This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

جمعية المبرات نفضت غبار الحرب واستنهضت قواها واحتضنت اطفالها اليتامى من جديد
23/04/2007

 
ادلات بيطار- صحيفة الديار اللبنانية

 الحرب الاسرائيلية على لبنان انتهت.. انتصر لبنان ولكن.. صور مؤثرة ومبكية انطبعت في ‏عقول وأذهان أطفالنا الذين شاهدوا بأمّ العين كيف استباح العدو اهراق دماء أخواتهم ‏وآبائهم وأمهاتهم. العديدون منهم فرحوا بالنصر ولكن من سيمحي تلك المظاهر العدوانية ‏التي بثها العدو الاسرائيلي في كل بقعة لبنانية. وخاصة في الجنوب حيث لا يمكن إحصاء عائلة ‏بكامل طاقمها فيما بعد 12 تموز كما قبله فمثلاً إحدى الفتيات المسجلة على قيد عائلي ‏يتضمن 11 نفساً الى جانبها، استفاقت ولم يترك لها العدو لا أباً ولا أماً ولا أخاً تتكىء على ‏كتفه وتستند اليه.‏

إنتهت الحرب.. فبادر المعنيون بمجملهم الى إعادة بناء الحجر ولكن أين البشر من محصلة ورشة ‏النهوض. بل واكثر ان اسرائيل عمدت في عدوانها ليس الى استهداف الحجر والبنى والمنشآت ‏الاقتصادية فقط بل آثرت إحداث انهيارات اجتماعية وإنسانية عن طريق ضرب البنى التحتية ‏التربوية والإجتماعية والإنمائية هذه المؤسسات التي تسعى من خلال احتضان عشرات الآلاف من ‏الاطفال واليتامى الى تطوير أنماط عيشهم. فأتى العدوان الأخير ليهدد حياة هولاء الآلاف من ‏اليتامى إن كان من حيث المأوى ليرتب أعباء ومضاعفات إنسانية وآثاراً نفسية لا يمحوها إلا ‏الاهتمام المتلاحق لهؤلاء الأطفال.‏ 
 بناء الانسان 

 وفي الوقت الذي أعلن فيه الجميع عملية النهوض من تحت الركام لبناء ما تهدم كانت جميعة ‏المبرات الخيرية تسعى بجهد لتؤمن الرعاية والتربية والمعرفة والعلم وتضع الأولوية في بناء ‏الإنسان على ما عداها، بالرغم من أن الدمار في صروحها أحدث أضراراً فاقت الـ12 مليون ‏دولار، مع ذلك استنهضت الجمعية قواها وبمساعدة الخيرين لإعلاء صروحها في الجنوب والضاحية ‏وأعلت الوضع النفسي لأطفالها على ما عداه من اهتمامات، طبعاً بعد أن كانت خلال مرحلة ‏الحرب قد أنشأت عدة مراكز إغاثة في بيروت وضواحيها لمساعدة النازحين. فتعاونت الجمعية مع ‏منظمات دولية متخصصة كاليونيسيف، وبعض المتطوعين الإنسانيين من الجامعة اليسوعية ‏والأميركية للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب لناحية إزالة الآثار النفسية المنعكسة على الناس ‏جراء الحرب. فكان أن عهدت اليونيسيف الى جمعية المبرات بإعداد برنامج نفسي تربوي للتلامذة ‏والمعلمين. فأقامت الجمعية دورات تدريبية لأكثر من أربعة آلاف استاذ حيث حوّلت المشروع ‏منظمة اليونيسيف لتدريب الأولاد على التكيف مع الواقع الجديد إن لناحية فقدان الأولاد ‏لأهلهم أو لأحد أفراد عوائلهم او لناحية تقبّل ما آلت اليه الحرب من حيث دمار الممتلكات ‏والمنازل، كذلك تمّ تأهيل الأساتذة حول كيفية التعاطي مع التلامذة في أولى ايامهم الدراسية ‏وخلال السنة الدراسية بكاملها، من خلال اعتماد اساليب متطورة تقنياً ومتنوعة منها ‏التعبير الحرّ والرسم والموسيقى واللعب والتحاور وغيره.‏ 

 مدير الجمعية 
 وكان المدير العام لجمعية المبرات محمد باقر فضل الله قد أشار لـ«الديار» ان هذه التجربة ‏قد لاقت نجاحاً ملموساً وساعدت كثيراً اطفال ويتامى المبرات على تقبل واقعهم الجديد ما بعد ‏‏12 تموز.‏ 

 تلميذة فقدت اهلها 
 وقد بدأ التفاعل ما بين الاساتذة والاطفال في الايام الدراسية الاولى يظهر ولكن كانت تظهر ‏حالات خاصة على المعلمين فكان يتم تحويلهم الى مختصين نفسيين. احدى الحالات التي شهدت مثل هذه ‏العناية هي حالة فتاة فقدت كل افراد عائلتها البالغ عددهم 11 فردا وهي اليوم ‏متواجدة في احدى مؤسسات المبرات حيث يجري التعامل معها بكثير من العناية والاهتمام، الى ‏حالات اخرى مثل اطفال فقدوا قدرة الكلام ما بعد الحرب وذلك على مدى اشهر ولكنهم اليوم ‏وبفضل رعاية المبرات الخيرية وتعاون المختصين النفسيين قد تعافوا. وقد ثمن فضل الله هذه ‏التجربة التي خاضتها الجمعية خاصة على المدى الطويل مؤكدا على ضرورة ديمومة هذا الجهد من ‏قبل الجمعيات الاهلية والمنظمات الانسانية الدولية.‏
اما فيما يختص بالاضرار المادية فقد خسرت الجمعية جراء العدوان العديد من مؤسساتها في ‏الجنوب والضاحية.‏

وفي الوقت عينه زاد عليها العبء المادي والمعنوي، حيث بلغت قيمة الاضرار حوالى 12 مليون ‏دولار الى ذلك ازداد عدد الاطفال اليتامى ما بعد 12 تموز اكثر من الضعف واذ شدد فضل الله ‏على ان الجمعية لا تميز بين طائفة اطفالها وذلك عائد الى الفكر المرجعي المنفتح الذي انطلقت ‏منه الجمعية منذ 28 عاما وهو فكر السيد محمد حسين فضل الله المبني على اساس التعايش المشترك ‏وهو الذي يوجه اليوم عمل الجمعية حيث تضم في عديد طاقمها العامل ذلك الكم والنوع من ‏الاشخاص الذي يجسد التعايش كذلك تسعى الجمعية ومن خلال انفتاحها على الجامعات المختلفة ‏وخاصة اليسوعية والرهبانيات الاخرى اللبنانية الى التعاون واقامة ورش العمل وتبادل ‏الخبرات كذلك مع السفارات الغربية المتعددة.‏ 


   كلفة الحرب 
 صحيح ان كلفة الحرب كانت باهظة على الجمعية والخسارة كبيرة ولكن وبفضل المحسنين اليوم ‏المبرات مستمرة بنشاطها الرعائي والثقافي والصحي في مختلف المناطق مع انها لا زالت تحتاح الى ‏المزيد من المساعدات لتعزيز قدراتها كاملة. وفي الوقت عينه تمنى فضل الله على الدولة ان ‏تعفي المؤسسات الخيرية من الضرائب والجمارك على المساعدات التي ترد اليها كما فعلت في ‏مرحلة ما بعد الحرب حيث ان قرار الاعفاء توقف مفعوله في 31 تشرين الاول، على ان تعود ‏الدولة عن هذا القرار لمساعدة هذه الجمعيات على مزاولة اعمالها بشكل افضل خاصة وان ‏نشاطاتها هي خيرية لا تبغي الربح.