This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

عراقيون بلا هوية، ومعاناة مستمرة بعد خمس سنوات من التغيير
07/07/2008

 

 

بغداد - اصوات العراق

وجدت أم محمد نفسها في عصر يوم نيساني متقلب الأجواء على حافة الحدود بين العراق وإيران بعد أن تم زجها مع طفليها وزوجها وعوائل كثيرة أخرى في سيارة نقل غصت براكبيها لتتحول فجأة من عراقية (إيرانية الأم)، إلى لاجئة تبحث عن حقوق ضاعت بين حكومتين متقاتلتين.
تتذكر ام محمد ذلك اليوم قبل نحو ثلاثين سنة وتقول أنها كانت موظفة في احدى دوائر الدولة آنذاك، وفوجئت أثناء عودتها إلى البيت بوجود سيارة نقل كبيرة تبين لها فيما بعد أن قرارا صدر بترحيل جميع أفراد عائلتها إلى إيران بحجة "أنهم من التبعية الإيرانية".
وكانت الحكومة العراقية السابقة عمدت في اواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الماضي الى اتخاذ قرار بترحيل الاف المواطنين العراقيين بحجة انهم من التبعية الايرانية، لاسيما مع نشوب الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمانية سنوات(1980-1988)
وتابعت ام محمد"أرغمتنا الظروف القاهرة على البقاء أكثر من عشرين سنة في إيران دون الحصول على أي من حقوق المواطنين هناك أو تقديم طلب لجوء."
وعن أسباب عودتها للعراق تقول "هو وطني الذي ولدت فيه وتزوجت احد أفراده وأنجبت فيه اثنين من أبنائي"، مشيرة الى انه "لم يتوفر لنا في إيران الإحساس بأنه وطننا ولم نعامل بشكل جيد لأننا في نظرهم عراقيين نزاحمهم على فرص العمل والعيش" خصوصا وإن العراق "كان في حالة حرب معهم".
والأمر لم يختلف مع أبو هادي الذي قضى حياته "مهجرا" بحسب قوله، ويروي لـ(أصوات العراق) قصته مع التهجير حيث "تم تهجيري من العراق إلى إيران بسبب التبعية"، على الرغم من انه "عراقي الأبوين" إلا أن جده قام بتحويل سجلهم إلى التبعية لاستثنائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية حينها" ويضيف"عدت إلى العراق بعد سنوات عجاف وقد جمعت مبلغا مكنني من شراء بيت في منطقة سبع البور"إلا أنني فوجئت قبل أكثر من عام بـمسلحين يجوبون المنطقة ويهددونا بالقتل وهتك العرض إذا لم نترك المكان"، فما كان منه إلا أن"هرب مع أطفاله وزوجته بما عليهم من ثياب ليستقر في غرفة بمنطقة الكاظمية"، وليعود إلى بيته اثر استتباب الوضع الأمني في المنطقة ليجده "عاريا من كل شيء" إذ قلعت الأبواب والشبابيك من مكانها، "حتى أسلاك الكهرباء لم تسلم منهم" كما قال والحسرة تعلو محياه.
وحملنا معاناة هذه الشريحة ووضعناها أمام أنظار ممثل وزارة المهجرين والمهاجرين في مديرية شؤون الجنسية العراقية جلال إسماعيل، الذي كشف عن المعاناة التي يتعرض لها البعض من العراقيين في الخارج وخاصة في إيران" حيث يجدون "صعوبة في حصولهم على شهادة الجنسية العراقية" بالإضافة إلى "صعوبة وصولهم للعراق لعدم امتلاكهم المستمسكات التي تسمح لهم بالعودة وتقديم الطلبات بشكل رسمي وقانوني".
وقال إسماعيل أن "مناقشات عدة جرت بين وزارة المهجرين والمهاجرين ومديرية شؤون الجنسية العراقية بهذا الشأن وتم الاتفاق على حل نهائي يتضمن فتح مكاتب لها في إيران لتسهيل إجراء معاملات المهجرين والمهاجرين هناك، بعد موافقة وزارة الداخلية الإيرانية".
وأضاف أن عدد شهادات الجنسية العراقية الخاصة بمعاملات التجنيس في مديرية شؤون الجنسية خلال شهر كانون الثاني يناير من العام الحالي بلغ لأول مرة (38) للعرب، و (32) للأجانب، و(366) للتبعية الإيرانية.
من جانبه قال مدير عام الدائرة القانونية في وزارة الهجرة والمهجرين محمد صالح لـ(أصوات العراق) أن وزارة المهجرين "تتابع أوضاع الذين (لا يحملون الجنسية) لمعرفة أوضاعهم القانونية ولنتبع آليات خاصة للتعامل مع حالاتهم المختلفة" لافتا إلى أن "رئاسة الوزراء كانت قد دعت إلى تكوين لجنة للغرض نفسه

لذلك حصل القرار بدمجهما معا والعمل سوية لحل أزمة شريحة واسعة من العراقيين الذين تم إسقاط الجنسية العراقية عنهم بالقرار سيء الصيت 666 أيام النظام السابق".
وكان النظام العراقي السابق اصدر قراره المرقم (666) لسنة 1980 بالاستناد إلى أحكام الفقرة (أ) من المادة الثانية والأربعين من الدستور المؤقت لسنة 1970 في قرار لمجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة في أوائل أيار مايس 1980 أن يتم "تسقيط الجنسية العراقية عن كل عراقي من أصل أجنبي إذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب والأهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة". وأضاف صالح أن الوزارة عقدت عدة لقاءات وقامت بدراسة بالمشاركة مع مديرية الجنسية العامة، التي فاتحت بدورها دوائرها في المحافظات التي تكثر فيها هذه الشريحة.
وبشأن العراقي الذي لا يمتلك إثبات شخصية، أوضح صالح أن "الطرق أمام هذه الشريحة مفتوحة"، حيث يحق لمثل هذا الشخص "أن يقدم طلبه إلى دائرة الجنسية العامة على أن "يقدم إثباتات من السجلات السابقة أو من الشهود"، مؤكدا أنها "مسالة ليست شديدة الصعوبة".
وعن المستمسكات التي ينبغي أن يقدمها الذي لا يمتلك جنسية قال "حسب ما أخبرتنا دائرة الجنسية أن على المتقدم أن يثبت ولادته بالعراق أو تقديم شهود على كونه من أصل عراقي".
وأوضح إن القانون "سمح  لكل من ولد من أب عراقي أو أم عراقية أن يحصل على الجنسية العراقية" أما بالنسبة لغير العراقيين الذين توطنوا بالعراق ويودون الحصول على الجنسية العراقية، فهذه الحالة تتعلق بـ"طلب تجنيس" وهي "مختلفة تماما".
وسألنا صالح عن أعداد من لا يمتلكون جنسية، فأجاب بأنه "لا توجد إحصائية دقيقة أو تقريبية لأعداد الذين لا يملكون جنسية" لافتا إلى أن مديريات الجنسية بينت هي الأخرى أنها "لا تملك مثل هذه الإحصائية".
وماذا عن الكرد الفيليين، سألنا  المدير العام للدائرة القانونية في وزارة الهجرة والمهجرين؟ فرد أن الوزارة "تابعت بدقة  قضية الكرد الفيليين وطالبت بان تعود لهم الجنسية"، مشيرا إلى أن هنالك قرارات خاصة بهم و"أن بإمكانهم استعادة جنسيتهم دون عوائق".
واستطرد "اغلب الذين أسقطت عنهم الجنسية تم تهجيرهم، فيما بقى قسم منهم داخل العراق على الرغم من قرار الإسقاط" 
وبشان الكثيرين من هؤلاء الذين لجأوا إلى السعودية وتحديدا في مخيم رفحة نوه الى ان الجنسية العراقية لم تسقط عنهم"، وهم فئات متعددة من العراقيين وإذا ما كانت لديهم أي مشكلة "فما عليهم إلا مراجعة المحاكم المختصة"
ودعا هؤلاء الأشخاص إلى "جلب بيانات ولادة الأطفال مع إخضاعهم للفحص الطبي في المستشفيات لتحديد العمر فيما يخص جنسيات اطفالهم".
فيما ذكر رئيس لجنة المهاجرين والمهجرين في البرلمان العراقي عبد الخالق زنكنة لـ (أصوات العراق) أن اللجنة قررت أن "تحتضن قضية البدون المتواجدين بين الحدود العراقية الكويتية"، وأنها طالبت بضرورة "رعايتهم ومعاملتهم كأي من المتواجدين على ارض العراق من الفلسطينيين والسودانيين والعربستان وغيرهم".
وردا على رفض الحكومة الكويتية الاعتراف بهم كمواطنين، بين  رئيس اللجنة البرلمانية، أن هذا القرار "شأن الكويتيين". واستدرك "إلا أننا نرى وجوب التعامل الإنساني معهم والنظر في منحهم الجنسية العراقية كونهم متواجدين ضمن الحدود".

وأشار زنكنة إلى أن المجلس الوطني "أصدر قراره المتعلق بإلغاء قانون مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (666) المتعلق بإسقاط الجنسية العراقية على من أسموهم التبعية"، وأن موضوعهم عولج بالقانون (26) إضافة إلى قرار (117) الذي ألغى كافة القرارات والتعليمات والبيانات والأوامر التي أفضت إلى سحب الجنسية أو إلغائها وإسقاطها عن العراقيين منذ 1958 واعتبار كل من أسقطت أو ألغيت أو سحبت عنه الجنسية العراقية، عراقي الجنسية، مع تمتعه بكافة الحقوق القانونية التي تخولها له.
وفيما يتعلق بتفضيل البعض عدم العودة حتى الآن والبقاء في مخيمات دول الجوار قال رئيس لجنة البرلمانية المعنية أن "هناك أعدادا كبيرة من المهجرين قد عادت إلى أرض الوطن، لكن قسما منهم لم يعودوا حتى الآن مفضلين البقاء في المخيمات داخل إيران"، منوها إلى أن هناك "اقتراحات لتعديل بعض الفقرات لحل المشاكل التي لا تزال عالقة مع فئات عراقية لم يشملها القرار" دون أن يذكر طبيعة الاقتراحات أو الفئات التي يشملها التعديل.
وبشأن العراقيين الذين مزقوا مستمسكاتهم أثناء سفرهم بغية تقديم طلبات لجوء في دول أخرى، ورغبتهم باستعادة جنسيتهم، قال زنكنة أن هذه الفئة تستطيع أن تسترجع جنسيتها "باللجوء إلى سجلاتها المدنية في العراق وتقديم الشهود"،" كما أن بإمكانهم اللجوء إلى "الإحصاءات التي أجريت في العشرينات والأربعينات والخمسينات من القرن الماضي" مبينا أن السجلات العراقية "لا تزال محفوظة ومن المؤكد أن الكثير من هذه الشريحة قد سجلوا ضمن هذه الإحصاءات".
وفي كل الأحوال، فإن مرور خمس سنوات على سقوط النظام السابق، كانت برأي الكثيرين مدة كافية لتصحيح اوضاع هذه الشريحة التي ما زالت تبحث عن هويتها، والتي يقولون انها "ما زالت ضائعة".
م د (تحق)- ب خ - ح ا ح - م ر