This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

حملة تشجير تنطلق بقوة.. وبعضها جيء به من الكويت ودبي ..أسرار خضراء من شوارع البصرة
04/12/2008

 

القبس..البصرة ــ طالب عبدالعزيز: يقسم أبو أزهار بالله، أنه ومع بداية الربيع المقبل سيكون سعر شجرة الأكاسيا هذه أكثر من 75 دولارا، وانه لن يبيعها بـأقل من 50 دولارا اليوم، فيما كان الرجل يترجى منه ان يبيعها له بأقل من ذلك، لانه يحب هذا النوع من الأشجار، وبين سعر الشجرة الغالي جدا وتوسل الزبون بتخفيضه كانت زوجة هاني محسن تنظر بعين الحسرة الى زهور الأكاسيا الصفراء، وكان الزبائن يخرجون

من مشتل الجزائر على نهر الخورة، وسط مدينة البصرة، محملين بعشرات الشتلات، فيما راح المكان يضوع ويتلون بمئات الازهار.
ويضيف: كثيرا ما يتشاجر الزوج مع زوجته عند مدخل المشتل فالرجل يحب الشجرة أي شجرة خضراء، فيما ترى الزوجة دائما أن الأشجار المثمرة والزهور الدائمية هي الأفضل، ولذا فهي تفكر بترك مساحة من حديقة المنزل لكي تزرعها بانواع معينة من الخضار مثل الفجل والكرفس والرشاد وغيره.. وهي، لا تفكر بالسعر المرتفع فيما يحسب الزوج سعر الأشجار على مقدار مدخوله الشهري، لكن الأسر الغنية لا تبالي بالاسعار، هناك طبقة نشأت حديثا، لديها عناية فائقة بحديقة المنزل.

كيف يكون الورد بين الأحمر والوردي والأصفر؟
يقول أبو ازهار، وهو مهندس زراعي (يرى ان الوظيفة في الدولة لا تؤمن له متطلبات الحياة): تحب الأسر العريقة في البصرة زراعة الورود الدائمية بانواعها المختلفة (الجوري والمحمدي والسلطاني والرازقي، ملكة الليل، عين البزون، القديفة، الكاردينيا، ورد الجنة، حلك السبع، البتونيا..) وبالوانها الأبيض والأحمر والاصفر والنبفسجي، ولدي أزهار ذات ألوان بين الأحمر والوردي والاصفر.. لكن مشكلة الماء في البصرة واحدة من أكثر المشاكل تعقيدا اليوم، ولأننا نجلب الشتلات من محافظات وسط وشمال العراق حيث الماء أفضل والتربة أقل ملوحة فإن نسبة نجاح زراعة الورد مثلا لا تتجاوز الـ 40% وكذلك الحال بالنسبة للحمضيات (البرتقال والليمون والرارنج..) التي نستوردها من بغداد وكربلاء وديالى والرمادي، كما أن هلاك الملايين من أشجار النخيل، أفقد البساتين الظلال وجعلها مشمسة لاهبة طوال الصيف، مما استحالت معها زراعة الفاكهة، لذا تفكر الحكومة بزراعة حزام اخضر حول المدينة بالكامل.
ولكي تبرهن الحكومة المحلية على انها تعمل بشكل حقيقي خلال السنوات الثلاث الاخيرة، أقدمت على تشجير وتزهير شوارع وتقاطعات مدينة البصرة بالكامل، فزرعت مئات الآلاف من اشجار الكابرستا والددونيا والنخيل والأشجار الأخرى، وأنفقت جراء ذلك ملايين الدنانير على مشاريع مختلفة من شأنها إظهار المدينة بالمظهر اللائق، وبدت الشوارع الداخلية مثل شارع دينار باتجاه محطة قطار المعقل، والطريق الذي يصل ضواحي مدينة الحيانية بحي الجمعيات والكورنيش وغيرها.. بحلة خضراء، جديدة بعد ان كانت متربة، مغبرة، وخالية من الأشجار، لذا فهي اليوم تحظى بعناية المسؤولين والمواطنين على حد سواء.

المحافظ نقل الكابريستا إلى البصرة من الكويت
كان للزيارات المتكررة التي قام بها محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي لدولة الكويت ودبي ودول الجوار الأثر البالغ لجعل المدينة أفضل، فأمر بنقل شجرة الـ «أكينو كاربس» المسماة محليا بالكابرستا، من دولة الكويت إلى البصرة، هذه الشجرة التي غيرت معالم المدينة التي بدأت تتقحل منذ عدة سنوات، ونجحت نجاحا باهرا، لم يصدقه أحد في البداية، فهي تتحمل الظروف المناخية الصعبة ولا تحتاج الى كثير من الماء، كما لا تتأثر بالتربة المالحة، ولعلها جلبت من غابات جنوب شرق آسيا أو من سهول الولايات المتحدة الحارة الرطبة حيث يختلف المهندسون الزراعيون على أصل منشئها، وبها صار شارع البصرة - الزبير الطويل (30 كم) واحدا من أجمل شوارع المدينة، وكذلك الحال بالنسبة للشارع التجاري باتجاه ضاحية الجنينة 5 كلم عن المركز، وطريق بغداد الرئيسي حتى بوابة البصرة عند قرية الكرمة شمالا.
ووجدت لجان الإعمار والتطوير والبلدية ان التشجير وحده لا يكفي فقامت بترصيف جانبي الطرق والشوارع بالطابوق الملون، كما أخذت بتوسعة المساحات الخضراء والحدائق العامة، ونصبت المقاعد والمظلات الملونة والسلالم ووسائل لعب الأطفال بحيث وجدت الأسر في الاماكن هذه فسحة لقضاء أوقات نهاية الاسبوع والعطل والمناسبات الوطنية.

قد تقتل الأشجار.. وأنا بلا حزب ولا عشيرة
يقول أبو أزهار: مع بداية حملة الحكومة المحلية بتشجير شوارع المدينة طرح علي المشروع، وكنت قادرا على تنفيذه، لكني خفت من مغامرة كهذه، فالمدينة كانت تحت طائلة العناصر المسلحة، والرشاوى والاتاوات تفرض على المقاولين والتجارعلنا، وانا رجل لا انتمي لحزب معين، ولست ضمن عشيرة قوية.. لذا فقضية قتلي ستكون مثل شربة الماء لدى هؤلاء أو اني أظل ادفع لهم ما يطلبون، فتقدم آخرون لهم القدرة على عمل من هذا النوع، ولا يخافون مثلي،ثم فكرت الحكومة بتوسعة مشاريعها ومثلها عملت الدوائر والمؤسسات المدينة والعسكرية، فالمدينة مقبلة على حركة عمران واسعة كما ان السكان بدأوا يتحسسون اهمية الحديقة المنزلية، وقيمة الورود والازهار داخل وخارج البيت.
وفتح اهتمام الحكومة بتشجيرالشوارع والتقاطعات داخل المدينة وخارجها عهدا جديدا من عناية السكان بحدائقهم، وصار إقبال الناس على شراء شتلات الورود والاشجار لافتا للنظر، حتى باتت مشاتل الزهور في البصرة، التي انتشرت على نهر الخورة وفي منطقة الداكير، مكانا وملتقى لمئات العوائل، وأصبحت تتنافس على كمية ونوعية ما يزرعون، وذاع صيت أصحاب المشاتل هذه بين أوساط طبقة الأغنياء الجديدة خاصة، كما فتحت حدائق البيوت على الفلاحين، الذين اجدبت بساتينهم، أبواب رزق جديد لم تكن لتفتح من قبل.

أشجار وورود وسنادين
وانسجاما مع حملة التشجير التي ترعاها الحكومة المحلية أقدمت «لجنة رفع التجاوزات على ممتلكات الدولة والأماكن العامة» على إزالة معارض السيارت غير الرسمية التي أقامها المتجاوزون على ضفة نهر الخورة الشمالية، وإرجاعها لأصحابها كمشاتل لبيع الأشجار والزهور، الذين قاموا بتأمين مئات الالاف من فسائل النخيل وأشجار الزينة والظل والفاكهة للمشاريع التي تقوم بتنفيذها الحكومة والدوائر الرسمية، وصارت تجارة الأشجار والزهور والسنادين والفخاريات بشكل عام والأسمدة داخل البلاد ومع دول الجوار واحدا من أفضل المشاريع التجارية اليوم.
وكانت شجرة الـ «نيو كابرستا» التي شجع على جلبها محافظ البصرة من دولة الكويت لتشجير شوارع المدينة، أكثر شجرة تزرع في البصرة، فلا يكاد بيت أومدرسة أودائرة حكومية يخلو منها اليوم، وعن الشجرة هذه يحدثنا أبو سيف (مهندس زراعي ) فيقول: يقدم الناس على زراعة الكابرستا بكثرة لانها رخيصة نسبيا، فسعر الصغيرة منها لا يتجاوز الـ 1500 دينار، وهي دائمة الخضرة وتقاوم الحرارة والبرد وتتكيف مع اجواء البصرة الرطبة الحارة، كما تتحمل العطش ويمكن زراعتها حتى في الصحراء فضلا عن سرعة نموها وسهولة تكاثرها، لذا ترى شوارع البصرة خضراء بفضل الشجرة هذه.

الجعفري والداوودي واليهودي ولالة عباس
وعن التسميات الشعبية التي يطلقها العامة على انواع من الزهور يقول عباس خضير صاحب مشتل الخضراء: منذ عشرات السنين وبغداد تعتبر المصدر الرئيسي للزهور هنا، وهناك تجار كبار مثل جعفر العجمي الذي سمي الورد الجعفري باسمه، وهناك داود.. سمي باسمه نوع يسمى بالداوودي وكذلك الحال بالنسبة للورد المسمى عندنا باليهودي (زبرينيا) وهو لأحد تجار الورد اليهود، وهناك لالة عباس، أو وردة الساعة الرابعة، التي تتفتح عند الساعة الرابعة عصركل يوم وتظل حتى الساعة الرابعة فجرا ثم تنام، وهي تشبه «اللالة» ــ مصباح ــ يعمل بالنفط الأبيض، وثلاثة أرباع الورد في العراق منشؤه هولندا، اما الباقي فهو من دول اخرى مجاورة. وفي البصرة اليوم أكثر من 25 مشتلا تتوزع على مناطق الخورة والداكير والزبير وسفوان.
ويصنف أبو سيف أنواع الأشجار في مشاتل البصرة فيقول: هناك الدائمة الخضرة، مثل ورد الجمال والددونيا والجيكاندا والفيكاس وأيضا الياس بالاضافة إلى الكاليبتوس والكازورينا والبرهام والاكاسيا، وهي التي يطلق عليها العامة شوك الشام، او اكاسيا برنسيانا... وهناك الموسمية مثل الجوري بانواعه المختلفة والرازقي وملكة الليل والروز والقرنفل وورد الصباح والداليا ومنثور وورد الصورة وغيرها الكثير.

مشكلة المياه غير الصالحة
ويقول فرقد إسماعيل وهو زبون التقيناه في مشتل النرجس قرب الداكير: أنا أشتري ومنذ سنوات الكثير من الاشجار والزهور لكن المشكلة ان نسبة كبيرة منه تموت في فصل الصيف، وبصراحة ماء البصرة لا يصلح للزراعة، وما يجلبه تجار الاشجار من بغداد والمحافظات الأخرى تصعب زراعته، لذا ترى ان أصحاب المشاتل يضعون أشجارهم في البيوت الزجاجية من أجل ان يتمتع النبات بجو مناسب بعيدا عن الشمس المحرقة، وهم لا يسقونه بماء شط العرب، لأن ماء الشط مالح جدا، وهناك خسائر كبيرة يتكبدها المواطن وتتكبدها الدولة جراء عدم اتخاذها إجراءات حقيقية في تنقية المياه.

لكن الماء مالح في البصرة
وفي منطقة شبه جزيرة الداكير، وسط المدينة، على شط العرب، قرب المسفن (ميناء قديم لتصليح السفن الصغيرة) حيث يلقي أصحاب ورش التصليح بالعلب الفارغة والزيوت والحديد المستهلك في النهر المحيط بالمشاتل أخذني همام صاحب مشتل النرجس، وهو شاب وسيم في مقتبل العمر احب تجارة الأشجار من ابيه الشيخ، الذي يجلس عند مدخل المشتل ليريني النهر الميت بفعل ما ألقي فيه من أوساخ، وليقول: ومع هذا كله ترى الناس يقبلون على شراء الأشجار كل موسم، هناك ولع لدى بعض الأسر، ولكي يحافظ البعض على حديقة منزله نصبوا محطات تحلية مياه صغيرة، تؤمن لهم ثلاثة آلاف لتر يوميا من الماء الصالح للزراعة.
وقبل مغادرتنا مشتل الجزائر كانت زوجة هاني محسن قد غادرت، لكن عينها ظلت شاخصة باتجاه شجرة الاكاسيا ذات الألف زهرة دائمة، وحين صعدت السيارة مع زوجها قال أبو أزهار: هناك نوعان من الأكاسيا: هذا الذي يحيطني مصري، أما الهولندي فهو أجمل وأكثر زهورا وهو أغلى بكثير طبعا.

YouTube: iraqicf Shakiry Charity - Instegram Shakiry Charity - Tiktok
Charity Registered in 2006, No: 1115625
العراق
تأسست 2006 رقم التسجيل IZ70166

 

Tel: +44 (0) 7503 185594     للتواصل معنا
Unit 1, Freetrade House, Lowther Road, Stanmore, HA7 1EP, United Kingdom