This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

خطر غير مرئي يتسلل إلى الأجساد!.النفايات الطبية تحوي تراكيز سمية تهدد البيئة وصحة المجتمع
28/05/2008

 

بغداد -  لمياء نعمان- الصباح 
بعد احداث العام 2003 فتحت عبوات صغيرة وانابيب مخصصة للتحليل والدراسة وللتجارب الاحيائية والمختبرية، يحتوي بعضها على بكتريا وطفيليات ومواد كيمياوية

في مختبرات ومراكز البحث في الجامعات والمراكز العلمية والطبية والمختبرية، التي هوجمت وتم كسرها ورميها على الارض بسبب جهل العابثين بخطورتها، مما سبب آنذاك امراضا سرطانية لبعض المواطنين والعاملين في حقل التجارب العلمية والبحثية والبكترولوجية.
الكيك الأصفر
ولا ننسى قضية (الكيك الاصفر) وهو مواد كيمياوية مشعة افرغت من "حاوياتها" لترمى على الارض بشكل عشوائي وعبثي، وتم استخدام الفارغ لاحتياجات عامة بينها شرب المياه!، ما تسبب في انتشار الامراض كالاسهال والدزنتري والامراض الجلدية والسرطانية المختلفة والم في المعدة والامعاء والقولون وولادات مشوهة وعقم للنساء وللرجال على حد سواء.. كانت كلها نتائج لمخلفات ونفايات كيمياوية خطرة ولم يكن ذلك سوى اول الغيث واول الحديث.. وما خفي كان اعظم!
نفايات ثقيلة
الان يعيد الحدث نفسه ولكن هذه المرة من خلال نفايات ومخلفات طبية بعضها كيمياوي وبعضها مشع تهمل في مواقع الطمر غير النظامية لتتداخل وتتجانس مع الامطار ومن ثم تنحدر الى المياه الجوفية ومياه الانهر والمسطحات المائية لتكون مصدرا كبيرا يصيب الافراد دون ان تكون هناك اصابات وبائية منتشرة واضحة للعيان.
تقول الطبيبة ساجدة الربيعي: تلك النفايات مواد ثقيلة تستقر في الامعاء والكليتين والرئتين والعظام لتعلن اجسادنا حالة الطوارئ وحتى اننا ندخل في غيبوبة مجهولة التشخيص ودون معرفة كينونتها ومصادرها لكننا بالتالي وبعد الفحوصات المختبرية العديدة نعلم مبلغ اصابتنا بأمراض مستعصية وخطرة وعصرية لتصاب  اجسادنا المشبعة بمواد وامراض لا تشفى اغلبها!.
مخلفات المستشفيات
في دراسة لوزارة البيئة اعدها فريق عمل من قسم ادارة المخلفات الصلبة التابع لدائرة التخطيط والمتابعة الفنية شخصت فيها  المسببات وتم عرضها  امام المسؤولين للأخذ بها ومعرفة الى اين نتجه بالتلوث الحقيقي الذي ينتشر دون علمنا عن طريق تناولنا وشربنا المياه والخضراوات والطعام وحتى تنفسنا الهواء..
الدراسة سلطت الضوء على مخلفات طبية ناتجة من مخلفات المستشفيات ومصانع الادوية ومصارف الدم والعيادات الطبية والمواد الصيدلانية وعلاجات لطب الاسنان وغيرها.
كارثة
حذرت الدراسة من كارثة بيئية سببها سوء ادارة تلك المخلفات وعدم الاخذ بالطرق الحديثة للتكنولوجيا في التخلص منها ما يساعد على انتشار التلوث  بالمواد الكيمياوية الخطرة وتفعيل نقل العدوى الانتقالية والامراض المعدية للاصحاء من الناس..
 الدراسة التي اعدتها رئيس كيمياويين اقدم تغريد خلف عبدالرزاق ورئيس مهندسين قاسم بلاسم خلف ومهندس كيمياوي رنا غسام مصطفى وبعض جهات اخرى من المحافظات وجهت اصابع الاتهام الى طرق المستشفيات في ادارة تلك المخلفات والتي اعتبرت عملها كقنابل موقوتة تهدد المجتمع بكارثة بيئية ولتبدل دور الشفاء من نواة للرعاية الصحية الى مراكز سموم وبؤر تلوث...
تهدف الدراسة في تقصيّها وبحثها واقع ادارة المخلفات الطبية في العراق عن طريق معرفة وجهات نظر ذوي العلاقة وتقييمها، وتؤكد على بحث الآليات المتخذة في عملية الفصل والفرز والجمع والنقل ومعالجتها..
نظام غير كفوء
وأشار البحث الى ان المخلفات الطبية باتت تشكل جزءا مهما من المخلفات الخطرة الناتجة في العراق.. ترى كيف يمكن وضع حد لهذه المخاطروهل هناك قوانين وتعليمات للمحاسبة وحرق تلك النفايات في محارق خاصة في المستشفيات ونقل ما بقي منها الى مواقع الطمر خارج بغداد والمحافظات؟، ونتساءل: هل يتم التشديد على دور المستشفيات في ذلك وتغريمها اوحتى غلقها؟
تشير رئيس كيمياويين اقدم تغريد خلف عبدالرزاق مدير قسم ادارة المخلفات الصلبة في وزارة البيئة الى ان رغم تغريم المستشفيات وغلق الاهلية منها الا ان المخالفة تبقى رغم دفع الغرامة احيانا...
وتقول: ان نظام عزل النفايات الطبية غير كفوء، والنفايات الطبية هي كل ما يشمل السائلة والصلبة والغازية الناتجة عن مخلفات المختبرات الطبية ومراكز الابحاث ومذاخر المواد الصيدلانية وتشمل هذه النفايات لقاحات العلاج الكيمياوي ونفايات اخرى تحتوي على الزئبق و"كاديوم" واملاح الفضة والتصوير الاشعاعي ونفايات معدية لأنسجة تشريحية، وانبولات، ابر، مشارط، وشفرات تترك بعد استعمالها وادوات ونفايات استخدمت في العمليات الجراحية... هذه النفايات جميعها يجب ان تكون لها معالجة خاصة وكل نوع يراد له عزل عن الاخر قبل حرقه..

نوعان من النفايات
يتابع المهندس علي فيصل -شعبة المخلفات البلدية في وزارة البيئة- قائلا:
المفروض ان تتعرض المخلفات الطبية (وهي على نوعين: محدودة الخطورة وعالية الخطورة، والنفايات المعدية) الى جهاز التعقيم "اوتوكليف" قبل حرقها في محرقة المستشفى على ان يتم عزلها وفرزها بوضعها في اكياس او عبوات للمحافظة على عدم تركها في مناطق تولدها لأكثر من يوم... وهذه مسؤولية الملاك الطبي والتمريضي وليكون ذلك تحت اشراف اداري من قبل المستشفى نفسها.
* وهل تنتهي الاضرار بعد الحرق؟
- يتحول بعضها الى مواد غير فعالة وحينها لا يهم ان اختلطت بنفايات البلدية والتي تحتوي الاخيرة على بقايا اطعمة وعبوات بلاستك ومعدن وغيرها.
مواقع الطمر
* وكيف تتم معالجة النفايات الطبية اذن؟
تجيبنا تغريد خلف:
ـ لا تصل درجة حرق هذه النفايات سوى الى 300 درجة مئوية والمفروض وصولها الى درجة 800 ـ 900 مئوية لقتل الجراثيم والفايروسات والطفيليات، لأن الرماد الناتج من الحرق له مزايا وصفات قد يكون خطيرا على البيئة وصحة الانسان بسبب عدم امكانية طمرها في مواقع الطمر الاعتيادية التي نفتقدها وحسب المواصفات النظامية.. لذا ترمى النفايات هذه مع نفايات البلدية ومع مرور الوقت ومن خلال تخللها الارض عن طريق الامطار وتعري سطح التربة تذهب الى المياه الجوفية او السطحية لتكون الارض والمياه ملوثة بسبب احتوائها على تراكيز عالية من العناصر الثقيلة حيث المواد الصيدلانية والتي يتم طحنها مع الماء والكلس والاسمنت.. وهذه التركة من العناصر ستحتويها المياه وجراء ذلك ستؤثر على العظام وصحة الجسم اذا تم شربها دون تنقية او معالجة في المحطات الخاصة بالماء.
مواقع عشوائية
ويرى المهندس علي فيصل: ان بدائل تكديس النفايات او مواقع للطمر يجب ان تكون حسب المواصفات الهندسية واالعلمية لتمنع تداخل تلك النفايات مع الارض.
ويشير ان هنالك مناطق عديدة لتكدس النفايات وهي مواقع تحويلية وعشوائية يتم اختيارها وفق دراية ادارية وليست علمية ما تسبب الكثير من المشاكل للمساكن القريبة منها.. وان لم تطمر وتدفن هذه المحطات ستكثر القوارض وبدورها تنقل الامراض فضلا عن انتشار الذباب والحشرات الضارة والبعوض والرائحة الكريهة.
ويضيف: المفروض ان لا تبقى النفايات تلك اكثر من 24 ساعة في مواقعها الخاصة والذي يحصل عادة انها تنقل من اماكنها وترمى في الاماكن المخصصة لها وتسوى احيانا او تدفن في احايين اخرى... وان لم يقم العاملون برفعها ولم تحرق في مواقعها فهي تسبب ازدياد المشاكل والمؤثرات الصحية والامراض الانتقالية للانسان والبيئة...
وكما يقول فيصل: مواقع الطمر احدها في الرصافة والاخر في الكرخ وهما "العماري وركية وفاضل" وهما موقعان يفتقدان اسلوب الدفن والطمر الصحي والنظامي والمفروض ان تنشأ مواقع وفق مقاييس هندسية وعلمية ضمن محددات بيئية لمنع تأثيرها على الصحة العامة وأن لا تتحلل مع التربة اثناء الامطار لتذهب للمياه الجوفية.
وعاودت رئيس كيمياويين اقدم تغريد خلف وذكرت بأن هناك موقعاً نظامياً اسمه "البوعيثة" تم انشاؤه في العام 2004 وتوقف العمل به بسبب الظروف الامنية.
البحث عن نظام صحيح
ويؤكد المهندس فيصل ان فريق العمل يبحثون عن نظام صحيح وحل جميع الاشكاليات بهذا الخصوص وعلى ان تبدأ من توزيع الاكياس المخصصة للنفايات من قبل السيارات الكابسة لأمانة بغداد والمخصصة لجمع النفايات البلدية من المنازل والشوارع تنتهي قضية تراكم وتكدس تلك النفايات في الشوارع والمنازل لنخفف وطأة التلوث وانتقال الجراثيم.
أمانة بغداد
وترى هند جعفر -كيمياوية من قسم ادارة المخلفات الصلبة- من الضروري جدا ان تكون هناك عمليات الفرز للنفايات الطبية وغيرها خاصة نفايات العمليات الجراحية والردهات والوحدات الصحية والمختبرية وتفريغها

من نفايات البلديات.
كما اشارت الى وجود خلل في نظام الجمع، فالسيارات الكابسة لأمانة بغداد لا تأتي دوريا وبشكل دائم والناس تضطر لرمي مخلفاتها ونفاياتها الى الساحات والشوارع القريبة منها..
وهناك مشكلة اخرى كما ذكرت وهي وجود نفايات مكدسة ومخزومة لمعامل ومصانع كالشركة العامة للصناعات الكهربائية فهم يملكون اطناناً من المواد الخطرة والتي اخرجت من بقايا تصنيع منتوجاتها.. وهي مكدسة لديهم منذ الثمانينات وهم لا يعرفون الى الان اين يذهبون بها.. وهي اصلا تحتاج معالجة خاصة وموقعاً خاصاً لها قبل لفظها الى مواقع طمر وحسب المواصفات الهندسية وهي نفايات لا تشابه نفايات البلدية او حتى الطبية.
وذكرت  خلف: حتى لو تم حرق نفايات المستشفيات في محارقها ستنبعث منها روائح ومركبات سامة مثل "دايوكسين والفيرونات" وهي تؤدي الى امراض مسرطنة وتسبب العقم وتلف الخلايا الدماغية، وقد رصدنا وجود مدرسة للاطفال قرب محرقة المستشفى، ومع مرور الوقت تسبب هذه الروائح الامراض للاطفال وللساكنين في المنطقة.
مطالبات
اكد الجميع على ان الوزارة مطالبة من الوزارات الاخرى بانشاء مواقع للطمر وللنفايات الخطرة وهذه تتطلب استجابات للتنفيذ من قبل المسؤولين في الدولة وبتعاون كلا من وزارة الاشغال والبلديات وامانة بغداد والصحة والبيئة لتحديد تلك المخاطر ومعالجتها بالطرق العلمية الممكنة، والوزارات بدورها تحاول منذ العام 2005 بتفعيل بحوثها ودراساتها الميدانية والتجريبية على ايجاد التمويل والدعم من الحكومة والمنظمات الدولية لانشاء مواقع للمخلفات الخطرة ضمانا للصحة العامة ولعدم انتشار الاوبئة والامراض المعدية لأن الوزارة اصلا تعمل على تشخيص حالات وظواهر بيئية للحيلولة دون تفاقمها وانتشارها لتؤدي بالتالي على حد سواء..

للمهتمين بمكافحة التلوث البيئي وتدوير النفايات