This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

التعليم المجاني «يضغط» الأعباء في العراق
28/08/2008

 

بغداد - خلود العامري     الحياة  

أفلت قرار الحكومة العراقية صرف رواتب الموظفين، قبل عيد الفطر، العائلات العراقية من قبضة دوامة مربكة بسبب تزامن شهر رمضان مع بدء العام الدراسي الجديد. ولجأت العائلات التي ستتسلم راتبين في شهر واحد إلى تخصيص ميزانية هذا الشهر لشراء المواد الغذائية للشهر المبارك وترك الراتب المقبل لتجهيز الأولاد باللوازم المدرسية، للعام الدراسي الجديد الذي يبدأ، في العراق، منتصف شهر رمضان، وسيتأجل انتظام الطلبة في الدوام تلقائياً إلى ما بعد العيد وهي من العادات المتعارف عليها في العراق.

أما الأسر الأخرى التي تعتاش على المهن، ولا تملك دخلاً شهرياً ثابتاً، فلجأت إلى التكيّف مع طبيعة الإرباك الذي وقعت فيه هذا العام نتيجة هذا التزامن، وأقدمت على شراء التجهيزات المدرسية والملابس من الشهر الماضي، بعدما اخرج الباعة بضائعهم إلى الأسواق مبكراً هذا العام، على أن تُخصص موازنة هذا الشهر من أجل متطلبات شهر الصيام، الذي غالباً ما يستنفد جيوب الأسرة بدءاً من منتصفه.

أما العائلات الفقيرة والمعدمة، فلا تملك خياراً آخر غير إقناع الأولاد بالعودة إلى ارتداء ملابس العام الماضي، وتخصيص الموارد الزهيدة لسد احتياجات شهر رمضان، التي قد لا تنتهي. وتبرر هذه العائلات الخطوة بأن الاستغناء عن الملابس الجديدة بات حلاً امثل للأزمة وهو أفضل من الاستغناء عن وجبات الطعام الضرورية بعد يوم صيام طويل .

ويبدو الاستعداد للمناسبتين أكثر تركيزاً هذا العام لأن غالبية الأسر تتوقع موازنة خاوية بعد بدء العام الدراسي الجديد وانقضاء حفلات العيد التي ستأتي على ما تبقى منها.

وتقصد غالبية العائلات التي تملك دخلاً محدوداً أسواق الجملة، في شارعي النهر والمتنبي، لشراء الملابس المدرسية والمستلزمات الأخرى، ويقوم بعضها بحملات تسوق جماعية لعدد من العائلات في آن واحد أملاً في الحصول تخفيضات في أسعار البضائع.

وتقول أم رياض، وهي أم لخمسة أولاد جميعهم في سن المدرسة، إن حل أزمة الملابس والمستلزمات المدرسية يكاد تكون مستعصياً إذ غالباً ما يطالب الأولاد بالمساواة بينهم وتجهيز الجميع الملابس والأغراض نفسها، ويتمرد بعضهم على الأهل عند محاولتهم إقناع أي واحد منهم بالعودة إلى الدوام بملابس ومقتنيات العام الماضي.

وتقول إنها عقدت جلسة تفاهم مع أولادها لإقناعهم بعدم ضرورة شراء ملابس جديدة هذا العام، والاكتفاء بالملابس التي اقتنتها لهم العام الماضي، لكن أصوات الاحتجاج تعالت بينهم، وهدد اثنان منهم بترك المدرسة في حال عدم شراء ملابس جديدة. فاضطرت إلى الرجوع إلى هدنة منزلية وطلبت مهلة قصيرة لحين انتهاء شهر رمضان والحصول على نقود الجمعية التي اشتركت فيها مع بعض جاراتها لتوفير المستلزمات التي طلبوها منها.

أما أم رشا فتدبرت أمورها بطريقة مختلفة، واستطاعت إقناع ابنتها الصغيرة سارة (6 سنوات) بارتداء ملابس شقيقتها التي ارتدتها في العام الماضي واكتفت باقتناء زي واحد لها، ووعدتها باقتناء ملابس جديدة لها في العام المقبل. والصغيرة التي وافقت على مضض بعد امتداح والديها لطيبتها وكبر عقلها طالبت بحقيبة جميلة كتعويض لها على الموافقة فابتسم الأهل برضا بعد حل الموقف وتوفير جزء من موازنة المدرسة لسد احتياجات شهر رمضان.

ويخفف نظام التعليم المجاني في العراق بعض الأعباء عن كاهل الأسرة العراقية إذ توزع المدارس القرطاسية مجاناً على التلاميذ في جميع المراحل الدراسية التي تسبق الجامعة.

وعلى رغم جميع الإجراءات والحلول التي تبتكرها العائلات العراقية لإيجاد نوع من التوازن بين مصاريف العام الدراسي الجديد وموازنة شهر رمضان التي غالباً ما تعادل موازنة شهرين أو أكثر من الأشهر العادية، فإن قضية التوازن تبدو صعبة من دون تقديم تضحيات في أحد الجانبين على حساب الآخر.