This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

امرأة عراقية شابّة تتاح لها فرصة ثانية للتعلّم
04/05/2007

بقلم كلير حجاج وبان دهاي - منظمة اليونيسف

واسط، العراق، 7 آذار/ مارس 2007 - في قاعة دروس صغيرة في جنوب العراق، ريم (هذا ليس اسمها الحقيقي)، 22 سنة، منكبّة على قراءة كتبها. ومع أن الهواء الخانق يجعل تركيزها صعباً، فهي عازمة على إنهاء الدرس. وهي تعرف أن الساعات القليلة التي تمضيها هنا قد تقرّر مسيرة حياتها.

هذه هي الفرصة الثانية التي أتيحت لريم لإكمال دراستها الابتدائية، بعد 12 سنة من اعتقادها بأنه كان عليها أن تترك التعلّم إلى الأبد.

كانت رحلة عودتها إلى قاعة الدروس أكبر تحدٍ في حياة ريم. فقد ولدت ريم في أسرة فقيرة، وتركت المدرسة وهي في العاشرة من عمرها لتساعد أمّها في شؤون المنزل ورعاية أشقائها الصغار. وقد تزوّجت وهي في سن المراهقة.

مجرى الأحداث المأساوي

في عام 2004, اتخذت حياة ريم مساراً مأساوياً. فبعد أسبوعين من ولادتها طفلتها الأولى، ذهب زوجها ليشتري بعض الأدوية لابنتهما ولم يعد ثانية. وبعد ثلاثة أسابيع، وجدت جثته في مشرحة محليّة – ضحية أخرى من ضحايا العنف العشوائي الذي أصاب الأسر في العراق بالشرخ.

"لم أعرف ما ذا أفعل"، تقول ريم، "فقد تزوّجت وعمري 17 سنة، وكان زوجي معيل الأسرة الوحيد. ولم يكن عمر ابنتي أكثر 13 يوماً عندما حدث ذاك، وقد بدأت أخاف على مستقبلنا".

وعادت ريم إلى أسرتها، لكنها لم تجد عوناً كبيراً فيها. إذ لم تكن موارد الأسرة تحتمل مزيداً من الأفراد، بوجود تسعة أشخاص محصورين في شقّة صغيرة واحدة. وكان والد ريم وأخوتها جميعهم عاطلين عن العمل. وكان دخل الأسرة الوحيد يأتي من أمّها التي تعمل خيّاطة وقابلة لتتدبر أمور معيشتهم.

وذات يوم، قامت مديرة المدرسة المحلية للبنات بزيارة ريم وأبويها، وكانت تحمل معها اقتراحاً مفاجئاً.

"حدثتنا عن فرصة جديدة للتعلّم تدعمها اليونيسف، تدعى برنامج التعلم السريع"، قالت ريم، وأضافت، "إنه مخصص للفتيان والفتيات ممن يعملون أو لديهم مشاكل أسرية تمنعهم من الالتحاق بالمدرسة العادية. وكانت الفتيات الأخريات في الحيّ يتحدّثن عن هذا البرنامج، وكنت أتمنى أن أتمكن من الانضمام إليه".

بديل في غاية الأهمية

يتيح "برنامج التعلم السريع" فرصة ثانية للشباب الذين تركوا التعليم في فترة مبكرة من حياتهم، ويسمح لهم حضور دروس خارج ساعات المدرسة العادية، بل وحتى تأدية امتحاناتهم النهائية. وقد أصبح هذا البرنامج الابتكاري، الذي أطلقته اليونيسف ووزارة التعليم في عام 2005، واحدة من أهم مبادرات التعليم وأكثرها نجاحاً وإلهاماً في العراق.

وقد نجح أكثر من 14.000 شاب في امتحاناتهم الابتدائية والمتوسطة في عام 2006 بفضل برنامج التعلم السريع، الذي تسجل فيه هذا العام 22.000 طالب وطالبة.

تعتبر فرص التعلّم غير الرسمي، مثل برنامج التعلم السريع، بديلاً هاماً للكثير من الشبان في العراق. فقد كانت معايير التعليم في البلد قد بدأت تتدنى منذ منتصف التسعينيات من القرن العشرين بسبب سنوات الحرمان الاقتصادي وتدني الاستثمار إلى حد كبير. ومعظم الأطفال الذين يتركون المدرسة مبكراً هم من الفتيات.

ومع ازدياد العنف والتشرد الحاليين اللذين يضعان مزيداً من الضغط على الأسر، فإن معدلات ارتياد المدرسة آخذة في التدني.

ضمان مستقبلها

تضم قاعة دروس ريم طالبات من جميع الأعمار، وبعضهن أمهات لأطفال صغار أيضاً. وتجري دروس برنامج التعلم السريع بعد الظهر، مما يجعل التوقيت مناسباً أكثر للشابّات اللاتي لديهن أطفال يعتنين بهم أو لديهن أعمال في الصباح. وتزود الطالبات بالمواد التعليمية الأساسية كالقرطاسية والكتب الدراسية وحقائب الظهر.

وقد انتقلت ريم وزميلاتها الآن إلى المنهاج المتوسّط. ويساعدهن برنامج التعلّم السريع الحصول على المؤهلات الهامة، ويقدم لهن الدعم للتعايش مع أحداث الحياة الصعبة والمؤلمة أحياناً، ويساعدهن على زيادة احترامهن لذاتهن.

وبعد أن بلغت ابنتها الثانية من العمر، بدأت ريم تعرف أنها يجب أن تكافح لتحقيق مستقبل أفضل. وللمرة الأولى منذ سنوات عديدة، بدأت تعتقد أن هذا الأمر ممكن.

"إن برنامج التعلم السريع هو فرصتي الذهبية"، تقول ريم التي تريد أن تصبح معلّمة عندما تنهي دراستها، "أتمنّى الآن أن أتمكن من الحصول على شهادة الدراسة العادية لكي تساعدني في أن أجد عملاً لائقاً. وبذلك أستطيع أن أخفّف من العبء الملقى على كاهل أمّي، وأمنح ابنتي مستقبلاً جيداً – وهو شيء لا يمكنني أن أحققه بدون حصولي على شهادة مدرسية".