This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

أكـــاديميـون ومتخصصـون في الاجتماع وعلم النفس يرصدون ظاهرة التسول ويقترحــــون العـــلاج
30/10/2008

 

 


سعد صاحب- الصباح
اطلقت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حملتها الوطنية لمكافحة التسول الاسبوع الماضي.. ويثير المراقبون للحملة التساؤل حول جدوى مثل هذه الحملة والسبل الكفيلة بنجاحها على ارض الواقع.. وهل يمكن لاجراءات رسمية صارمة أن توقف او تحد من هذه الظاهرة التي تشكل وصمة عار على جبين الدولة والمجتمع ام ان الظاهرة اكبر من ذلك؟ ولهذا وضعنا الظاهرة تحت مجهر المتخصصين في علوم النفس والتربيةو المجتمع والادب لتحديد مدياتها وطرق علاجها ووضع البدائل المحلية.
في سيارات الأجرة
حينما يكمل السائق حساب نقوده  يجدها ناقصة يصرخ مثل الملسوع (بعد واحد ما دافع) يجيب من الخانة الاخيرة احد الركاب نعم (اني) ويواصلها انا اخوكم سجين سياسي الان خرجت من السجن ارجو مساعدتي يرحمكم الله.
سر قفلية
احد المتسولين منذ ايام لم يخرج الى الاستجداء سأله احد اصدقاء المهنة هل وجدت عملا شريفا وتركت هذه المهنة الوضيعة؟ فاجابه:  كلا انا اجرت مكاني الى غشيم مثلك وجلست في بيتي وتأتي الي النقود وحدها دون تعب.
حامل الكفن
رجل يبلغ من العمر الثلاثين يلف كفنا على يده ويصيح الان توفى اخي ولم لا املك نقود الدفن ساعدوني اين اهل المروءة اين اهل الضمير فتتأثر الناس وتجمع له مبلغا جيدا يأخذ المبلغ ويمضي الى مبتغاه وحين تنتهي النقود يعاود الامر في مكان اخر.
من الدلال الى الجريمة
شاب مدلل من عائلة برجوازية وهو الشاب الوحيد بين ست اخوات افسدته عائلته بتلبية وتحقيق جميع المطالب التي يريدها وحين كبر لم يستطع ان يوفر لقمة العيش الكريمة بنفسه فراح يتسول في الشوارع ويسرق ثم انتهى المطاف به الى السجن بعد ان قتل شخصا بسبب المال.
استجداء وسرقة
بعد ان كسر خاطرها اعطته مبلغا من المال لكي يشتري ما يحتاج لكنه ترصدها وسرق ماتبقى من النقود التي كانت بحوزتها.
آراء المختصين
 آفة عالمية
المتخصص في علم النفس في جامعة بغداد/ كلية تربية ابن رشد الدكتور خيري احمد عبد الله : التسول مشكلة اجتماعية عالمية موجودة في كل الدول اسبابها، بالدرجة الاولى اقتصادية وتشكل الكوارث الطبيعية والحروب مساحة لهؤلاء الاشخاص لانهم يجدون انفسهم في الشارع بلا مأوى ولاعائلة واحيانا يكون السبب قصور المجتمع الاولي في تهيئة الظروف المناسبة لهذه الدول التي تنتشر بها هذه الظاهرة وخاصة في الانظمة الشمولية الدكتاتورية من العالم.
امراض متفرقة
ويضيف: هناك اشخاص في المجتمع يمتهنون هذه المهنة لانها تجلب لهم المال دون بذل جهد ولا يدركون ان مثل هذا العمل هو عمل مشين وغير شريف يدمر المجتمع ويشكل البلاد التي تمر في ظروف سياسية صعبة ومعقدة لاتستطيع ايجاد الحلول المناسبة والسريعة والمتسولون بحد ذاتهم مشكلة تولد مشاكل اجتماعية اخرى تؤدي الى انحراف للاطفال او عمل عصابات منظمة تدمر المجتمعات وتهدد استقرارها وتخلخل بنيتها المتماسكة.
معالجات
ويشخص الدكتور خيري طرق العلاج إذ يقول:
تحديد مراكز ايواء لهؤلاء الافراد وشمولهم برواتب الرعاية الاجتماعية ووضع محددات مجتمعية ضمن القيم والعادات والتقاليد الاسلامية العربية الموجودة وتكليف الباحثين الاجتماعيين بالاتصال مع عوائلهم بالاضافة الى تكريس وسائل الاعلام لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية.
للمسلمين فقط
المتخصص في علم النفس انور تقي : الحكومة والمراجع الدينية تتحمل المسؤولية ،على الحكومة ان تجمع المتسولين وتخصص راتبا قدره (150) الف دينار والطرف الثاني المراجع الدينية التي تتسلم الزكاة والخمس عليها ان توزع بعضا من هذه الاموال على الفقراء والمتسولين، اين دور الوقف الشيعي؟ اين دور الوقف السني؟ لماذا لا يوجد مسيحي اوصابئي يتسول في الشوارع؟ فلماذا هذه الظاهرة اختصرت على المسلمين فقط؟ ويؤكد: العوائل المسيحية المحتاجة في العراق يمنحهم الفاتيكان راتبا شهريا متواصلا  بلا انقطاع.
فقراء بلا رواتب
ويسترسل بالقول: الكثير من العوائل يتسلمون راتب الرعاية الاجتماعية وظروفهم المادية جيدة جدا وبالمقابل هناك فقراء تضيع معاملاتهم لسبب او لآخر ولم يحصلوا على راتب حتى الان وهذا سبب يدفعهم الى الاستجداء وزيادة اعداد المتسولين في الشوارع.
ظاهرة محزنة
استاذ علم النفس والتربية في جامعة بغداد/كلية التربية ابن رشد الدكتور بلاسم الكعبي يشخص اسبابها النفسية:
التسول من الظواهر المحزنة وهي ظاهرة تكون واضحة للعيان في المجتمعات المتخلفة التي يطلق عليها المجتمعات النامية والعراق من هذه البلدان التي تفشت بها هذه الحالة المزرية في الشوارع والطرقات العامة وهي ظاهرة غير حضارية استغلت حتى من بعض الاشخاص الذين يمتلكون القدرة والامكانية للعمل وكسب قوتهم اليومي الا انهم يصرون على ممارستها لان هذه الظاهرة في جانب منها حالة مرضية نفسية تعبر عن نقص في السلوك و في تربية الشخص الذي يمارسها ويعدها عملية تغطية لمايعانيه هذا الشخص من مشاكل اجتماعية ونفسية ويرى فيها حلا لهذه المشاكل.
مسؤولية الدولة
ويضيف: في بعض الدول التي استفحلت بها البطالة ومنها العراق، تزايدت اعداد المتسولين وهي ليست وليدة الصدفة وانما نتاج تراكمات قديمة عاشها المجتمع العراقي لفترات طويلة في ظل انظمة دكتاتورية فاسدة ادت سلوكياتها الى تطور كل الظواهر السلبية في المجتمع حيث لا توجد معالجات جدية في القضاء على الامراض الاجتماعية المستفحلة.
الحلول: على مؤسسات الدولة المتمثلة في وزارة العمل والامن الوطني ووزارة الداخلية والمالية الاسراع لايجاد آلية لجمع هؤلاء المشردين والمتسولين من الشوارع والشروع بخطة ذات سقوف زمنية للبدء بهذا المشروع الوطني وتحديد بعض الفئات من هؤلاء المتسولين وحسب اعمارهم وشمولهم بالرعاية الاجتماعية وتحديد البعض الاخر ممن لهم القدرة على العمل وايجاد عمل مناسب له عن طريق تعيينه في احدى دوائر الدولة وادخال القسم الاخر ممن هم بحاجة الى عملية تأهيل واصلاح واشراكهم بدورات تثقيفية ومهنية لشدهم للدخول والمشاركة الفعالة في حراك المجتمع كما يمكن لهذا المشروع الوطني ان يضع بعضا من هؤلاء المتسولين من سن (50 فما فوق) في دوائر العجزة وكبار السن ونكون بذلك قد انقذنا المجتمع وشوارعه من المنظر المشوه لهؤلاء الناس ووجودهم غير الحضاري الذي يشكل وصمة عار بجبين الدولة والمجتمع  وهذا المشروع لا ينجح مالم تشكل لجان متابعة للتنفيذ ولا يترك هذا المشروع الا بعد القضاء على هذه الظاهرة وانحسارها تماماً
اسراب الجراد
طالبة الماجستير هدى فاضل تقول عن المشكلة والحل: يحزنني حينما اشاهد هذه الاعداد الكثيرة وهي تهجم كاسراب الجراد في الاسواق والساحات والكراجات والاماكن المزدحمة ونحن بلاد متخمة بالثروات والخيرات التي لا توجد في بلد اخر، والحل يكمن في فتح ورشات خياطة، نجارة ونحوها من المهن المناسبة، لاسيما اكثر المتسولات من الشابات اللواتي لديهن القدرة على الاستيعاب والعمل  اما الرجال فاغلبهم من الشباب الاصحاء الاقوياء الذين لديهم الامكانية الجسدية للقيام باي عمل شاق ولكن ان لله في خلقه شؤون.
قروض بلافوائد
الدكتورة فاتن خيري اضافت: اتمنى على الدولة ان تعطي قروضا من دون فوائد الى المتسولين المعاقين الذين اجبرتهم الظروف للقيام بهذا العمل غير الصحيح ويستطيع بمساعدة اهله ان يفتح محلا او مشروعا ناجحا ويترك هذه المذلة، وللظاهرة اسباب عديدة ،منها: الاحساس بالذل والدونية والبعض يدفعه الحقد الطبقي والحرمان الى التسول او السرقة او الاعتداء على الاخرين.
الاستاذ والشاعر الفريد سمعان الـ امين العام لاتحاد والادباء الكتاب العراقيين له رأي في هذه الظاهرة:
من لا يجد عملا ولابابا للرزق تضطره الحاجة الى ان يمد يده للاخرين في تغطية حاجته ومن هنا نستطيع ان نقول انها حاجة تضطر المرء الى التنازل عن بعض حقوقه الاجتماعية ويقوم بالبحث عن مورد يقيه شر الجوع والعري واسباب الحياة الاخرى والحقيقة ليس كل من يتسول هو يعيش الفاقة والعوز فمن خلال مشاهداتي اليومية ارى رجالا مكتملي الصورة وبامكانهم ان يعملوا اي عمل شريف والعمل مهما كان بسيطا هو شرف للانسان، كما اشاهد نساء في الساحات العامة يتسولن وهن واضعات القناع على وجوههن ولا نعرف من تكون هذه وهل هي محتاجة، واين زوجها او والدها او اخوها الذي يسمح لها بالاستجداء في الشوارع العامة؟ والاهم من كل هذا القانون العراقي يعاقب على التسول ولايسمح به ولكن هنالك نوعاً من التساهل الحكومي والاجتماعي.