40% مازالوا يسكنون بيوتا مؤجرة والفقراء في أحياء الصفيح..
بغداد - الصباح
الاسكان في العراق مشكلة مزمنة يعاني منها اكثر من 70% من العوائل العراقية (اصحاب الدخول المحدودة والفقراء) ولم تول الحكومات العراقية المتعاقبة هذه المشكلة اهتماما حقيقيا وقد كانت الخطط قاصرة وحتى بعض الحلول الجزئية والصغيرة كانت عشوائية، ومنذ ثلاثة عقود وبشكل خاص بعد فرض الحصار الاقتصادي الشامل على العراق توقفت مشاريع الاسكان من قبل الحكومة والمواطن الذي لم يعد يسد حاجاته الضرورية، ما جعل العراق يواجه اليوم تحديا جديا.
اذ تقدر حاجة العراق من الوحدات السكنية بنحو (1,5) مليون وحدة سكنية وتمثل حاجة 40% من السكان وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة وتدني مستوى المعيشة. بسبب حجم البطالة التي تصل الى 50% من السكان، حيث وصلت نسبة عدد المستأجرين حوالي 60، 70 بالمئة من نسبة العوائل العراقية. فضلا عن انتشار ظاهرة المجمعات العشوائية في بغداد والمحافظات التي انتشرت بعد سقوط النظام السابق العام 2003. (الصباح) التقت عدداً من المواطنين ممن لا يملكون سكنا واستمعت الى معاناتهم.
- تلاعب في الاسعار
يقول رشيد كريم / بائع مواد انشائية: ان سعر طن السمنت العراقي يبلغ الان 160 الف دينار عراقي في حين بلغت اسعار السمنت التركي 220 دولاراً وسمنت طاسلوجة 165 دولاراً والسمنت اللبناني 225 دولاراً اما السمنت الابيض فيتراوح سعره بين 225- 230 دولاراً في حين يبلغ سعر سكس رمل اخيضر 450 الف دينار عراقي، اما اسعار الطابوق فهي تتراوح بين 950- 975 الف دينار ويتم التلاعب بهذه الاسعار من قبل اصحاب معامل الطابوق بحجة عدم وجود الوقود، مع العلم ان الدولة تزودهم بحصص شهرية من النفط الاسود وبأسعار رمزية. اما بصدد طن الجص فيبلغ سعره 850 الف دينار وشيش التسليح مليوناًونصف المليون دينار عراقي للطن الواحد.
ويضيف رشيد ان سعر المتر المربع الواحد في منطقة الطالبية يبلغ مليوناً ونصف المليون دينار عراقي في حين سعر المتر المربع الواحد في منطقة الكبر والغزلان الشعبية يبلغ 55 الف دينار عراقي.
ويرى عمار الزبيدي / مواطن ان عملية بناء قطعة ارض مساحتها 100م2 تكلف 25 مليون دينار لطابق واحد مع العلم ان سعر المتر التقديري الان مليون دينار عراقي وهذا يعني ان بناء قطعة ارض مساحتها 100م2 تساوي 100 مليون + كلفة البناء + كلفة الخدمات الاخرى (كهرباء . ماء. ارضيات) فضلا عن تقلبات اسعار السوق للمواد الانشائية وعدم وجود تجهيز مباشر للمواطن من قبل الدولة، ارتفعت اسعار المواد الانشائية الى ثلاث مرات من خلال الوسطاء المتعددين ويواصل الزبيدي، في ظل هذه الظروف من الصعب ان يستطيع المواطن شراء قطعة ارض او البناء .
- سبعة افراد في غرفة واحدة
اما المواطن عبدالرسول قاسم / بكالوريوس تربية مؤجر فيقول: انه يعيش سابقا مع عائلته البالغة اربعة ذكور متزوجين كلهم ويشكل كل واحد منهم عائلة مستقلة وكل عائلة تعيش في غرفة واحدة ويشتركون بحمام ومطبخ هذا الوضع جعلني ابحث عن سكن مستقل وقد وجدت شقة بايجار يبلغ 250 الف دينار شهريا مع عشرة اشهر مقدمة. ويضيف ان ايجار هذه الشقة البالغة 50م2 تمتص 50 بالمئة من وارداتي المالية مايؤدي الى ان أقع في ضائقة مالية صعبة مع توفير المتطلبات اليومية المعاشية .
ويرى ان الظروف المالية الصعبة للمواطن العراقي لاتسمح له بأمتلاك سكن خاص وذلك لارتفاع اسعار الاراضي والمواد الانشائية ومن الممكن ان تحل الدولة جزءاً من المشكلة عبر تفعيل القروض من المصارف والمصارف العقارية والجمعيات الاسكانية التعاونية وتوزيع الاراضي الواقعة في اطراف محافظة بغداد او المحافظات وتوفير خارطة خدمات ومواد انشائية مدعومة بضمان الراتب او بناء مجمعات اسكانية عن طريق شركات الاستثمار وتباع عن طريق الدوام والوزارات بالتقسيط ويقول عبد الرسول: ان الدولة لا تستطيع حل المشكلة او ازمة السكن في المنظور القريب او البعيد وذلك لعدم امتلاكها افقاً مستقبلياً.
- مستأجر في منطقة الحواسم
في حين يقول سيد حميد سيد ياسر/ سائق سيارة عمومي يسكن منطقة العشوئيات في حي اور: ان عدد افراد اسرته يبلغ 13 فرداً وكان يسكن في مدينة الصدر بالايجار بعد سقوط النظام انتقل للسكن في منطقة "العشوئيات" "الحواسم" ورغم انها منطقة عشوائيات فهو يدفع ايجاراً يبلغ 200 الف دينار شهريا لصاحب الارض غير الشرعي ويواصل سيد حميد : بعد قرار الحكومة بازالة هذه المنطقة وتعويض اصحابها طلب مني صاحب البيت اخلاء هذه (الزريبة) التي لاتتوفر فيها ابسط الشروط الانسانية مع العلم انه يملك اكثر من عشرة بيوت في هذه المنطقة ويقوم بايجارها للفقراء والمهجرين بمبالغ خيالية.
اما في منطقة الحميدية فقد قام اشخاص متنفذين في المنطقة يحملون معهم اجهزة مساحة واخذوا يقسمون اراضي معسكر القوة الجوية كل قطعة 100م2 بمبلغ (50) الف دينار ويقول احمد جسام بعد شراء الارض، تم بناء حي سكني عشوائي اذ جاء اشخاص اخرون وطردونا من المكان .
وتباع قطعة الارض في منطقة الحواسم (حي اور) بـ(17) مليون دينار عراقي ويرى احمد جسام ان الحل الواقعي والممكن والعقلاني هو بيد الدولة فهذه العوائل الفقيرة في زمن النظام السابق والان تعرضت للابتزاز والنصب والاحتيال وهي لاتمتلك المال اللازم لشراء قطعة ارض على المدى القريب او البعيد، وتمتد منطقة "الحواسم" هو اسم ناب وغير اخلاقي من ساحة 83 في حي اور حتى اطراف منطقة الشعب وبنيت بشكل عشوائي ولاتتوفر فيها اية خدمات، وقد اصبحت تشكل ضررا كبيرا على شبكات الماء الصافي وشبكات الكهرباء فضلا عن الاضرار الاجتماعية.
حيث يرى عمار الزبيدي ان عدد سكان مدينة بغداد نحو ثمانية ملايين نسمة وتتركز الكثافة السكانية في جانب الرصافة وذلك لان اغلب مناطق الكرخ من الاحياء الجديدة، اما الرصافة فهي مناطق قديمة بسبب الهجرة من الريف اذ تبلغ الكثافة السكانية ما معدله 15-20 فردا في مساحة 144م2 هذه الازمة الخانقة للسكن تتطلب اعتماد اسس علمية وبناء مشاريع ستراتيجية سكانية ضخمة لانشاء شقق ومجمعات اسكانية وبيعها بالتقسيط المريح على المواطن وذلك لضعف القدرة الشرائية واستغلال المعسكرات السابقة بوصفها مساحات كبيرة جداً واعطائها للشركات المحلية الاجنبية وتوفير خرائط خدمات متكاملة .
ويحدد الزبيدي بدائل متعددة لحل ازمة السكن عبر انشاء مجمعات (كرفانات ) اذ ان الكرفان يحتوي على غرفتين وحمام ومطبخ يبلغ سعره الان ثلاثة الاف وخمسمائة دولار ويمكن تجميعها في مناطق خدمية وطرق ومدارس ليتجاوز الكلف المرتفعة في البناء .
اما البديل الاخر فهو شراء المنازل القديمة المزدحمة في مدينة الصدر مثلاً وبناء مجمعات سكنية عمودية ويمكن من خلال هذه العملية بمشاركة القطاع العام والقطاع الخاص والاستثمار الاجنبي تفريغ المدينة المزدحمة والبناء في اطراف المدن ونقل السكان الى هذه المجمعات هذه الاجراءات سوف تخفف من الكثافات السكانية وتقلل من بدلات الايجار وانخفاض في اسعـار العقارات.