البصرة ـ عبدالأمير الديراوي - الصباح
تعاني المؤسسات الصحية في محافظة البصرة من نواقص كثيرة تؤثر سلبا على نوعية الخدمات التي تقدمها للمواطنين اضف الى ذلك الاجور العالية التي تقررها المستشفيات الاهلية مقابل خدماتها.
حكايات كثيرة نسمعها ونلمسها يوميا تعطي مدلولات تؤكد ان الوضع الصحي في المحافظة يحتاج الى العديد من العلاجات كي يتشافى هو ومن ثم يعمل على علاج المرضى.. فانتشار مراكز الفحص بالرنين المغناطيسي والمفراس والسونار وقسطرة القلب الاهلية جاء بسبب عدم كفاءة الاجهزة المتوفرة في المستشفيات وعطلاتها الدائمة، المراكز الاهلية تتقاضى اسعاراً باهظة تزيد على (300) ألف دينار للفحص بجهاز الرنين المغناطيسي.
الواقع الصحي لا يلبي الطموح
عند مكتب د. نمير محمد وداد معاون مدير عام صحة البصرة فرشنا اوراقنا وعرضنا ملاحظاتنا عن الواقع الصحي والطبي في المحافظة وما يعيشه من مشاكل لنرى اين يكمن الخلل..
فقال د. نمير: الواقع الصحي وبلا تحفظ بحاجة الى الكثير من العمل لانتشاله من حالته الحالية فهو لا يلبي طموح المواطن او المسؤول في دائرة الصحة فالمشاكل عديدة وابرزها التخصيصات المالية المهيئة لوزارة الصحة ومنها الى دوائر الصحة في المحافظات، فالانفاق على الفرد صحيا في العراق هو الاقل في دول الجوار ففي العراق مجمل الانفاق على الفرد لا يتجاوز 11-30 دولاراً فيما بلغ معدل الانفاق في دولة عربية خليجية (918) دولاراً.
غير اننا في العراق يتم تأمين العلاج مجانا في حين ان الدول المجاورة تأتيها ايرادات كبيرة عن اجور الفحص والعلاج.
والسبب الثاني الذي اعاق تقدم مؤسساتنا الصحية هو التدمير الشامل الذي لحق بها منذ العام 1984 الى العام 2003، والى الان لم تشهد المستشفيات اي انشاء جديد وان سكان العراق يتزايدون ولم تتضاعف الخدمات الصحية التي بقيت على حالها. ناهيك عن عوامل الفساد المنتشرة في بعض مرافق وزارة الصحة، فضلا عن قلة الملاكات والاختصاصات الطبية الوسطية ومن ابرزها الملاك التمريضي النسوي وكذلك النقص الكبير في الملاكات الخدمية.. وهذا يأتي في ظل عدم وجود نظام صحي واضح المعالم حتى الان في حين تعاني مؤسساتنا الصحية من شحة كبيرة في الادوية والمستلزمات والاجهزة الطبية.
* لكنكم اعلنتم اكثر من مرة عن تسلمكم لأجهزة حديثة وجديدة؟
- نعم.. تسلمنا بعض الاجهزة لكن اغلب هذه الاجهزة ليست بمستوى الطموح ولم تستطع النهوض بالواقع الصحي.
قاعدة صحية
ويقول معاون مدير عام صحة البصرة نحن بصدد تأسيس قاعدة جديدة للصحة، غير ان الكلفة
التشغيلية عالية لكننا سنسعى جاهدين لتأسيسها بانشاء مركز علاج الاورام بالاشعاع وانشاء مستشفى الجهاز الهضمي.. ومصرف رئيس جديد للدم.. وكذلك مختبر الرقابة الدوائية واخر لاجهزة زراعة الاسنان وطب الاسنان، فضلا عن انشاء مركز لجراحة القلب الذي كان مؤملا العمل به منذ العام 2007.
* وكيف ترون التداخل بين عملكم وعمل النشاط الخاص في المستشفيات والمراكز الاهلية؟
- المستشفيات الاهلية او المراكز الطبية تعمل وفق نظام الربحية والفرق بين العملية ان النشاط الخاص يقرر بسرعة بينما نحن نبقى اسرى اللجان والتخصيصات وعند عطل اي جهاز فان ذلك يستدعي الانتظار لأشهر كي تحصل الموافقات على الاصلاح رغم ان الاجهزة الموجودة في المستشفيات الحكومية خرجت عن فترة الصيانة.. والمراكز الاهلية لا تخضع لمثل هذه الضوابط لكن ذلك لا يلغي القصور الحاصل في مستشفياتنا في مثل هذه الخدمات.
* والنقص في الاختصاصات كيف تعالجونه؟
- النقص لم يكن فقط في الاطباء الاختصاص فهناك نقص حاد في التخصصات الدقيقة وكذلك في الملاكات الوسطية بالاخص المصورين الشعاعيين وغيرهم من الملاكات الوسطية لكن الذي يجري هو الاعتداءات المتكررة على الاطباء من قبل المواطنين خصوصا الاختصاصيين الذي يجرون العمليات الجراحية ما ادى الى عزوف الاطباء عن تأدية خدماتهم بالشكل المطلوب.
* تعاني المستوصفات والمراكز الصحية من نقص حاد في الادوية.. لماذا؟
- الرعاية الصحية في البصرة متميزة والمراكز الصحية فيها العديد من الخدمات الصحية كرعاية الحوامل والتحصين والصحة المدرسية اضافة الى العلاجات التي تمنح للمراجعين للمستوصفات والمراكز وقد تم تخصيص مبالغ ضمن ميزانية دائرة الصحة لتوفير الادوية لكن سياقات التوفير غير عملية فنحن لدينا المبالغ ولا نستطيع الشراء بسبب الضوابط والروتين ونحن نعاني منذ فترة من عدم توفر المضادات الحيوية والحقن وغيرها والمواطن الذي يراجع المستوصفات يهمه ان يجد الادوية فهو بحاجة اليها.
غش الادوية
ويشير معاون مدير عام صحة البصرة الى ان لدى وزارة الصحة جهاز رقابي صارم وتطبق فيه المواصفات العراقية المعدة لهذا الغرض.. هذا بالنسبة للادوية التي توزع في المستشفيات لكن الادوية في القطاع الخاص لا تخضع للرقابة ولهذا تأتي الادوية غير مطابقة وربما مغشوشة فلا رقابة او فحص على ادوية القطاع الخاص التي تباع في الصيدليات الاهلية وكثير من الادوية تحمل اسماء مناشئ مزورة ومن الصعوبات ان تميز بين الدواء الاصلي والتقليدي او المزوّر ومازاد من هذه الحالة الغاء الحصص التي كانت تزودها الدولة للصيدليات الاهلية. فمتى تكون الرقابة حاضرة لفحص الادوية والمستلزمات الطبية.
عندما تتوفر المختبرات التخصصية لفحص الادوية فلا يستطيع مختبر واحد في العراق لفحص جميع الادوية التي تصل والمطلوب افتتاح مختبرات في المحافظات وفي المنافذ الحدودية وان استيراد الادوية والمستلزمات الطبية والصحية لابد ان يخضع لرقابة والا فان الذي يدخل البلاد لا نعرف مناشئه ويخضع لتصرف الشركات الموردة التي لا يهمها سوى الربح.
وبخلاف كل هذا هل هناك مشاريع صحية جديدة تنهض بهذا الواقع المؤلم وما هو استيعاب المستشفيات الحالية؟
السعة السريرية لمجمل مستشفيات البصرة بحدود 3400 سرير وهناك خطط لزيادة استيعاب المستشفيات حيث سيضيف مستشفى الاطفال الجديد (120) سريراً تخفيضاً وكذلك المستشفى الجراحي 400 سرير ضمن مستشفى البصرة العام وهو منحة من دولة الكويت ومن المشاريع المطروحة للتنفيذ انشاء مستشفى في قضاء شط العرب بسعة 200 سرير وانشاء بناية لمركز الغدد الصم وكذلك مستشفى الطوارئ وهو متخصص بحالات الطوارئ وبناء ردهات العناية المركلزة في الزبيرونصب معمل للاوكسجين في مستشفى البصرة للاطفال فضلاً عن نصب اجهزة جديدة منها اجهزة علاج العيون بالليزر واجهزة معالجة التشوهات الجلدية وكذلك انشاء مصرف للدم في مستشفى البصرة العام وبناء عشرة دور للاطباء في الاطراف.
*ماهي ابعاد عملكم في مجال الحد من مشاكل البيئة وتأثيراتها على الجانب الصحي في المحافظة؟
- مشاكل البيئة كبيرة والبصرة بشكل خاص تعاني من مشاكل نهاية الانهار ووجود مشاريع صناعية كبيرة لم تضع المعالجات الخاصة لنفاياتها وهناك اهمال كبير للبيئة في البصرة وخصوصا بعد الحروب التي مرت بالعراق خلال العهد البائد، ونحن نعمل من اجل معالجة بعض المشاكل البيئية، بانشاء مشروع لمعالجة النفايات الطبية وانشاء المحارق في المستشفيات والتلوث الذي تحدثه الدوائر الصحية لكننا ايضا نحتاج الى التوعية وتعاون المواطنين معنا لانجاز هذه المهمة وان التنسيق قائم مع الجهات المعنية في مديرية البيئة والماء والمجاري والبلدية وغيرها لتأمين بيئة خالية من المشاكل الصحية.
فرق التفتيش
وعن المواد الغذائية المطروحة في السوق هل تخضع للرقابة؟ قال مدير عام صحة البصرة د. نمير محمد: لدينا فرق تفتيش خاصة للاسواق واعداد المواد الغذائية المطروحة للتداول ورغم كونها غير كافية لكنها فاعلة واجراءاتنا الوقائية مستمرة وخصوصا في مجالات الحد من انتشار الامراض الانتقالية لكننا نحتاح الى المختبرات التي تمكننا من اداء المهمة على الوجه الاكمل.
*اسئلة اخرى تتبادر الى الذهن عندما تقارن بين ما تقدمه مستشفياتنا من خدمات وبين ما تقدمه ابسط المستشفيات في الدول المجاورة وكذلك الاجهزة المتوفرة فيها، فما بالنا نحن لماذا لا نضع امامنا ان نعالج انفسنا من امراضنا اولا لكي نؤسس لمستشفيات ومراكز صحية متقدمة فلن تعوزنا الاموال ولا التخصصات لكن الذي يعوزنا هو الاخلاص والعمل الجاد والا لماذا نشاهد هذه الاعداد الغفيرة التي تغادرنا يوميا الى دول العالم بحثا عن العلاج فكم منهم يتعرض للابتزاز والاهانة ولاذنب له سوى كونه يبحث عن طبيب يخفف له آلامه ومعاناته فكيف بنا وقد ازدادت الاصابات بالامراض السرطانية جراء الحروب ونحن لا نتحرك لكي ننقذ المصابين، فمثلما تؤكد التقارير انه لا يوجد مركز علاجي اشعاعي واحد في الجنوب وكذلك عدم وجود اجهزة لاعطاء الادوية للمصابين في حين ان العيادة الخارجية للمصابين بالاورام السرطانية تستقبل شهريا اكثر من 1200 مريض فضلا عن عدم وجود ردهة متخصصة للعلاج او اجهزة للعلاج الكيمياوي فكيف نستطيع ان نحمي مرضانا؟ ومتى نعالجهم؟
انها دعوات متتالية نطلقها للمسؤولين في الدولة ان اهتموا بصحة الانسان الذي يمثل الثرو الحقيقية لبلدنا، واصرفوا المبالغ في ابوابها الصحيحة لتعود مؤسساتنا الصحية بكوادرها وملاكاتها الى تأدية واجبات العناية بالفرد العراقي الذي عانى الكثير من مصائب الحياة فهل نعينه في الجانب الصحي ونوفر له العلاج والخدمة المطلوبة.