ياسر البنا
تعتبر "العائلة الممتدة" من المؤسسات المجتمعية التي تلعب أدوارا اقتصادية هامة في المنطقة العربية، غير أن تلك العائلات -المكونة من عدة أسر تندرج تحت جد معين- بدأت تتوارى خلف هيمنة نمط "الأسرة النووية" -زوج وزوجة وأولاد- على مجتمعاتنا، وما رافق ذلك من تقطع أوصال الصلة بين تلك الأسر والمجتمع.
غير أن بعض المجتمعات العربية ذات الطابع العشائري ما زالت تعطي للعائلة الممتدة مساحة من الحركة الاقتصادية التكافلية لتكون إحدى أدوات مكافحة الفقر ومساعدة المحتاجين.
وفي هذا الصدد يبرز النموذج الفلسطيني، حيث ما زالت العائلة الممتدة (الكبيرة) تلعب دورا كبيرا في تعزيز الصمود الاقتصادي للمجتمع، عن طريق مساعدة أفرادها بعضهم بعضا؛ وهو ما خفف من وطأة الضغوط التي تحملها الفلسطينيون منذ بدء الانتفاضة قبل أربع سنوات بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
وتباينت أوجه هذا التعاون داخل هذه العائلة الفلسطينية ما بين "الفردي" القائم على مساعدة الأخ لأخيه والأب لابنه... إلخ، و"المنظم" الذي يتمثل في إقامة صندوق للعائلة، تجمع فيه أموال الاشتراكات من أفراد العائلة، وتنفق في أوجه مساعدة أفراد العائلة المحتاجين.
ورغم وجود هذه الظاهرة في فلسطين (صناديق العائلات)، فإنها بحاجة لتنظيم أكثر، وتوسيع نطاقها، خاصة في ظل تزايد وطأة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، لا سيما مع استمرار وطأة الحصار الإسرائيلي على المدن، فنسبة الفقر في قطاع غزة حسب الإحصاءات الدولية في عام 2003 تصل إلى 65%، فيما تصل إلى 50% في الضفة الغربية.
صندوق ألف فرد
عائلة أشرف مشتهى من غزة تتكون من ألف شخص، وقد أقامت صندوقا لها منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي من أجل مواجهة أي طارئ ومساعدة أي عضو بالعائلة يقع في أزمة.
ويدار هذا الصندوق من خلال أمين عام يتم انتخابه من قبل أفراد العائلة، خلال الانتخابات التي تتم لاختيار مجلس إدارة العائلة من قبل الجمعية العمومية للعائلة. ويعمل أمين الصندوق على إعداد لجنة مكونة، من عدد من أبناء العائلة المشهود لهم بالكفاءة والأمانة لمساعدته في عمله، ويخضع في عمله لمساءلة مجلس العائلة.
يقول مشتهى: إن لوائح العائلة تلزم كل ذكر في العائلة (صغيرا وكبيرا) بدفع 5 شواكل سنويا (أكثر بقليل من دولار واحد)، ودفع 14 دولارا عن كل مولود ذكر يولد في العائلة، وتصب كل هذه الأموال لصندوق العائلة.
وفكرت اللجنة المشرفة على الصندوق والتي يتم انتخابها من أفراد العائلة -وفقا لمشتهى- في استثمار أمواله عن طريق شراء أسهم في شركات تجارية، إلا أنها لن تحقق النجاح المطلوب، ثم قامت بشراء قطعة أرض وأقامت مبنى يستخدم "ديوانا للعائلة"، وكذلك لكافة المناسبات من أفراح وتعازٍ.
ويستفيد كل أفراد العائلة من هذا "الديوان" بعد أن يدفعوا مبلغا رمزيا بدلا من استئجار قاعة، لكن مشتهى يقول: إذا تعلق الأمر بحالة وفاة فلا يدفع أهل الميت أي مبلغ، حيث يتكفل صندوق العائلة بكل المصاريف عن طريق تحصيل مبلغ 14 دولارا من كل رب أسرة في العائلة.
للاطلاع على التجربة كاملة اضغط على الرابط التالي:
"صندوق العائلة".. ابتكار تكافلي