This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

هل من سبيل لعودة الرحلات الطلابية الصيفية؟
21/08/2008

 

 

رئيس قسم اللغة الانكليزية في كلية اللغات د. سعد قاسم صغير  في لقاء مع الصباح:
بغداد ـ سعد صاحب
شهد منتصف سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن السابق ـ ظاهرة السفرات والرحلات العلمية لطلبة بعض الاقسام العلمية والانسانية في الجامعات العراقية

وكان تاثير مثل هذه الرحلات تاثيراً ايجابياً وملموساً سواء على صعيد تطور المهارات التعليمية في اللغات والعلوم الاجتماعية او العلمية او في مجال الخبرة الاجتماعية للطالب من خلال الاحتكاك والمعايشة المباشرة لواقع اخر وتجربة مغايرة.. وبسبب الحرب العراقية الايرانية... والظروف القاسية التي مر بها العراق خلال فترة الحكم السابق.. اختفت هذه الظاهرة الرائعة من حياة الجامعات العراقية..يتساءل الطلبة والاساتذة.. عن المبررات التي تقف دون عودة هذه الرحلات العلمية التي كانت ضمن اتفاقات وبروتكولات بين جامعاتنا والجامعات العالمية.. دون ان تكلف البلد... او تثقل الميزانية المخصصة لوزارة التعليم العالي.
ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة وتاريخها في التعليم العالي التقينا برئيس قسم اللغة الانكليزية ـ كلية اللغات / جامعة بغداد سعد قاسم صغير
طبيعة السفرات
السفرات العلمية تقتصر على بعض الكليات التي تحتاج تدريب طلابها ضمن حقول معينة، خاصة الكليات العلمية وطلبة الدراسات العليا من الاقسام التي تدرس اللغات، فهم بحاجة الى معايشة اصحاب اللغة الاصليين.
في منتصف السبعينيات كان هناك اتفاق بين جامعة بغداد وجامعة (لان كستر) التي تقع في شمال انكلترا فكان طلاب الدراسات العليا يذهبون بمعية استاذين، استاذ لغة واستاذ ادب، موعد السفرة يكون في الشهر السابع والثامن بعد السنة التحضيرية، ياخذون كورساً دراسياً ويسكنون مع عوائل انكليزية لغرض ممارسة اللغة مع الناطقين بها.لغرض التقوية وكسر حاجز الخوف والجرأة التي هي الاساس في تعلم اللغة، اخطأ مرة او مرتين، المهم ان تضبط النطق الصحيح في النهاية، طرح الافكار امام صاحب اللغة الاصلي تعلم الطالب الكثير من الاشياء النافعة واهمها: التخلص من عقدة الانكماش والانفتاح على العالم الخارجي الذي يختلف عن مامكتوب في المناهج الدراسية.
الحروب هي السبب
عند اندلاع الحرب العراقية الايرانية توقفت هذه البعثات والسفرات واستمر هذا الانقطاع الذي اثر سلباً على الطلبة لحد الان، وقد تم اقتراح اعادة هذا البرنامج لما فيه من فائدة كبيرة لطلبة الدراسات العليا، لان اكثر الخريجين الذين اصبحوا اساتذة لايعرفون طريقة استخدام اللغة في الشارع ويواجهون حرجاً كبيراً عندما يلتقون بالاجنبي. لدينا الكثير من القصور الثقافي في اللغة، والمفردة لاتستخدم في فراغ، وانما تستخدم ضمن سياقات اجتماعية وثقافية وكلما عاش الطالب هذه المواقف، كان قادراً ان يعبر عن نفسه بشكل افضل وادق.
السبب الرئيس بعدم ارجاع هذه البرامج والرحلات الى الاوضاع الحالية التي يعيشها البلد، وعدم اتخاذ موقف حاسم باتجاه تنمية مهارات الطلبة التي تكلف الدولة صرف بعض المبالغ المالية حيث لايتجاوز عدد الطلبة المسافرين لهذا الغرض اكثر من عشرة او عشرين في احسن الاحوال، اتذكر سفرتنا التي كانت في العام (1977) من القرن الماضي، كنا عشرة من طلاب اللغة وعشرة من طلاب الادب.
من اهم الفوائد التي يكتسبها الطالب الاحتكاك المباشر بالناس الذين يتحدثون بهذه اللغة، وكيفية استخدام اللغة بالمواقف الحقيقية، اللغة ليست مجرد معرفة كلمات او حفظ قاموس من المفردات عن ظهر قلب، بعض الكلمات في الحياة اليومية يختلف معناها عن ماموجود في القواميس والكتب الدراسية، معايشة الواقع هو الذي يبني عقلية المتعلم ويفتح قدراته على التعبير، بالاضافة الى الفائدة الحضارية من السفرات.ان اللغة حضارة وتعامل انساني شفاف،  مرة في قاعة الدرس الانكليزية، سألني المدرس الاجنبي وقلت له (نعم بالطبع) فقال لي في لغتنا هذه المفردة اي (بالطبع) تعتبر بمثابة الاساءة، ويعني ان السؤال الذي طرحته كان ساذجاً فمن الاجدر بك ان لاتسأله هذا واحد من الدروس العملية البليغة المستوحاة من هذه الرحلات العلمية.
ذكريات عن السفرات الصيفية
من ذكرياتي عن السفرات العلمية: كنت اساتذاً في جامعة الموصل في العام (1987) وكان لدينا اتفاقاً مع جامعتين، الجامعة الاولى (ستراثك لايد) الاسكندنافية يذهب لها الطلبة الناجحون من الصف الثاني الى الثالث اثناء العطلة الصيفية، والجامعة الثانية (مشكين الاميركية) يسافر لها الطلبة  الناجحون من الصف الثالث الى الرابع، وبالمناسبة: كانت اجور الطائرة والنوم وكل المصروفات الاخرى على حساب الجامعة المضيفة، وبالفعل سافر الطلاب ولسوء الحظ حصلت قضية الكويت مما ادى الى ارجاعهم من دون ان يكملوا الدروة، وكانت هذه الدورة الاولى لجامعة الموصل اثناء العطلة الصيفية للعام الدراسي (1989 ـ 1990 ) .
ويشير الدكتور سعد: قد انتهت من ذلك الوقت حرية الاتفاق مع الجامعات الاجنبية، اتمنى رجوع الاتفاقات التي كانت لنا مع هذه الجامعات.
من سيعيد هذه الرحلات؟
اما اذا تحركت الوزارة بشكل جدي لتفصيل هذه السفرات فان الفائدة تعود للطلاب بشكل كبير، واذا لم تتحرك الوزارة فمن حق الجامعات التحرك واعادة الصلات المقطوعة، ومن الممكن مد الجسور مع جامعات عالمية اخرى، وللحصول على هذه الفرصة التي تخدم الطلبة ليس في جانب اللغة فقط، بل في تطور الذهنية واكتشاف العالم الجديد، والطريقة الحضارية باحترام القانون وعدم التجاوز على حقوق الاخرين، يتعلم الطالب من هذه الممارسات الصحيحة ويشعر بالاخطاء التي يمارسها في بلده، ناهيك عن توسع الذهن والمدارك وتطوير الافراد نحو الافضل.ويسترسل: المعوقات المتمثلة بالحصول على الفيزا وغيرها من الامور المعرقلة لهذه السفرات لايثني الجانب الرسمي من الاصرار على اعادة ومواصلة الرحلات المفيدة للطالب والوطن في نفس الوقت، اهل الطب يحتاجون الى هذه السفرات، كذلك طلاب العلوم والهندسة والصيدلة تتكامل المهارات النظرية والعلمية لديهم من خلال التطبيق العملي في المستشفيات والمعامل وفي اماكن اختصاصاتهم المنوعة.
مناهجنا التعليمية لاتكفي
التطورات العلمية في مجالات العلوم يحتاج الطالب ان يشاهدها بعينه ويمارس بيده وبالتالي يكتسب المهارة اللازمة، الافلام والصور والمعلومة التي يقرأها في الكتاب غير كافية مالم يمارس بنفسه على اجهزة حديثة ويكتشف اسرارها الغامضة، ولكن نحن منذ زمن طويل بسبب الحصار والحرب وماحدث في البد رجعنا كثيراً الى الوراء، وفي العام (2003) عرفنا الانترنت والاجهزة المعقدة وحالياً اصبحت سهلة الاستخدام، بالبداية واجهنا بعض الصعوبات ومن خلال الممارسة والدورات كسبنا الخبرة والهبوط الى ساحة العمل اهم من المعلومات النظرية، وليس من باب المديح الانسان العراقي موهوب ويمتاز بالذكاء الفطري ويستطيع ان يكتسب المعلومة بسرعة فائقة، وعلى مستوى التعلم يعتبر اللسان العراقي من اكثر الالسنة طواعية في نطق اللغات ولفظ الحروف الصعبة.
الطالب العراقي أفضل
من الأستاذ السوداني
في احد المرات رئيس المجلس الثقافي البريطاني (ديفيد كيرون) زارنا في جامعة الموصل، وكنت اصحح اوراق الطلبة، اخذ ورقة من الاوراق، وكانت لطالب درجته واطئة جداً، فاندهش للاجوبة وقال لي انه يستحق اكثر من هذه الدرجة، فقلت له اقرأ هذه الورقة وكانت لطالب مجتهد، قرأها وقال: ان هذا الطالب افضل من اساتذة في جامعة السودان، وهذا دليل على ذكاء طلابنا وقدراتهم العالية، ولاانكر ان العلم يحتاج الى الاستتاب الامني والاقتصادي، ارى من الواجب الوطني تفعيل هذه السفرات العلمية مرة اخرى من قبل الدولة.