بغداد/أصوات العراق: بدأت دائرة الخناق تضيق أكثر على طالبي اللجوء العراقيين في السويد. فبعد توقف مؤقت، عادت سلطات الهجرة الى إعادة إبعاد المئات من اللاجئين العراقيين القادمين من اليونان، على رغم الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان هناك.
هذا التطور، زاد من يأس العراقيين، الذين أصبحوا أمام خيارات صعبة قليلة، فإما العودة طوعيا، أو بالقوة، كما يحدث هذه الأيام لطالبي اللجوء من أقليم كردستان العراق، لاسيما بعد تأكيد وزير الهجرة السويدي توباياس بيلستروم قبل أيام على انه "لا أمل لكل طالب لجوء عراقي مرفوض طلبه البقاء في السويد".
يقول نبراس سليم (39) عاما وهو صحافي عراقي غادر العراق قبل أربعة أعوام" لا أعتقد إن الوضع في العراق آمن الآن بما فيه الكفاية، خصوصا بالنسبة الى الصحفيين، فمن الصعب ضمان المرء حياته في حال العودة".
ويضيف نبراس في حديثه لـ "أصوات العراق" ان تهديد الجماعات المسلحة بقتله دفعه لمغادرة البلد، وان فكرة السفر والعيش بعيداً عن العراق لم تكن تراوده قبل ذلك. لكنه يبدي انزعاجه الشديد من تصريحات وزير الهجرة السويدي حول ضرورة عودة المثقفين الذين كانوا غادورا العراق في ظروف صعبة. ويتساءل ما الذي يمكن ان يُسمى به الوضع الراهن الذي يمر به العراق الان؟
والتطور اللافت هذه الأيام، هو إقرار "محاكم الهجرة العليا" في السويد قانونية إعادة اللاجئين القادمين من اليونان الى اثينا، مستندة في ذلك على اتفاقية "دبلن" الموقعة بين بلدان الأتحاد الأوربي والتي تقضي بدراسة طلبات المتقدمين باللجوء في اول بلد من بلدان الأتحاد يصله اللاجىء.
وكما هو معروف فأن غالبية العراقيين القاصدين طلب اللجوء في السويد يمرون عبر اليونان بعد مرورهم بتركيا لقربها من العراق.
وتعد "محاكم الهجرة العليا"، وهي ثلاث محاكم موزعة على المدن الثلاث الرئيسية (ستوكهولم، مالمو، يوتوبوري)أعلى سلطة تنفيذية من دائرة الهجرة السويدية، وتشكلت خلال السنوات القليلة الماضية. وتعطي هذه المحاكم الحق لطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم الأستئناف عندها ولها الحق في نقض قرارات دائرة الهجرة.
محمد غريب (38) عاما، مقيم في السويد منذ عشر سنوات، وحاصل على الجنسية السويدية، يؤكد لـ " أصوات العراق" أن أخيه الذي وصل السويد قبل أشهر، قادما من اليونان، أُجبر على العودة بالقوة من حيث أتى، دون ان يتمكن من الحصول على الإقامة التي يصفها بأنها أصبحت " حلما بعيد المنال بالنسبة الى العراقيين بعد توقيع اتفاقية التفاهم المشترك بين دائرة الهجرة السويدية والحكومة العراقية.
ويقول غريب إن شقيقه في حالة نفسية متردية، وفاقد الأمل بالمستقبل بسبب ما أصابه من جراء رفض طلبه، وخسارته المبلغ الكبير الذي سلمه للمهربين مقابل إيصاله الى السويد.
وكان وزير الهجرة السويدي توباياس بيلستروم شدد الأسبوع الماضي في تصريحات صحفية لأكثر من وسيلة أعلامية، على ضرورة عودة جميع العراقيين المرفوضة طلبات لجوئهم الى بلدهم، مشددا انه من "اللاجدوى الأختباء في السويد"، مشيرا الى الأرتفاع المستمر في اعداد العائدين طوعا الى العراق، وعلى ضرورة عودة "جميع العراقيين المرفوضة طلباتهم".
وتوقع بيلستروم ان يصل عدد العراقيين الذين قدموا طلبات لجوء الى السويد حتى نهاية العام الحالي 2008 الى 23 الف شخص. فيما أكد المعلومات التي تتحدث عن ارتفاع في اعداد المرفوضة طلباتهم، مقدراًُ اياها بالالاف مقارنة بالعام الماضي 2007.
وشدد بيلستروم على أهمية الأتفاقية الموقعة بين الحكومتين العراقية والسويدية في شباط " فبراير " الماضي، والتي تنص على أمكانية أجبار العراقيين على العودة الى بلادهم في حال رفضهم القيام بذلك طوعاً، واصفاً تعاون الحكومة العراقية في هذا المجال بـ "الجيد جداً" رغبة منها في اعادة مواطنيها وخاصة المثقفين وأصحاب الكفاءات منهم الذين تركوا العراق في ظروف صعبة للمساهمة في اعادة بناء العراق.
ويرى الكثير من العراقيين المرفوضة طلبات لجوئهم ان الحكومتين العراقية والسويدية يدفعون الكثير من العراقيين العودة الى مستقبل مجهول، معتبرين ان التحسن النسبي في المستوى الأمني الذي يشهده العراق حاليا غير كاف لضمان سلامة وأمن العائدين الذي خسروا كل ما لديهم من أموال في سبيل النجاة بحياتهم.
وتتفاقم مشكلة العراقيين المرفوضة طلباتهم والذين يقابلون بالرفض من الحكومة السويدية المصرة على تنفيذ قرار إعادتهم خاصة ان معظمهم فقد مدخراته ثمناً لرحلة تحفوها المخاطر وهم بالتالي لا يملكون ما يمكن الأستناد عليه برجوعهم ثانية الى البلد.
يرى بديع كريم (49) عاماً، وهو ناشط في مجال حقوق الانسان ان الكثير من الاثار النفسية السيئة ستنشأ نتيجة العودة "الإجبارية" او ما يمكن تسميته بـ "العودة اللاأختيارية" في نفسية المرفوضة طلباتهم من ناحية شعورهم بـ "المظلومية" او بأنهم أناس غير مرغوب فيهم في البلد المضيف.
ويضيف لـ "اصوات العراق" ان الأموال التي تمنحها الحكومة السويدية للعائدين طوعا وتترواح بين 3700-8700 دولار "حسب تصريح وزير الهجرة السويدي" لن تكفي بكل الأحوال من امتلاك سكن وتوفير الحاجات المعيشية للعائلة. علما أن الذي يُجبر على العودة لا يحصل على دولار واحد، سوى تذكرة سفر مجانية.
ويعد العراقيون ثاني اكبر جالية في السويد بعد الجالية الفنلندية. وبحسب دراسة اعدتها المفوضة العليا للأجئين التابعة للأمم المتحدة فأن السويد استوعبت اكثر من نصف اللاجئين العراقيين في اوربا، ليرتفع عدد المقيمين على اراضيها نحو ما يزيد عن 80 الفاً.
ورغم تصريحات وزير الهجرة السويدي بيلستروم المخيبة لآمال الكثير من العراقيين المرفوضة طلباتهم، الا انه ابدى استعداد بلده في تقديم اللجوء لـ "الذين يستحقون، هذا هو عملنا" وان عدم اعادة من ترفض طلباتهم سيؤثر على نزاهة نظام الهجرة في السويد "هذا هو القانون".
وكانت محكمة الهجرة العليا في يوتوبوري (غوتنبورغ) أصدرت خلال العام الحالي 2008 قرارات تتضمن ابعاد 400 طالب لجوء كانت اليونان جزءا من طريقهم قبل وصولهم السويد، وتم ابعاد 100 شخص بالفعل.
وذكر موقع "أس. أر" للاذاعة السويدية الناطقة بالعربية ان من بين المبعدين الـ 100 ثلاثة عوائل عراقية تسكن قبو احد البنايات في أثينا، ناقلة عنها ان "السلطات السويدية أبلغتهم قبل الأبعاد ان اليونان ترحب بهم كلاجئين، ولكن السجن كان في استقبالهم" غير ان المبعدين ورغم ابعادهم من السويد الى اليونان لا زالوا يحتفظون بأنطباعات جيدة عن التعامل الذي عوملوا به في السويد.
ونقل الموقع ما نصحت به منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بعدم أعادة طالبي اللجوء الى اليونان بسبب المعاملة غير المناسبة التي يعاملون بها وان طلباتهم لا تدرس وفق الشروط التي توفر لهم الضمانات القانونية كطالبي لجوء.
ل ن(تق)- ح إ ح