بغداد- حيدر فليح الربيعي- شبكة اخبار النجف
لم يخف حامد حزنه وهو يسرد علينا قصة خسارته 24 رأس غنم من مجموع ما يمتلكه من ماشية بسبب النقص الحاد في المراعي والاعلاف الناجم عن موجة الجفاف التي تجتاح البلد
ويسكن حامد وهو راعي اغنام في المنطقة الغربية من العراق، اذ يكثر الرعاة هناك لوفرة المياه وكثرة الاعشاب ومساحات الارض الواسعة التي تعتبر اماكن مناسبة لهم، الا ان هذه الطبيعة لم تعد كما كانت عليه في السابق، اذ جداول المياه الجافة وحالة التصحر التي اصيبت بها تلك المراعي هي الصفة الابرز في المنطقة الغربية.ويقول حامد: ما عدنا نجد علاجا حقيقيا لهذه الكارثة التي ستؤدي قريبا الى ارتفاع كبير في الاسعار سببه ندرة الاعلاف وهجرة الرعاة نحو المناطق التي تتوفر فيها اماكن رعي ومياه.ومثل حامد العشرات ممن ارتأوا هجرة اراضيهم بحثا عن اماكن صالحة للرعي، لاسيما وان اماكن الرعي السابقة التي كان يشتهر بها العراق اضحت اماكن متصحرة خالية الا من الكثبان ومنابع المياه المتجففة نتيجة انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات التي تغذي اغلب تلك المناطق.ويبين صهيب مدى الخسارة التي تعرض لها جراء موجة الجفاف التي عصفت بمنطقة سكناه المحاذية لدولة السعودية والتي تعتبر من المناطق ذات السمعة الابرز من بين مناطق العراق الاخرى في تربية الاغنام، اذ يقول: ان المشكلة ليست فيما نتعرض له من خسائر جراء موجة الجفاف، بل المشكلة في سكوت الجهات الرسمية والدوائر والوزارات المختصة متناسين ان العراق بهذا مقبل على كارثة ستؤدي بالغالبية العظمى من المواشي والاغنام جراء فقدان الرعاة للاراضي المناسبة وقلة الاعلاف.وكان معاون عميد كلية الطب البيطري قد حذر في حديث سابق لـ(الصباح) من عدم الاهتمام بالثروة الحيوانية في العراق، ودعا الى وضع خطط تهدف الى خلق بيئة ملائمة للانتاج الحيواني مبينا ان للوضع البيئي اثره السلبي على تناقص اعداد الثروة الحيوانية وزيادة الامراض التي تصيب مختلف انواع المواشي مما يؤدي الى تناقص اعدادها بصورة لافتة للنظر.وبين تقرير صادر عن برنامج الامم المتحدة الانمائي حجم المخاطر التي تعتري عملية رعي المواشي في البلد بسبب النقص الحاصل في الاعلاف وتقلص اماكن الرعي جراء موجة الجفاف واشار التقرير الى ان تناقصا ملحوظا حصل في اعداد الماشية، اذ بلغت اعداد الاغنام ستة ملايين ونصف المليون فقط، والجاموس 3502 الف رأس فقط وهي ارقام تقل بكثير عما كانت عليه في السابق، وحذر التقرير من ان هذه الاعداد ستواجه نفوقا اخر في حال عدم وضع خطط هادفة تعمل على حماية الثروة الحيوانية وتسعى الى زيادة اعدادها.واوضح مربو المواشي ان خطر الجفاف ادى الى ظهور خطر اخر لجأ اليه بعض الرعاة لعدم التفريط بما تبقى لديهم من مواش، وهذا الخطر يكمن في عمليات تهريب واسعة لهذه الثروة الى دول الجوار بسبب عدم تمكن اصحاب هذه المواشي من توفير الكميات اللازمة من الاعلاف التي باتت هي الاخرى تشكل عبئا يضاف الى مجموعة الاعباء التي تعترض عمل هؤلاء الرعاة فضلا عن ان ندرة هطول الامطار شكلت منعطفا اخر امام عملية تربية المواشي مما دفع البعض منهم الى التخلي عن الاعداد التي يمتلكها من الاغنام او بقية المواشي مفضلا تهريبها الى دول الجوار.ويحذر اقتصاديون من مخاطر الظاهرة التي تنذر بكارثة قد تتعرض لها الثروة الحيوانية في البلد مقترحين على الحكومة اقحام القطاع الخاص والمستثمرين في عملية تربية المواشي التي يعاني مربوها من نقص كبير في الثقافة الصحية او المعلومة الطبية التي مكنت العديد من الدول من تأسيس قاعدة رصينة لتربية المواشي وتصدير انواع عديدة منها.ويرى الباحث رمزي يوسف ضرورة ادخال المستثمر المحلي او الاجنبي في خطوة تهدف الى انتشال هذا القطاع من الاهمال والتخلف الذي اصابه، فضلا عن مشاركة القطاع الخاص والدولة في مسألة استصلاح الاراضي وتوفير البيئة المناسبة للرعي، الا ان الباحث اكد اهمية الاسراع بتسليف اصحاب الماشية باموال كافية تمكنهم من النهوض بواقعهم.وحذر ايضا من ان مخاطر الجفاف ستؤدي الى كارثة اخرى اكثر خطورة، وهي هجرة العوائل من الريف الى المدينة الامر الذي ينذر ايضا باضعاف العملية الزراعية التي تعتبر العائلة الريفية والفلاح ركنيها الاساسيين.