بغداد ـ سعاد البياتي- الصباح
تمتد البيوت العشوائية او ماتسمى (بيوت الحواسم) في مساحات واسعة، يقطن سكانها في مساكن غير لائقة لاتنتمي الى البناء المنظم.. حيث تعيش داخل هذه البيوت الصغيرة عوائل كثيرة يغلب عليها طابع الفقر، الا من بعض الذي اتخذها كحالة مؤقتة قد تكون من باب (زائد خير)!! وهذه من الحالات النادرة .

بيوت الحواسم
يشار الى ان الآثار الكارثية لاحياء الصفيح أو (بيوت الحواسم) كما سميت لاتقتصر على مشاكل الفقر وضعف الخدمات، بل تتعدى ذلك الى تحولها الى ملجأ آمن لعصابات الجريمة والارهاب الاعمى، حيث يختبئون فيها كالخفافيش الضعيفة في قصة احد المواطنين الساكنين في هذه التجمعات الذي يمثل له هذا المناخ الرعب والكآبة يقول: انا رب لاسرة فقيرة، اسكن مع ابنائي الاربعة وبناتي الثلاث وزوجتي في بيت عادي، حصلت عليه هكذا دون مقابل بعد سقوط النظام، واستطعت ان ابنيه بمواد بسيطة وبخارطة وضعتها انا لنعيش تحت سقف دون ثمن بعدما قضينا السنوات في بيت ايجار ووجدناها فرصة قد تكون فيما بعد ملك لنا!!.
الأذى يلاحقهم
ويضيف (نجد انفسنا في فصل الشتاء نسبح في مياه الامطار، ما يسبب لنا الامراض العديدة.. والخسارة في بعض المواد التي نمتلكها، هذا العام وقبل حلول فصل الشتاء تداركت في محاولة لتقليل الضرر واشتريت مادة القير السائلة، لاسد بها ثقوباً وشقوقاً في الاسقف. الا ان ذلك لم يكف لان منزلي آيل للسقوط ولايمكن ان يتحمل عاصفة مطرية او ترابية.
كارثة كادت تحدث
ويسرد (محمود ابو فاضل) ماحدث لبيته العام الماضي، قبل ان يمد المحسنون له يد العون حين انهار سقف دورة المياه على طفلته وكاد ان يودي بحياتها لولا رحمة الله فيها.. لان سقف داره كان ذا بناء هش.. وهذا حال اغلب البيوت المشيدة في تلك المجمعات بطابعها الفوضوي العشوائي.
أحلامهم تحققت ولكن!!
وحدثني آخر عن حاجته الملحة لامتلاكه سكنا هو وعائلته المكونة من 8 افراد، حيث كان يحلم بسقف يمتلكه هو بعد ان عاش عمره في غرفة مع اهله، ويقول.. توفرت لي هذه الفرصة بعد السقوط حيث دعاني صديق لي الى حيازة قطعة ارض في هذا المجمع مجاناً تمكنت من بناء غرفتين مع ملحقاتها البسيطة بمواد بناء مستخدمة سابقاً وبطريقة البناء الرخيص.. عسى ان تكون هذه البيوت ملكاً لنا في المستقبل رغم المعاناة التي نعيشها من قلة مياه الشرب والخدمات.. وتراكم النفايات التي صارت مرتعاً لاطفالنا والشوارع التي تملؤها المخلفات والاسلاك الكهربائية الممتدة فيها.
براءة تصعقها الكهرباء
الكهرباء في هذه الاحياء مأساة مضافة يعيشها الاهالي الذين يعتمدون على المولدات الكهربائية وبعض التوصيلات العشوائية للتيار الكهربائي حيث نشاهد الاسلاك الكهربائية ممتدة بطريقة مكشوفة على الارض الى المساكن بفوضى مثيرة للامتعاض، سببت حوادث وكوارث لتلك الاهالي..
يذكر لي احدهم.. ان العام الماضي فقدنا ثلاثة من اطفال الحي نتيجة عبثهم بهذه الاسلاك حيث تعرضوا الى صعق التيار الكهربائي بعد سقوط الامطار اثناء وطء اقدامهم الحافية على اسلاكها المكشوفة!!
يفقدون متعة العيش
المياه الآسنة والنفايات الكثيرة تعد مصدراً آخر للمتاعب والامراض، فقد غزا هذه المناطق العديد من الامراض المعدية.. والتي سببت حدوث وفيات بسبب ضعف الخدمات والنظافة. لان ثمة امورا يجب الوقاية منها لم يتم الحرص عليها.. فاطفال هذه التجمعات ينبشون النفايات ويصطادون منها ماسبيله الى اعادة تصنيعه وبيعه كالقناني الفارغة والاسلاك النحاسية والبلاستك وغيرها من الاشياء.. التي لم تعد لها قيمة.. اضافة الى كونها مرتعاً خصبا للبعوض والذباب والذي يجد بيئة مناسبة لتكاثره ..

تهديد بالاخلاء
تتواصل معاناة بيوت الصفيح والخشب والمواد غير الصالحة للبناء (المساكن العشوائية).. فصوت المطر على حديد سقوفها وصفير الرياح وتسلل الحشرات وسريان الامراض فيها، وقلة الخدمات تجعل من الهدوء امراً مستحيلاً  فضلاً عن المخاوف التي تحيط باحتمال سقوط هذه المنازل.. او تعرضها في ظل القوانين والانظمة المقرة بشأنها الى الاخلاء لانها بيوت غير قانونية تواجدت نتيجة لحالة الفوضى التي عمت البلاد بداية.
 اجراءات امانة بغداد
مدير المكتب الاعلامي في امانة بغداد صباح سامي.. اوضح لنا خلال اتصال هاتفي معه موقف امانة بغداد من هذه التجمعات واجراءاتها في معالجتها.
ان هذه المناطق والتجمعات العشوائية.. هي تجاوزات اوجدتها الحالة غير الطبيعية في بداية سقوط النظام حيث اقامت اكثر العوائل فيها مساكن لهما دون العودة الى مالكها الاصلي.. او اخذ الموافقات الاصولية فيها لذا نشاهد اغلبهم شيد داره على اسس وبناء غير قانوني او جمالي لانه يعرف انه شخص متجاوز لذا فان امانة بغداد وضعت في اولوياتها خطة لازالة التجاوزات كافة وانذار ساكنيها باخلائها، وهي عازمة بشكل جدي على قرارها في رفع التجاوزات عن املاك الدولة في مدينة بغداد ومحيطها.
وقرار مجلس الوزراء جاد وواضح في رفع التجاوزات سواء كانت الدور السكنية او الحكومية التي استولت عليها المنظمات والاحزاب.. وسيتم ذلك.. وفق خطة رسمية ومدروسة سنطرحها في القريب العاجل .
اما حالات البيع والشراء التي تتم في تلك التجمعات فهي معاملات يتضح فيها الاسلوب السيئ والمتحايل فكيف بالشخص يبيع ويشتري باموال الدولة. وبعقار غير قانوني ويعلم انه متجاوز فهل من المعقول ان يتم ذلك الا باوراق مزورة وغير رسمية او قانونية ومن المؤكد ان هؤلاء سيعرضون انفسهم للمساءلة القانونية خاصة وان الكل يعرف ان هذه الابنية لايوجد فيها سند رسمي في سجلات الدولة.. حيث تجرى هذه الاجراءات بينهم بصورة غير شرعية، حتى ان اسعارها مغرية والتلاعب فيها في غاية البساطة.
اجراءاتنا ستتمثل جميع المتجاوزين وسيخضعون للاخلاء بعد ان يتم انذارهم مسبقاً بهذا الاجراء.