العوز والتفكك الأسري وضعف الرعاية الاجتماعية وراء ذلك
الناصرية - حازم محمد حبيب- الصباح
نساء وأطفال يملؤون الشوارع والأزقة ينتشرون في آماكن الزحام وعند أبواب المطاعم أو يجلوس عند الطرقات وهم يمدون أيديهم طلبا بما يجود عليهم الاخرون من مال عند اشارات المرور يتجمعون لبيع المناديل او عبوات الماء البارد في نهار الصيف اللاهب وهم يتصببون عرقا. أطفال ونساء لايجدون لأنفسهم مأوى ولم تمتد لهم يد العون وآخرون يبحثون بين النفايات عن قناني البيبسي كولا الفارغة والخبز اليابس لجمعها وبيعها للحصول بثمنها على طعام الغذاء أو الفطور، هؤلاء الاطفال يستخدمون كأدوات من بعض عصابات الإجرام.
مرض وعوز
بالقرب من تقاطع بهو البلدية وسط مدينة الناصرية وقف الطفل (علاء) 12 عاما الذي يسميه رفاقه (أبو علية) حاملا بين يديه علبة كارتون فيها ورق الكلينكس وهو يعرض بضاعته على سائقي السيارات عند اشتغال الضوء الأحمر لإشارة المرور متوسلا بسائقي المركبات ان يشتروا بضاعته ولايتركهم حتى تشتغل الشارة الخضراء.
يقول علاء: انا وأمي ومعنا أختان صغيرتان نعيش في حي التنك في الناصرية وهو من الاحياء الفقيرة في المدينة واغلب بيوته مصنوعة من جذوع الأشجار ومغطاة بالصفيح.
واضاف: لايوجد لدينا مصدر عيش والأوضاع المعيشية صعبة خاصة بعد وفاة والدي وانا صغير جدا فعملت والدتي تلك الفترة لتجلب لنا لقمة العيش، لكن المرض والعوز اللذين لازماها منذ خرجت الى الدنيا كان يفرض علينا ان نخرج الى الشوارع لنقتات ونأتي في أواخر الليل ببعض من المال الى أمي وأخواتي الصغيرات.
وضاعت الأحلام
أما امجد الصبي (14)عاما فكان يحلم بان يصبح طبيبا ويداوي الناس ويقدم المساعدة للآخرين خاصة الفقراء والمحتاجين لكن حلم امجد أصبح سرابا ولم يتحقق وأصبح شحاذا ومشردا في الشوارع يقتات على فتات الخبز من المطاعم التي طالما تمعنت كثيرا وهو ينتظر خروج الأشخاص من المطعم ليمسك بهم ليعطوه نقودا او وهو يردد كلمات بات الناس يقول عنها انها كذب.
يقول امجد: بعد وفاة والدي تزوجت والدتي من رجل اخر يضربني كل يوم لكي اخرج للعمل وأساعده في توفير المال للبيت رغم ان أمي كانت ترفض ذلك لكنه كان يجبرها على ان لاتعترض على كلامه فتركت المدرسة خوفا من زوج أمي لكي أوفر نقودا واعتمد على نفسي ويسهب امجد وهو منشغل بسندويش الهمبرغر: نعم حلمي بان أكون طبيبا قد ولى وأصبحت طبيب المتسولين وزملائي أطفال الشوارع الذين حرموا من ابسط حقوقهم وهي حقوق اي مواطن في العيش السعيد.
مشاهد كثيرة ومناظر مؤلمة نر اها يوميا
أصدرت الحكومة المحلية في ذي قار مؤخرا قرارا تمنع بموجبه تواجد المتسولين والمشردين من الأطفال والنساء في الشوارع والطرقات. ان بعض هؤلاء يستخدمون من قبل جهات خارجية لمحاولة زعزعة الأمن في المحافظة وقال المحافظ أيضا: تم تشكيل لجان خاصة لمتابعة عوائل الأطفال المشردين والتعرف عن كثب على حالاتهم الاجتماعية ومعرفة مدى صحة حالاتهم المعيشية عن قرب والتمييز بين من يستغلون حاليا لجهات أخرى او من الذين يعانون الحرمان ومن العوائل الفقيرة أصلا من خلال تنسيق مع دوائر الرعاية الاجتماعية ودور الأيتام في المحافظة لإيواء الذين لايجدون مأوى لهم. وأضاف المحافظ: تم التشديد على الأجهزة الأمنية ومحاسبة المقصرين منهم في حال التهاون في أداء تنفيذ هذا القرار الذي عده ساريا منذ الان.
اعتداءات
وترى منى الهلالي رئيس منظمة أور لثقافة الطفل: لايخرج الى الشارع من الأطفال الا من اجبر او احتاج خاصة ان من السهل رمي الاطفال او استخدامهم كأدوات لجلب لقمة العيش او لأسباب أخرى بسبب عدم وجود دور لرعاية الاطفال وان الدار الموجودة حاليا غير مقنعة ولاتقدم الخدمات بشكل جيد خاصة ان اغلب الاطفال يتعرضون الى الكثير من حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي من قبل الاطفال الأكبر منهم الذين ينزلون معهم ايضا الى الشارع وهنالك حالات كثيرة سجلت بهذا الامر بعد الانتشار الهائل لهؤلاء الاطفال في الأزقة والحواري وعند المطاعم وإشارات المرور والذين يطرقون أبواب المنازل طلبا للطحين او الرز في مدينة الناصرية وباقي مناطقها. لا يجد الاطفال من ينتشلهم من واقعهم الذي ربما سيصبح واقعا خطرا في المستقبل لاتحمد عقباه فربما ولا أقول انا متأكدة من ان هؤلاء الصغار سيصبحون في يوم ما مجرمين خطرين قسا عليهم الزمن وحرموا من ان يعيشوا حياتهم التي كفلها الله لهم. بالمقابل يجب على الحكومة ان تضع حلا لهذه المعاناة التي غفلت عنها وينزل المسؤولون الى الشارع لكي ينظروا بالمباشر الى تلك الوجوه الجائعة بل انا اجزم ان كل المسؤولين يرون ذلك كل يوم ألف مرة لكن الزجاج المضلل وتكييف السيارات أعمى أبصارهم حتى لايروا ذلك المشهد المرعب.
العلاج..
وعن اهم سبل العلاج للقضاء على هذه الظاهرة تقول الهلالي: ان هنالك جملة من القضايا لعلاج هذه الظاهرة اهمها العمل على اعادتهم الى مقاعد الدراسة وتوفير المورد المالي لعائلاتهم وتوفير مكتبة مركزية للقراءة والاطلاع كما يجب ان تكون هنالك حدائق ومتنزهات لترفيه هؤلاء الاطفال.