الحلة - علي السباك- الصباح
تحسن الوضع الأمني شمال بابل يلقي بآثاره على الواقع الصحي
ليس الواقع الامني والاجتماعي والاقتصادي في منطقة شمال بابل وحده من شهد تغيرا وتحولا ملحوظين بعد تشكيل مجالس الصحوة وتعاظم امكانيات القوات الامنية العراقية التي عملت جنبا الى جنب مع ابناء المنطقة على محاربة الارهاب وجعله صورة من الماضي، بل ان الواقع الصحي في تلك المنطقة تغير ايضا ، فبات اقبال الناس على مراجعة المؤسسات الصحية يزداد بعد ان حرم الكثيرون من حقهم الطبيعي في التمريض والتطبيب بسبب سوء الاوضاع الامنية التي عانت منها المنطقة.
وهذا التحول السريع جعل المؤسسات الصحية في تحد حقيقي ، فهي تحاول الموازنة بين امكانياتها البشرية والتقنية المتواضعة من جهة وبين المسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتقها من جهة ثانية.
الحاجة إلى ملاكات طبية وتمريضية
لعل اكثر الامور التي تحتاجها المؤسسات الصحية في شمال بابل هي الملاكات الطبية والصحية المتخصصة، اذ ان غالبية هذه الملاكات لا ترغب في العمل هناك بسبب تدهور الاوضاع الامنية الذي كانت تعانيه المنطقة التي بقيت الى وقتنا هذا معتمدة على ابنائها من الاطباء والممرضين.
يقول الدكتور ناهض محمد جبر المعموري مدير مستشفى الاسكندرية العام الذي يحتوي على 100 سرير من اكبر المشكلات التي تواجهنا منذ تحسن الاوضاع الامنية في المنطقة قلة الكوادر الطبية والتمريضية اذ ان مستشفانا يعاني من نقص حاد بالاطباء الجراحين وعلى الرغم من نقل طبيبين اثنين الى المستشفى مؤخرا الا ان وجودهما غير مجد بسبب عدم قدرتهما على التواجد في المستشفى بعد الدوام الرسمي ما يضطرنا الى احالة بعض الحالات الحرجة الى مستشفيات الحلة، لذا فاننا نقترح تعيين الاختصاصات الجديدة في المستشفيات العاملة في شمال بابل للاستفادة منهم في هذا المجال.
ويضيف: كما يحتاج المستشفى الى اختصاصيين في الجلدية والعيون والاطفال، ناهيك عن حاجة المستشفى للكوادر التمريضية التي تفضل على قلتها الخدمة في المراكز الصحية على الخدمة في المستشفيات كون الممرض يتمتع بالامتيازات نفسها في كلا الحالتين لذا فانه يفضل الخدمة في المركز الصحي الذي تكون مسؤولياته اقل من مسؤوليات المستشفى، ويوضح آثار ذلك قائلا :غالبا ما نتعرض الى ضغوط شديدة لنقل بعض الممرضين الى المراكز الصحية، لذا ينبغي على وزارة الصحة تمييز العاملين في المستشفيات عن سواهم من خلال المخصصات والامتيازات المالية الاخرى.
ويقترح الدكتور المعموري افتتاح مدرسة للتمريض في الاسكندرية لمواجهة احتياجات المستشفيات وبالذات من الكادر النسوي الذي ازداد مع زيادة عدد المرضى الذين يراجعون المستشفى بنسبة 100بالمئة في اعقاب تحسن الاوضاع الامنية.
* وكيف هو الحال مع المستلزمات الطبية والادوية؟
ـ لقد تحسن واقع الادوية والمستلزمات الطبية بنسبة تتراوح بين 85-90% مقارنة بما كانت عليه قبل استقرار المنطقة امنيا.
* وهل الحال نفسه ينطبق على الاجهزة الطبية؟
ـ تقريبا فان واقعها تحسن مؤخرا بنسبة 65 بالمئة ،الا اننا مازلنا نفضل الاجهزة القديمة على المستوردة حديثا كونها لا تتمتع بالمتانة وهي مستوردة من مناشيء غير جيدة وعادة ما تتعطل بعد مدة وجيزة من تشغيلها.
احتياجات
يؤكد مدير مستشفى الاسكندرية العام ان مستشفاه يحتاج الى توسيع الاستشارية وصالتي العمليات والولادة فضلا عن حاجة المستشفى الى مخازن للادوية ومخزن اخر للالات الطبية وتوسيع المختبر وداري الاطباء والطبيبات كما نحتاج الى تطبيق نظام الاحالة لتقليل عدد المراجعين الذين يزورون المستشفيات وتخفيف العبء عليها.
بعض من الاحتياجات المذكورة تكاد تتكرر في المستشفيين الآخرين العاملين في شمال بابل، اذ يؤكد مسؤول العيادة الخارجية في مستشفى ابن سيف الجنابي للنسائية والاطفال ويضم 54 سريرا ان المستشفى يعاني من نقص في الكادرين الاداري والتمريضي وبالذات في اختصاصات السونار والاشعة تكاد تصل نسبته الى 30 بالمئة ولم تتم معالجته الى الان، فضلا عن حاجة المستشفى الى نحو 10 حاضنات للاطفال الخدج.
ويستدرك: اما فيما يتعلق باعمال التوسيع والترميم فان المستشفى يعاني من خلل في البناء منذ انشائه واية اعمال ترميم حاليا غير مجدية، لذا فان المنطقة بحاجة ماسة الى مستشفى بديل، وهو ما تقوم به القوات متعددة الجنسيات حاليا، اذ باشرت ببناء مستشفى للاطفال سيخدم المنطقة كثيرا.
مستشفى المسيب العام..بناية ضيقة واحتياجات ملحة
يقول مدير مستشفى المسيب العام الذي يضم 50 سريرا ان مستشفاه بني في العام 1936 ولم يعد يتناسب مع حجم الخدمات المقدمة للمنطقة وصار من الضروري بناء مستشفى بديل بسعة 150 سريرا حتى يمكن تقديم الخدمات الصحية للمراجعين الذين بلغ عددهم مؤخرا نحو 300 مراجع يوميا.
ويبين الدكتور عباس عبد العباس الغانمي ان المستشفى وفي ظل الامكانيات المتاحة اليه يمكن اعتباره مركزا صحيا متقدما فهو بالاضافة الى حاجته الى بناية واسعة كونه يتوسط حاليا حيا سكنيا في مدينة المسيب يحتاج ايضا الى ردهة للانعاش وناظور للعمليات وردهة للحروق واخرى للحميات فضلا عن حاجته الى جهاز مفراس ناهيك عن الحاجة الى الاطباء المقيمين والمقيمين الاقدمين واختصاصي كسور ما يضطر ادارة المستشفى الى احالة نحو 3-5 حالات طارئة يوميا الى مستشفيات الحلة لعدم كفاءة المستشفى من حيث الاقسام التخصصية والملاكات الطبية.
ويضيف: المنطقة بحاجة اصلا الى انشاء ما لا يقل عن 3 مراكز صحية لتخفيف الضغط الحاصل على المستشفى كون بعض الحالات لا تحتاج الى مراجعة المستشفى ويمكن تقديم المساعدة الطبية لها في المركز الصحي.
معالجات متواصلة
يشدد الدكتور محمود عبد الرضا مدير عام صحة بابل على ان الدائرة لم تتوقف في أية مرحلة من مراحل عملها على معالجة المشكلات التي تعترض عمل المؤسسات الصحية ليس في منطقة شمال بابل بل في عموم مناطق المحافظة.
* وماذا كانت إجراءاتكم حيال ما تعانيه مستشفيات شمال بابل من نقص في الكوادر الطبية والتمريضية وضعف في البنى التحتية؟
ـ فيما يتعلق بقلة الكوادر فانها مشكلة تعاني منها المحافظة منذ زمن النظام السابق، وقد عملنا منذ وقت بعيد على معالجتها من خلال فتح اعداديات للتمريض في مناطق الكفل والمدحتية والحلة بواقع اعداديتين وكذلك في المسيب والمحاويل ومن المؤمل فتح اعدادية في ناحية الاسكندرية، والى جانب ذلك تم تسهيل عملية اعادة الكوادر التمريضية المستقيلة الى الخدمة، ولكن بشرط توفر الدرجات الشاغرة.
* وماهي الاجراءات التي اتخذتموها من اجل تقليص عدد الممرضين المتسربين من المستشفيات الى المراكز الصحية؟
ـ هذا الموضوع تم ادراجه ضمن مقترحات النظام الصحي الجديد وتم التوصل الى عدة توصيات لمعالجة نقاط الضعف في النظام الصحي الحالي ومن بينها مشكلة الكوادر التمريضية وتفضيلها العمل في المراكز الصحية على العمل في المستشفيات.
* وعلى صعيد الاطباء؟
ـ حرصا منا على حل مشكلة قلة الاطباء في شمال بابل فقد وجهنا بنقل عدد من الاختصاصيين الى مستشفى الاسكندرية وبواقع 6 اختصاصيين موزعين بين اختصاصات الجراحة والكسور والاطفال وقد تخرج مؤخرا 20 طبيباً اختصاصاً اشعة وفي غضون اقل من شهر سيتم توزيعهم بين المستشفيات وستكون حصة شمال بابل 10 اطباء، كما تم ترشيح احد الاختصاصيين في الكسور للعمل في مستشفى المسيب علاوة على نقل طبيب مقيم من كل مستشفى في الحلة وجنوب بابل للعمل في مستشفيات شمال المحافظة، والى جانب ذلك رفع قسم التخطيط في الدائرة احتياجات المحافظة الى الوزارة ومن المؤمل سدها قريبا. اما على صعيد البنى التحتية ،فقد طلبنا سابقا من المحافظة انشاء مستشفى بديل عن مستشفى ابن سيف الجنابي الا ان المحافظة اعتذرت بسبب عدم توفر التمويل، ويجري الان تنفيذ مستشفى للاطفال والنسائية في المسيب بكلفة 7 ملايين دولار مخصصة من المنحة الاميركية بسعة 50 سريرا وقد حصلت موافقة وزارة الصحة على توفير الكادر والاجهزة الطبية حال اكتمال المستشفى الذي وصلت مراحل الانجاز فيه الى اكثر من 70بالمائة وهو يضم صالة عمليات وعناية مركزة واستشارية، وسيكون بديلا جيدا عن مستشفى ابن سيف الجنابي الذي لم يبن في حينها بالشكل الصحيح ويعاني حاليا من هبوط وتشققات في البناء لا تفيد معها اعمال الترميم، علما ان موافقة الصحة على هدم المستشفى وبناء مستشفى بديل عنه حاصلة منذ وقت طويل الا ان عدم توفر التخصيصات المالية حالت دون ذلك.ويضيف الدكتور عبد الرضا قائلا: عموما فان الواقع الصحي في محافظة بابل وبالذات في منطقة شمال المحافظة يحتاج منا الكثير من العمل والعطاء لكي نتمكن من تقديم خدمات افضل للمواطن الذي عانى ما عاناه من ظلم ومحرومية.