حضت مؤسسة «هايدر أند ستراغلز» للبحوث، دول الشرق الأوسط على احتضان الكفاءات والمواهب التي تزخر بها، وإعدادها بما يلبي متطلبات النمو الاقتصادي والسكاني في المنطقة. ودعتها في تقرير «إلى التركيز أكثر على قطاعات التعليم وتعزيز علاقاتها ببقية دول العالم، وجذب مزيد من الاستثمارات وإطلاق المبادرات الطموحة، ليتسنى لها دعم مواردها البشرية والفوز في حرب الكفاءات العالمية».
واعتبر الشريك الإداري للمؤسسة في منطقة الشرق الأوسط أيمن حداد، ان «أهمية الكفاءات في الشرق الأوسط لا تقل عن أهمية الثروة النفطية. فعلى رغم التباين في توزيع السكان والثروات بين الدول، تحافظ المنطقة عموماً على توازن بين الأيدي العاملة وغير العاملة، ما يجعل منها محط أنظار الدول التي يرتفع فيها متوسط سن السكان، مثل اليابان والولايات المتحدة وبلدان شمال أوروبا».
ولفت إلى ان ما يزيد على 65 في المئة من مواطني المنطقة هم حالياً دون سن الـ 25، وأنها في حاجة إلى تأمين أكثر من 280 ألف وظيفة سنوياً للخريجين الجدد. لكن التحدي في رأيه يكمن في قدرة هذه الكفاءات على إبراز نفسها من خلال التعليم الذي «تحتاج بنيته التحتية إلى مزيد من جهود التطوير وإحداث تغيير إيجابي في نظرة المنطقة إلى مسألة التعلم مدى الحياة».
وأكد ان «لجوء أبناء منطقتنا إلى دول أخرى طلباً للعلم هو مصدر خسارة كبيرة لنا. فمن الضروري إطلاق مزيد من المبادرات، مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية، والتي ستتيح التعليم لأجيال مقبلة من أصحاب الكفاءات داخل أوطانها».
وأضاف حداد: «تشكل الاستثمارات أيضاً ركيزة أساسية لمساعدة المواهب والكفاءات على التطور واكتشاف طاقاتها الكامنة. ويستقطب الشرق الأوسط حالياً اثنين في المئة فقط من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهي نسبة ضئيلة لا بد من زيادتها في شكل كبير».
ولفت إلى ان استدامة المنطقة تستند إلى قدرتها على التنوع وإيجاد مصادر بديلة للثروة من خلال القطاعات الجديدة والاقتصادات الجزئية الجديدة، وأيضاً من خلال تبادل الأفكار في شكل أوسع وأكثر فاعلية، فضلاً عن تأمين فرص التنافس.
وتحرز السعودية تقدماً ملحوظاً على هذا الصعيد، ويتجلى من خلال تخصيص قطاع الاتصالات وتحرير قطاع الطيران، وفتح المجال أمام تأمين الخدمات المالية. كما يبذل معهد «مصدر» للعلوم والتكنولوجيا في أبو ظبي، جهوداً واعدة من خلال التزامه تجاه أنظمة الطاقة البديلة والمتجددة.
وأشار إلى ان «تكامل العلاقة بين الشركات وأصحاب الكفاءات في المنطقة سيضعنا على الطريق الصحيح نحو الاستفادة على النحو الأمثل من الطاقات الكامنة للأجيال الثلاثة المقبلة من مواردنا البشرية. فالجيل الجديد في المنطقة يحمل أفكاراً كبيرة ومبدعة وعلينا ان نفسح له المجال للتعبير عنها، وإلا فإن تركيزنا على النفط ودولاراته سيعوّق محاولاتنا في تحقيق التنوع الاقتصادي».