This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

الامدادات الطوعية لاتغطي الحاجة: مطلوب برنامج وطني للتبرع بالـدم
05/06/2008

 

 

بغداد  - اياد عطية - لمياء نعمان- الصباح
في ساعة متأخرة من ليلة شتائية من ليالي سنة 1997 اتصل بي احد اقاربنا من منطقة الشيخ معروف واخبرني بوجود امرأة من معارفه في احد مستشفيات الولادة،

 وان حياتها وطفلها متوقفان على توفر دم بأسرع وقت، توجهت الى المستشفى وهناك تبرعت لها بالدم يقول جميل احمد التميمي 54 سنة، احد ضاربي الارقام القياسية في التبرع بالدم على مستوى العراق، ورئيس سائقي وزارة التجارة مضيفاً: كانت المفاجأة ان سبعة من الاطفال الذين ولدوا كانت حياتهم متوقفة على توفر الدم تلك الساعة المتأخرة من الليل، وهكذا تم انقاذهم جميعاً، وكانت لحظات لا تنسى اختلطت فيها مشاعر الفرح بالدموع والامتنان، ولم اتمكن من النوم ليلتها، وقضيتها بين الاطفال وعوائلهم التي مازالت لغاية الان ترتبط معي وعائلتي بعلاقات انسانية، كما اني اتابع اطفالهم الذين اتصلوا بي قبل ايام بأنفسهم ليبلغوني بخبر نجاحهم في الامتحانات.
زيادة الطلب
 يتزايد الطلب على الدم في المستشفيات والمراكز الصحية في العراق، التي تعاني منذ فترة طويلة نقصاً في امدادات الدم خاصة من الاصناف السالبة ويضطلع المركز الوطني لنقل الدم بمهمة توفير كميات منه الى المستشفيات والمراكز الصحية العراقية بالاعتماد على نظام العوض او بالحصول عليه عن طريق التبرع الطوعي.
تقارير وتقارير
وتشير التقارير السنوية التي يصدرها المركز الوطني لنقل الدم، عن ضعف واضح في عمليات التبرع الطوعي للمواطنين وعن فارق شاسع بين حجم وكمية الدماء المطلوبة او التي تستهلك في المستشفيات وبين حجم او كمية الدماء التي يتم الحصول عليها عن طريق التبرع الطوعي، وكمثال على ذلك يقوم المركز الوطني لنقل الدم بتجهيز مراكز مرضى الثلاسيما بـ 4 الاف قنينة دم كل شهرين في حين ان كمية الدم المتبرع بها بشكل طوعي لا تتجاوز نصف الكمية.
لماذا هذه الفروق؟
في تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية وبمناسبة اليوم العالمي للمتبرعين بالدم، اوضح ان 39 بلداً فقط ليس من بينها بالطبع العراق، حققت نسبة تبرع 100% بين مواطنيها.
انه لامر مؤسف ان لا يكون العراق من بين تلك الدول وشعبه معروف بحبه للتعاون والعمل الانساني، ولهذا كان السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتبرع العراقيون بالدم ومواطنوهم او ربما اقاربهم او أعزاؤهم او ابناؤهم، قد يحتاجون اليه في لحظة ما..
سألت الكثير من الاصدقاء والجيران لماذا لا تتبرعون بالدم، وهناك مرضى ومصابون بامس الحاجة الى دمائكم لدرجة ان حياتهم او موتهم يتوقف على توفر الدم في لحظات معدودة؟
قال ابو زهير (45 سنة) موظف في وزارة المواصلات: صدقني لن اتردد لحظة واحدة في التبرع بدمي لانسان محتاج اليه، وقد حدث هذا الامر معي قبل سنوات وقمت بالتبرع لاحد الاصدقاء.
قلت له: انا اقصد لماذا لا تذهب انت من تلقاء نفسك لمراكز التبرع؟ قال: في الحقيقة لم افكر بهذا الامر وان انشغالي بعملي ومعاناة الحياة لا تتيح لي فرصة الذهاب الى هذه المراكز.
مسؤولية الاعلام
وفي سيارة التاكسي التي كانت تقلني الى المنزل سألت سائقها رحيم خلف (38 سنة) السؤال ذاته فأجاب: من قال لك اني لم اتبرع لقد تبرعت لاحد المواطنين من اهالي مدينة البصرة الذي استأجرني لنقله الى مستشفى مدينة الطب، وشعرت بحيرته وهو يبحث عن متبرع بالدم لاحدى بناته التي كانت ترقد في المستشفى فذهبت معه الى مركز نقل الدم وتبرعت وانا لن ابخل بدمي لمن يحتاج اليه ما دامت صحتي تساعدني على ذلك، اما اذا كنت تقصد ان اذهب للتبرع من دون ان يطلب مني ذلك احد فالحقيقة لم افكر بهذا الموضوع وليس عندي وقت لافعله ولا اعرف الآلية التي يتم بها ذلك.. هذه مسؤولية الاعلام. اما اسماء حميد ( 27 سنة) فتقول: اخشى الذهاب الى المستشفى، واخاف من عملية التبرع بالدم، ان رؤية الدماء تخيفني، والواقع ان هناك العديد من الناس من يخاف من عملية التبرع بالدم ويعتقد انها قد تؤثر على صحته.
تبرع 127 مرة
تحتفظ سجلات المركز الوطني لنقل الدم بأسماء متبرعين متميزين ومواظبين على التبرع، وقد جرى تكريم عدد كبير منهم في اليوم العالمي للمتبرعين بالدم واحد من ابرز المتبرعين واكثرهم تبرعاً هو طبيب التخدير د. مازن جعفر خصباك، الذي يعمل في قسم الجراحات التخصصية في مدينة الطب تبرع127 مرة وهو مازال مواظباً على التبرع ولم ينقطع عن ذلك منذ ان تبرع اول مرة عام 1976 حين كان طالباً في المرحلة الاولى في كلية الطب جامعة بغداد. يقول د. مازن جعفر: الدافع الوحيد للتبرع بالدم هو الدافع الانساني ولا يوجد شيء يمكن ان يذكر غير ذلك. وكطبيب اشعر بسعادة عندما ارى وادرك معنى وتأثير هذا الدم الطازج في فسلجة الدم بشكل فوري وملحوظ سريرياً.
عامل اضافي
وعندما سالت الدكتور مازن جعفر عن مخاطر التبرع بصورة مستمرة اوضح قائلاً: لم يثبت في كل التجارب التي اجريت، وهي عديدة ان هناك خطراً اضافياً على صحة المتبرعين نتيجة تبرعهم بالدم، بالعكس فالتبرع بالدم يزيد ويحفز نشاط نخاع العظم وهو عامل اضافي لدعم جهاز المناعة وتجديد دم الانسان بتعويض الدم المعطى وهذ الدم سيكون بكل تأكيد نقياً.
 التوعية الاعلامية ايضاً
لكن لماذا يتردد المواطنون بالتبرع بدمائهم من تلقاء انفسهم؟ يقول الدكتور خصباك: انا ايضاً اتساءل لماذا لا يفعلون ذلك وهم او اقرباؤهم سيكونون معرضين في اي يوم من الايام للاحتياج الى الدم، ويعتقد الدكتور خصباك: ان الامر يحتاج بالفعل الى توعية اعلامية، وقال انا لاافهم لماذا لا تقوم القنوات الفضائية المملوكة للدولة بتخصيص مساحة اعلانية يومية، لشرح فوائد التبرع بالدم على صحة الانسان ودفعهم الى المساهمة في مشروع وطني للتبرع بالدم، كما ارى ان وسائل الاعلام الاخرى ومن بينها الصحافة يمكن ان تساهم في هذه الحملة بتخفيض سعر الاعلانات الى النصف مساهمة منها في برنامج التوعية هذا، لنجرب هذا الموضوع يقول د. خصباك ويقصد موضوع التوعية الاعلامية: ونرى النتائج ، وانا اقترح ان يتم ذلك من خلال نسب احصائية في عدد المتبرعين شهرياً قبل حملة التوعية الاعلامية وبعدها، ويضيف: انا شخصياً مقتنع بان النتائج ستكون ايجابية وستظهر هذه النتائج ان هناك خللاً كبيراً في جانب التوعية الصحية.
للاطباء فقط
قلت للدكتور مازن جعفر خصباك: كونك اكثر تبرعاً بالدم في العراق فهل من دعوة توجهها للمواطنين لحثهم على التبرع التلقائي بالدم؟ قال: لاني طبيب لا اريد ان اوجه هذه الدعوة الى المواطنين لكني اريد ان اوجهها للاطباء والطلبة وبشكل خاص الى مجموعة الكليات الطبية، فانا لم اشهد حركة تبرع طبية بين صفوف طلبة مجموعة الكليات الطبية والاطباء مع ان المركز الوطني يقع بجانب كلياتهم وهم الاكثر ادراكاً من غيرهم لأهمية التبرع التلقائي بالدم، ويضيف: لا اجد أي معنى او تفسير للفروق عن التبرع بالدم ولماذا كل هذا الاهمال من جانب الاطباء وطلبة الكليات الطبية؟ وادعو الى حركة طلابية نشطة في مجال التبرع بالدم، لقد كان الاطباء وطلبة الكليات الطبية من اوائل المتبرعين بالدم في العراق. ويجب ان يكونوا دائماً الاوائل في ذلك كي يقتدي بهم الاخرون.
اكبر المتبرعين سناً
ويقول جميل احمد (54 سنة) : بامكاني ان استمر بشكل متواصل لسنوات اخرى في التبرع بالدم، بل انني اعتقد ان صحتي الجيدة بحمد الله يرجع الفضل فيها الى عملية التبرع ، فبعد كل عملية تبرع اشعر بان نشاطي يتحسن ودمي يتجدد وانا بحمد الله صاحب ذاكرة قوية بامكاني ان اتذكر يوم زواجي وتاريخ ولادة ابنائي وحتى اقاربي، كما اني اتذكر جيداً ان اول يوم تبرعت فيه بالدم هو 20/ 6/ 1971 وآخر مرة 17/ 5/ 2005 وكانت هذه المرة رقم 126 التي اتبرع فيها بالدم ولا يفوتني في عدد مرات التبرع في العراق سوى الدكتور مازن جعفر خصباك بمرة واحدة لكني اكبر المتبرعين سناً.
والدي يعمل حجاماً
ويشير جميل احمد الى ان والده كان يعمل حجاماً ويقوم بمعالجة العديد من المرضى بطريقة الحجامة، وقد كان يشرح لنا باستمرار الفوائد الصحية للحجامة ويقول عنها انها تقوي وتحفز الاعصاب وتنشط الدورة الدموية ولهذا فاني على قناعة اكيدة بان عملية التبرع بالدم فضلاً عن كونها عملاً انسانياً يزكي النفس فان لها فوائد صحية جمة.
واوضح انه دائماً يشرح لأقاربه والمحيطين به في العمل فوائد ومعنى التبرع بالدم وانه تمكن من اقناع العديد من اقاربه وزملائه في العمل على التبرع بالدم.
وقال: ان بعض الناس يخافون من عملية التبرع وهذا امر غريب يعود لعدم وعي الناس بأهمية التبرع واثره الايجابي على الصحة واضاف: ادعو الى حملة توعية للمواطنين لشرح اهمية التبرع وحاجة المجتمع وخصوصاً المرضى بصورة مستمرة الى الدم، وانا على ثقة تامة بان الجميع لن يترددوا عن التبرع بدمائهم.
مراكز انسانية
برزت الحاجة الى انشاء مراكز انسانية في العراق بعد سقوط النظام بسبب الحاجة الى الدم بعد ان شهد عدد من مدن العراق مواجهات مسلحة كما ان استمرار اعمال العنف والاعمال الارهابية التي ينتج عنها اصابات بالغة في صفوف المواطنين دفعت العديد منهم ومن جهات اخرى الى انشاء مراكز انسانية للتبرع بالدم بعد ان كانت هذه العمليات تتم في السابق عن طريق المنظمات الحزبية وبشكل شبه قسري.
يقول الشيخ حسن طعمة رئيس مركز الحياة الانساني: ان مركز الحياة الانساني أنشئ في 22/ 5/ 2004 في خضم الاعمال المسلحة والمواجهات التي حدثت في عدد من مدن العراق، بجهود مجموعة خيرة من رجال الدين والمواطنين الغيورين، وان المشاريع التي قام بها وابرزها حملات التبرع بالدم عكست صورة طيبة عن عمل ومهام ودور رجل الدين الحقيقي في العراق... ويستذكر الشيخ حسن انه في يوم واحد فقط وصل عدد المتبرعين الى 600 متبرع في حملة تبرع بالدم لمواطني الفلوجة جرت في الصحن الكاظمي، وهي دلالة عظيمة على معنى وقوة الوحدة الوطنية التي يحاول الاعداء والإرهابيون تمزيقها، كما اجرينا العديد من حملات التبرع في ذروة حاجة المواطنين الى دماء بدءاً من المواجهات التي جرت في مدن النجف والكوفة وسامراء واخرها في مدينة الصدر حيث يتم نقل الدم بسيارات خاصة وبالتنسيق والتعاون مع المركز الوطني لنقل الدم الى المصابين في هذه المدن واود ان اشيد من خلال صحيفتكم بالجنود المجهولين في المركز الوطني لنقل الدم الذين يبذلون مساعي حثيثة لدعم حملاتنا وتشجيعهم المتواصل لنا وتعاونهم الذي اثمر عن نتائج رائعة وملموسة انقذت ارواح المصابين من المواطنين كما اشيد بالمواطنين الذي اثبتوا انهم يريدون الحياة ولا يريدون العنف والارهاب والتدمير، أدعو جميع من يرغب في التبرع الى الحضور الى مركزنا في مدينة الكاظمية يوم الاربعاء من كل اسبوع.
المركز الوطني لنقل الدم
تظل قاعدة التبرع بالدم طوعاً هي الاساس في عمل المركز الوطني لنقل الدم كطريقة وحيدة للحصول على دم سليم وجاهز لنقله الى المرضى او المصابين المحتاجين اليه على الرغم من ان المركز يعمل الان بنظام العوض لانخفاض نسبة المتبرعين وعدم توفر امدادات الدم بصورة مستمرة.
ويقول مدير المركز الوطني لنقل الدم الدكتور  يعقوب عبدالواحد الموسوي: اننا نسعى الى انشاء برنامج وطني للتبرع بالدم ونقوم حالياً باستقطاب متبرعين جدد وانشاء علاقة انسانية معهم، كما اننا ندعم المتبرعين ونشجع على انشاء مراكز انسانية للتبرع بالدم، كما نقوم بتكريم المتبرعين كما نقوم بحملات تبرع في عدد من الدوائر والمؤسسات وبينها صحيفتكم حيث اجرينا فيها اكثر من حملة ناجحة  ويوضح الدكتور الموسوي قائلاً: الواقع ان هؤلاء المواطنين الذين يواظبون على التبرع بالدم يستحقون الاحترام والتقدير من المجتمع العراقي ومن وزارة الصحة بشكل خاص.
عملية آمنة
ويشرح الدكتور يعقوب عبدالواحد الموسوي الاجراءات التي يتخذها المركز الوطني لنقل الدم قبل عملية التبرع بالدم وفي اثنائها وبعدها قائلاً: قبل ان يتم اخذ الدم من أي متبرع لا بد ان تجمع معلومات خاصة به تحفظ بطريقة سرية ولا يسمح لاي احد من غير المختصين بالاطلاع عليها وتتضمن بعض المعلومات إجابة عن اسئلة تطرح على المتبرع تتعلق بمكان اقامته، واخر ممارسة جنسية قام بها، وهل سافر والبلد الذي سافر اليه والفترة التي اقام فيها في ذلك البلد، بعدها تجري مجموعة من الفحوصات الصحية للتأكد من عدم تأثر صحته بعملية التبرع بالدم، يتم بعد التأكد من الفحوصات الاولية سحب دم المتبرع بواسطة ابرة السحب (السرنجة) التي تستخدم لمرة واحدة فقط للحفاظ على صحة المتبرع وسلامته ويتم ادخال عينات من دم المتبرع الى مختبرات الفحص الخاصة بالأمراض الانتقالية عن طريق الدم واولها مختبرات فحص مرض العوز المناعي (الايدز) ومختبرات فحص مرض فايروس الكبد.. وبالنتيجة فان عملية التبرع بالدم هي عملية امنة، والواقع ان جزءاً مهماً فيها يعتمد على صحة المعلومات التي يدلي بها المتبرع خاصة بالنسبة للفحوصات والاجراءات المتعلقة بمرض (الايدز) الذي قد لا يظهر الفحص كشفه في مراحله المبكرة، ولهذا فإننا نتخذ اجراءاتنا من خلال المعلومات التي يدلي بها المتبرع وتمنح المتبرعين الذين يدلون بمعلومات لا تتطابق مع الاجراءات الاحترازية التي تتخذها خاصة بالنسبة الى موضوع السفر والممارسة الجنسية.
بناء برنامج وطني للتبرع
واوضح د. يعقوب مدير المركز الوطني لنقل الدم، ان بناء برنامج وطني يشارك فيه جميع المواطنين القادرين على التبرع بدم سليم، يغنينا عن الكثير من المشاكل التي يسببها استيراد دماء او عقارات ذات منشأ بشري قد تكون معرضة الى تلوث الدم، لان المركز الوطني يقوم بنقل الدم الطازج ومشتقاته الى جميع المراكز الصحية في العراق بطريقة آمنة. ان مشكلة عدم توفر الدم هي مشكلة عالمية اذ اشار آخر تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية الى وفاة 500 الف امرأة في صالات عمليات الولادة بسبب عدم توفر الدم.
ناهيك عن الاصابات التي تحدث نتيجة حوادث العنف المسلحة وحوادث الطرق والحاجة الدائمة للدم للاشخاص المرضى بالسرطانات والثلاسيما .. وغيرها من الامراض.
ولهذا فاننا في المركز الوطني ندعو ونشجع على فتح مراكز صحية للتبرع بالدم في كل المناطق في العراق وفق نظام مبرمج يعتمد على حاجة المستشفيات والمراكز الصحية في العراق.

للمزيد اضغط على الرابط التالي:

للمهتمين بشؤون التطوع والتبرع بالدم