عن فرضية وجود النفايات بالقرب من الحدود المصرية ولكن يجب الانتباه جيدا لهذا الأمر لما له من دلالات عميقة تؤكد خبث النوايا الإسرائيلية، حيث أثبتت الأيام أنها تستخدم كل الوسائل لمحاربة الوطن العربي وبخاصة دول الجوار وعلي رأسها مصر ولنا في ذلك مؤشرات كثيرة"·
تفجيرات نووية
ويلفت الدكتور علي السكري الاستاذ بهيئة الطاقة الذرية الانتباه إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن إسرائيل التي تمتلك السلاح النووي عندما قامت بعمل التفجيرات النووية وتجاربها على السلاح النووي كان ذلك في جنوب أفريقيا لأنها تعلم أنها ستكون أول المضارين من التفجيرات التجريبية لو فعلتها على أراضيها باعتبار أن موجات الهواء والمياه الجوفية لا تعرف حدودًا معينة، أما بالنسبة لدفن النفايات فإن إسرائيل تدرك أن تيار المياه الجوفية يسير من الغرب إلي الشرق أي يسير باتجاههم ولذلك فهم يقومون بدفنها في آبار خرسانية معدة لذلك ويتم وضعها علي مسافات معينة وبعيدة عن المياه الجوفية وهو ما يؤخر انتشارها في المياه الجوفية سنوات طويلة·
إلا أن هناك خبراء آخرون يؤكدون أنه إذا كانت مسألة دفن إسرائيل للنفايات تثير المخاوف، فإنه يجب أن نطمئن في الوقت ذاته إلي أنه توجد في مصر شبكة قومية للرصد الاشعاعي البيئي قوامها 86 محطة رصد تمتد علي طول الحدود الشمالية الشرقية، وتقوم هذه المحطات برصد كل الملوثات بأشعة جاما سواء في الهواء أو المياه، كما ترصد نواتج أي مادة مشعة، كما يقوم المركز بصفة دورية عن طريق المعمل المركزي للقياسات الاشعاعية والبيئية بعمل زيارات ميدانية للمواقع على امتداد الحدود الشمالية الشرقية ويتم أخذ عينات بصفة دورية من المياه والتربة والمياه الجوفية علي أعماق مختلفة، وكذلك من مياه الشرب ومن المواد الغذائية التي يستخدمها البدو الرحل الذين يقطنون هذه المناطق وذلك لقياس المستويات الاشعاعية داخل هذه العينات·
عنوان التتبعات على الشبكة: http://efn.friendsofdemocracy.net/utility/tb/?id=2200153
ارتباط دائم: http://efn.friendsofdemocracy.net/default.asp?item=2200153
لمزيد من الاطلاع اضغط على الرابط التالي:
للمهتمين بمكافحة التلوث البيئي وتدوير النفايات