This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

معاقون متقاعدون يبحثون عن فرص للعمل علــــى عربـات متحركــة
18/11/2008

 

 

بغداد ـ نجلاء الخالدي
مئات من الرجال تتراوح أعمارهم ما بين العشرين إلى الخمسين عاماً يسيرون على كراسي متحركة، بعد ان فقدوا احد اعضائهم في الحروب المجانية التي قادها النظام السابق خلال سنوات حكمه ومن ثم اعمال

العنف التي عصفت بالبلاد خلال الخمسة اعوام الماضية ,هؤلاء اجبروا على ترك اعمالهم واحيلوا الى التقاعد المبكر مرغمين بالرغم من اعمارهم لم تصل بعد الى السن القانوني .
وفي اغلب دول العالم  نادراً ما تجد "المعاقون" يعيلون أسرا.. لكن هنا في العراق  يعيل المعاق  عددا من الأسر الكبيرة، وبات من الطبيعي أن تشاهد في شوارع بغداد عشرات الشباب على كراسي متحركة، عارضين امامها على بسطات  متواضعة بعضا من السلع الصغيرة بعد عن يئسوا من مراجعة الدوائر الحكومية للمطالبة بحقوقهم التقاعدية. او اصدار تشريعات تضمن لهم الحياة الكريمة..
أعمال.. بلا حقوق او ضمانات
يقول عباس محسن "28" عاما بترت ساقي في اعمال العنف الاخيرة ,وكنت قبل الحادث اعمل مشرفا على الحدائق في امانة بغداد "بعقد مؤقت" يتابع عباس: فجأة وجدت نفسي بلا حقوق بلا عمل ,لكنني لم استسلم لقدري وبدأت أبحث عن عمل يناسبني لاسد فيه رمق عائلتي  المتكونة من طفلتين, وغالباً ما يحمل طفلتيه على كرسيه المتحرك ويذهب بهما إلى المتنزه المجاور للحي الذي يسكن  فيه .
ياسر كاظم أصبح في غضون ثوانٍ مقعد وهو في عمر الثلاثين عندما باغتته رصاصة  مجهولة في مدينة ابوغريب ،نفذت  تلك الرصاصة إلى الحبل الشوكي، وأقعدته على كرسي متحرك ليكمل مشوار حياته وهو جالس على كرسي متحرك.
يقول ياسر: كنت قبل الحادث موظفاً في وزارة الصناعة لكن بعد الحادث تركت عملي لعدم قدرتي التواصل فيه بسبب درجة عوقي الكبير، يضيف: الراتب التقاعدي الذي اتقاضه لا يكفي لسداد ابسط مستلزمات اسرتي المكونة من اربعة اطفال، في ظل غياب الرعاية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة للمعاقين والمتمثلة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فأنني وجدت عملا اخر يناسب عوقي في احد مقاهي "الانترنت" بعد  ان يئست من وعود الحكومة وجمعيات ومنظمات المعاقين التي ترفع في كل مناسبة الشعارات الرنانة على حد وصفه"وتعد بزيادة الرواتب التقاعدية للمعاقين لكن من دون جدوى او شيء ملموس على ارض الواقع .
 يصنعون الحياة
احمد قاسم  "50 عاماً" ، بترت ساقه اليسرى جراء شظايا صاروخ في الحرب "العراقية الايرانية"
يقول:استطعت أن أتغلب على وضعي هذا من خلال بيع "كارتات الهواتف النقالة "والساعات اليدوية في منطقة العلاوي!
ويضيف : راتبي التقاعدي لايكفي لعائلتي المتكونة من سبعة افراد معظمهم "طلبة مدارس " وبالرغم من  أن الناس تتعاطف معي بالدرجة الأولى وتشتري مني البضاعة ، إلا أن ذلك لا يوفر لي مالاً أستطيع العيش من خلاله.
راضي حمود"40عاما" متقاعد من عمله الحكومي منذ أربعة أعوام,بعد اصابته بعوق في "العمود الفقري " اثر انفجار عبوة ناسفة على مقربة منه.
يقول راضي : الإنسان الذي يؤقلم نفسه يعيش براحة نفسية, بالطبع الأمر يختلف قبل التقاعد لأن الإنسان يعتاد على روتين معين, أما بعد التقاعد فهو لا يملك ما يشغل نفسه فيه أو أي عمل يخدم به وطنه.
ويشير : عندما كان يعمل كان له نظام معين يسير فيه وقد تغير بعد التقاعد لكنني حاولت التأقلم على الحياة  الجديدة  بعد "عوقي "وبدات ابحث عن عمل جديد يناسبني لانني "مللت الجلوس في البيت بانتظار راتبي التقاعدي " الذي بات لايكفي اليوم لمتطلبات العائلة وسط الارتفاع المستمر في اسعار المواد الغذائية والمنزلية.
المصنع الأول للمعاقين؟!
يقول المهندس موفق الخفاجي "رئيس تجمع المعوقين في العراق "
يعد العراق من البلدان الاولى المنتجة للنفط وهذا نعمة من الله وللاسف المنتج الاول في عدد المعاقين وهذه نقمة من عبد الله حيث الحروب  والنزاعات- وآلاف حقول الالغام - والمخلفات الحربية غير المنفلقة والولادات المشوهة نتيجة الاسلحة المشعة (دي يو) التي استخدمت منذ بداية التسعينيات من قبل قوات التحالف خصوصا في جنوب العراق  كذلك الاسلحة الكيمياوية في حلبجة خلفت عدداً كبيراً من الضحايا والمعاقين وهناك معاقو الانتفاضات ضد النظام السابق ومعاقون سياسيون ومعارضون سابقون ,وللاسف فان اغلبهم لايحصلون على حقوق تقاعدية كاملة بالرغم من الوعود التي تقدمها الدولة بشأن الاهتمام بهم وضمان توفير حياة كريمة لهم,  وعبثا ذهبت جهودنا في انصافهم في قانون التقاعد الجديد ويتابع: الااننا مصرون على ايصال قضيتهم الى اعلى المستويات في الحكومة من اجل انصافهم بمساعدة الراي العام ومنظمات المجتمع المدني.
يتابع الخفاجي: العديد من المعاقين في العراق احيلوا على التقاعد مبكرا الامر الذي ترك اثارا اجتماعية واقتصادية وحتى نفسية على نشاطاتهم في المجتمع ,لذا نحن نحاول في "تجمع المعوقين "الذي تاسس من اجل تقديم الرعاية الصحية والنفسية لهم الى جانب ايجاد فرص عمل تناسب درجة عوقهم.
إيجاد فرص عمل
تقول الدكتورة نسرين الشمري "باحثة نفسية: "ان مفهوم التقاعد أصبح مقرونا بنهاية فترة العمل (نهاية العطاء) أو محدودية الدور الذي يقوم به الإنسان, فكلما كانت هنالك خدمة أو دور يؤديه الإنسان لهذا المجتمع، شعر بأن المجتمع بحاجة له ولخدماته، ما يشعره بالثقة بالنفس, فالإنسان كلما قدم خدمة للآخرين شعر بتحقيق ذاته, فزادت أهميته و معنوياته, بينما إذا بلغ سن التقاعد, فيشعر بأنه عالة على المجتمع وأن لا دور له فيه, لذا فيتسرب إليه الشعور بالقلق والإحباط وعدم الثقة بالنفس، ما يترتب شعور بالنقص تجاه ذاته .
وتضيف الشمري: لذا على المجتمع ان لايترك المتقاعد لاسيما الذين اجبروا عليه وهـم فـي اعمـار شابة خاصة المعاقين منهم  ان لا يتركوا اسيري فكرة" عدم الحاجة لهم " وذلك من خلال زجهم في اعمال تناسب درجة عوقهم في مؤسسات الدولة  .
وتنصح الشمري : عائلة المتقاعد المعاق  أن تركز على الاهتمام به أكثر, وإشراكه في حياة العائلة ونشاطاتها  بصورة أكبر, وإعطائه دوراً مهماً داخل البيت, واستشارته في أمور وشؤون الأولاد وعلاقاتهم، وعـدم تهميش دوره فـي البيـت أو الاحتفـاظ برأيـه، لتعزز مـن قيمتـه، وتشعـره بأن لـه دوراً مهماً فـي الاسرة والمجتمع.

 عليه