This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

ثلاثة نماذج عراقية خيرية في الموصل واربيل وكركوك
10/07/2008

 

 

العراق :محمد صادق أمين - المجتمع

لمعاناة الشعب العراقي وجه آخر غير الذي يظهره الإعلام عادة في أبرز عناوينه، متمثلاً في مخلفات العمليات التي تستهدف العراقيين في شوارعهم ومساجدهم ومدارسهم، إنه "الأرامل والأيتام"!..فمع تواتر الإحصاءات التي تؤكد ارتفاع عدد ضحايا العنف من المدنيين، يزداد عدد الأرامل والأيتام بشكل مطّرد ويومي؛ لأن معظم الضحايا من الرجال محدودي الدخل الذين يخلفون وراءهم زوجات أرامل وأبناء يضافون إلى قائمة الأيتام الطويلة التي ملأتها الحروب المتعاقبة التي عاشها الشعب العراقي على مدى عقدين.
ويزيد من بشاعة المأساة تردي الأوضاع الأمنية وانتشار الفقر والعوز، حيث توقفت معظم الأعمال مع هروب الشركات الأجنبية التي كانت تنفذ مشاريع إعمار العراق، كما أن قرارات منع التجوال التي تتكرر على مدار الأسبوع في المحافظات الساخنة تسببت في تعطل عجلة الحياة، وتوقف أعمال الحرفيين والبسطاء الذين أرهقهم الفاقة والعوز.
وهنا تبرز الأهمية القصوى للعمل الخيري والإغاثي لمد يد العون لهؤلاء خصوصاً من المنظمات المحلية.. فهناك صعوبة كبيرة في وصول المنظمات الخيرية العربية إلى العراق بسبب الوضع الأمني، ما جعل المنظمات الإغاثية المحلية تنشط في العمل الخيري.
ويعتمد نشاط أغلب هذه الجمعيات المحلية على تبرعات المحسنين العراقيين في مد يد العون للأرامل والأيتام والفقراء، كما أن بعضاً من هذه المنظمات تقوم بتوزيع المساعدات الإنسانية بالوكالة عن بعض الجمعيات الخيرية العربية التي يمنعها تردي الأوضاع الأمنية من تفعيل دورها في المدن العراقية.

ثلاثة نماذج خيرية عراقية

وللاطلاع على جانب من عمل هذه المنظمات المحلية اختارت (المجتمع) ثلاثاً منها كنماذج في ثلاث محافظات شمال العراق هي: (الموصل، وأربيل، وكركوك) بغرض تسليط الضوء على الوجه الآخر من معاناة الشعب العراقي.
البداية كانت في "أربيل" عاصمة إقليم كردستان العراق، حيث زارت (المجتمع) (دار النور لرعاية الأيتام) التي أنشأها أحد التجار المحسنين من أهالي أربيل والتقت السيد "عبد القادر عزيز رشيد" مدير الدار، الذي أكد أنه لا يستطيع ذكر اسم المحسن الراعي للدار؛ لأنه يحرص على عدم ظهور اسمه في وسائل الإعلام.
ولكن "رشيد" قال: إن "دار النور لرعاية الأيتام" قام بتشييدها السيد "أبو نور"، وهو أحد كبار التجار في مدينة أربيل لإعانة الأطفال الذين فقدوا أعز ما لديهم.. آباءهم، ومنهم من فقد أمه وأباه في حروب سابقة أو في عمليات القتل والعنف التي تجتاح العراق الآن!
وأكد أن الدار ترعى في الوقت الحاضر (2300) يتيم من البنين والبنات، وأن هناك بناية أخرى قيد التنفيذ بمساحة (4000) المجتمع مربع، خصص لها مبلغ مليون وخمسمائة ألف دولار، حيث تتسع هذه البناية لعدد أكبر من الأيتام، بحيث تستضيف من محافظات العراق المختلفة.
وعن نوعية الخدمة التي تقدمها الدار لليتيم قال: "نوفر لليتيم السكن، والطعام، والمستلزمات الدراسية بالكامل، ولدينا معلمون متخصصون يعملون على متابعتهم وتدريسهم، ونقدم الكسوة الصيفية والشتوية والأحذية، ولدينا مربيات لمتابعتهم من مختلف الجوانب من غسل ملابس، ونظافة والأمور الأخرى.
وقد التقت (المجتمع) ببعض الأطفال، وكانوا يتهيؤون للمغادرة إلى المدرسة، محفوفين بالمربين والمربيات الفاضلات، حيث أشادوا بدور الجمعيات الخيرية، وما توفره لهم من غذاء وسكن.
وروى أغلبهم مثل حالة الطفل سليمان ما جرى لأسرهم، فقد قتل والدا هذا الطفل على يد الميلشيات في بغداد فأحضره أحد أصدقاء والده إلى الجمعية في أربيل.
في الموصل زارت (المجتمع) جمعية الإيمان الخيرية لرعاية الأيتام والمعاقين، حيث كانت رئيسة الجمعية وعضواتها منهمكات في توزيع المواد الغذائية، وكأنهن خلية نحل تعمل بدأب ونشاط.
ودار حوار قصير مع (أحلام المولى) رئيسة الجمعية..
سألتها عن سر الفرح والانشراح الذي يبدو عليها فيما هي منتهية من عمل مجهد؟
قالت: سعادتي لا توصف؛ لأنني أقوم بتوزيع بعض المساعدات الإنسانية على أسر الأيتام وبعض العوائل المتعففة، حيث بلغ عدد العوائل المسجلة لدينا (1136) عائلة بحاجة إلى العون، منها عوائل لأيتام ومعاقون، مهجرون ونازحون وغيرهم.
وهذا اليوم قمنا بتوزيع المساعدات على (60) عائلة منها وهي عبارة عن مواد غذائية مقدمة من "مكتب آل مكتوم الإماراتية" عن طريق فرعها الذي في الموصل.. وكما ترون فإن المساعدات التي تصلنا لا تكفي لتوزيعها على جميع العوائل وإنما نقوم بتقسيم التوزيع على وجبات لنضمن حصول جميع العوائل على نصيبها من التوزيع.
ما الذي توزعونه على الأطفال؟
(ملابس أطفال ومواد غذائية) الملابس مقدمة من جمعية الهلال الأحمر العراقية، أما المواد الغذائية فهي مقدمة من مؤسسة الإغاثة الإنسانية.
والفقراء ومحدودو الدخل في مدينتنا يعانون من انعدام مادتي النفط الأبيض للتدفئة، وغاز الطبخ بحيث وصل أسعارها في السوق السوداء إلى أرقام خيالية، وقد قمنا وبمساعدة المحسنين بتوزيع غاز الطبخ ووقود التدفئة على العوائل المتعففة مع انخفاض درجات الحرارة على ثلاث وجبات
وفي "كركوك" زارت المجتمع مؤسسة "منبع العطاء" الإنسانية حيث رحبت بنا السيدة (عامرة وعد الله العبيدي) رئيسة المؤسسة وشكرتنا على الزيارة وكان معها هذا الحوار:
متى أنشئت هذه المؤسسة بالتحديد وما هو دورها؟
مؤسسة منبع العطاء أسست في 1-1-2007م، والهدف الأساس منها هو تقديم المساعدات الإنسانية لشريحة الفقراء عن طريق مفاتحة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، ورفع المستوى المعيشي لضحايا الحرب من الأرامل والمعاقين وذوي الدخل المحدود، فقد شهدت هذه الشريحة مع الأسف اتساعاً لا نظير له بسبب العنف المتصاعد في العراق، حيث تحولت الطبقة المتوسطة من المجتمع بعد احتلال العراق إلى طبقة فقيرة تعيش على الإغاثات والمساعدات الإنسانية، خصوصاً بعد أن خفضت الحكومة العراقية من كمية ونوعية مواد البطاقة التموينية ورفعت أسعار المحروقات، مضافاً إلى ذلك موجة التضخم والغلاء التي تجتاح العالم.
ما نوع المساعدة التي تقدمها مؤسستكم؟
نحن نقدم المساعدات النقدية بالدرجة الأساس، حيث لدى المؤسسة قوائم بأسماء العوائل المتعففة من شريحة الموظفين والعمال خصوصاً من لديهم عوائل كبيرة، ونقوم بدور الوسيط بين التجار والمحسنين وبين هذه العوائل، حيث نخصص لهم رواتب شهرية تعينهم في معيشتهم، كما أننا نوزع المساعدات العينية بالتنسيق مع الجمعيات والمنظمات الخيرية والإنسانية العربية والأجنبية، والتي لا تستطيع العمل في العراق بشكل مباشر بسبب الأوضاع الأمنية.
في بلد الخيرات تتوالى النكبات وتتفاقم المحن مابين أمن مفقود، وموت ينشر أشرعته في الشوارع والأسواق، واحتلال جاثم على الصدور، وبلد تتقاسمه النزاعات السياسية، هذا هو المشهد في العراق فكيف سيكون المخرج؟!