نيوزماتيك/بغداد
بعد تحسن الأوضاع الأمنية في العراق خلال الأشهر الماضية وخصوصا في بغداد ترغب الكثير من العوائل التي هجرت خارج العراق بالعودة إلى منازلها. ومن بين تلك العوائل من هجر لأسباب طائفية عامي 2006 و 2007. وتعمل الحكومة العراقية على مساعدة المواطنين الذين هجروا أثناء أعمال العنف الطائفي للعودة إلى العراق برحلات جوية مجانية بدأت برحلتين من مصر إلى بغداد. وكانت الأخيرة يوم الأحد الماضي وأقلت فيها الطائرة نحو 246 مواطنا.
ويقول الناطق المدني باسم خطة فرض القانون في بغداد تحسين الشيخلي في حديث لـ"نيوزماتيك" أن هناك رحلات أخرى للنازحين العراقيين الموجودين في دول الجوار العراقي ومصر والراغبين بالعودة إلى بغداد".
مهلة لشاغلي دور المهجرين
ويؤكد الشيخلي أن الحكومة العراقية ستعمل على توفير فرص عمل لإفراد هذه العوائل وتقدم الخدمات لهم من خلال التنسيق بين جميع الدوائر الخدمية في بغداد".
وينفي الشيخلي أن تكون عودة النازحين العراقيين من مصر جاءت "لأسباب مالية بل هي لقناعة تامة بالعودة إلى البلاد بعد استقرار الأوضاع الأمنية فيها"، مشيرا إلى أن "الحكومة العراقية اتخذت قرارا بإمهال شاغلي دور العوائل المهجرة في مناطق بغداد حتى نهاية شهر آب الجاري لتركها وتسليمها للقوات الأمنية".
ويعتبر الشيخلي أن "تنفيذ هذا القرار يهدف إلى إرجاع العوائل المهجرة والمهاجرة إلى مناطق سكنها السابقة بشكل يزيد من الأمن والاستقرار في بغداد ويوفر جوا مناسبا وملائما لعودة العوائل العراقية النازحة".
بعد غياب سنتين
بعض اللاجئين العراقيين إلى مصر الذين عادوا على متن طائرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تحدثوا عن أسباب مالية لعودتهم للعراق، إلا أنهم رغم ذلك كانوا فرحين بعودتهم.
تقول سليمة محمد المشهداني، 57 سنة "أنا فرحة جدا بالعودة للعراق وخصوصا بغداد بعد غياب دام سنتين بسبب تهجيرنا من منزلنا في منطقة الحرية".
وتضيف سليمة في حديث لــ"نيوزماتيك" أن سبب عودتها جاء بعد استقرار الأوضاع الأمنية في بغداد خلال الأشهر الماضية"، إلا أنها قالت "إن الظروف المالية وغلاء المعيشة في مصر كانت سببا آخر في عودتها إلى العراق خصوصا بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن تحمل الحكومة تكاليف العودة".
وتتابع سليمة إنها "لن تعود إلى بيتها في منطقة الحرية بل ستبحث عن منزل آخر في منطقة أخرى للسكن فيه هي وعائلتها، لأنها لا تستطيع العودة إلى المنطقة بسبب استيلاء المسلحين على منزلها منذ عام ألفين وستة".
أسباب العودة نفسية
من جانبه يقول سمير سلطان، 22 سنة، إن "سبب عودة عائلته من مصر جاء لأسباب نفسية تتمثل بعدم قدرتها على الاستمرار في العيش هناك لغلاء المعيشة، فضلا عن أن تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد أقنعها بالعودة لبغداد. ولا ندري ماذا ينتظرنا هناك".
ويضيف سمير إن "عودتنا أصبحت ضرورية لان العيش فيه أصبح ممكنا فيه بعد تحسن الأوضاع الأمنية وعودة السنة والشيعة للتعايش من جديد كما كانوا في السابق دون أي مشاكل".
ويتابع قائلا إنه "سعيد جدا بالعودة" ويتمنى أن يعاود العيش من جديد في بغداد ونسيان الذكريات المؤلمة التي واجهته خلال العاميين الماضيين في منطقته أثناء اندلاع العنف الطائفي.
وأخرى مالية
إلا أن شذى سلمان، 40 سنة، تدعو "جميع العراقيين الموجودين في الخارج إلى عدم العودة في الوقت الحاضر إلا بعد سيطرة الحكومة العراقية على جميع مناطق العاصمة وإفراغ دور العوائل المهجرة من شاغليها".
وتضيف شذى سلمان في حديث لـ"نيوزماتيك" أنها عادت إلى العراق "بسبب الضائقة المالية" التي مرت بها بعد نفاد جميع المبالغ التي كانت بحوزتها في مصر لهذا "قررت العودة مع زوجي لكي نستطيع إكمال مشوار حياتنا الذي أصبح صعبا في مصر بسبب غلاء المعيشة والبطالة".
وتشير شذى إلى أنها "لا تستطيع العودة إلى منزلها في حي الشرطة الرابعة لأن العائلة التي استولت عليه بعد تهجيرنا من المنطقة عام ألفين وسبعة ما تزال تشغله".
وتتابع شذى أنها ستعود للسكن هي وعائلتها في منزل والدة زوجها لعدم قدرتها حاليا على تأجير أي منزل، وقالت "لولا قرار المالكي بتحمل نفقات عودتنا إلى العراق لأصبحت أوضاعنا أكثر سوءا في مصر".
وكان نائب رئيس لجنة المهجرين والمرحلين في البرلمان العراقي باسم الحسني اتهم، في حديث سابق لــ"نيوزماتيك"، الحكومة العراقية "بالدعاية الإعلامية من وراء جلب النازحين العراقيين من مصر".
إعادة المهجرين مهمة وطنية
لكن المتحدث الرسمي باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا نفى في حديث لــ"نيوزماتيك" "وجود أي هدف دعائي وراء ذلك". واعتبر "قيام الحكومة بإعادة النازحين العراقيين من الخارج مهمة وطنية عليا وسياسية عليا للحكومة في الوقت الحاضر ولا يجب أن تدخل في باب الصراع السياسي".
ويؤكد عطا "وجود خطة لدى قيادة عمليات بغداد لتوفير الحماية الكافية للعوائل العراقية العائدة من خلال التنسيق بين القوات الأمنية من جيش وشرطة في جميع مناطق بغداد لتسهيل عودتهم إلى مناطقهم بشكل آمن.
وكانت أول دفعة من اللاجئين العراقيين إلى مصر وصلت في السادس من شهر آب الجاري إلى مطار بغداد بالطائرة الخاصة برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على خلفية قراراه بتسهيل عودة اللاجئين إلى بلادهم بحسب ما ذكر بيان لرئاسة الوزراء.
يذكر أن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بأحوال اللاجئين في العالم تقدر وجود نحو مليوني مهاجر عراقي، فيما تشير التقديرات إلى نزوح حوالي 1.8 مليون عراقي داخل بلدهم. وقد هاجر معظم هؤلاء نتيجة أعمال العنف التي شهدها العراق بعد سقوط النظام السابق، والتي بلغت ذروتها مطلع العام 2006 بعد تفجيرات سامراء التي استهدفت مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري.