This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

القوة الجسدية باب رزق في العراق
28/08/2008

 

بغداد - خلود العامري     الحياة 

لا يبدو المنظر الذي حضرت به أميرة عبد الرضا (32 سنة) الى مستشفى مدينة الطب في بغداد بعد اقتلاع إحدى اذنيها، امراً غريباً هذه الايام، فانتشار ظاهرة العنف بين الشباب طالما تسببت بحالات مماثلة لكن أميرة كانت محظوظة لأن أذنها بقيت متمسكة بمكانها لمسافة ثلاثة سنتمترات بحسب التقرير الطبي.
حكاية اميرة بدأت عندما تشاجرت مع حبيبها ناظم الذي طلب منها ابلاغه بخروجها الى اي مكان تقصده ليصطحبها هو إليه، ليس خوفاً عليها بل لأن شكوكاً كانت تراوده في سلوكها جعلته يراقب دخولها وخروجها في شكل يومي.
اميرة التي سأمت وضعها تحت المراقبة غادرت برفقة صديقتها لزيارة الطبيب من دون اخبار الحبيب المتهور والمشهور بتصرفاته العنيفة فثارت ثائرته عندما علم بالأمر وتوجه الى المكان الذي قصدته اميرة فدخل عليها الى احدى الصيدليات في شارع السعدون وأوسعها ضرباً أمام صديقتها والصيدلاني الذي كانت تمازحه في تلك اللحظة.
الخوف من الفضيحة ووصول الخبر الى الأهل دفع أميرة الى تحمل الألم وعدم الاستعانة بسيارة الاسعاف، فأوقفت سيارة أجرة لكنها عجزت عن اخفاء آثار الضرب على وجهها وامسكت بما تبقى من اذنها في مكانه أملاً في تجنب الإعاقة.
الأطباء الذين استطاعوا معالجة أميرة واعادة اذنها المقتلعة اكدو ان حالات العنف بين الشباب بدأت تزداد في شكل كبير وان حوادث مماثلة ترد الى المستشفى يومياً.
أما وسام راضي (21 سنة) فيمارس العنف ضد نفسه وغالباً ما يلجأ الى ضرب رأسه في جدار الغرفة عندما يتشاجر مع أحد ذويه. وسام تسبب لنفسه بإعاقة دائمة في يده اليمنى بعدما اقدم على ضرب جدار زجاجي فقطع العصب والأوتار وبقي من دون أصابع.
ولم تفلح مظاهر الندم التي كانت بادية على وجهه وهو يزور طبيباً متخصصاً في تجميل اليد في مستشفى الواسطي في معالجة الإعاقة التي تعرض لها. وكان الطبيب اقترح عليه تركيب كــف اصطنــاعي وقطــع ما تبقــى من يده قبل ان يصاب بداء اكبر.
ولا يبدو العنف في العراق امراً غريباً بين الشباب فمظاهره تنتشر بين صفوفهم منذ كانوا اطفالاً يمارسون العاب العسكر واللصوص ويحملون الأسلحة ضد بعضهم بعضاً، فضلاً عن انتشار ظاهرة السلاح المنزلي. وإن خلا منزل من السلاح اعتبر الأمر بمثابة عيب في حق اهله الذين لا يملكون ما يدافعون به عن انفسهم في اللحظات الحرجة.
وفتحت البطالة التي تنتشر بين الشباب باباً آخر للعنف اذ لجأت غالبية خريجي الجامعات الى ممارسة رفع الاثقال وبعض الالعاب العنيفة لبناء اجسامهم والحصول على وظائف برواتب مغرية في الشركات الامنية المحلية والاجنبية التي باتت تستقطب الشباب العراقي اعتماداً على قواه الجسمانية.
اما افـــلام الأكشن التي تعد رمزاً من رموز تزايد العنف في العالم فقد احتلت مركز الصدارة بين مبيعات الافلام الاجنبية في البلاد ولا تقتصر مشاهدتها على الشباب بل امتدت الى الفتيات اللواتـــي يعشقـــن نجوماً مثــــل جان كلود فاندام وسلفستر ستالون وجاكي شان ويتلذذن بمناظر الضرب والقتل على شاشات التلفاز.
وتشير دراسة اجراها قسم علم النفس بكلية الاداب في جامعة بغداد الى زيادة العنف بين الشباب العراقي في شكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية في شكل غير مسبوق. وتؤكد الدراسة التي اجريت على شباب تراوح اعمارهم بين 18 و 25 سنة ان ثلاثة من كل خمسة يستخدمون العنف لحل مشكلاتهم اليومية في الاماكن العامة. وتشير الدراسة الى ازدياد نسبة العنف في الصيف اكثر من الشتاء.