This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

أطفال في سوق العمل..الوضع الاقتصادي المتردي لمئات العائلات تحول الى أزمة تنتظر معجزة لحلها
16/09/2008

 

 


 

نقاش- محمد عبدالله

 تكاثرت أكوام العلب البلاستيكية والخردة المعدنية بالقرب من ميزان أبو قادر الذي يملك محلا لتجميع المخلفات في حي الصناعة التابع إلى ناحية الحسينية جنوب مدينة بعقوبة. ويتجمع عدد من الصبية جامعي النفايات حول ميزان أبو قادر بينما ينظر عبر نظارته إلى المؤشر ويحسب الثمن المقدر لكل حمولة من المخلفات. الصبية الذين أنعشوا مهنة أبو قادر وعشرات التجار الآخرين لم يجدوا ملاذا آخرا يعيلون به عائلاتهم سوى ما يقدره عداد الميزان من كيلوغرامات للعلب المستعملة، كما هو حال ماهر الذي يعيل عائلته المكونة من أم وثلاث أخوة. وماهر الذي يبلغ 13 عاما ترك دراسته الابتدائية قبل سنتين بعد مقتل والده بتفجير انتحاري استهدف مواطنين في كراج البياع، ومذاك اليوم فقد أمله في إكمال تعليمه الدراسي، وذهب للبحث عن رزقه بين نفايات الميسورين ومزابل الأحياء الراقية. وهو يقول لنقاش: "كان والدي بياع السمك، وبعد أن توفي أصبحت انا رجل العائلة".

ظروف ماهر لا تختلف كثيرا عن مئات الصبية العراقيين بعد ان أجبرتهم الظروف الاقتصادية والاجتماعية على العمل. فمنهم من اتخذ الكراجات و الأسواق الشعبية وورش تصليح السيارات مصدرا للرزق فيما توزع العشرات في مدن أخرى خارج مدينتهم، يبيعون أوراق المحارم ويمسحون زجاج السيارات .
فؤاد (11عاما) الذي يجهل وعائلته مكان جثة والده بالرغم من مرور عام ونصف العام على اغتياله من قبل إحدى الميليشيا في حي الدورة، من المتعاملين أيضا مع ميزان أبو قادر، وهو يؤكد أن أكياس المخلفات والخردة التي يبيعها تعين الأسرة على الحياة بالرغم من قلة المبالغ التي يحصلها، ويتابع: " الحاج أبو قادر يعطينا 3 ألاف دينار للكيلو الواحد من الألمنيوم، وألف دينار مقابل الكيلوغرام من علب النايلون أو الببسي الفارغة" ويضيف الشاب الصغير: "لا أوفق كل يوم بالحصول على مبلغ جيد .. أحيانا أعود إلى البيت بعد أن اقترض من الحاج مبلغا أسدده فيما بعد" .
وجود الأطفال المتسولين أو العمّال في شوارع المدن العراقية ليس طارئا جديدا، بل تحول الى مشهد يومي اعتاده الناس منذ الثمانينات، فالوضع الاقتصادي المتردي لمئات العائلات تحول الى أزمة تنتظر معجزة لحلها مع فقدان العديد من العائلات ذويهم في الحروب والإعدامات وصولا إلى أعمال العنف الطائفية في السنوات الأخيرة. وفيما تضاربت الإحصاءات بشأن عدد الأطفال العاملين في العراق بين تسعمائة ألف ومليوني طفل حسب تقارير تابعة لمنظمات أهلية محلية، أكد صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف ) أن 11% من الأطفال العراقيين(مليون طفل) بين سن الخامسةَ والرابعة عشر التحقوا بسوق العمل.
ولا تتوفر لدى مجلس محافظة ديالى إحصاءات ومعطيات كافية عن عمالة الأطفال في المحافظة، لكن عضو مجلس محافظة ديالى أحلام عباس الجبوري تؤكد لـ( نقاش ) أن " ظاهرة عمالة الأطفال تشهد انتشارا واسعا والمشكلة ما تزال بانتظار تدخل المسؤولين والمؤسسات الحكومية وغير الرسمية" لافتة غلى أن "محافظة ديالى عانت خلال العامين الماضيين من تدهور أمني أدى الى تسرب العديد من الأطفال من المدارس والالتحاق بأعمال السوق وغيرها من المهن الأخرى بعد فقدان الآباء" .
اما سامي مهدي العزاوي مدير أبحاث مركز الطفولة والأمومة في جامعة ديالى فقد أكد عدم قيام الجهات الرسمية بإعداد أي إحصائية رسمية حول عدد الأطفال العاملين في المحافظة مشيرا إلى أن "هجرة مئات العائلات بعد تهديدها بسبب انتمائها الطائفي أسهم في زيادة عمالة الأطفال في جميع المدن العراقية وليس فقط في ديالى" .