كربلاء - الصباح
منذ سنوات طويلة والمواطن يعاني من أزمات كان اغلبها بسبب الحروب ومن ثم الحصار وبعدها الفساد الإداري .ومن بين هذه ألازمات الجديدة أزمة الغاز السائل ، وهنا لا يتعلق الامر في مدى توفره لدى الباعة المتجولين أو سيارات دوائر النفط وتوزيع الغاز فحسب بل وصلت الأزمة لعدم توفر الاسطوانات إضافة إلى عدم امتلائها بالغاز بالكمية المقررة لها بسبب قدم الموجود منها وتضرره.
لذا بدت عمليات استيراد اسطوانات جديدة من دول أخرى حلاً ناجعاً لمعالجة الأزمة ، فسارع رب العائلة إلى شراء بعضها لكي يوفر الغاز السائل في بيته إلا انها تحولت إلى هم آخر ذلك ان الباعة في كربلاء يرفضون تسلم الاسطوانات الجديدة، وامتد الأمر إلى موزعي الغاز حسب البطاقات التي وزعتها الحكومة المحلية عن طريق مختاري المناطق أو مسؤوليها المحليين. وهكذا أصبحت مشكلة الاسطوانة الجديدة ،منذ عدة اشهر، هماً جديداً يضاف الى مائدة المواطن. وللتندر اطلق الناس على هذه الظاهرة تسمية أزمة اسطوانات الغاز الصينية والإيرانية.
المواطنون وهمّ الحديث
يقول المواطن محمد عبد الله انه تسلم اسطوانة جديدة من وكلاء التوزيع ، وما شجعه على تسلمها، حسب قوله،اعتقاده بأنها ستكون معبأة أكثر من الاسطوانات القديمة التي يتسرب منها الغاز لقدمها ،. إلا انه فوجئ حين أراد استبدالها في المرة الثانية بان الوكلاء أنفسهم رفضوا تسلمها مرة أخرى. ويقول المواطن احمد حسين: إن من اشترى هذه الاسطوانات من الباعة أو استبدلها من الوكلاء أصبح ضحية إجراءات غير محسوبة النتائج.. وأضاف: إن الجميع أعجبوا بهذه الاسطوانات الجديدة واشتروها من السوق المحلية حتى بلغ سعر الواحدة منها 40 ألف دينار إلا أنهم تفاجؤوا برفض الوكيل لها . وتتساءل أم حسين عن المسبب ومن استوردها ومن إدخلها إلى العراق ومن أوصلها إلى كربلاء ولماذا نكون نحن الضحية؟ ويؤكد المواطن أبو محمد انه اشترى ثلاث اسطوانات من السوق المحلية وعند وصول موعد التوزيع رفض الوكيل تسلم تلك الاسطوانات منه. ويضيف :" هذا غبن لحق بالمواطن لان هذه الاسطوانات طالما كانت معتمدة من المعمل وتسلمها لأكثر من مرة. وإذا كانت تتسبب بحوادث لماذا استعملها المعمل لأكثر من مرة ؟ وكيف سُمح لها بالدخول إلى العراق ؟ المواطنة أم احمد تسلمت إحدى تلك الاسطوانات من احد الوكلاء وبحضور مختار المنطقة وفي موعد التسليم الآخر رفض الوكيل تسلمها وبعد مشادات بين الطرفين وشكاوى رفعتها أم احمد استبدلت الاسطوانة في نهاية الأمر ولكن بعد أشهر من اندلاع النزاع . ويكشف المواطن برير هادي ان احد الباعة قدم له عرضا بان يدفع له عشرين ألف دينار لقاء تبديل الاسطوانة وعندما سأله لماذا هذا المبلغ؟ قال له انه سيعود إلى العاملين في محطات الغاز ويؤكد ان الكثير من المواطنين وقعوا ضحية هذا الابتزاز لان آلاف الاسطوانات دخلت مدينة كربلاء ليشتريها آلاف المواطنين.
تشابه المعاناة والاسطوانة واحدة
التشابه كبير بين جميع أبناء المحافظة ممن تعرضوا إلى عملية الاحتيال هذه، إذ يشارك كل من أبو محمد وأم احمد المواطن أبو غيث إلا انه تساءل لماذا المواطن هو المتضرر في كل خرق يحصل في استيراد منتجات غير صالحة ؟ وأين دور الجهات المعنية المتعددة من مجلس المحافظة ومكافحة الجريمة الاقتصادية ودائرة المنتجات النفطية والجهات الرقابية ؟ .
أما رئيس المجلس المحلي في منطقة حي العامل السابعة حيدر طعمة مخيف فيقول:" نتسلم الاسطوانات المشار اليها من المعمل ضمن الكميات المخصصة، ونضطر إلى توزيعها بين المواطنين ، ولا يفوتنا ان المسؤول عن توزيع هذه الاسطوانات هو الوكيل الذي يتسلمها من المعمل وان وظيفة المختار تأمين وصول تلك الحصة إلى المواطنين لا غير ونحن لا نستطيع تمييز تلك الاسطوانات عن غيرها . أما احمد رضا رشيد مسؤول شعبة المختارين فيؤكد استلام عدة شكاوى بهذا الشأن سواء عن طريق الهاتف أو شفهية من المواطنين وتمت مفاتحة معمل الغاز الحكومي لإيجاد حل أو آلية سريعة ولم يصلنا أي رد، زيادة على كثرة الشكاوى من المختارين في مركز المدينة التي تشير إلى عدم تسلم الحصة كاملة واحتوائها على الاسطوانات غير المسموح باستعمالها علما انه لا يمكن تمييزها عن الاسطوانات المعمول بها وعندما يذهب المواطن إلى المعمل الحكومي تتم مصادرة الاسطوانة مقابل مبلغ مالي يصل إلى (20) ألف دينار ، ونحن بدورنا نطالب بإيجاد حل واقعي وسريع لمعالجة هذه المشكلة والتخفيف عن كاهل المواطن والمختارين لان المواطن يعتبرنا السبب الأول والأخير في هذه المشكلة.
مجلس المحافظة ومشكلة الاسطوانات
المساس باقتصاد المواطن يعد جريمة يحاسب عليها القانون لكن على الجهات المعنية أن تتخذ الإجراءات اللازمة لوضع المتهم في قفص الاتهام وإعادة الحقوق إلى أصحابها. مجلس المحافظة صاحب السلطة الرقابية كان له رأيه في هذه القضية إذ قال رئيس لجنة المجالس المحلية حميد الهلالي: فيما يخص اسطوانات الغاز الإيرانية والصينية فان اللجنة ومجلس المحافظة وكذلك محافظ كربلاء ابدوا جميعا تعاطفهم مع المواطنين المتضررين من تسلم هذه الاسطوانات ، وقد تمت مخاطبة الوزارة والشركة العامة لتعبئة الغاز بعدة كتب لغرض معالجة الموضوع لان المواطن قد وقع ضحية ابتزاز التجار وفتح المنافذ للاستيراد من دون ضوابط وان اسطوانات الغاز الموزعة لا تختلف عن الأصلية المعمول بها ولم يتم إعلام المواطن عن عدم صلاحية هذه الاسطوانات إذ تم تداولها لمدة طويلة ، ويؤكد الهلالي ان المحافظات الأخرى لا تزال تعمل بهذه الاسطوانات ولم يجد المجلس أي اهتمام أو جدية من الوزارة التي ننتظر إجراءاتها حتى هذه اللحظة . من جانبه ذكر مسؤول لجنة الطاقة في المجلس مناف الموسوي بان هذه الاسطوانات دخلت إلى العراق والى كربلاء في وقت كان الوضع الأمني يشهد انفلاتا امنيا علما بأن هذه الاسطوانات لم تسلم أو تباع إلى المواطن من الدولة وإنما من التجار وعلى الرغم من اعتراض شركة توزيع الغاز على عدم صلاحية هذه الاسطوانات إلا انه تم بيعها من قبل بعض الجهات إلى الموطنين مؤكدا، مرة أخرى، ان المجلس قام بمخاطبة الوزارة، لافتا إلى انه على المواطن أن يحتفظ بهذه الاسطوانات إلى حين اتخاذ الوزارة أو الجهات المعنية إجراءات بحقها.
الاسطوانات والجهة المسؤولة عنها
الكثير من اللبس حصل في تحديد الجهة المسؤولة عن هذه الاسطوانات حتى أن المواطن راح يتهم كلاً من له صلة في القضية إلا ان شركة توزيع المنتجات النفطية فرع كربلاء نفت مسؤوليتها عن هذه الاسطوانات إذ قال مسؤول إعلام الشركة في المحافظة حسين علي: إن الجهة المعنية هي الشركة العامة لتعبئة الغاز إذ انها تشرف على نوع الاسطوانات وصيانتها وإدامتها وتعبئتها في حين ان شركتنا مسؤولة عن وضع آلية توزيع تلك المنتجات ومتابعة ذلك التوزيع وعلى المواطن أن يفرق بين الشركة العامة لتعبئة الغاز والشركة العامة لتوزيعه . وبما ان القضية وصلت إلى الشركة العامة لتعبئة الغاز فقد حملنا أوراقنا وذهبنا إلى معمل تعبئة الغاز الحكومي للتعرف أكثر على أسباب ومسببات تلك المشكلة إلا اننا تفاجأنا بأنهم طلبوا تخويلاً من مقر الشركة العامة لتعبئة الغاز وعلى حد علمنا إن مقرها في محافظة بابل لذا لم نحصل على إجابة منهم بشأن هذه القضية ليبقى الملف مفتوحا ينتظر من يبت فيه ويريح المواطنين من اسطواناتهم التي بقيت مركونة داخل البيوت.