على الرغم من قلّة الأجهزة والمستلزمات
بغداد ـ سعدي غزالة
اعادت الملاكات الطبية الحياة الى مستشفى الكرامةالتعليمي على الرغم من المشكلات المتعددة الجوانب التي تواجه العاملين فيه وبينها ضعف الخدمات وقلة الاجهزة الطبية وضعف الدعم.ومع ذلك يواصل العاملون في المستشفى العمل وتمكن اختصاصي البولية وزرع الكلى من اعادة الحياة لقسم زراعة الكلى ونجح باجراء عملية زرع كلية، بعد توقف عن العمل دام لأكثر من سنتين بسبب الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الشيخ معروف حيث يقع المستشفى، خلال المدة السابقة،والتي راح ضحيتها عدد من الملاكات العاملة فيه وفي مقدمتهم طبيبان متخصصان توليا إدارته.
عملية ناجحة
يقول الدكتور حيدر عبد عون كنت اريد بعد عودتي مؤخرا من دورة تدريبية استمرت لشهرين في إحد المستشفيات البريطانية المتخصصة، وبعد تحسن الوضع الامني ، ان اعيد الحياة للقسم الذي اعمل فيه، اذ جاءت تلك اللحظة عندما تمكنا من القيام برفع كلية من احد المتبرعين وزرعها للمريض على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتنا حيث تمت الاستعانة باحد الاطباء الاختصاص الذي يعمل في احد المستشفيات القريبة، وهو ما تفتقر اليه مستشفانا، لتحضير المريض ومتابعته بعد اجراء العملية.
ارتياح
فيما اعرب المريض المحامي جلال موسى 35 عاما، عن ارتياحه بعد تمكنه من اجراء عملية زرع كلية في احد المستشفيات العامة وبالمجان.
وقال موسى: اجريت لي الفحوصات والتحاليل المطلوبة وعملية الزرع خلال اسبوع واحد، في حين طلب مني احد المستشفيات الاهلية الانتظار لاكثر من شهر ودفع ما يقــارب 10 ملايين دينار.
معوقات
مدير مستشفى الكرامة التعليمي الدكتور قتيبة عبد الرزاق منير، يجمل أهم المشاكل التي يعاني منها المستشفى ذو السعة السريرية البالغة 420 الذي يضم اختصاصات الجراحة العامة والنسائية والمجاري البولية والكسور والعيون والانف والاذن والحنجرة فضلا عن عدد من المراكز المتخصصة، في صعوبة وصول المراجعين والملاكات العاملة فيه بسبب عدم وجود خطوط نقل عامة تمر بالقرب منه كما هو حال المستشفيات الاخرى فالوصول إلى المستشفى لا يتم إلا عبر شارع ضيق او باستخدام سيارة خاصة الأمر الذي أدى إلى ان تكون مواعيد العلميات المعطاة للمرضى لمدة يومين فقط وهي مدة قليلة جدا لا يمكن مقارنتها ببقية المستشفيات نتيجة قلة الزخم لا فتا إلى وجود مباحثات بهذا الشأن مع دوائر البلدية في المنطقة بهدف توسيع الطرق المؤدية اليه اضافة الى قلة الملاكات الطبية والتمريضية لا سيما النسوية منها حيث ان هناك حاجة الى ما يقارب 70 ممرضة وأكثر من 10 أطباء تخدير اذ يمتلك المستشفى في الوقت الحالي ستة أطباء منهم وسينتقل نصفهم إلى المحافظات بحسب التدرج الوظيفي ليصبح عددهم ثلاثة في حين ان المستشفى توجد فيه 17 صالة عمليات اضافة الى عطل عدد من الأجهزة واحتياجها إلى المستلزمات الأولية. واقر الدكتور منير بضعف الخدمات الفندقية المقدمة فيه وقلة النظافة الامر الذي ارجع سببه الى عدم وجود الملاكات الكافية العاملة في هذا المجال مشيرا إلى ان إدارة المستشفى بصدد التعاقد مع الشركات الاهلية لتقديم تلك الخدمات كما هو معمول في العديد من المستشفيات المماثلة.
صعوبات
المشاكل والصعوبات التي ذكرها مدير المستشفى، استعرضها بالتفصيل مسؤولو عدد من الاقسام
والمراكز، فالدكتور عبد عون مدير قسم زراعة الكلى يخبرنا بان المستشفى يحتوي على اكبر عدد من اجهزة غسل الكلى الدموية والصفاقية الحديثة، الا انه لا يوجد طبيب واحد في هذا الاختصاص ما ادى الى توقف عمليات غسل الكلى باستثناء عدد بسيط من العمليات التي اجريت الى المرضى القدامى الذين يجرى لهم الغسل بالاستعانة باحدى الطبيبات الممارسات، وبين د.عون بان مراجعاته العديدة الى وزارة الصحة التي استمرت لاكثر من سنة بهدف تنسيب او نقل طبيب يعمل في هذا المجال، لم تسفر عن نتيجة لعدم توفر الطبيب الاختصاص، اذ ان اغلب الاطباء يرفضون العمل في المستشفى. اما مسؤول مركز التطابق النسيجي الدكتور ليث عبد الاله كامل الذي اشترك مؤخرا في دورة تدريبية في اميركا عن تقنيات الحمض النووي واستخدام الاجهزة الحديثة، فقد بدأ حديثه عن تاريخ المركز قائلا انه كان يعد الاول في البلاد ويقدم خدماته لجيمع المحافظات فضلا عن تدريبه الملاكات العاملة في معهد الطب العدلي ومدينة الطب، اما الان فان المختبر يعمل بتقينات اصبحت قديمة امام تطور التقنيات الطبية لقياس مدى التطابق ما بين المتبرع والمريض بالنسبة لعملية زراعة الكلى ، وهذه الطريقة تتحمل الخطأ بنسبة 10الى 15 بالمئة في حين ان جهاز فحص الحمض النووي الذي يمتلكه المستشفى والمتوقف عن العمل بسبب نقص المستلزمات الطبية بامكانه ان يعطى نتائج صحيحة 100بالمئة
واشار الدكتور كامل الى أن وزارة الصحة وافقت على فتح استشارية المناعة في المستشفى الا ان تلك الاستشارية بحاجة الى العديد من الاجهزة مثل جهاز لقياس نسبة الدواء في جسم زراعة الكلية كي لا تكون لديه عملية رفض لها وجهاز اخر يقوم بغسل العقد من الترسبات المناعية داخل الجسم الذي من شأنه ان يطيل عمر الكلية المزروعة اضافة الى ان هذا الجاهز يمكن ان يقدم خدماته لمرضى الجلدية والباطنية الذين يعانون من المناعة الذاتية.
30 سريرا لـ 70 مريضا!
مسؤولة مركز امراض الدم الوراثية الدكتورة زينب الشاهين شرحت معاناة مرضى الثلاسيميا مبينة ان المركز لديه 1310 مرضى ويقدم خدماته لمرضى قطاع الكرخ والاقضية القريبة منه اضافة الى عدد من المحافظات ويستقبل نحو 60 الى 70 مراجعا يوميا في حين ان عدد الاسرة يبلغ 30 سريرا ما جعل المرضى يشغلون الممرات انتظارا، حيث لا تستطيع المستشفيات الاخرى استقبالهم وتقديم خدمات الدم مثل المواد الطاردة للحديد والحصص الشهرية من الدم فضلا عن استشارة الاطباء الاختصاصيين.
وتضيف الشاهين: ان نقض المواد المختبرية ادى الى توقف عمل الاجهزة الحديثة على الرغم من وجود اغلب تلك المواد في الاسواق المحلية فالمركز يمتلك جهازا الكترونيا حصل عليه عن طريق احدى المنظمات الانسانية يقوم بقياس محتويات الدم كاملة الا انه توقف عن العمل بعد نفاد مواده الاولية اضافة الى عدم توفر المضخات التي يستطيع مرضى الثلاسيميا بواسطتها اخذ المادة الطاردة للحديد منزليا لمدة 12 ساعة، التي كان من المفترض ان تقوم الشركة العامة لتسويق الادوية والمستلزمات الطبية بتوفيرها منوهة بان هناك 180 جهازا ضمن تخصيصات المستشفى الا انها لم تستلم حتى هذه اللحظة.
أمر اداري
في حين اختلفت مشاكل رئيس قسم الجراحة الدكتور عبد الناصر سعود عن بقية زملائه فهو يقول فوجئنا منذ اكثر من سنة ونصف بأمر اداري صريح يطلب عدم استخدام جهازي الجراحة الناظورية التي تمتلكهما المستشفى الا بعد دخول العاملين عليها في دورة تدريبية في داخل البلاد، على الرغم من ان اغلبنا دخل دورات في استخدام هذه الاجهزة في دول اوروبية الا ان الوزارة لا تعترف بها ويضيف امتثلنا للامر الاداري الصادر الا انه وحتى هذه اللحظة لم توجه لنا أية دعوة لدخول تلك الدورات التي تقام في مدينة الطب والقوائم تخرج لا تحمل اي اسم من ملاكاتنا اذ يبدو ان الدخول في مثل هكذا دورات بحاجة الى بعض العلاقات والمراجعات الكثيرة.
المهم ثم الأهم
الوكيل الاداري لوزارة الصحة الدكتور خميس السعد يقول لقد مرت المنطقة والمستشفى بظروف عصيبة جدا الكل يعرفها حيث كنا لا نستطيع ان نذكر من هو مديرها خوفا عليه من القتل هذه الظروف ادت الى نزوح الكثير من الملاكات الطبية والتمريضية والادارية العاملة فيه.
وقد قمنا بزيارة تفقدية للمستشفى خلال الفترة القليلة الماضية بمعية المفتش العام للوزارة الدكتور عادل محسن عبدالله الذي وضع فريق معايشة ميدانية في المستشفى للوقوف على اهم المشاكل والصعوبات التي تحول دون تقديم خدمات علاجية وطبية افضل وقد قدم فريق المعايشة العديد من التوصيات ونحن بصدد متابعتها ودراسة امكانية تحقيقها مبينا ان الهدف الاول من تلك الزيارة كان ايصال رسالة اطمئنان للمنطقة والمواطنين بان المستشفى مستمتر في تقديم خدماته.
وعن موضوع الاجهزة والمستلزمات فيقول الدكتور السعد بان هناك شحة كبيرة فيها في عموم المستشفيات هي مكلفة جدا قد لا تكفي ميزانية البلد كاملة لتغطيتها وان سياسة الــــوزارة الحالية تنصب في توفير الادوية المهمة والمنقــذة للحياة.