بغداد ـ أسرة ومجتمع- الصباح
الناس عربات هموم متنقلة والنتيجة عنف أسري ، ففي ظل غياب التسامح والضغط المعيشي يسود العالم العنف بأنواعه المختلفة، فأفراد العائلة الواحدة يمارسون العنف على بعضهم البعض كل في موقعه وحسب سنه وجنسه. النساء يتحدثن عن عُنف الرجال ( الأزواج )، والأزواج يعانون من الظلم الواقع عليهم في العمل فيصابون بالإحباط نتيجة عدم القدرة على الرد خوفا من فقدان الوظيفة أو (قطع الرزق) فينقلون متاعبهم إلى البيوت التي تشهد شيئا من عنفهم . علماء الاجتماع يحذرون من استمرار ظاهرة العنف بشكل عام سواء التي يتعرض لها الرجال أو النساء أو الأطفال ، وعلماء النفس يؤكدون انعكاس العنف على الناس ما يولد أمراضا جسدية . فقد أصبح الناس (عربات هموم متنقلة) في الشارع وفي العمل وفي سيارة الأجرة مع غياب التسامح في جميع الأحوال ، السباق محموم نحو المصالح الذاتية والخوف من فقدانها . والعنف ظاهرة عالمية تزداد في ظل زيادة السكان ونقص الموارد الطبيعية الذي يجعل التنافس شديدا على هذه الموارد، والتقدم التكنولوجي لدى بعض الدول وتأخر البعض الآخر يقود إلى العنف فـ(المتقدمة) تفرض إرادتها على (المتخلفة) وفي ظل النظام الرأسمالي يضطر الناس للتوجه إلى الاستهلاك الذي يحمل ضغوطاته. والسينما ووسائل الاتصال تظهر العنف من خلال الأفلام - كضرورة - للعيش والاستهلاك. ولهذا يشعر معظم الناس بالإحباط وكأنهم بلا ملاذ وبلا أمل . يعد العنف الأسري عملا مباشراً أو غير مباشر ضد احد أفراد الأسرة ويترتب عليه أذى جسدي أو نفسي. وهي موجودة كمشكلات اجتماعية في جميع المجتمعات الإنسانية، ولكن نسبة ارتفاعها أو انخفاضها وتلاشيها تعتمد على عوامل منها تمسك المجتمع بالقيم الإنسانية والمبادئ الدينية . تشكل الآثار الاجتماعية للعنف من تفكك اسري، وطلاق، وفقر، وبطالة، ووفاة احد الوالدين أو كليهما، وضعف العلاقات الاجتماعية، والانحلال الأخلاقي ( الإدمان على المخدرات أو الكحول)، والتمسك بالرأي مهما كان معيبا أو مخطئا، وتسرب الأبناء من المدارس، وعدم التمكن من تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة نفسية واجتماعية متوازية من أهم أسباب حدوثه . ويمكن القول إن آثار العنف ونتائجه سواء على المرأة أو الأسرة أو المجتمع متداخلة ومتشابكة ويفضي بعضها إلى البعض الآخر ليشكل خطرا فعليا يهدد البنى الاجتماعية والاقتصادية للأسرة والمجتمع على حد سواء، إن الأمن الأسري لا يمكن فصله عن الأمن الاقتصادي . فضلا عن أهمية الأمن العاطفي الذي يقضي بأن توفر الأسرة لإفرادها الحب والحنان والعطف والتكافل إضافة إلى حاجة الأسر إلى الأمن القانوني والسياسي والتربوي. وان إعادة الأمن للأسرة مسؤولية جماعية لجميع مؤسسات الدولة وأفرادها . وان بناء المجتمع السوي المتوازن ينطلق من الأسرة ويمتد إلى مؤسسات الدولة الأخرى . وان أهم الأطراف في الأسرة الزوج والزوجة ويقع عليهما العبء الأكبر في تهيئة الجو الأسري الذي يوفر الحنان والحب والرعاية والتوجيه الصحيح والقدوة الحسنة لباقي أفراد الأسرة . أصبحت تصرفات الناس تميل نحو العنف، بل إن المجتمع صار عنيفا بشكل عام . وهذا الخطأ نتائجه وخيمة على الفاعل والمفعول به ( الضحية ) وعلى المجتمع ككل . فينبغي إن تتغير هذه الممارسات بحيث تغلب الحكمة والتأني والموضوعية وإعطاء الفرصة للطرف الآخر لشرح وجهة نظره بعيداً عن سوء الفهم . وفي العمل يمارس العنف بحيث لا يعطى المرء فرصة لإبداء رأيه . لأسباب عديدة متعلقة بالاضطرابات النفسية والإدمان أو الحياة الصعبة أو الفقر أو البطالة . كما ان التربية في الأساس كانت عنيفة وقد يكون الشخص (العنيف) سبق وان مورس عليه العنف . إضافة لمسألة المزاجالمتقلب والعصبية، وأحيانا بدون سبب مقنع، وقد تجعل البيئة بعض الأشخاص عنيفين . كذلك ربما يكون هناك ضغط نفسي نتيجة وجود شخص معاق أو مريض فيكون ذلك عبئا على الأسرة أو احد أفرادها . ونلاحظ إن العنف يأخذ شكل استغلال النفوذ والإجبار والتسلط والإذلال والتحقير والسيطرة