This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

المرأة العراقية العاملة في الزراعة ، استغلال و تهميش
28/05/2008

 

المحامية سحر الياسري-الصباح
يشكل الاقتصاد الزراعي عصبا مهما في الاقتصاد العراقي، وتعد الطبقة العاملة فيه قسما مهما من الطبقة العاملة العراقية، ولكن العمل بهذا القطاع اغلبه عمل عائلي مع عدم وجود استثمارات زراعية كبيرة في العراق، ولا توجود مزارع كبرى ما جعل العمل في الزراعة بعيدا عن الحماية القانونية للعمال سواء في قانون العمل او قانون الضمان الاجتماعي للعمال ولم يشملهم قانون التنظيم النقابي، لذا العمال المشتغلون في الاعمال الزراعية أو البستنة أو الغابات والمشتغلون منهم في تشغيل الآلات الزراعية أستثناهم قانون العمل من بعض أحكامه لكون عملهم يعتمد في تنظيمه على قواعد العرف المحلي والخاص بكل فرع من فروع الزراعة . ولكن في بلد زراعي مثل العراق تقتضي العدالة أن تشمل القواعد القانونية المتعلقة بالعمل الجميع ولا يستثنى منها احد سواء أكانوا فلاحين أم أجراء فالقواعد القانونية للعمل ليست مقتصرة على تنظيم علاقات العمال في الصناعة والتجارة وأصحاب العمل وانما المقصود حماية القوة البشرية المنتجة في البلاد لمصلحة الفرد والمجتمع ومازال العمال الزراعيون محرومين من التنظيم النقابي بسبب العوائق القانونية التي وضعها قانون العمل والتنظيم النقابي فحقوق العمال الزراعيين لاتجد حماية قانونية كافية لها وماتزال ظروف العمل صعبة بالنسبة اليهم فضلا عن انخفاض الاجور المستشرية في القطاع الزراعي. اذا كان هذا واقع العمال العراقيين العاملين في الزراعة فكيف سيكون واقع المرأة العاملة في هذا القطاع .الحقيقة قد تكون الدراسات قليلة في هذا الموضوع وتناولها له تعقيداته كون موضوع الزراعة يتعلق بأعراف وتقاليد اجتماعية وعشائرية، وتابو ديني يجامل الواقع العشائري أكثر مما يتعلق بتطبيق القوانين. أولا: لنسأل أنفسنا هل تستطيع المرأة العراقية تملك أراضي زراعية ؟ قانونا ليس هناك أي نص قانوني يمنع تملك المرأة الاراضي الزراعية، بيعا وشراء أو حتى عن طريق الارث، لكن هناك عوائق دينية واجتماعية، وأعرافاً عشائرية تمنع انتقال الاراضي الزراعية ارثا، فلا تسلم للمرأة الارض الزراعية بوصفها رمزا للعائلة ولن يسمح لغير ذكور العائلة بتملك الارض الزراعية، وهنا قام عائق اجتماعي وديني. اذ الفتاوى الدينية تمنع انتقال الارض ارثا للنساء، وهذا وقف عائقاً كبيراً حتى امام تملك النساء للارض حتى بغير الارث فالمجتمع الريفي مجتمع ذكوري ولن يسمح للنساء فيه بتملك الاراضي الزراعية، وتقف أمامها مشاكل كبيرة في إدارة العمل الزراعي، والحصول على السلف الزراعية، مع عدم وجود ثقة كبيرة بقدرة النساء على إدارة المزارع على الرغم من خبرتهن التي لاتقل عن الرجل في العمل الزراعي، لذا همش دور النساء على مر العصور في العراق بهذا المجال وتعطل قوة عاملة كبيرة في أن تؤدي دورا مطلوبا بشدة لتطوير العمل الزراعي في البلاد. وكما رأينا في المقدمة لاحماية قانونية ولا اجتماعية بإستثناء قانوني، وكذا العمل في الزراعة عائلي أكثر منه انتاجي لظروف متعلقة بخطط حكومية قلصت مساحات الاراضي الزراعية، وعدم وجود قوانين للاستثمار الزراعي الكبير، فضلا عن ان قانون العمل أستثنى من تطبيق الاحكام الخاصة بتشغيل النساء اللواتي يعملن في وسط عائلي لايعمل فيه سوى أفراد الاسرة تحت ادارة وأشراف الزوج أو الاب أو الاخ أو الام إستناد لقانون العمل النافذ ومن ثم هن محرومات من الحماية التي يوفرها القانون وكذلك من حق التنظيم النقابي بموجب قانون التنظيم النقابي، لذا تتعرض النساء العراقيات العاملات في الزراعة الى استغلال اقتصادي مجحف فهي تعمل بكد لساعات طويلة من دون أية اجور بوصف العمل عائلياً ومن دون أية حماية قانونية، او ضمان أجتماعي، أو تأمين صحي لحمايتها من مخاطر العمل الزراعي الصحية والمهنية، فالرجل (الاب أو الزوج او الاخ أو الابن) هو من يقوم بادارة المزرعة والنساء والاطفال من يقوم بالعمل الفعلي ضمن إطار العائلة، والرجل يقوم بتسويق الانتاج وتسلم العائد من دون أن يعطي عماله اجورهم بوصفه من يقوم بالانفاق عليهم، وتحت هذا العذر ضاعت حقوق النساء في الحصول على عائد بمجهود كبير يقمن به في العمل الزراعي، فضلا عن عدم حصولهن على أي تدريب

أو تأهيل لزيادة وتطوير خبراتهن، وتعليمهن التكنولوجيا الحديثة في الزراعة، فالمرأة الريفية لاتزال تتلقى تعليما بسيطا لايمنحها خبرة كافية، وماتزال الحواجز الاجتماعية والعشائرية والدينية تقف معوقا أمام المرأة العراقية العاملة في الزراعة لتأخذ دورها في المساهمة بتنمية مجتمعها.