بغداد ـ سعاد البياتي- الصباح
* شباب يتعاقدون مع امانة بغداد من اجل العمل وقتل الفراغ ولا يخجلون من حمل المكنسة وسقي الحدائق
*المهن تخضع للفصول السنوية
افكارهم تعكس مواهبهم التي لم يغلقوا عليها الابواب ولم يستسلموا امام العقبات الصغيرة او الكبيرة لان عظمة الافكار في تحقيقها وفي تحويلها من خاطر وحلم الى واقع حقيقي ومبهر.
فالى وقت قريب كان العمل في بعض الوظائف وصمة يتوارى البعض منها خجلا وخوفا من ان يعرفها الاصدقاء والمقربون.
لكن في الاونة الاخيرة اتجه عدد كبير من الشباب الى العمل في القطاع الخاص وبالتحديد في مهن غير تقليدية.
(ملحق اسرة ومجتمع) استطلع آراء بعض الشباب وبعض ممن خاضوا تجربة العمل اليومي بعيدا عن الخجل!!
العمل شرف وليس ترفاً
(سرمد زهير) 20 عام يقول..
من الصعب ان تحصل على مهنة الان والعمل شرف لاغبار عليه خاصة ونحن مجموعة من الاصدقاء اثرنا العمل ضمن المجاميع التي تعاقدت مع امانة بغداد كعمال تنظيف فوجدنا في العمل فرصة لملء الفراغ الذي نعيشه وهو السبيل للحصول على مورد يومي معقول!!
بدلا من انتظار وظيفة او عمل اخر قد تطول مدته ولا نحصل عليه بالنهاية.
ويعلق صديقه (علي رضا) على ذلك فيقول:
وجدنا في تنظيف الشوارع وسقي الحدائق العامة فرصة جيدة للعمل والحصول على رزق لنا ولعوائلنا ولم يكن في هذا العمل ما يشعرنا بالخجل بل يزيدنا رضا لانفسنا فالعمل في هذا الزمن لابد منه واشعر انه اصبح مألوفا لدى الجميع فسقي الحدائق والاشجار وتنظيفها يعطينا شعورا بالحياة ويجدد في نفوسنا الامل والحيوية.
متعة وفائدة
يبدو ان البعض استحب العمل في هذه المهن ووجد منها ما يحبب اليه النشاط والابداع بعيدا عن الخجل والتواري وراء جدران العيب.
فهذا (احمد) ذو الربيع السادس عشر يعمل في رصف الارصفة ضمن المجموعات التي اتخذتها امانة بغداد لتزيين العاصمة..يقول (احمد):
كنت متردداً في بداية الامر لكني وجدت في العمل متعة واستفادة رغم حرارة الشمس ولهيبها الا اني اشعر بسعادة عندما اجد ان عملي جميل اتقاضى عليه اجرا مقبولا المهم اني لا اضيع وقتي!!
مهنتي جميلة
ويعمل (حيدر) 25 عاماً في محل لتزيين سيارات الاعراس يقول عن عمله:
انه لطيف وممتع ومحفز ايضا حيث يشعرني بالفرح والتفاؤل خاصة وانا اتعامل مع الزهور والاوراق الملونة والزاهية والتي تعطي بهجة وفرحاً للمتعاملين معها.احببت العمل في هذه المهنة ورأيت ان الابداع فيها يأتي من خلال فن التنسيق والذوق والتعامل مع الالوان انه عمل جيد ولطيف.
حاجة بربع
ويمتهن الشاب (مرتضى) 23 عاماً مهنة تضاف الى المهن التي فرضت وجودها مؤخرا واخذت من الاقبال والترويج بابا واسعا للرزق.فبسطيات (حاجة بربع) لها زبائنها الذين يجدون في العربات الاشياء البيتية والبضائع الصغيرة التي ترغبها الفتيات والصغار اشياء وحاجات متنوعة وعديدة ولرخصها وطريقة عرضها باتت تحمل طابع الاقبال والرواج يقول (مرتضى):وجدت في بيع هذه الحاجيات ربحا جيدا ويبدو انها اتسعت وانتشرت في كل المناطق حتى ان الاماكن التي تتواجد فيها هذه البسطيات بدأت تدخل في مزايدات الاماكن والرقع الجغرافية فكان لها طابع متفرد في السوق.
مطعم الأصدقاء
اما (علي محمود) 20 عاماً فقد اتخذ من مطاعم الارصفة مهنة مؤقتة له يبيع الاكلات السريعة والمقبلات الجاهزة يقول:
عملت في هذا تشجيعاً من اصدقائي والذين ساعدوني في تهيئة المكان والذي وجدت فيه عملا جيدا بعد ان طال انتظاري للوظيفة بعد تخرجي من كلية الادارة والاقتصاد، اكثر زبائني من الاصدقاء والمعارف الذين كانوا لي خير عون وعلى الرغم من قلقي لاني لا امتلك مكانا خاصا بي كمطعم صغير الا اني استمتع بعملي واجد فيه فرصة جيدة
لكسب العيش.
الموبايلات عالم الشباب
الموبايلات وعالمها المتنوع والمرغوب بشدة من قبل الشباب اصبحت ظاهرة تبديل الموبايل وبيعه وتصليح العاطل منه وتداوله بشكل كبير ظاهرة معروفة بين الشباب لذا اتخذ البعض منه مهنة سريعة للكسب.فبالاضافة الى المحلات العديدة المنتشرة في البلاد نجد اقبال الشباب على شراء وتبديل الاجهزة وبيع الكارتات مهنة مربحة. فلم يكن (امين) ذلك الفتى الصغير (16) عاماً الا واحدا من الشباب الذين اتخذوا من بيع الموبايلات العاطلة بعد تصليحها مهنة جيدة له حيث لا يمتلك (امين) محلا خاصا به بل راجت بضاعته البسيطة بين المعارف والاصدقاء الذين يطلبون منه جهازا رخيصا وبشطارته المعروفة يوفر الاجهزة النقالة الرخيصة والتي يقول عنها (يمشي حالها) ليبيعها مع ربح بسيط له.
مهن لا تخضع للانتظار
المهن التي ابتكرت مؤخرا عند شبابنا يغلب عليها طابع البساطة والتنوع فراحت تستأثر باصحابها وتلاقي فوق ذلك التقليد والتطور.
ففي فصل الصيف نجد العديد من شبابنا يبيعون المياه المعدنية الباردة والمثلجات والعصائر عند التقاطعات والازدحامات المرورية واخرين اتخذوا من بيع المناديل الورقية وقبعات الخوص مهنة مربحة.
اما في فصل الشتاء فنجدهم يمتهنون ما يناسب الفصل كبيع الموز المستورد او الشاي اوغيرهما من المهن مما يجدون فيها ربحا جيداً مع قناعتهم بالعمل في اقسى الظروف.
سائق بالاجبار
قابلت شبابا اتخذوا من مهنة السياقة عملا يوفر معيشة لعوائلهم وهم يعملون سواق اجرة في سياراتهم الخاصة.
يقول (عقيل مسلم) 25 عام تخرجت من كلية التربية الرياضية منذ سنتين ولم اجد فرصة عمل مناسبة امتلك سيارة خاصة بي عملت فيها سائقاً ورغم انها مهنة متعبة الان بسبب الازدحامات المرورية وارتفاع اسعار البنزين الا انها توفر لي عملاً ودخلاً لعائلتي.
يودعون خجلهم
الاعمال الشبابية المبتكرة والعديدة والتي ظهرت في السنوات الاربع الاخيرة لا تنطوي على فشل او ماشابه ذلك بل كل الذين التقيناهم مارسوا مهنهم بقناعة..لان صورة الشاب الان مختلفة تماما عما مضى!!
حيث كانوا يخجلون من الاعمال البسيطة في الشوارع والتي تلتق بهم كشباب!!
الان اصبح البحث عن مهنة من اصعب الامور وباتت المهن المبتكرة والحديثة سبيلا للذين لا يجدون ماينقذهم من الضياع وقتل الفراغ والحالة التي عاشها العراق اليوم جعلت الموازين تختلف وتتباين وان تتجه عقول الشباب الى امتهان اية مهنة تخلصهم من فراغهم وتمنحهم املا في معيشة جيدة لهم ولعوائلهم.
اما ما يتعلق باختيارهم والظروف التي يعيشونها فان اغلب الشباب الان يفضلون العمل في دوائر الدولة وقطاعاتها الرسمية عدا البعض الذين وجدوا في المهن الحرة ما يعوضهم عن الفراغ واحباطهم في الحصول على وظيفة مناسبة فكانت المهن التي تنوعت واختلفت بمستويات عدة بعيدا عن الخجل والكسل والانتظار.