بغداد ـ عماد الامارة- الصباح
تناول تقرير التنمية الصادرعن البنك الدولي ظاهرة عمالة الاطفال في مناطق متعددة من العالم.. واشار هذا التقرير الى ان القصور في التشريعات الوطنية وانتشار الفقر في العديد من البلدان من اهم العوامل التي ادت الى اتساع نطاق ظاهرة تشغيل الاطفال..
وفي العراق بدأت ظاهرة عمالة الاطفال منذ عقد الثمانينيات من القرن المنصرم بسبب اتجاه الانفاق الحكومي نحو العسكرة والاستعداد لسلسلة من الحروب التي بدأت في سنة 1980 وما رافق ذلك من ظروف عدم الاستقرار والضعف الاقتصادي، هذه العوامل المجتمعة ادت الى تشجيع ظاهرة عمالة الاطفال في العراق..فضلا عن سنوات الحصار التي امتدت منذ مطلع التسعينيات من القرن المنصرم ولغاية سقوط النظام السابق (2003) كل تلك الظروف خلقت تشوهات اقتصادية واجتماعية كبيرة نتج عنها زيادة في اعداد الفقراء في المجتمع العراقي..ومن اجل الوقوف ميدانيا على ظاهرة عمالة الاطفال في العراق اجرت الصباح الاقتصادي استطلاعا في حي البياع الصناعي والكاظمية الصناعي لمتابعة ظاهرة عمالة الاطفال..ففي حي الكاظمية الصناعي.. وجدنا انتشارا واسعا لتشغيل الاطفال والاحداث الذين تتراوح اعمارهم بين الحادية عشرة والخامسة عشرة.. حيث توزع هؤلاء الاطفال بين مهن، الحدادة، السباكة، صبغ السيارات، واعمال كهرباء السيارات..حسن عبدالله.. يشتغل في حدادة السيارات، حي الكاظمية الصناعي وعمره خمسة عشر عاما يتقاضى اجرا اسبوعيا قدره (25) دينارا، هذا يعني ان اجره اليومي لا يتعدى (3) الاف دينار.. سألناه عن السبب وراء مزاولته لهذا العمل اجاب قائلا: اني اتحمل اعباء معيشة عائلتي المكونة من اخوتي الثلاثة ووالدتي بعد استشهاد ابي في احداث الارهاب عند اضطررت الى ترك المدرسة بعد انقطاع مورد المعيشة الاساسي.محمد فاضل..يشتغل في صباغة السيارات وله من العمر (14) عاما.. اضطر الى مزاولة هذه المهنة بعد الحرمان الاسري الذي عاشه بسبب هجرة ابيه تاركا اعباء المسؤولية على كاهل والدته، محمد يشتغل بأجر اسبوعي قدره (30) ألف دينار..وفي حي البياع الصناعي.. وجدنا اعدادا كبيرة من الاطفال والاحداث الذين يشتغلون في هذا الحي واثناء تجوالنا في الحي الصناعي التقينا (كاظم حسن) طفل لا يتعدى عمره الحادية عشرة يشتغل في محل لتصليح وادامة كهرباء السيارات.. وعند سؤالنا عن الاجر الذي يتقاضاه اجاب (كاظم) اني احصل على مبلغ (20) دينار في الاسبوع الواحد.. وارجع خبراء الاقتصاد ازدياد ظاهرة عمالة الاطفال في العراق الى تفاقم ظروف عدم الاستقرار بعد احداث نيسان 2003.. دون ان تتخذ الحكومات المتعاقبة اجراءات حاسمة للحد من نطاق الفقر وما يترتب عليه من اقصاء وتهميش لفئات واسعة من المجتمع ما دفع هؤلاء الاطفال الذين ينتمون الى هذه الفئات الى دخول سوق العمل لغرض مساعدة اسرهم في تأمين متطلباتها الضرورية او من اجل اشباع حاجاتهم الخاصة..وعد خبراء الاقتصاد انخفاض مستوى اجور الاطفال العاملين مقارنة بالبالغين الى الدرجة التي تشجع اصحاب العمل في تشغيل (الاطفال) بدلا من الكبار خاصة في ظل غياب تشريعات صارمة تحد من حرية اصحاب العمل في استغلال هذه الحالة..وتشير احدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي الى ان عمل الطفل الممتد لساعات طويلة سوف يمنع من امكانية تنمية رأس المال البشري وبذلك تنعدم امكانية الحصول على مستوى اجور اعلى في مرحلة لاحقة من حياة هذا الطفل..