بغداد - سندس عبد الوهاب- الصباح
الموارد البشرية اصبحت احد اهم مرتكزات الاقتصاد الحديث . لذلك فقد سعت معظم الدول الى الاستفادة القصوى من تلك الموارد سواء الشابة منها او غير الشابة باعتبارها العصب الرئيسي لتحريك عجلة الاقتصاد ولانها المكون الاجتماعي الاكثر اقتدارا على تحقيق التنمية ومعدلاتها .
لمتقاعدون الشريحة التي تنتهي عمريا ولا تنتهي من حيث تراكم الخبرة والاستفادة منهم لا يعني فتح مجالات العيش امامهم فقط انما لتوظيف خبراتهم بعد التقاعد ومن متطلبات النمو ، فهل يعقل ان تفتح امامهم المقاهي دون ان تفتح امامهم سبلاً اخرى للاستفادة منهم .
التحقيق التالي يسلط الضوء على هموم هذه الشريحة التي كانت ولا تزال تعاني وتناشد من اجل توظيف خدماتها لصالح المجتمع.
المتقاعدون وارتفاع الاسعار
الدكتور محمود شمال حسن التدريسي في قسم علم النفس /كلية الاداب / الجامعة المستنصرية قال ردا على سؤال ملحق اسرة ومجتمع حول كيفية التعامل مع المتقاعدين : ( يفترض اولا اعادة النظر في قانون التقاعد ومساواتهم مع اقرانهم في الوقت الحاضر واحتساب اجور التقاعد استنادا الى الاسعار الجارية علما ان المتقاعد لديه عائلة وعليه بعض الالتزامات الشخصية والاجتماعية ولا بد من ايفائها.
خبرات المتقاعدين
هناك بعض المهن للمتقاعدين المجتمع بحاجة لها ومن الصعوبة التفريط بهم وينبغي عودتهم الى الوظيفة او العودة بصفة (خبير) ان صح التعبير لابداء رايه في شؤون المؤسسة او الدائرة على ان يحتسب له راتباً مجزياً ان لم نقل الراتب الذي يتقاضاه سابقا وبذلك تخفف عنه بعض الاعباء الاقتصادية فضلا عن شعور المتقاعد باهميته وبجدارته في الحياة او اشعاره بان له مكانة او اهمية داخل المجتمع وهو يستحقها.
عنصر فاعل في المجتمع
اما المهن الاخرى التي يسهل على المؤسسة او الدائرة تعويض ملاكها باخرين من المستجدين ينبغي ان يكون هناك تواصل بين المتقاعد ومؤسسته تنظم علاقة بينهما ( تشريع او اجراء رسمي ) لكي لا يشعر هؤلاء المتقاعدون بالفراغ في الحياة الاجتماعية ومن الضروري ان يشعر بانه عنصر فاعل في المجتمع .
(ام حيدر ) 64 عاما خبيرة ادارية سابقا: ( ان غالبية المتقاعدين ذوي الكفاءة والخبرة احالوا انفسهم على التقاعد بسبب قلة الراتب والاضطهاد من الزمن الصدامي وان غالبية الموظفين الموجودين في الدولة ذوو خبرة والتزام محدود جدا قياسا بنا ولا يتعبوا انفسهم بالتعليم للرقي بالمستوى الوظيفي المطلوب , وعلى الدولة بعد الاستقرار والقضاء على الرشاوى التي عمت في كل مرافق الدولة ان تعيد النظر بقدرات الموظفين الموجودين حاليا ودراسة اعادة المتقاعدين ذوي الخبرة والكفاءة والمقدرة على تدريب الموظفين الجدد على كيفية تطبيق الانظمة والتعليمات والقرارات الصادرة من الجهات العليا).
الدولة والمتقاعد
اما سليم جاسم موظف سابق في وزارة الصناعة والمعادن : (اطالب باعادة النظر بقرار اعادة الموظفين المحالين الى التقاعد والراغبين بالعمل في دوائر الدولة الى وظائفهم ودرجاتهم الوظيفية التي احيلوا بها على التقاعد لتمكينهم من العيش اسوة باقرانهم الموظفين في الدولة ورفع المعاناة من قلة الراتب التقاعدي الذي يتقاضونه حيث ان الراتب التقاعدي محسوب حاليا على الخدمة والدرجة الوظيفية وليس على الشهادة والكفاءة العلمية التي حصل عليها او تعين بها والظرف المعيشي الذي نعيشه صعب جدا والراتب لا يبقى مدة اسبوع لقلته ونحن اصحاب عوائل فنينا عمرنا في خدمة البلد والمحصلة الراتب البسيط وانا اعتبره غبناً علينا.
بين النظامين
وترى وفاء عبد المجيد 50 عاما : (نحن ظلمنا مرتين ، الاولى عندما احلنا انفسنا الى التقاعد نتيجة القرارات الصدامية بتحويل الشركات الحكومية الى قطاع خاص وعدم تمكين عدد من الموظفين ممن يشغلون درجات وظيفية عالية مثل الخبير الاداري والمالي والمهندس والمدير والمحاسب ورئيس الملاحظين بالانتقال الى دوائر اخرى في الدولة ، ما اضطرنا الى احالة انفسنا الى التقاعد والتعاقد مع الشركات الخاصة لرفع المستوى المعيشي ولظروف الحرب والحكم الجائر في ذلك الوقت والتي جعلت كل العاملين في القطاعين الخاص والعام يعانون من قلة الراتب ومتطلبات المعيشة, والثانية في هذا الوقت لكوننا لا نستطيع العودة الى العمل ونكمل سنوات الخدمة ونرجو من الدولة ان ترحمنا وتنظر الينا وان تصدر قرارا باعادة من يرغب منا للعمل في الوظيفة حسب الكفاءة والخبرة التي يحصل عليها للاستفادة حسب المقولة ( فيد واستفيد).
اما عبد الرضا عبد الكاظم متقاعد يقول: (الراتب التقاعدي لا يكفي عائلتي مدة اسبوع ومضطر الى العمل فالاسعار في تزايد وغلاء فاحش ولا اعرف ماذا افعل وماذا فعلت الحكومة الجديدة لنا نحن المتقاعدين، فبعد ثلاثين عاما من العمل ابحث عن الراحة من مشقة الحياة وصعوباتها وليس البحث دوما عن عمل واخر لكي اوفر النقود والبي احتياجات بيتي).
العودة الى العمل
محمد ياسين 56 عاما: ( كنت اتمنى بعد هذه المسيرة الطويلة من عمري ان ارتاح ولكن لم استطع بسبب تعودي على العمل من جهة وصعوبة الحياة والراتب التقاعدي لا يكفي وحاليا اعمل حارساً في مطبعة ولا ارى عائلتي الا يوم الجمعة وحاولت مرارا وتكراراً العودة الى العمل ولكن بدون فائدة فالواسطة لها دور كبير ونحن لا حول لنا ولا قوة والله هو المعين).
ثروة وطنية
واخيرا فان المتقاعدين ثروة وطنية وخبرات متراكمة يمكن استثمارها من خلال توظيف طاقاتهم في مختلف المجالات واسوة بما هو معمول به في بلدان العالم حيث يعينون كمستشارين او على نحو من ذلك للاستفادة من هذه الموارد التي نرجو ان لا تموت بمجرد صدور اوامر التقاعد من الخدمة . لان العطاء غير مرهون بالاعمار كما يعلم الجميع.