تقرير وليد عبد الامير- بغداد
لغرض الاطلاع ميدانيا على واقع عمل معهد الرامي وامكانياته الفنية والادارية في ادارة عملية رعاية المعوقين وتأهيلهم، فقد قمنا صباح يوم الاحد 2\11\2008 بزيارة للمعهد المذكور دون سابق ترتيب.
كان لقاءنا الاول مع السيدة مديرة المعهد في غرفة الادارة حيث قدمت لنا ايجازا عن طبيعة عمل المعهد والذي هو عبارة عن معهد ومدرسة وجمعية خيرية تدار مباشرة من قبل السيدة نبراس سعدون تنحصر اعماله في علاج التوحد وبطيئي النطق وصعوبات التخاطب، والذي يتولى الاشراف عليه مجموعة من المعلمات والاداريات يصل عددهن الى (17) بين معلمة ومشرفة تربوية ومسؤولة تدريب بدني ومسؤولة تغذية، اما التلاميذ فقد تم توزيعهم على مجاميع مكونة من 4-6 تلاميذ اعتمادا على التقارب في العمر العقلي والعمر الزمني، ويمثل كل واحد من هذه المجاميع صفا دراسيا تشرف عليه معلمة خاصة يقع على عاتقها التعليم والتأهيل والعناية بالتلاميذ خلال ساعات الدوام.
تم الاطلاع خلال وجودنا في غرفة الادارة على الاضابير الخاصة بالمعهد وهي منظمة بصورة دقيقة ومبوبة حسب مقتضى عمل هذا المعهد، حيث هناك اضابير التلاميذ والملاحظات والمعلومات الخاصة بهم. اما بالنسبة لمناهج التدريس فبالنظر لكون هذه التجربة جديدة في العراق، ويعتبر هذا المعهد هو اول معهد فتح اول مدرسة ابتدائية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتكاد تكون المصادر والادبيات الخاصة بـ(مرض التوحد ) نادرة، فقد تم وبجهود مشكورة اعداد مناهج مبسطة اعتمادا على خبرة المديرة وبعض المعلمات من ذوات الاختصاص مع الاستعانة ببعض المصادر العربية والاجنبية التي تم جلبها من خارج العراق او قام باهدائها بعض اهل الخير، وذلك من خلال انتقاء بعض المواد التي تتناسب مع المستوى العقلي والطالب، كذلك تم الاستعانة (بالقراءة الخلدونية) التي تدرس في المرحلة الاولى في مادة القراءة في مدارس العراق الابتدائية.
بعد الانتهاء من هذا اللقاء، قمنا برفقة مديرة المعهد بزيارة تفقدية على جميع صفوف المعهد حيث بدأنا بالصفوف ذات الحالات البسيطة حيث كان الهدوء يعم الصف وكانت كل معلمة تؤدي عملها بصورة مرضية، فمنهن من كانت تقوم بتعليمهم مبادئ الحساب ومنهم من كان يرسم. وبعد ذلك انتقلنا الى الحالات الاصعب حيث ظهر ذلك واضحا من سلوك التلاميذ فمنهم من كان يزعق والآخر يريد الخروج خارج الصف وآخر لديه اكتئاب ولم يتحرك من مكانه و عموما ان مهمة المعلمات في هذه الصفوف صعبة وتحتاج الى صبر عال وقلب رؤوف وقد لاحظنا انهن قمن وبجهود فردية بترتيب بعض الوسائل البسيطة التي تساعدهن في انجاز عملهن، فمنهن من قامت بعمل شئ اشبه بالبساط وقامت بوضع اشكال دائرية داخله ولدى الاستفسار ظهر انها تحاول تعويد التلاميذ على كيفية المشي، وأخرى قامت باعداد استمارة تتضمن حتى الوقت الذي يتم فيه اصطحاب التلميذ الى دورة المياه حيث سجل كل ذلك بالساعة واليوم حيث ظهر لنا ان هذه ممارسة لاجل تعويدهم على الذهاب الى دورات المياه لان من مشكلة المصابين بالتوحد هو عدم قدرتهم على التواصل مع محيطهم الخارجي. وعموما فان الصفوف في حالة جيدة جدا من ناحية مقاعد الطلبة والأثاث الموجود فيها
بالرغم من ضعف الرواتب الشهرية لمنتسبي هذا المعهد وبالأخص المعلمات والتي لا تتناسب بأي حال من الاحوال على ما يبذلن من جهد أضافي في تعليم وتأهيل تلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة فان ذلك لم يمنعهن من تقديم افضل ما لديهن، ومن خلال الملاحظة والسؤال ظهر بان معظمهن عشقن هذه المهنة وصار لهن تعلق بالطلبة مما انعكس ايجابا على حسن معاملتهم وهذا بالتأكيد سوف يساعد في تسهيل عملية التأهيل خصوصا للصغار الذين هم في حاجة ماسة للعطف والحنان
بعد الانتهاء من ذلك قمنا بتفقد المرافق الأخرى الخاصة بالمعهد حيث كانت هناك مكتبة صغيرة تحتوي على القصص الخاصة بالاطفال، ومجموعة من الكتب الخاصة بتزويد التلميذ ببعض المهارات الاساسية من خلال الرسومات التوضيحية التي تحتويها
يضم المعهد ايضا قاعة كبيرة اشبه ما تكون بقاعة الاجتماعات تحتوي على وسائل ايضاح. اما بالنسبة لغرفة النوم فهي غرفة حديثة ذات اسرة جيدة وتحتوي على مجموعة من الالعاب والدمى علما ان المبيت يقتصر على تلميذ واحد قتل والده في حادث انفجار وتركته والدته وتزوجت برجل آخر، لذلك لم يبقى لديه أحد فكان المعهد هو بيته الحقيقي ويشرف على رعايته سيدة مطلقة تقوم بخدمات الطبخ وما يلزم وكانت مديرة المعهد قد اخبرتني عن حالته، ولدى زيارتنا للصف الذي يدرس فيه سألته المديرة اين والدك الآن؟ فاجاب على الفور في الجنة وعندما سألته أين أمك الآن؟ قال دون تردد في النار، فقالت له المديرة بل في البيت فردد وراءها في البيت، فاستغربت هذه الاجابة منه عندها قالت المديرة بان هذا هو الطفل الذي أخبرتك عنه
الوضع المالي للمعهد جيد بفضل المنحة التي قدمها رئيس الوزراء وقدرها (100مليون ) دينار، وكذلك الدعم الذي يقدمه رئيس المعهد وهو رجل اعمال وكذلك الدعم الذي يحصل عليه المعهد بين الحين والآخر من بعض المسؤولين ورجال الدولة وبعض الميسورين.
التوصيات
المعهد يؤدي اعماله بصورة مرضية والمشرفين عليه يبذلون جهودا استثنائية لتقديم العون ومد يد المساعدة رغم ظروف العمل الصعبة وقد نجحوا لحد الآن بتأهيل (15) من المعوقين للانخراط في رياض الاطفال والمدارس الابتدائية لذلك نوصي باستمرار التعامل معهم وتقديم الدعم الاعلامي والمادي لهم لتمكبن القائمين على المعهد من تنفيذ مشاريعهم المستقبلية ومنها انشاء فرع في جانب الرصافة من بغداد ونقل التجربة الى المحافظات
علما اننا قد أكدنا على مديرة المعهد على ضرورة التواصل مع رابطة المبرات العراقية ورفد موقعها الألكتروني بالنشاطات والأطلاع من خلاله على المستجدات على ساحة العمل الانساني في العراق وبما يضمن تطوير عمل المعهد وفتح قنوات اتصال مع منظمات مشابهة سواء داخل او خارج العراق للأستفادة من خبرة الاخيرة في تطوير هذا النوع من العمل الشاق
وأخيرا فنستطيع القول ان هذا المعهد هو معهد نموذجي بادارته وخدماته آخذين بنظر الاعتبار الوضع الشاذ الذي يعيشه العراق وتحديدا العاصمة بغداد، كذلك فان وجود شخصية بمستوى مديرة هذا المعهد كفاءة واخلاصا هي خير وسيلة لتطوير اداء مسؤولي ومسؤولات الجمعيات الخيرية العراقية والتي نتمنى ان تكون امثالها قدوة للآخرين والأخريات..
مع التقدير
وليد عبد الأمير
2\11\2008