بغداد - اصوات العراق
عند الجانب الأردني في المعبر الحدودي مع العراق بدا العراقي "حسين" حائرا أمام سؤال الضابط الأردني له ان كان سنيا أو شيعيا، ويستذكر حسين ذلك اليوم قائلا" معظم الزائرين العراقيين تعرضوا لنفس السؤال من دون ان نعرف السر وراءه".
هذا المشهد المتكرر يوميا في التعامل مع العراقيين صار مألوفا في المطارات أو المعابر الحدودية مع الأردن، وهو مؤشر دفع برئيس الوزراء المالكي لدى لقاءه مع أساتذة الجامعات العراقية اليوم الأربعاء، إلى الإشارة له بالقول انه طلب من ملك الأردن خلال زيارته الأخيرة للبلاد ان لا يسأل(الأردنيون) العراقي الزائر ان كان سنيا أو شيعيا.
وتمثل الأردن المجاورة للعراق ابرز المناطق التي لجأ إليها العراقيون خلال السنين الأخيرة بسبب الأوضاع الأمنية وتقدر وجودهم بنحو 500 ألف عراقي، فضلا عن كون الأردن تحتضن معظم النشاطات التي تقيمها المنظمات الدولية والخاصة بالشأن العراقي وهو الأمر الذي يفترض سفر الكثير من العراقيين سواء كانوا موظفين أو مسؤولين لحضور تلك النشاطات.
وتثير هذه المسالة حنق العراقي وتذمره، بحكم الشعور بان أشقاءه العرب ينظرون إليه وفق التوصيف الطائفي كما يقول الموظف الحكومي حسين الذي ذهب إلى الأردن في دورة تدريبية نظمها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
ويعبر حسين للوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) عن لحظات السكوت المشحونة بالغضب والتي لاذ بها مضطرا وهو يسمع ذلك الأردني يقول له " اسمك (حسين) وأبوك (إسماعيل) وجدك (حداد) .. جميعها أسماء لا توحي بأنك شيعي أو سني .. أما اسمك فهو مشترك بين الشيعة والسنة."
حول هذه الظاهرة التي يعاني منها الزائرون العراقيون للأردن قال الخبير القانوني طارق حرب للوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) إن "الموظف الأردني المسؤول في المنافذ الحدودية والمطارات الأردنية إذا ارتكب مخالفة في التعامل مع المواطن العراقي فيما يخص الخلفية العرقية والمذهبية، فإن هذا سيكون منافيا للقانون الدولي الذي يحرم التمييز على أساس العرق أو اللون أو الطائفة".
وأضاف أن "أسلوب التفريق الذي فشا وساد بين الموظفين الأردنيين في تعاملهم مع الزوار العراقيين ولد انطباعا سيئا لدى العراقيين."
وبين "نسمع في كل مكان عن تذمر واضح لدى العائدين من الأردن من الذين دخلوا أو لم تسمح لهم السلطات الأردنية بالدخول".
وشدد حرب على ضرورة أن "تتدخل الحكومة الأردنية في هذا الشأن، كأن تطلب إحصاءات حول عدد العراقيين الذين لم يسمح لهم بدخول الأراضي الأردنية."
أما فيما يتعلق بتعامل الموظف العراقي بالمثل مع الزائر الأردني فقال حرب إن "الدستور العراقي لا يسمح بهذا التفريق بين مواطن وآخر يزور العراق".
وختم حرب حديثه بالقول إن "الحاجة الاقتصادية الأردنية للعراق ستروض تدريجيا من أسلوب تعامل المسؤول الأردني مع المواطن العراقي الذي يدخل الأردن".
أما رئيس تحرير جريدة الأهالي هفال زاخويي، فيعقب على طلب المالكي من ملك الأردن بشان منع ظاهرة تعامل الأردنيين مع العراقيين على أساس المذهب بقوله إن "طلب المالكي جاء متأخرا، إذ كان من المفترض أن يتم تبليغ الأردن رسميا بهذا الشأن من خلال وزارة الخارجية أو السفارة العراقية في عمان".
وشدد على أن "الشعب العراقي لا يريد ان يشعر بالفروقات الطائفية والقومية".
وذكر زاخويي لـ (أصوات العراق) أن "المسؤولين في الأجهزة الأمنية الأردنية في مطار عمان والملكة عالية يوجهون أسئلة للعراقيين تتعلق بخلفيتهم المذهبية والقومية"، واصفا هذا الإجراء بأنه "بدوي".
ووصف معاملة سلطات العديد من الدول العربية للعراقيين الداخلين إليها بأنها "سيئة"، مؤكدا على إن "على السلطات الأردنية والسعودية أن تخجل من نفسها بهذا الشأن".
وكان زاخويي نشر، في وقت سابق، مقالا في جريدة الأهالي حول أسئلة خاصة بالقومية والمذهب وجهها إليه ضابط في أمن مطار عمان، ما دفعه إلى رفع شكوى إلى الديوان الملكي الأردني، وقدمت له دائرة إدارة المعلومات اعتذارا رسميا بهذا الخصوص واصفة تصرفات مسؤولي أجهزة أمن المطار بأنها "شخصية".
وذكر أن العراقيين الداخلين إلى الأردن يشكون من "مشاكل كبيرة"، حيث "توفي أحد المرضى في مطار عمان نتيجة تأخير المسؤولين لدخوله إلى الأردن للعلاج".
ويقول أكاديمي عراقي، طلب عدم الكشف عن اسمه، لأسباب تتعلق بزيارة مقبلة له للأردن، إن السلطات الأردنية في المنافذ الحدودية والمطارات "لا تميز بين المجرم والبريء، والجاهل والعاقل، والعادي والفنان"، وتعامل الجميع بطريقة "غير إنسانية".
وأضاف أن "الخارجية الأردنية اعتمدت مبدأ منح الفيزا على شركة يطلق عليها اسم TNT تقوم بمنح الفيزا للعراقيين بعد 15 يوما من ملء استمارة أسباب الزيارة الأردنية".
وأردف " لكن الذي حدث أن "الفيزا بدأت تتأخر أكثر من شهرين، ما عرض الكثير من العراقيين خصوصا المرضى منهم إلى مشاكل صحية وإنسانية".
وتابع أن "السلطات الأردنية لم تمنح وزراء متقاعدين في حكومات عراق ما بعد 2003"، واصفا السياسيين العراقيين التي تحتضنهم الأردن والأمارات والكثير من الدول العربية بأنهم "مدللون لديهم".
ص م (تق) - ح إ ح