نيوزماتيك/النجف
بطالة، مساعدات حكومية شحيحة، أطفال بائسون، آباء غير قادرين على توفير لقمة العيش، وأمهات يلذن بالصمت أو الدعاء في شهر كريم، مهجرون ونازحون فيما بلادهم تعوم فوق بحيرات من النفط وقد عاشت لعقود طويلة بوئام وإخاء. تلك هي صورة سكان مخيم المناذرة، الواقع على مسافة 7 كم جنوب مركز مدينة النجف، نحو 160 كم جنوب بغداد. هنا تنتصب خيام متهالكة وزعها مكتب الأمم المتحدة على سكانه عام 2005، تجاورها مجموعة من المنازل التي أقامها مجلس محافظة النجف. يضم المخيم 232 عائلة من أصل أكثر من 2000 عائلة، نزحت جميعها من مناطق الانبار، وديالى، وأبو غريب، وبغداد، والطارمية، وغيرها، خلال فترة العنف الطائفي التي أعقبت تفجير الإمامين العسكريين في سامراء.
وتقول أم أحمد النازحة من منطقة خان ضاري في حديث لـ"نيوزماتيك" "وجبتا الإفطار والسحور في رمضان خبز وطماطم مقلية بالدهن، أما اللحم والدجاج فلا يتناولهما سوى قلة ممن أنعم الله عليهم".
ولا يختلف الحال كثيرا لدى أم كريم، النازحة من حي العدل ببغداد، التي تقول "الطماطم والخضار والخبز والحنينة (الخبز المقلي بالدهن) تلك هي مكونات مائدتي الإفطار والسحور".
وأحيانا تجلس أم كريم وحولها أطفالها وأحفادها الصغار على مائدة إفطار "لا تضم سوى طماطم وبصل وخبز".
ويقول أبو مهدي، الذي قتل ثلاثة من أبنائه في الانبار قبل تهجيره إن "أهالي المخيم لا يعلم بحالهم أحد غير الله، كل شخص يدبر حاله بنفسه، وهناك عدد قليل من الشباب يعملون بأجور يومية زهيدة، والعمل غير مستقر، والوضع سيء يصل إلى حد قيام بعض العائلات ببيع حصتها التموينية لشراء الاحتياجات الأساسية".
أما مختار المخيم أبو نور، وهو نازح من أبو غريب، فيوزع الثلج على عائلات المخيم ويقول إن "الأهالي لا يجدون حتى الثلج لتبريد مياه الشرب في هذا الجو القاسي".
ويضيف أبو نور، في حديثه لـ"نيوزماتيك"، إن "الأهالي يحصلون أحيانا على بعض التبرعات والمساعدات المادية والعينية، لكنها لا تكفي"، موضحا "مرة وصلنا تبرع، هو حوالي 30 حصة لحم بسيطة، وكان علي أن أقسمها بين 232 عائلة".
ويعاني سكان مخيم المناذرة من انقطاع التيار الكهربائي في أيام رمضان حيث الأرض الإسفلتية التي أقيمت فوقها خيامهم المتهرئة تزيد من وطأة الحر.
يذكر أن المهجرين والنازحين في مخيم المناذرة تظاهروا نهاية شهر تموز الماضي احتجاجا على قرار بإغلاق المخيم وإعادتهم إلى مدنهم التي قدموا منها. واتهموا وزارة الهجرة والمهجرين باختلاس حقوقهم. لكن مستشار وزير الهجرة والمهجرين جواد الحبوبي اتهم بدوره الإدارة السابقة لفرع الهجرة والمهجرين في النجف "بالفساد الإداري والمالي واختلاس ملياري دولار من المساعدات". وإذ يتذرع سكان مخيم المناذرة بالصبر والدعاء في هذا الشهر الكريم ينتظرون حلا إنسانيا لمشكلاتهم يطالبون وزير الهجرة بالتنحي عن منصبه إذا لم يتمكن من ذلك.