بغداد ـ سعد صاحب-الصباح
يقول المثل الصيني: اقتل وقت الفراغ ولو بصناعة طيارة ورقية، افضل من الانكماش والركون في الزوايا المظلمة واجدى من التفكير الذي يجمد العقل ويأتي على صاحبه بالمشاكل والهموم ومابين اهدار الوقت واستثماره يمضي اليوم  احيانا باشياء مفيدة واخرى غير نافعة بين الحالتين كيف يستثمر الشباب اوقات فراغهم ؟ سؤال توجهنا به الى مجموعة منهم  وخرجنا بهذه الحصيلة من الاراء.
بين زحام السيارات
الطالب في المرحلة الثالثة تربية وعلم النفس سيف الدين سعد يقول: وقتي موزع بين زحام السيارات والمحاضرات كالعادة اجلس يوميا في الساعة السادسة صباحا وبعد ان اكمل افطاري اتوجه مباشرة الى (الجامعة) بين عناء وانتظار وتأخير عن المحاضرة الاولى اصل الى الكلية وانا على وشك الانهيار ونادرا ما تخلو رحلتي من ازعاجات ومشادات كلامية مع السواق بسبب ارتفاع الاجور حسب مزاجية السواق ويتابع اضطر بعض الاحيان للعمل في مطبعة بعد الدوام او في العطل واوقات الفراغ ان وجدت لغرض الاعتماد على نفسي في هذه المرحلة من حياتي.
البيت يأخذ وقتي
اسراء محمد قالت: ولدت في العام (1980) ولم استطع اكمال دراستي حيث تركت المدرسة وانا طالبة في الصف الثالث متوسط لالبي احتياجاتي المنزلية بعد زواج اخواتي اصبحت انا ربة الاسرة بشكل مباشر ودون وجودي تعم البيت الفوضى لكوني صمام الامان في داخل البيت لا يوجد وقت فراغ في حياتي ابدا الا لحظات تمر سريعة اجلس في الساعة الخامسة صباحا لتحظير الفطور لاخي الذي يذهب الى عمله مبكرا ثم استريح قليلا واعود مرة اخرى لاكمال الفطور لبقية افراد العائلة وبعد غسل الصحون امضي الى السوق وتبدأ المعاناة الاخرى مع الاسعار وتحديدها حسب مزاج البائع وحين اعود من السوق اغسل الخضار وارتب الاشياء التي جلبتها للعائلة وابدأ بالطبخ الذي اصبحت اجيده بشكل ممتاز وعند اكمال الغذاء وشرب الشاي اخذ قيلولة قصيرة ثم استعد للعشاء و هكذا دواليك بعد هذا كله بالله عليك ماذا يتبقى لي من وقت فراغ؟
اسرق بعض الوقت
شيرين علي طالبة متزوجة تقول: انا طالبة في الصف الثاني علوم قرآن اتعجب واستغرب من الذي يقول عندي المزيد من الوقت الفائض بالكاد استطيع اللحاق بالمواد الدراسية وطبع الملازم الذي انهك جيوبنا الخاوية ولعدم توافر الوقت الكافي للقراءة استغل الوقت الطويل الذي اقضيه في السيارة لمراجعة الدروس وتحضير مايريده الاستاذ مني وحين اعود الى البيت في الساعة الثانية ظهرا لاجد بانتظاري المزيد من الاعمال المنزلية اضافة الى التزامات ابنائي الدراسية وتضيف استرق بعض الوقت القليل لمشاهدة التلفزيون واكمال واجباتي الدراسية وشؤون زوجي الاخرى.
أستثمره في السوق
تقول ازهار نوري طالبة في الصف الثاني قسم التاريخ: اسكن في ديالى ولا استطيع الذهاب والمجيئ الى الكلية بسهولة ولهذا اقيم في القسم الداخلي مع زميلاتي كاننا نعيش في ثكنة عسكرية وليس طالبات ابسط الشروط الحياتية غير متوفرة الينا نعاني من شحة المياه باستمرار وقلة الغاز ونادرا ما نستحم بالماء الساخن لجأنا الى (الجولة) اليدوية كحل ابدي لنا من هذه المعاناة القاهرة فهي للطبخ وتسخين الماء لغرض السبح وغسل الملابس لاسيما في فصل الشتاء احيانا يكون عندي بعض الفراغ امليه بمراجعة الدروس ومكالمة الاهل للاطمئنان والذهاب بصحبة زميلاتي الى شارع فلسطين القريب من مكان دراستنا للترويح عن النفس وشراء الملابس وبعض الحاجيات.
أتابع كرة القدم
وتكمل زميلتها جيهان حمدي قائلة: شكرا الى الاقسام الداخلية التي حولتني الى طباخة ماهرة اصبحت طباخة من الدرجة الاولى من خلال التجريب والخبرة قبل مجيئي الى هذا المكان كنت اعتمد على امي بالطبخ وقعت مهمة الطبخ علي في البداية واجهت بعض الاخفاقات وبمرور الزمن اصبحت اجيد البرياني والشيخ محشي والكثير من الاكلات التي ليست لها اسماء حيث اقوم بخبط العديد من المكونات داخل (الطاوة) وتخرج اكلة لذيذة وحين يطلبونها مني اكون قد نسيتها فلا وقت للفراغ في حياتي المقسمة بين الطبخ وتحضير الواجبات وتنظيف المغاسل ومشاهدة التلفزيون ولي هواية غريبة وهي حبي المفرط للعبة كرة القدم اتفاعل معها الى حد البكاء والهوسات اذا فاز المنتخب العراقي اشجع فريقنا وبشكل خاص اللاعبين (يونس، هوار، نشأت ومهدي كريم).

الشباب محاصرون
يقول الشاب احمد عبد الرحيم من كركوك : الشاب في كركوك وجد نفسه محاصرا باشياء مدمرة هذه المدينة العريقة التي تجمع كل الالوان في لوحة جميلة يعيش شبابها التمزق والضياع فلا توجد خدمات ولا متنزهات يقضي الشباب اوقاتهم فيها حتى الالعاب الرياضية شحيحة وغير مدعومة من الدولة بشكل صحيح على سبيل المثال: انا لاعب في فريق رياضي لكرة القدم ضمن نادي من اندية المدينة تجيئنا التجهيزات دائما ناقصة وغير كاملة والاختبارات تعتمد على العلاقات والواسطة وليس على المستوى الفني الجيد، الشباب في هذه المدينة ضائعون بسبب السياسة والمصالح الذاتية الضيقة اتمنى على الحكومة الالتفات لهذه المدينة التي اصبحت ضحية المزايدات والاهتمام بشبابها وبناء المتنزهات وفتح النوادي الرياضية والمكتبات فما زال في الوقت متسع لكسب الشباب.
شباب مرهق
تقول زهراء زيد( طالبة جامعية) شباب اليوم مرهق ومتعب ويبحث عن العمل مهما كان نوعه، لي اخوة يقتلون اوقات فراغهم بتقديم الفايلات الى الدوائر دون جدوى فبعد جهد جهيد اصبح اخي الاكبر شرطيا والاخر جنديا والثالث يتنقل بين المساطر والعمل في الفنادق وخدمة اناس هم اقل منه في المستوى الثقافي والدراسي.
الجلوس في المقاهي
الحارس الامني وليد طاهر يؤكد اغلب الشباب يقتلون اوقات الفراغ باشياء غير مفيدة كالجلوس في المقاهي لفترات طويلة يتبادلون الاحاديث العقيمة التي تعود باضرارها على المجتمع لا يخجلون من استخدام المفردات النابية في مابينهم بالاضافة  الى تراجع المفاهيم الصحيحة بشكل خطير ناهيك عن الشجارات واستخدام الالات الجارحة بسبب انتشار الحبوب المخدرة في (البسطيات) والصيدليات ورخص اسعارها وهذه الاشياء يتعلمها الشاب من خلال الاحتكاك بالشباب السيئ وسرعان مايجد الشاب نفسه متورطا بالادمان والهلوسة ويصبح وقت الفراغ رحلة للبحث عن الحبوب الاكثر تدميرا للاعصاب والصحة.
معركة يومية
الطالب الجامعي عباس خضير يرى لاوقت فراغ لدى العراقيين وقت الفراغ موجود عند العاطلين عن العمل فهم يقتلون الوقت هباءا اما الذين يعملون يبحثون عن فرصة هاربة يقضون فيها المشاوير المؤجلة.
واصفا يومه بالقول: منذ الصباح الباكر  ارتدي ملابسي كأي محارب امضي الى معركتي واعود مثخنا بالجراح والركلات اصل الى دارنا التي تحتوي على ثلاث عوائل وبدل الراحة يبتدئ فصل الضجيج والعراك بين الاطفال الذين فقدوا البراءة في زمن الحروب والمرارات وبعد ان اتناول وجبة الغذاء الفاقدة لكل البروتينات والفيتامينات احمل مكناستي لتنظيف الشوارع التي منذ ان رأيتها وهي وسخة ولا يفيدها سوى اعادة التبليط من جديد وهذه المهنة حصلت عليها بعد عناء وتوسلات والتنازل عن ربع الاجور وضمان صوتي في الانتخابات المقبلة.
الارجيلة
الكثير من الذين استطلعناهم اتفقوا على هذه الاشياء: العدد الاكبر من الشباب يقضون اوقاتهم في شرب الارجيلة التي تدوخ الجمجمة مع بعض الحبوب المسكرة والقسم الاخر يتصفح مواقع الانترنت التي تقدم اخر صيحات الاغراء والبعض يقتل اوقات الفراغ بالمخابرة ليلا بجهاز الموبايل وهو الابن البار للسيدة العولمة التي افسدت امزجة الناس واذواقهم ولامناص من الموبايل والحاسوب والستلايت الذي يظهر النساء والرجال كما انجبتهم امهاتهم.