غابريــال ناجي
ترجمة: عادل حمود- الصباح
تبين هذه الوثيقة ان القطاعات الخاصة والعامة وغير الربحية يمكنها التعاون مع السلطات العراقية من اجل تشجيع وتمويل وبناء اسكان لكل طبقات المجتمع بمختلف مداخيلها المالية مع اهتمام خاص باسكان ذوي الدخل المتوسط والمنخفض. هذه النقاشات تبين ان تمويل الاسكان في العراق يجب ان يعمل باعتباره القوة المحركة للاصلاح المؤسساتي واصلاح السياسات الخاصة بالاسكان والتمويل من خلال توجيه الموارد العامة ومن خلال اسهامات القطاع الخاص من اجل توفير الرهون والقروض الخاصة بتحسين السكن.
يجب ان تتبع التطبيقات منهجا تصاعديا من القاعدة الى القمة من خلال تصميم سلسلة من المشاريع المدنية الرائدة في مجال التخطيط والتمويل وبناء المنازل مع النظر في بناء القدرات،المؤسسات والموارد البشرية. هذا الاسلوب من شأنه ان يسمح للحكومة بالاستمرار في العمل بينما تتبنى اسلوبا منهجيا للتغلب على مشاكل الاسكان.
اكبر التحديات امام العراق هو العودة الى مستويات الرخاء الاقتصادي والاستقرار السياسي الذي تمتعت به غالبية السكان في اواخر السبعينيات لذلك فان الاساليب للوصول الى ذلك بحاجة الى اعادة التفكير بها واصلاحها.
من المحتمل ان يرغب العراقيون مستقبلا في مزيد من المشاركة في عملية صنع القرار بالاضافة الى رغبتهم بالحصول على مزيد من فوائد التمدن. وسوف يسعون الى توزيع اكفأ للخدمات كالتمويل والفرص الاوسع للنمو الاقتصادي ومشاركة اوسع في الاسهم. يبدو ان العراقيين سوف يتجهون صوب اقتصاد عالمي تقوده اقتصاديات السوق يكون جديرا بالثقة اكثر.
تبلغ نسبة العجز في مجال الاسكان في العراق حوالي 1.6 مليون وحدة سكنية وهو رقم يتصاعد بأضطراد مع عودة المزيد من اللاجئين. ومع نمو السكان بنسبة 2.7 بالمئة سنويا، فان هذا النقص سيستمر مالم يكن هنالك انفاق كبير في مجال الاسكان.
ويبلغ تعداد سكان العراق 26 مليون نسمة ما يعني ان مستوى السكان في الوحدة السكنية يتراوح ما بين 6-9 افراد. ويقدر عدد الوحدات السكنية في البلد بـ (2.8 -3.5) مليون وحدة سكنية. وتقدر منظمات الامم المتحدة ان 10 بالمئة من مجموع هذه الوحدات مكتظة جدا بالسكان (قرابة 400 الف وحدة سكنية). وتشير التقديرات الى ان 63 بالمئة من الوحدات السكنية هي اما مدمرة كليا او جزئيا او في وضع سيئ حيث تنال خدمات كهرباء وماء ومجاري محدودة. وهنالك حاجة الى بناء 3500 وحدة جديدة كل عام لاسكان الناس الذين بخلاف ذلك سوف يضطرون للبقاء في ملاجئ الطوارئ او العيش مع اقاربهم واصدقائهم.
تستمر الحكومة العراقية بالنظر الى الاسكان على انه انفاق يتعلق بالخدمات الاجتماعية وليس كاستثمار، لكن هذا الموقف بحاجة الى اعادة نظر حيث ان الاسكان هو محرك اساسي للنمو الاقتصادي وخلق الوظائف وتوليد الثروة والحث على الاستثمار الفردي. من المتوقع ان يبرز الاسكان والبنى التحتية الاساسية على انه استثمار كبير في العراق ما سيقود الى دور اكبر لقطاع الخدمات المالية والبناء والاعمار والاستثمار الفردي الخاص.
لقد منحت المصارف العامة والتجارية في العراق ثقة قليلة الى للقطاع الاشتراكي، بينما نادرا ما تمنح المصارف العامة والخاصة قروضا وتكتفي بالقروض القصيرة الاجل التي هي فوق قدرة ذوي الدخل المعتدل والمنخفض. فصار من الضروري ان تنخرط المؤسسات المالية العامة والخاصة في الاقراض الخاص بالاسكان. ويتوجب على الحكومة ان تسهل بناء القدرة في اوساط المؤسسات المالية الرسمية ومساعدة المصارف المحلية على العمل في سوق القروض ما يجعل المزيد من القروض متوفرة للمزيد من الزبائن. ان بداية التغيير في تمويل الاسكان والبناء في العراق يجب ان تكون من خلال شراكة صلبة بين القطاعين العام والخاص.
- عقبات التمويل
هنالك حاليا ثلاث عقبات تمنع تطوير سوق تمويل اسكاني فعال في العراق اولها سوق الاسكان معطل نتيجة للقدرة المحدودة والانتاج غير المضبوط. الثاني هو ان المصارف لا تمنح ما يكفي من القروض الطويل الأمد ما يمنع نمو هذا السوق، بينما السبب الثالث هو ان الاطار التنظمي الذي يحكم المعاملات الخاصة بالعقارات هو دون مستوى التطور ما يمنع الاستثمار الخاص في قطاع الاسكان.
- المشكلة الاولى
تبين المشكلة الاولى حاجات السكان المتزايدين والميالين نحو التمدن المتمثل بالحصول على اسكان مقبول مقابل تمويل غير مبالغ فيه بالنسبة لاصحاب الدخل المتواضع والمنخفض ما يمنع ازدهار الاحياء الفقيرة ويحسن من نوعية الحياة التي يعيشها الكثير من العراقيين.
- المشكلة الثانية
حيث ان العراق الغني بالنفط بحاجة الى استثمار طويل الأمد من اجل تطوير سوق اسكان فعال حيث يتطلب ان تمنح المصارف تمويلا اضافيا لفترة عامين على الاقل لأن الزيادة الواضحة في الاقراض لن تعرض المؤسسات المالية للخطر، كما يتوجب زيادة قدرة المصارف على منح الرهون بالاضافة الى تطوير نوع من التمويل المقبول من جانب السكان الفقراء وهي خطوة لخلق سوق رهون ابتدائي.
يحتاج العراق الى تحويل المزيد من الاستثمارات والمردودات المالية المتأتية من زيادة النشاطات الاقتصادية، باتجاه قطاع الاسكان. الادخارات تقلل الحاجة الى ائتمانات اضافية من اجل بناء المنزل. يجب ان تتبع الحكومة سياسات تحث على ادخارات من اجل الاسكان وتوفير صفقات ذكية من اجل تحسين الحلول الخاصة بالاسكان بالنسبة للسكان ذوي الدخل المنخفض ضمن نطاق ميزانياتهم المتواضعة. اي فجوة في التمويل يجب ان تستهدف الجماعات ذات الاولوية بالاضافة الى الصفقات المخصصة للحصول على مساواة اجتماعية في الوقت الذي يتم فيه تعزيز كفاءة السوق.
ان القدرة في الحصول على التمويل الطويل الأجل من خلال اصدار سندات الرهون يمكن ان يعزز امدادات التمويل ويسهل في تحسين ادارة المخاطر التي قد يواجهها المقترضون. الهدف الذي يجب ان يقصده صندوق التمويل العراقي هو تقليص مخاطر السيولة وان يقدم بالاضافة الى البنك المركزي الدعم - الاقصى لهذه السيولة.
الهدف من هذا يجب ان يكون تصميم سوق سيولة كفوء للعراق يتميز بمعاملة الرهون على انها سلــع.
ان تمويل الاصول الطويلة الأمد سيعني وجود صندوق اكبر واكثر استقرارا من الموارد المالية بالاضافة الى انه سيكون قاعدة استثمار اكبر تعني توفر المزيد من الأموال لملاك المنازل.
اذن من الضروري ان يتم بناء سوق ابتدائي قوي.
- المشكلة الثالثة
واخيرا فانه من اجل جذب استثمارات رأس المال الخاص، يتطلب استقراراً اقتصادياً واطاراً قانونياً فعالاً يتعلق بالملكية والاقراض والمعاملات الخاصة بالعقارات. كما يتطلب قوانين مضبوطة وانظمة ملكية ومعاملات قضائية تسمح للملاك بارساء ملكيتهم وضمان الرهون.
بالنسبة للمستثمرين تتطلب عملية تسجيل حقوق الملكية ادراك ان الاستثمار في المشاريع الخاصة لها هدف فريد هو بيع وتحويل الملكية الى الشاري مقابل مردود اجتماعي او اقتصادي.
- سياسة اسكان متقدمة
من اجل ان يحقق الاسكان امكانيته في التطور الاجتماعي والاقتصادي، فانه من المهم ان تجعل الحكومة العراقية من الاسكان اولوية. ان سياسة العراق الاسكانية تتطلب ستراتيجة لتقييم السوق وتبني التخطيط الطويل الأمد وادارة النمو وتعبئة رأس المال الخاص من اجل تمويل الرهون وادخال القطاع الخاص المنظمات ذات القاعدة الاجتماعية من اجل تحسين آلية انجاز الاسكان والبنية التحتية.سوف يرتبط الاعمار في مجال الاسكان، بصورة وثيقة بسياسات اتخاذ القرار المتعلقة باللامركزية وادارة الاراضي والتخطيط والمشاركة الشعبية. يتطلب من العراق امتلاك ستراتيجية تخطيط مناطقية قوية تنظر الى الاسكان الرخيص على انه الاساس في نمو المجتمع كما انه بحاجة الى سلطات محلية لكي تقيم حاجات مجتمعاتها من الاسكان.سوف يتطلب الامر من العراق حاله حال كل بلدان العالم، ان تتبنى الدوائر البلدية والحكومات المحلية فيه، عناصر الاسكان في خططها العامة. ويجب ان تطور كل حكومة محلية خططا وبرامج وان تحدد مواقعا من اجل اقامة التعاطي مع نسبة كافية من النمو الجديد في مناطقها في كل انواع الاسكان.ويجب ان يتبنى المسؤولون اساليب ادارة النمو عوضا عن سياسة ضبط النمو. فسياسات ضبط النمو غالبا ما تطبق في الخطط الكبرى الصلبة وتصمم لتحديد النمو في قطاع الاسكان، فيما ان سياسات ادارة النمو تتلاءم والنمو المستقبلي والتطور الممنهج. التخطيط المتعلق بادارة النمو عادة ما يركز على انماط الاسكان المكثفة والمختلطة ويحث على الحصص المتساوية مناطقيا بالنسبة للاسكان
- الاهداف الستراتيجية
هي الشروع ببرنامج تخطيط امده عشرون عاما من اجل الحصول على امدادات الاراضي تتضمن فقرات تعمل لتوفير الخدمات الاساسية، وضمان مشاركة المجتمعات وتقوية دور المرأة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في عيشها، وضمان سيناريو طويل الأجل لتامين اسكان جديد واراضٍ جديدة تلبي متطلبات النمو السكاني، بالاضافة الى الشروع بشراكة برامجية عامة-خاصة فيما يتعلق بتوفير الاراضي والخدمات الاساسية.
اما في مجال التمويل فيجب ان تكون الاهداف الستراتيجية هي الشروع ببرنامج أمده عشرة اعوام من اجل التمويل الاسكاني الطويل والقصير الاجل، والشروع ببرنامج أمده عشرون عاما من اجل فتح حسابات ادخار خاصة بالاسكان بالاضافة الى الحوافز الاخرى من اجل تعبئة الادخار في القطاع الخاص لتوفير التمويل القصير الامد لقطاع الاسكان، يضاف الى ذلك توفير المساعدة التقنية للاصلاح الخاص بالسياسة والضوابط على ان يكون التركيز على الشراكة العامة-الخاصة المتعلقة بالانظمة التمويلية وذلك من اجل توفير خط جبهة للتمويل المعتمدة على المجتمع نفسه، وتوفير المساعدة التقنية لصندوق الاسكان العراقي باعتباره المؤسس لعملية الاسكان والمسهل لتناقل السيولة.
فيما يتعلق ببناء المنازل للاسكان فالاهداف الستراتيجية تتمثل ببرنامج من عشرة اعوام يعمل على نسب السوق مع تركيز خاص على معالجة احتياجات من هم عرضة للبقاء من دون سكن، وتوفير المساعدة التقنية للاصلاح التشريعي بالتركيز على الشراكة العامة-الخاصة بالاضافة الى التركيز على انظمة التسليم ومواد البناء وتقنيات الاعمار وقوانين البناء ومعاييره.في جانب المؤسسات وبناء قدرات الموارد البشرية فيجب ان تكون الاهداف المطلوبة هي اصلاح الاطار المؤسساتي لادارة قطاع الاسكان وتغيير دور القطاع العام من مجهز للاسكان الى هيئة من شأنها سن القوانين الخاصة بالسوق ومساعدة الاخرين على المشاركة وضمان توفير اسكان رخيص ومتساوٍ، بالاضافة الى استعادة القدرة المؤسساتية للسلطات المركزية والمحلية من اجل ادارة هذا القطاع وتطبيق الاصلاحات، وتحسين تمويل الاسكان والاعمال المصرفية المتعلقة به، وبناء قدرة صناع القرار على تحليل اوضاع الاسكان والمعطيات الخاصة بالمدن وتقديم سياسات وستراتيجيات ساندة، وتحديث مديريات التخطيط في المدن والشروع ببرامج تدريب متخصصة من اجل التخطيط المشترك، وبناء قدرة القطاع الخاص لادارة قطاع الــرهون، وتنظيم التدريب وورش العمل وجولات الدراسة من اجل زيادة التعرض الى الممارسات الدولية، وتقديم ادارة المكاتب ومعلومات الاعمال وتقنيات الاتصالات من اجل ادارة افضل للمعطيات وتمكين تصميم مراقبة مدنية، وتقديم مقاييس الخصخصة عبر فترة تقدر بـ( 5-10) اعوام، وفتح الصناعات الانشائيــة امام منافسة القطاع الخاص، وبناء قدرة الشركات المملوكة للدولة للعمل وبوتيرة المشاريع الخاصة نفسها.