This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

المعاقون بين التهميش والانكفاء على الذات
22/05/2008

 

 

بغداد - اصوات العراق

أصيب الكاسب في منطقة الدورة (أبو شهد) وهو أمام باب محله برصاصة عشوائية في ظهره قطعت حبله الشوكي مما شل أطرافه السفلى إلى الأبد . أبو شهد واحد من عشرات الآلاف من المعاقين العراقيين بسبب الحروب المتتالية وموجة العنف التي اجتاحت العراق منذ عام 2003.
وحسب دراسة قامت بها منظمة المعاقين الدولية مع ممثلي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة فان عدد المعاقين في العراق فاق المليون. تتراوح شدة إعاقتهم بين العجز الكلي و المحدود. و يتضح حجم المأساة إذا عرفنا أن هناك معوقا واحدا من بين كل 25 عراقي في بلد يبلغ تعداد نفوسه نحو 27 مليون نسمة.  
تحدد الدراسة عدد المنسوبين إلى هيئة رعاية معوقي الحرب (43600)، منهم (5600) من ذوي العجز الكلي، فيما بلغ عدد المبتورين (100000) تقريباً. أما عدد المكفوفين فبلغ أكثر من (100000)، في حين يقدر عدد المهددين بالعمى وضعف البصر بنحو (205) آلاف.
تقول أم شهد عن زوجها  "كان هادئا ومحبا للعمل، لكنه أصبح بعد إصابته  عصبي المزاج دائم الصراخ حتى حول حياتنا إلى جحيم. و بسبب ذلك ترك أحد أبنائي البيت ليسكن عند أحد أعمامه."
ويفسر الباحث الاجتماعي فارس العبيدي سبب هذا التوتر "المعاقون يجدون أنفسهم فجأة وقد تحولوا إلى عالة على عائلاتهم بعد أن كانوا يعيلونها ، فيتحولون إلى الغضب الدائم من كل شيء".
ويعتبر العبيدي المعاقين "أكثر فئات المجتمع العراقي عرضة للتهميش في حقوقهم الأساسية كمواطنين، فالدولة ومنظمات المجتمع المدني كما يرى مقصرتان تجاههم".د
ويتهم العبيدي الدولة بالقصور "في تأهيلهم في مراكز العمل واحتوائهم كقوة عاملة ومنتجة" بينما تستغلهم منظمات المجتمع المدني والحديث للعبيدي "كعناوين لجمع التبرعات دون توفير خدمات حقيقية لهم".
أما مدير العوق النفسي في وزارة العمل عبد الغفار سعدي فيتهم الإعلام "كونه يركز على أعداد القتلى والجرحى و لا يدخل في عمق ما يسببه ذلك من آثار نفسية واجتماعية على الضحايا وعائلاتهم".
وختم حديثه بالقول "نحن بحاجة الى إعلام يوجه المجتمع وينبهه إلى مشاكل المعاقين ليشد من أزرهم، إذ ليس من السهل أن يكون المواطن معاقا في بلد يفتقد إلى ثقافة التعامل مع المعاقين".
وكانت الوكالة المستقلة للأنباء(أصوات العراق) قد أعلنت مطلع الشهر الجاري عن اطلاق مشروع لورش عمل تتناول الإعلام والمعاقين، برعاية منظمة اليونسكو والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.  
المعاقون من جهتهم انقسموا إلى فئتين، الأولى تعاملت مع عوقها كأمر واقع فيما انكفأت الأخرى على ذاتها محولة حياتها وحياة المحيطين إلى جحيم. فمثل الآلاف من الشباب الذين عوقتهم الحروب فقد (محمد قاسم) واحدة من ساقيه بسبب قذيفة مدفع و  أصيبت الساق الثانية بشظايا ما يزال بعضها موجود".
لم يستسلم محمد لعوقه ورفض أن يكون عالة على أهله واختار أن يبيع السجائر في منطقة الباب المعظم وسط بغداد. لم يضع محمد ساقا صناعية معللا ذلك "حين أرتديها أشعر بالنقص وأتألم أكثر لحظة انزعها، وهي لن تعوضني في كل الأحوال عن ساقي التي فقدتها".
ولا يعتبر عمر فاروق من سكنة الأعظمية فقدانه ليده اليمنى عيبا "لأنني أوكلت أمري إلى الله سبحانه".
ولا يريد فاروق أن يعزل نفسه عن المجتمع ويبقى جليس البيت لكي لا يحول مشكلته ضد الأهل "عائلتي وقفت معي في محنتي ولا تزال. أنا متزوج وأب لطفلين ولذلك اعمل ببيع المواد الغذائية ، وإعاقتي لم تتسبب في

فقداني لمصدر رزقي".
ومثل المئات من المعاقين تتخذ أم عماد (50 عاما) من عوقها وسيلة للتسول في منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة بغداد، كاشفة عن ساقها المبتورة وقدمها الاصطناعية القديمة.
وتقول أم عماد "أصبت بحادث سيارة قبل أكثر من ثلاثين عاما ففقدت ساقي اليسرى حتى أسفل الركبة" وتقول إنها اتخذت من التسول مهنة منذ عامين" اثر وفاة زوجها بمرض عضال ومقتل زوج ابنتها بانفجار مفخخة فاضطرت لإعالة أيتام ابنتها بالتسول".
اما أم شهد فتروي الجانب الآخر من المأساة، حيث فقد زوجها أي دافع للعمل وصار عالة على البيت وحول الحياة فيه إلى جحيم " كلما حاولنا إقناعه بالتأهيل لطبي النفسي يرفض ويتهمنا بمعاملته كمجنون بجانب كونه معوق".
ويرى الباحث الاجتماعي العبيدي أن احتواء المعوقين نفسيا "في مراكز مجهزة ومؤهلة من شأنه يعيد توازنهم النفسي والاجتماعي".
م د ( تق) - زح

للمهتمين برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة