This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

الأحداث الأمنية رفعت عددهم إلى مليون و270 معوّقاً ... في العراق غالبية المعوقين تتسول
22/09/2008

 

بغداد - خلود العامري     الحياة     

لا يفارق علي سالم (37سنة) كرسيه المتحرك، الذي اعتاد الجلوس عليه منذ كان في العاشرة من عمره، الا عندما يذهب الى النوم أو عندما يشعر بالملل منه، فيغادره زاحفاً على الأرض لمسافة لا تتعدى مترين أو ثلاثة.
قصة علي مع الاعاقة، بدأت عندما اصيب بحمى شديدة وهو في العاشرة من عمره. لجأت والدته الى احد الاطباء لمعالجة الطفل الذي وصل الى درجة الهذيان من شدة الحمى، فحقن الطبيب المعالج علي بإبرة لم تعرف الأم، التي لا تجيد القراءة ولا الكتابة مكوناتها، وكل ما تعرفه ان تلك الإبرة كانت سبباً في شل حركة ابنها في شكل كامل وعجزه عن السير مجدداً كما تسبّب في شلّ حركة إحدى يديه.
دفع الحادث علي الى ترك المدرسة قبل اكماله المرحلة الابتدائية، إلاّ أنه بقي يحاول تطوير قابليته على القراءة واستطاع الحصول على وظيفة ملائمة في وزارة التربية تؤهله مساعدة اخوته الصغار في تحقيق ما عجز هو عن تحقيقه. ويقول علي، الذي أرهق الزمن ملامحه، فبدا اكبر من عمره الحقيقي: «ساهمت في دعم جميع اشقائي ودفعهم الى اكمال دراستهم مثلما ساعدتهم في مصاريف زواجهم، وقمت بفتح دكان صغير لبيع المشروبات الغازية والعصائر وبعض الاشياء البسيطة امام الباب الرئيس لكلية الصيدلة في جامعة بغداد في باب المعظم لاستثمار وقتي في المساء وبالتالي زيادة موردي المالي».
ويؤكد علي، انه لا يعاني من ضائقة مالية مثل غالبية المعوّقين، لأن مورده المالي يكاد يغطي جميع نفقاته، لكنه يعاني من نكران الجميل الذي قابله به اشقاؤه الخمسة الذين طردوه من منزل والده بعد زواجهم ووفاة والدته ما اضطره الى السكن مع احدى بنات شقيقاته التي تكفلت برعايته بعد الموقف الذي اتخذه منه اخوته.
ولا يشعر علي بالعجز، على رغم ان درجة الإعاقة التي يعاني منها تدفع الكثيرين من المعوّقين الى عدم الخروج من منازلهم. ويقول: «الإعاقة لن تمنعني من ان أعيش حياتي مثل باقي الاصحاء، وعلى رغم وجود بعض العوائق في هذا الجانب، ومشكلتي تتلخص في صعوبة الحصول على عروس مناسبة لرجل مثلي». ويطمح علي بالزواج من امراة معوّقة مثله كي يتكافأ معها في هذا الجانب ويستطيع ان يعيش حياته بهدوء.
قصة علي واحدة من اكثر من مليون قصة، من قصص المعوّقين في العراق حيث اسهمت الحروب والظروف الامنية السيئة التي عاشتها البلاد خلال السنوات الخمس الماضية في زيادة عددهم. وتؤكد مديرة جمعية الشباب المعوقين، باتريسا حبو، ان الاحصائيات الرسمية المتوافرة لدى المنظمة تشير الى وجود مليون و270 معوّقاً في العراق غالبيتهم من معوّقي الحروب والتفجيرات. وتقول ان نسبة هؤلاء وصلت الى 65 في المئة من العدد الكلي للمعوقين، فيما تتوزع باقي نسب الإعاقة بين اسباب مختلفة منها الإعاقة الناجمة من الولادة والاخطاء الطبية والحوادث التي تقع اثناء فترة الطفولة والاعمال الشاقة والخطيرة التي يمارسها اصحاب المهن. وتقول: «غالبية المعوّقين في العراق يمارسون مهنة التسول ويقعون فريسة للعصابات التي تدير شبكات التسول في البلاد وتستغل الاطفال والمعوقين للعمل فيها، مقابل توفير السكن والطعام لهم فيما يعمل بعضهم في مهن تتلاءم مع طبيعة الإعاقة التي يعانون منها».