This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

3000 حالة ادمان على المخدرات من سن 14 الى22و7000 حالة لبقية الاعمارفي بغداد فقط
03/10/2008

 

 

جريدة حوارات الكترونية

أحمد (28 عاماً) لا يزال يتذكر تلك الليلة، يوم تناول، في جلسة مع اصدقائه، أقراص الهلوسة فغاب عن الوعي ولم يستفق الا في اليوم التالي مع ألم في الرأس وغثيان ودوار. لم تبق في ذاكرته من تلك التجربة الا حالة من الراحة لا مثيل لها كما يقول. وقد شعر حينها انه يحلق في طائرة شراعية أو ما شابه، وعاد بعد يومين الى المجلس نفسه، لكنه تعاطى هذه المرة شيئا آخر هو «الكوزة» او الأركيلة مع معسل مخلوط بمواد مخدرة كانت لها لذة ذات طابع مختلف. يضيف انه وبعد الانتهاء منها تناول ثلاث حبوب
متنوعة ولم يشعر الا انه في يوم جديد واحساس جديد. هكذا بدأت رحلة الادمان المبكرة لتصل في خلال ستة اشهر الى الأفيون.
باسم يقول انه في نهاية المطاف كان يشتري غرام الهيرويين الواحد بـ30 دولارا من أماكن بيع خاصة تكثر في الحارثية والمنصور والبتاويين والكرادة وعرصات الهندية والكفاح، يتمركز فيها باعة معروفون يمارسون طرق بيع خاصة مع موازين الكترونية صغيرة. وفي معظم الاحيان تباع في الخفاء، حيث تكون الواجهة صرافة وبيع الحلويات خصوصا «من السما والكرزات» اضافة الى وسطاء بيع. وهنالك شباب يتخصصون بترويج «البضاعة» على ابواب المدارس وفي المقاهي ومحطات الالعاب ومحال بيع الخمور.
والدة باسم قالت انها اكتشفت الأمر بعد سبعة اشهر من تعاطيه المخدرات، عندما فوجئت بأن ابنها مدين بمبلغ ستة ملايين دينار عراقي. كان قد تذرع في بداية الأمر بأنه بدل بطاقات «موبايل» كان يشتريها وماشابه... لكن والده لم يقتنع بالتبرير، فتتبع الامر ووجد ان ابنه مدين لاشخاص عدة وقرر على الفور حبسه في البيت. بعد يوم من الحبس فقد باسم صوابه وجن جنونه وبدأت تنتابه نوبات انفعال وغضب وبكاء،فعرضوه على طبيب فأجابهم بأن ابنهم مدمن على المخدرات.
أرقام
الارقام الرسمية تبدو أكثر اثارة للرعب من مجرد الاصغاء الى ورطة باسم. فأثناء البحث في اروقة مركز الاحصاء الطبي لوزارة الصحة، وجدنا احصائيات وزارية تؤكد ان هنالك 3000 حالة ادمان من فئة 14 -22و7000 حالة ادمان لبقية الاعمارفي العاصمة بغداد فقط، وقد دخلت المخدرات اماكن عدة من بينها الجامعات والمعاهد ناهيك عن المدارس. ويقدر عدد التجار المروجين للمخدرات 10 آلاف تقريبا. ونستطيع ان نتبين مدى الخطورة وسرعة الانتشار من قرار وزارة الصحة استنابة طبيب او اثنين لكل مستشفى لمعالجة حالات الادمان.
منطقة الميدان وسط العاصمة بغداد تعد مركز ترويج المخدرات الاول للشباب في العاصمة كما يقول مدير مركز الوقاية و مكافحة الارهاب في العراق العقيد سالم حسون التميمي، الذي أكد ان موجة رواج المخدرات أخذت تتفاقم منذ سنتين تقريبا وتكبر الى درجة يصعب كبحها، خصوصا وان الاسعار التي تمارس بها رخيصة تجعل من هذه السموم في متناول الاطفال والمراهقين، ومع انحسار الرقابة المنزلية على الاطفال والشباب وغياب الرقابة الحكومية عن الشوارع والاسواق فان المهمة تصبح صعبة جدا لأن الفساد الاداري وغياب الأمن، ومعضلات أخرى تعوق الجهد الحكومي والامني، وهذه فرصة لتجار المخدرات والمروجين لها.
يضيف العقيد ان منابع تهريب المخدرات مفتوحة ويبلغ معدل الداخل منها الى العراق سنويا قرابة 3 اطنان للاستهلاك المحلي، ونصفها من حبوب الهلوسة وما شابه. وهذا فقط ما يتم ضبطه، أما ما يمر عبر العراق فلا يمكن تقدير حجمه اذ يتم تسريبه الى سوريا والاردن وتركيا وبلغاريا والدول الخليجية، والاستهلاك في العراق يتركز في عدد من مناطق الوسط والجنوب. وفي كل عام تحال قرابة 70 جريمة خاصة بالمخدرات الى القضاء العراقي في كل محافظة مع نسب كبيرة لمحافظات الوسط والجنوب.
اما مناطق انطلاقة المخدرات فهي الشلامجة والمحمرة الإيرانيتان الواقعتان أمام البصرة والعزير ومناطق أخرى مقابل العمارة والمنطقة الممتدة من شمال حدود العمارة، مرورا بحدود محافظتي واسط من مهران وبدرة والشهابي ومحافظة ديالى مع إيران، وهي تجد لها مسارب بعيدا عن المراكز الحدودية المخصصة لمراقبة المهربين.
ممر دولي
وتعد سوريا من اكثر الدول تسريباً للمتسللين، فيما يتم تهريب المخدرات عبر ايران أيضاً واكثر الانواع شيوعاً الحشيشة، ولا يكاد يخلو يوم من القاء القبض على مهربين خصوصاً في المنطقة الممتدة من العزير في محافظة ميسان وحتى منطقة القرنة فضلاً عن وجود خط آخر لتهريب هذه المادة في اتجاه النجف او السماوة، ومنها الى السعودية والكويت والأردن. وقد شهدت الفترة الأخيرة القاء القبض على مجموعة من المهربين وكميات من المخدرات لكن القضاء على هذا النوع من التهريب يتطلب وسائل وآليات اكثر فعالية.
وتشير معلومات مركز الوقاية، حسب كلام للعقيد التميمي، الى أن الحدود بين العراق وإيران هي بوابة المخدرات الى دول الخليج وتركيا وبلغاريا ثم أوروبا والولايات المتحدة، وان المهربين يستخدمون القوارب عبر شط العرب لإيصال شحنات المخدرات الى البصرة ومن ثم الى باقي المدن العراقية، إضافة الى التهريب عبر البر على الحدود العراقية- الايرانية. ويعرب التميمي عن خشيته من انتشار المخدرات بين الأطفال، خصوصا وان تجارة المخدرات باتت اكثر تنظيماً، وتتخذ في العراق ممرين رئيسين. مافيا المخدرات الإيرانية والأفغانية تتخذ من جهة الحدود الشرقية الوسطى والجنوبية ممراً يوصلها الى دول الخليج وأفريقيا الشمالية، وتعتمد الحدود الشمالية عبر اقليم كردستان ممراً ثانياً في اتجاه تركيا ودول البلقان وأوروبا الشرقية.
عباس فريح متهم وفي حوزته 30 كيلوغراماً من الحشيشة وكميات اخرى من حبوب الهلوسة في احدى مناطق العاصمة بغداد. يقبع حاليا في معتقل التسفيرات فيما تتم عملية التحقيق معه في المحكمة،حيث أدلى باعترافاته. يقول: نحن نأخذ المخدرات من العمارة او واسط من اشخاص معينين ويحسب علينا وزنها وثمنها، وتكون عملية عبورها من المفارز ونقاط التفتيش في اكياس الجبس وعلب الحلويات في الحمولات الكبيرة التي يصعب تفتيشها، ونوزعها في بغداد.ويضيف انه ومساعديه لا يعرفون غير هذه المعلومات ولايعرفون الشبكات الرئيسة، لكنهم يعرفون انها تدخل عن طريق ايران، وتهرب عبر مناطق غير خاضعة للتفتيش او الوجود الامني لقوات الحدود.
يوزع عباس وحده شهريا قرابة 60 كيلوغراماً من المخدرات، ويقول ان هنالك العشرات من امثاله، مضيفا انه خلال الفترة السابقة، اي العام 2007 وما قبله، كانت التجارة اكثر رواجا، لكنها ومنذ الربع الاول من العام الحالي انحسر ترويجها محليا بسبب النشاط الامني الحكومي، لكن التهريب من ايران الى دول الجوار عبر العراق، حسب رأي عباس، مستمر وهو اسهل بكثير من عملية التوزيع محليا. وتستخدم الاغنام والماعز والابقار كوسائل تهريب معتمدة فهي لاتلفت الانتباه وتمر عبر المنافذ والمخافر.
معبر اساسي
المنظمة الدولية لمراقبة تهريب المخدرات التابعة للأمم المتحدة ذكرت في تقرير لها في حزيران(يونيو) 2007 أن العراق تحول إلى ممر رئيس لنقل الهروين المنتج في أفغانستان وإيران إلى دول العالم. ويعد معبر الكرامة (بين العراق والأردن) ثالث اكبر المنافذ لتهريب كميات كبيرة من المخدرات الى الاردن، حيث تأتي المخدرات من دول مجاورة له لتمر إلى دول أخرى، وكميات من البضاعة تجد لها سوقا في العراق. أما طرق التهريب فهي. ويضيف التقرير ان هنالك أطرافا عديدة حزبيا وحكوميا وعشائريا مسؤولة عن تسهيل أو التساهل مع مئات المهربين. وينتقد التقرير قرارا حكوميا صدر في 10 آب (اغسطس) 2006 قضى بإطلاق سراح 442 مجرماً من مهربي المخدرات الإيرانيين كما ينتقد تسهيلات
تقرير جمعية الإصلاح والتاهيل لمكافحة المخدرات في العراق يكشف أن عدد الذين يتعاطون المخدرات في تزايد بسبب الحرب التي تسببت بالفوضى الأمنية. الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة والتي استند إليها التقرير تقول ان أكثر من 24 ألف عراقي تعاطوا المخدرات، في العام 2005، وتضاعف العدد في العام 2006 بينما فاق العدد هذه النسبة للعام 2007. هذا عدا الذين لم يراجعوا الدوائر الصحية، وهم عدد لا يستهان به. و المخدرات التي تنتشر بين الشباب، هي الحشيش والأفيون والهيروين والماريجوانا والكوكايين، أو المواد التي تستنشق مثل الأسيتون والغازولين والميث أو الكراك، إضافة الى العقاقير الطبية المهدئة والمخدرة وحبوب الهلوسة. وتتوزع أدوات ترويج السموم البيضاء في داخل العراق بين تجار يسعون الى الربح السهل مستغلين الظروف التي يمر بها البلد وضعف الأداء الأمني الحكومي، ويمسك الفساد الاداري بأدوات اخرى تسهل الترويج عملية دخول المخدرات الى العراق من إيران مقابل عمولات خيالية، كما تلعب التسهيلات التي يقدمها مهربون محترفون عبر الحدود دورا كبيرا.
ويقول الباحث الاجتماعي والمتخصص في رعاية ومراقبة المدمنين على المخدرات في وزارة العدل الدكتور موسى علوان ان المقاهي الشعبية والساحات العامة تشهد ظاهرة بيع وترويج المخدرات فيما تسهل عملية معرفة المتعاطين والمدمنين في الشوارع وعلى الارصفة وفي بعض المجالس العامة، ويبتكر عدد كبير من الشباب خلطات مخدرة. ففي احدى الحالات،يشرح الدكتور علوان،وجدت ان عددا كبيرا من الشباب يلجأون الى طحن انواع مختلفة من الحبوب المخدرة ومزجها في مشروب البيرة وشربها، وبذلك يحصلون على مخدر من نوع جديد، وتشرف الوزارة على عدد كبير من حالات الادمان في السجون العراقية والمواقف والمعتقلات.
وزارة الصحة بدورها اكدت حصول ارتفاع كبير في حالات مدمني تعاطي الهيروين في ضواحي العاصمة بغداد ومدن اخرى متفرقة من العراق، ويظهر تقرير خاص بالوزارة ان هذه الاعداد أقل بكثير من عدد حالات الادمان حيث يصعب على الوزارة في ظل الوضع الامني المتدهور الوقوف على احصائيات دقيقة للمدمنين، لكن التقرير يؤشر ان 3 شباب من كل 10 بين سن 18 - 30 عاما مدمنون بحسب احصائيات المستشفيات.
المصدر: جريدة حوارات الالكترونيه