عمان (ا ف ب) - كانت ليلى وحتى وقت قريب تعتبر "مجرد التفكير" بالعودة الى العراق "حلما" لا يمكن تحقيقه بسبب العنف الطائفي وهي اليوم تحزم امتعتها استعدادا للعودة الى هذا البلد الذي غادرته قبل نحو ثلاثة اعوام. وليلى التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي واحدة من عشرات العراقيين اللاجئين في عمان الذين قرروا حزم امتعتهم والعودة وعدم التردد بعد تحسن الوضع الامني "بشكل ملحوظ" وخصوصا في بغداد. وتقول ليلى وهي ام لخمسة اطفال كانوا يراقبونها عن كثب وهي تضع امتعتها في اسفل احد الباصات التي اعدتها السفارة العراقية في عمان ليل الاثنين الثلاثاء للراغبين بالعودة الطوعية الى العراق "بات من الصعب علي الاستمرار في العيش خارج العراق. الحياة هنا صعبة ومكلفة والغلاء فاحش والغربة اتعبتني".
واضافت ليلى والحنين يغمرها "اود رؤية زوجي الذي ارسلنا الى هنا قبل نحو ثلاث سنوات كي نكون بمأمن من دوامة العنف بينما فضل هو البقاء كي يحافظ على عمله ويتمكن من اعانتنا في غربتنا".
وتحلم ليلى "بنسيان الماضي وبدء حياة جديدة تنسى فيها كل ما حصل من اعمال عنف طائفية".
وفي المجموع نزح 4,4 ملايين عراقي من ديارهم منذ بداية الحرب فيما توجه مليونان منهم الى الدول المجاورة خصوصا الى سوريا والاردن في حين نزح مليونان ونصف المليون داخل البلاد.
ولم يخف العديد من العراقيين ان الاوضاع المادية الصعبة التي يعيشونها خارج العراق كانت السبب الرئيسي الذي حفزهم على العودة الى العراق.
ويقول لاجىء آخر يدعى احمد خلف فرحان (32 عاما) لف جسمه بالعلم العراقي "لقد نفذت كل اموالي ولم اعد قادرا على الاستمرار بالبقاء بعيدا عن بلدي".
واضاف الرجل الذي قدم من الناصرية مركز محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد) الى عمان قبل نحو عام "وصلت الى استنتاج بأنه قد يكون من الافضل لي العودة الى العراق على الرغم من الوضع الامني مازال هشا".
اما كامل فيصل فيصف نفسه بانه "كان لاجئا يبحث عن عمل وأمان" بعدما كان هو وزوجته في الماضي موظفان في وزارة الصناعة في بغداد. وهو يشعر بالاشتياق لاهله واصدقائه ومعارفه. ويقول "أخيرا قررت العودة انا وزوجتي وابنتي الاثنين".
واضاف "الغربة صعبة. والناس طمأنونا بأن الوضع الامني في بغداد يشهد تحسنا ملحوظا وهذا ما نسمعه عبر نشرات الاخبار ايضا لذلك قررنا العودة الى العراق ونحن لا نشعر بأي خوف من ذلك ونأمل الا نندم على ذلك".
وتابع "نأمل بأن نبدأ حياتنا من جديد ونعود الى وظائفنا وان يشهد الوضع الامني مزيدا من التحسن كي يعود كل من يتردد اليوم في العودة الى بلده".
ويقر عبد النبي رحمن سلطان المسؤول في وزارة المهجرين والمهاجرين بأن "الطموح اكبر ويتعدى هذا العدد المتواضع". واوضح "نريد عودة الالاف وكل الذين اجبرتهم الظروف الامنية الى ترك بلدهم".
ويضيف لفرانس برس ان "الحكومة العراقية اعدت خطة لمساعدة كل الراغبين بالعودة بدءا من توفير باصات وطائرات للعودة مرورا بتوفير فرص عمل ومساعدات مالية عينية وانتهاءا بمنحهم قطع اراض سكنية".
ومن اجل توضيح هذه الضمانات اعدت الوزارة كتيبا اسمته "دليل العائد" وضعت فيه ارقام هواتف مكاتبها في عموم المحافظات العراقية.
وبحسب سلطان فأن "الرغبة لدى اللاجئين العراقيين في الخارج متذبذبة وهي تنخفض وتصعد على ضوء الاخبار القادمة من العراق".
من جهته اكد السفير العراقي في عمان سعد جاسم الحياني رغبة الحكومة العراقية بعودة جميع اللاجئين في دول الجوار. وقال لفرانس برس ان "العراق بات جاهزا الان لاستقبال اللاجئين بعد تحسن الوضع الامني وزوال الظروف التي دعتهم الى ترك العراق من مجاميع مسلحة وميليشيات وما الى ذلك".
واضاف "هذه هي الدفعة الثانية وسبقتها دفعة قبل العيد وهناك دفعات اسبوعية اخرى ودفعات ستغادر في رحلات جوية" مشيرا الى ان "هذه العودة طوعية تتم بعلم وتنسيق مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية".
ونظمت الحكومة العراقية في اب/اغسطس الماضي ثلاث رحلات مجانية بالطائرة الرئاسية الخاصة من مصر الى بغداد اعادت خلالها عشرات العائلات العراقية.
وقد اعلن المالكي ان العراق يريد تشجيع اللاجئين على العودة لكن دون اكراه مؤكدا ان الحكومة لا تفرق بين مسيحي ومسلم او شيعي وسني.
وعبر عن الاسف ازاء مواصلة الحديث عن ملايين العراقيين الفارين من بلادهم وليس عن "عشرات الالاف الذين قرروا العودة من الاردن او من سوريا".
واعتبرت منظمة العفو الدولية في آخر تقرير لها نشر منتصف حزيران/يونيو الماضي ان الدول الغنية لا تقدم المساعدة الضرورية للاجئين العراقيين الذين يعانون في غالب الاحيان من الفقر واليأس.
ويعيش العديد من اللاجئين بعدما استنفذوا مدخراتهم في فقر مدقع ويواجهون مخاطر جديدة منها ارغامهم على العودة "طوعا" الى العراق ويضطرون في بعض الاحيان الى تشغيل اطفالهم او الى البغاء.
واوضحت المنظمة ان الصعوبات التي يواجهها اللاجئون في دول الاستقبال تدفعهم الى اخذ قرار صعب وخطير بالعودة الى العراق سواء موقتا لجلب معاشات او مساعدات غذائية او بصورة دائمة بسبب وضعهم اليائس.
ونددت منظمة العفو ايضا بمحاولات الدول الاوروبية طرد العراقيين ولو احيانا الى بعض اخطر المناطق في العراق.
كما تلجأ بعض الدول الاوروبية بحسب المنظمة الى وسائل غير مباشرة كقطع المساعدات عن طالبي اللجوء لارغامهم على العودة الى العراق.