بقلم ريتشارد فورد - ترجمة نادية المختار*
يؤكد خبراء يعنون بشؤون الأسرة والطفل أن معظم الباحثين الاجتماعيين قد أخفقوا في متابعة حالات الطفل النفسية بدقة بعد أن حصلت حالات انفصال أو طلاق بين والديهم. إذ ذكر الباحثون أن الأطفال الذين يعيشون مع أحد والوالدين بعد انفصالهما يكونون أكثرعرضة لمخاطرالأضطهاد والتعسف النفسي والبدني، وقد تبرز لديهم مشاكل وتعقيدات أخلاقية كونهم يظلون متأرجحي المشاعر بين الأب والأم.
وفي تقرير صدر من "مركز خدمات الاستشارات القضائية والقانونية" في شرق منطقة ميدلاندز في انكلترا، جاء فيه ان الباحثين الأجتماعيين قد أخفقوا في حل مشاكل 150ألف حالة طلاق تاركين وراءهم حفنة غير قليلة العدد من الأطفال وهم يقاسون الأَمرَين في تحمل الأضطهاد النفسي الذي يعانونه دون أن يجدوا من يشجعهم على تخطي المشاكل. وأوضح التقرير أن هذا الأمر يعد ظاهرة خطيرة على المجتمع برمته كونه يخلف جيلا من الأفراد المضطربين نفسيا وفكريا ويشعرون بعقدة النقص والعدوانية وسوء التربية بسبب الفعل اللاإرادي لتشظيهم العائلي أو بسبب عدم وجود عوامل كافية لتقويم تربيتهم ورعايتهم. ونصح التقرير أن تسعى المنظمات الاجتماعية والمؤسسات التربوية والتعليمية الى فتح آفاق واسعة لايواء وارشاد هؤلاء الأطفال تجنبا لنتاج جيل كامل غير ذي نفع للمجتمع ككل. كما يؤكد خبراء التربية والعلوم الاجتماعية على أن تبني قضايا هؤلاء الأولاد يقع في صميم مسؤولية الدولة ووزارة العدل والشؤون الاجتماعية، لأن الوالدين يمكنهما العيش والنجاة من الصعاب، بينما يكون هؤلاء الأطفال بأمس الحاجة للرعاية والمتابعة وتعويضهم فرصة العيشباستقرار وأمان.
وقد طالب "مركز خدمات الاستشارات القانونية والقضائية" بأن يتم توجيه استفسار رسمي لهؤلاء الباحثين حول سبب تقصيرهم وتقاعسهم في أداء وظيفتهم بشكل مهني صحيح. وقد ركزت الملاحظات النقدية على ضرورة أن يسعى الباحثون الاجتماعيون قبل كل شيء الى حسم موضوع بقاء الأطفال مع أحد الطرفين بالاتفاق على أن يدققوا في أفضلية المكان الذي سيبقى فيه الطفل سواء كان مع الأم أو مع الأب، على أن يتم ترتيب لقاء إسبوعي للعائلة.
كما يؤكد الخبراء على ضرورة كتابة تقارير مفصلة إسبوعيا عن حالة الطفل النفسية والصحية بعد بقائه مع أحد الوالدين وملاحظة جملة أمور منها عدم تعرضه للضرب والأهانة وسوء التعامل أو التعذيب النفسي والجسدي، دون الأعتماد على مايذكره الأب أوالأم فقط بل بالمعاينة الذاتية وسؤال الطفل نفسه ومتابعة العلامات التي يحصل عليها في دروسه لمعرفة مستواه الدراسي.
تقول "كريستين جيلبرت" مفتش عام لشؤون خدمات ومهارات الأطفال في وزارة التربية:
أن بعض هؤلاء الأطفال الذين يعيشون مع أحد الأبوين المنفصلين تكون مهاراتهم عادة أقل نصيبا من أقرانهم الذين يعيشون أسرة واحدة متكامله، وهذا طبيعي لأننا ندرك بأن دور الأبوين مهم جدا في نمو قابلية الطفل وتفتق ذهنه وبروز مواهبه، وفي العادة تتقبل المدرسة جميع النجاحات وترفض أي فشل للطفل لأنه يعني فشلنا بمساعدة الطفل على أن تشفع بوجود أبوين يعيشان معا في أسرة واحدة متماسكة". وتؤكد التقارير الواردة من قبل بعض المتخصصين الاجتماعيين خلال متابعتهم لمستويات الطلبة الدراسية أن معظمهم يحصلون على درجات واطئة وتكثر لديهم الأخطاء اللغوية والاملائية ويشكون من ضعف واضح في مادة القواعد، ويعزو هؤلاء الاختصاصيون السبب في ذلك غالبا الى الوضع الأجتماعي الذي يعيشه الطفل بسبب انفصال الوالدين.
يقول أنتوني دوغلاس المدير التنفيذي لمركز كافكاس التأهيلي ": نحن نعمل مع الأولاد والعوائل بشكل مباشر ولذا فنحن نستحق أن نحصل على نتائج مُرضية كوننا ننهض بمستوى الأولاد ليحققوا نجاحا في حياتهم الدراسية، ويكاد جميع الكادر التدريسي أن يتيح فرصة كبيرة لمساعدة هؤلاء الأولاد في تخطي الحالة النفسية التي يعانون منها لأنهم يقعون ضمن مسؤوليتهم.
أما الناطق الحقوقي باسم جمعية رعاية وتأهيل الأولاد "تيم لوغتوت" فيقول " يلعب مركز كافكاس دورا مهما في رعاية وتأهيل الأولاد رغم معاناة الأساتذة والتربويين والمشرفين المتخصصين لتقديم الجهد الخالص لهؤلاء الأولاد، إلا إن الجميع هناك يعملون بنشاط وجد واضحين من دون أن تقدم لهم الدولة أي مساعدة".
*عن صحيفة تايمز